يعني الغسل وهو بالضم اسم من الاغتسال وهو تمام غسل الجسد واسم للماء الذي يغتسل به أيضا والضم هو الذي اصطلح عليه الفقهاء أو أكثرهم وإن كان الفتح أفصح وأشهر في اللغة وخصوه بغسل البدن من جنابة وحيض ونفاس والجنابة صفة تحصل بخروج المني بشهوة يقال أجنب الرجل إذا قضى شهوته من المرأة . واعلم أنه يحتاج لتفسير الغسل لغة وشريعة وسببه وشرطه وحكمه وركنه وسننه وآدابه وصفته وعلمت تفسيره وسببه بأنه إرادة مالا يحل مع الجنابة أو وجوبه وله شروط وجوب وشروط صحة تقدمت في الوضوء وركنه عموم ما أمكن من الجسد من غير حرج بالماء الطهور وحكمه حل ما كان ممتنعا قبله والثواب بفعله تقربا والصفة والسنن والآداب يأتي بيانها ( يفترض الغسل بواحد ) يحصل للإنسان ( من سبعة أشياء ) أولها ( خروج المني ) وهو ماء أبيض ثخين ينكسر الذكر بخروجه يشبه رائحة الطلع ومني المرأة رقيق أصفر ( إلى ظاهر الجسد ) لأنه ما لم يظهر لا حكم له ( إذا انفصل عن مقره ) وهو الصلب ( بشهوة ) وكان خروجه ( من جماع ) كالاحتلام ولو بأول مرة لبلوغ في الأصح وفكر ونظر وعبث بذكره - وله ذلك إن كان أعزب وبه ينجو رأسا برأس لتسكين شهوة يخشى منها لا لجلبها - وأغنى اشتراط الشهوة عن الدفق لملازمته لها فإذا لم توجد الشهوة لا غسل كما إذا حمل ثقيلا أو ضرب على صلبه فنزل منيه بلا شهوة والشرط وجودها عند انفصاله من الصلب لا دوامها حتى يخرج إلى الظاهر خلافا لأبي يوسف سواء المرأة أو الرجل لقوله A وقد سئل هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت فقال نعم إذا رأت الماء وثمرة الخلاف تظهر بما لو أمسك ذكره حتى سكنت شهوته فأرسل الماء يلزمه الغسل عند أبي حنيفة ومحمد لا عند أبي يوسف ويفتى بقول أبي يوسف لضيف خشي التهمة وإذا لم يتدارك مسكه يستتر بإيهام صفة المصلي من غير تحريم وقراءة وتظهر الثمرة بما إذا اغتسل في مكانه وصلى ثم خرج بقية المني عليه الغسل عندهما لا عنده وصلاته صحيحة اتفاقا ولو خرج بعد ما بال وارتخى ذكره أو نام أو مشى خطوات كثيرة لا يجب الغسل اتفاقا وجعل المني وما عطف عليه سببا للغسل مجاز للسهولة في التعليم لأنها شروط ( و ) منها ( توارى حشفة ) هي رأس ذكر آدمي مشتهى حي احترز به عن ذكر البهائم والميت والمقطوع والمصنوع من جلد والأصبع وذكر صبي لا يشتهى والبالغة يوجب عليها بتواري حشفة المراهق الغسل ( و ) تواري ( قدرها ) أي الحشفة ( من مقطوعها ) إذا كان التواري ( في أحد سبيلي آدمي حي ) يجامع مثله فيلزمهما الغسل لو مكلفين ويؤمر به المراهق تخلقا ويلزم بوطء صغيرة لا تشتهي ولم يفضها لأنها صارت ممن يجامع في الصحيح ولو لف ذكره بخرقة وأولجه ولم ينزل فالأصح أنه إن وجد حرارة الفرج واللذة وجب الغسل وإلا فلا والأحوط وجوب الغسل في الوجهين لقوله A إذا التقى الختانان وغابت الحشفة وجب الغسل أنزل أو لم ينزل ( و ) منها ( إنزال المني بوطء ميتة أو بهيمة ) شرط الإنزال لأن مجرد وطئهما لا يوجب الغسل لقصور الشهوة ( و ) منها ( وجود ماء رقيق بعد ) الانتباه من ( النوم ) ولم يتذكر احتلاما عندهما خلافا لأبي يوسف وبقوله أخذ خلف بن أيوب وأبو الليث لأنه مذي وهو الأقيس ولهما ما روي أنه A سئل عن الرجل يجد البلل ولم يجد احتلاما قال " يغتسل " ولأن النوم راحة تهيج الشهوة وقد يرق المني لعارض والاحتياط لازم في باب العبادات وهذا ( إذا لم يكن ذكره منتشرا قبل النوم ) لأن الانتشار سبب للمذي فيحال عليه ولو وجد الزوجان بينهما ماء دون تذكر ومميز بلفظ ورقة وبياض وصفرة وطول وعرض لزمهما الغسل في الصحيح احتياطا ( و ) منها ( وجود بلل ظنه منيا بعد إفاقته من سكر و ) بعد إفاقته من ( إغماء ) احتياطا ( و ) يفترض ( بحيض ) للنص ( ونفاس ) بعد الطهر من نجاستهما بالانقطاع إجماعا ( و ) يفترض الغسل بالموجبات ( لو حصلت الأشياء المذكورة قبل الإسلام في الأصح ) لبقاء صفة الجنابة ونحوها بعد الإسلام ولا يمكن أداء الشروط من الصلاة ونحوها بزوال الجنابة وما في معناها إلا به فيفترض عليه لكونه مسلما مكلفا بالطهارة عند إرادة الصلاة ونحوها بآية الوضوء ( ويفترض تغسيل الميت ) المسلم الذي لا جنابة منه مسقطة لغسله ( كفاية ) وسنذكر تمامه في محله إن شاء الله تعالى