وشروطه قدمها بقوله ( يصح ) التيمم ( بشروط ثمانية : ) .
- 1 - ( الأول ) منها ( النية ) لأن التراب ملوث فلا يصير مطهرا إلا بالنية والماء خلق مطهرا ( و ) النية ( حقيقتها ) شرعا ( عقد القلب على ) إيجاد ( الفعل ) جزما ( ووقتها عند ضرب يده على ما يتيمم به ) أو عند مسح أعضائه بتراب أصابها ( و ) للنية في حد ذاتها شروط لصحتها بينها بقوله ( شروط صحة النية ثلاثة : الإسلام ) ليصير الفعل سببا للثواب والكافر محروم منه ( و ) الثاني ( التمييز ) لفهم ما يتكلم به ( و ) الثالث ( العلم بما ينويه ) ليعرف حقيقة المنوي والنية معنى وراء العلم الذي يسبقها ( و ) نية التيمم لها شرط خاص بها بينه بقوله ( يشترط لصحة نية التيمم ) ليكون مفتاحا ( للصلاة ) فتصح ( به أحد ثلاثة أشياء أما نية الطهارة ) من الحدث القائم به ولا يشترط تعيين الجنابة من الحدث فتكفي نية الطهارة لأنها شرعت للصلاة وشرطت لصحتها وإباحتها فكانت نيتها نية إباحة الصلاة فلذا قال ( أو ) نية ( استباحة الصلاة ) لأن إباحتها يرفع الحدث فتصح بإطلاق النية وبنية رفع الحدث لأن التيمم رافع له كالوضوء وأما إذا قيد النية بشيء فلا بد أن يكون خاصا بينه في الشرط الثالث بقوله ( أو نية عبادة مقصودة ) وهي التي لا تجب في ضمن شي آخر بطريق التبعية فتكون قد شرعت ابتداء تقربا إلى الله تعالى وتكون أيضا ( لا تصح بدون طهارة ) فيكون المنوي إما صلاة أو جزءا للصلاة في حد ذاته كقوله نويت التيمم للصلاة أو لصلاة الجنازة أو سجدة التلاوة أو لقراءة القرآن وهو جنب أو نوته لقراءة القرآن بعد انقطاع حيضها أو نفاسها لأن كلا منها لا بد له من الطهارة وهو عبادة ( فلا يصلي به ) أي التيمم ( إذا نوى التيمم فقط ) أي مجردا من غير ملاحظة شيء مما تقدم ( أو نواه ) أي التيمم ( لقراءة القرآن و ) هو محدث حدثا أصغر و ( لم يكن جنبا ) وكذا المرأة إذا نوته للقراءة ولم تكن مخاطبة بالتطهر من حيض ونفاس لجواز قراءة المحدث لا الجنب فلو تيمم الجنب لمس المصحف أو دخول المسجد أو تعليم الغير لا تجوز به صلاته في الأصح وكذا لزيارة القبور والأذان والإقامة والسلام ورده أو للإسلام عند عامة المشايخ وقال أبو يوسف تصح صلاته به لدخوله في الإسلام لأنه رأس القرب وقال أبو حنيفة ومحمد لا تصح وهو الأصح ولو تيمم لسجدة شكر فهو على الخلاف كما سنذكره وفي رواية النوادر والحسن جوازه بمجرد نيته .
- 2 - ( الثاني ) من شروط صحة التيمم ( العذر المبيح للتيمم ) وهو على أنواع ( كبعده ) أي الشخص ( ميلا ) وهو ثلث فرسخ بغلبة الظن هو المختار للحرج بالذهاب هذه المسافة وما شرع التيمم إلا لدفع الحرج وثلث الفرسخ أربعة آلاف خطوة وهي ذراع ونصف بذراع العامة فيتيمم لبعده ميلا ( عن ماء ) طهور ( ولو ) كان بعده عنه ( في المصر ) على الصحيح للحرج ( و ) من العذر ( حصول مرض ) يخاف منه اشتداد المرض أو بطء البرء أو تحركه كالمحموم والمبطون ( و ) من الأعذار ( برد يخاف منه ) بغلبة الظن ( التلف ) لبعض الأعضاء ( أو المرض ) إذا كان خارج المصر يعني العمران ولو القرى التي يوجد بها الماء المسخن أو ما يسخن به سواء كان جنبا أو محدثا وإذا عدم الماء الساخن أو ما يسخن به في المصر فهو كالبرية وما جعل عليكم في الدين من حرج ( و ) منه ( خوف عدو ) آدمي أو غيره سواء خافه على نفسه أو ماله أو أمانته أو خافت فاسقا عند الماء أو خاف المديون المفلس الحبس والإعادة عليهم ولا على من حبس في السفر بخلاف المكره على ترك الوضوء فيتمم فإنه يعيد صلاته ( و ) منه ( عطش ) سواء خافه حالا أو مالا على نفسه أو رفيقه في القافلة أو دابته ولو كلبا لأن المعد للحاجة كالمعدوم ( و ) منه ( احتياج المجن ) لضرورة ( لا لطبخ مرق ) لا ضرورة إليه ( و ) يتيمم ( لفقد آلة ) كحبل ودلو لأنه يصير البئر كعدمها والماء الموضوع للشرب في الفلوات ونحوها لا يمنع التيمم إلا أن يكون كثيرا يستدل بكثرته على إطلاق استعماله ولا يتشبه فاقد الماء والتراب الطهور بحبس عندهما وقال أبو يوسف يتشبه بالإيماء والعاجز الذي لا يجد من يوضئه بتيمم اتفاقا ولو وجد من يعينه فلا قدرة له عند الإمام بقدرة الغير خلافا لهما ( و ) من العذر ( خوف فوت صلاة الجنازة ) ولو جنبا لأنها تفوت بلا خلف فإن كان يدرك تكبيرة منها توضأ والولي لا يخاف الفوت هو الصحيح فلا يتيمم وإذا حضرت جنازة أخرى قبل القدرة على الوضوء صلى عليها بتيممه للأولى عندهما وقال محمد عليه الإعادة كما لو قدر ثم عجز ( أو ) خوف فوت صلاة ( عيد ) لو اشتغل بالوضوء لما روى عن ابن عباس Bهما أنه قال إذا فاجأتك صلاة جنازة فخشيت فوتها فعمل عليها بالتيمم وعن ابن عمر Bهما أنه أتي بجنازة وهو على غير وضوء فتيمم ثم صلى عليها ونقل عنهما في صلاة العيدين كذلك والوجه فواتهما لا إلى بدل ( ولو ) كان ( بناء ) فيهما بأن سبقه حدث في صلاة الجنازة أو العيد يتيمم ويتم صلاته لعجزه عنه بالماء برفع الجنازة وطروء المفسد للزحام في العيد ( وليس من العذر خوف ) فوت ( الجمعة و ) خوف فوت ( الوقت ) لو اشتغل بالوضوء لأن الظهر يصلى بفوت الجمعة وتقضى الفائتة فلهما خلف .
- 3 - ( الثالث ) من الشروط ( أن يكون التيمم بطاهر ) طيب وهو الذي لم تمسه نجاسة ولو زالت بذهاب أثرها ( من جنس الأرض ) وهو ( كالتراب ) المنبث وغيره ( والحجر ) الأملس ( والرمل ) عندهما خلافا لأبي يوسف فيجوز عندهما بالزرنيخ والنورة والمغرة والكحل والكبريت والفيروزج والعقيق وسائر أحجار المعادن وبالملح الجبلي في الصحيح وبالأرض المحترقة والطين المحرق الذي ليس به سرقين قبله والأرض المحترقة إن لم يغلب عليها الرماد وبالتراب الغالب على مخالط من غير جنس الأرض لأنه ( لا ) يصح التيمم بنحو ( الحطب والفضة والذهب ) والنحاس والحديد وضابطه أن كل شيء يصير رماد أو ينطبع بالإحراق لا يجوز به التيمم وإلا جاز لقوله تعالى : " فتيمموا صعيدا طيبا " . والصعيد اسم لوجه الأرض ترابا كان أو غيره وتفسيره بالتراب لكونه أغلب لقوله تعالى : " صعيدا زلقا " أي حجرا أملس .
- 4 - ( الرابع ) من الشروط ( استيعاب المحل ) وهو الوجه واليدان إلى المرفقين ( بالمسح ) في ظاهر الرواية وهو الصحيح المفتى به فينزع الخاتم ويخلل الأصابع ويمسح جميع بشرة الوجه والشعر على الصحيح وما بين العذار والأذن إلحاقا له بأصله . وقيل يكفي مسح أكثر الوجه واليدين وصحح وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه إلى الرسغين . وجه ظاهر الرواية قوله A " التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة للذراعين إلى المرفقين " وكذا فعله عليه السلام لأنه سئل كيف أمسح فضرب بكفيه الأرض ثم رقعهما لوجهه ثم ضرب ضربة فمسح ذراعيه باطنهما وظاهرهما حتى مس بيديه المرفقين .
- 5 - ( الخامس ) من الشروط ( أن يمسح بجميع اليد أو بأكثرها ) أو بما يقوم مقامه ( حتى لو مسح بأصبعين لا يجوز ) كما في الخلاصة ( ولو كرر حتى استوعب بخلاف مسح الرأس ) كذا في السراج الوهاج عن الإيضاح .
- 6 - ( السادس ) من الشروط ( أن يكون ) التيمم ( بضربتين بباطن الكفين ) لما روينا ( فإن نوى التيمم ) وأمر به غيره فيممه صح ( ولو ) كان الضربتان ( في مكان واحد ) على الأصح لعدم صيرورته مستعملا لأن التيمم بما في اليد ( ويقوم مقام الضربتين إصابة التراب بجسده إذا مسحه بنية التيمم ) حتى لو أحدث بعد الضرب أو إصابة التراب فمسحه يجوز على ما قاله الإسبيجاني كمن أحدث وفي كفيه ما يجوز به الطهارة وعلى ما اختاره شمس الأئمة لا يجوز لجعله الضرب ركنا كما لو أحدث بعد غسل عضو وقال المحقق ابن الهمام الذي يقتضيه النظر عدم اعتبار الضرب من مسمى التيمم شرعا لأن المأمور به في الكتاب ليس إلا المسح وقوله A " التيمم ضربتان " خرج مخرج الغالب والله سبحانه وتعالى أعلم .
- 7 - ( السابع ) من الشروط ( انقطاع ما ينافيه ) حالة فعله ( من حيض أو نفاس أو حدث ) كما هو شرط أصله .
- 8 - ( الثامن ) منها ( زوال ما يمنع المسح ) على البشرة ( كشمه وشحم ) لأنه يصير به المسح عليه لا على الجسد