جمع عارض بالمرض والسفر والإكراه والحبل والرضاع والجوع والعطش والهرم بها يباح الفطر فيجوز ( لمن خاف ) وهو مريض ( زيادة المرض ) بكم أو كيف لو صام والمرض معنى يوجب تغير الطبيعة إلى الفساد ويحدث أولا في الباطن ثم يظهر أثره وسواء كان لوجع عين أو جراحة أو صداع أو غيره ( أو ) خاف ( بطء البرء ) بالصوم جاز له الفطر لأنه قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه والغازي إذا كان يعلم يقينا أو بغلبة الظن القتال بكونه بإزاء العدو ويخاف الضعف عن القتال وليس مسافرا له الفطر قبل الحرب ومن له نوبة حمى أو عادة حيض لا بأس بفطره على ظن وجوده فإن لم يوجد اختلف في لزوم الكفارة والأصح عدم لزومها عليهما وكذا أهل الرستاق ولو سمعوا الطبل يوم الثلاثين فظنوا عيدا فأفطروا ثم تبين أنه لغيره لا كفارة عليهم ( و ) يجوز الفطر ( لحامل ومرضع خافت ) على نفسها ( نقصان العقل أو الهلاك أو المرض ) سواء كان ( على نفسها أو ولدها نسبا أو رضاعا ) ولها شرب الدواء إذا أخبر الطبيب أن يمنع استطلاق بطن الرضيع وتفطر لهذا العذر لقوله A " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة وعن الحبلى والمرضع الصوم " ومن قيد بالمستأجرة للإرضاع فهو مردود ( والخرف المعتبر ) لإباحة الفطر طريق معرفته أمران أحدهما ( ما كان مستندا ) فيه ( لغلبة الظن ) فإنها بمنزلة اليقين ( بتجربة ) سابقة والثاني قوله ( أو إخبار طبيب ) مسلم حاذق عدل عالم بداء كذا في البرهان وقال الكمال مسلم حاذق غير ظاهر الفسق وقيل عدالته شرط ( و ) جاز الفطر ( لمن حصل له عطش شديد وجوع ) الفرط ( يخاف منه الهلاك ) أو نقصان العقل أو ذهاب بعض الحواس وكان ذلك لا بإتعاب نفسه إذ لو كان به تلزمه الكفارة وقيل لا ( وللمسافر ) الذي أنشأ السفر قبل طلوع الفجر إذ لا يباح له الفطر بإنشائه بعد ما أصبح صائما بخلاف ما لو حل به مرض بعده فله ( الفطر ) لقوله تعالى " فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر " ولما رويناه ( وصومه ) أي المسافر ( أحب أن لم يضره ) لقوله تعالى وإن تصوموا خير لكم " ( و ) هذا إذا ( لم تكن عامة رفقته مفطرين و لا مشتركين في النفقة فإن كانوا مشتركين أو مفطرين فالأفضل فطره ) أي المسافر ( موافقه للجماعة ) كما فبي الجوهرة ( ولا يجب الإيصاء ) بكفارة ما أفطره ( على من مات قبل زوال عذره ) بمرض وسفر ونحوه كما تقدم من الأعذار المبيحة للفطر لفوات إدراك عدة من أيام أخر ( و ) إن أدركوا العدة ( قضوا ما قدروا على قضائه ) وإن لم يقضوا لزمهم الإيصاء ( بقدر الإقامة ) من السفر ( والصحة ) من المرض وزوال العذر اتفاقا على الصحيح والخلاف فيمن نذر أن يصوم شهرا إذا برأ ثم برأ يوما يلزمه الإيصاء بالإطعام لجميع الشهر عندهما وعند محمد قضى ما صح فيه ( ولا يشترط التتابع في القضاء ) لإطلاق النص لكن المستحب التتابع وعدم التأخير عن زمان القدرة مسارعة إلى الخير وبراءة الذمة .
( تنبيه ) أربعة متتابعة بالنص أداء رمضان وكفارة الظهار والقتل واليمين والمخير فيه قضاء رمضان وفدية الحلق لأذى برأس المحرم والمتعة وجزاء الصيد وثلاثة لم تذكر في القرآن وثبتت بالإخبار صوم كفارة الإفطار عمدا في رمضان وهو متتابع والتطوع متخير فيه والنذر وهو على أقسام إما أن بنذر أياما متتابعة معينة أو غير معينة بخصوصها أو منه ما لزم بنذر الاعتكاف وهو متتابع وإن لم ينص عليه إلا أن يصرح بعدم التتابع في النذر ( فإن جاء رمضان آخر ) ولم يقض الفائت ( قدم ) الأداء ( على القضاء ) شرعا حتى لو نواه عن القضاء لا يقع إلا عن الأداء كما تقدم ( ولو فدية بالتأخير إليه ) لإطلاق النص ( ويجوز الفطر لشيخ فان وعجوز فانية ) سمي فانيا لأنه قرب إلى الفناء أو فنية قوته وعجز عن الأداء ( وتلزمهما الفدية ) وكذا من عجز عن نذر الأبد لا لغيرهم من ذوي الأعذار ( لكل يوم نصف صاع من بر ) أو قيمته بشرط دوام عجز الفاني والفانية إلى الموت ولو كان مسافرا أو مات قبل الإقامة لا تجب عليه الفدية بفطره في السفر ( كما نذر صوم الأبد فضعف عنه ) لاشتغاله بالمعيشة يفطر ويفدي للتيقن لعدم قدرته على القضاء ( فإن لم يقدر ) من تجوز له الفدية ( على الفدية لعسرته يستغفر الله سبحانه ويستقبله ) أي يطلب منه العفو عن تقصيره في حقه ( و ) لا تجوز الفدية إلا عن صوم هو أصل بنفسه لا بدل عن غيره حتى ( ولو وجبت عليه الكفارة يمين أو قتل ) أو إظهار أو إفطار ( فلم يجد ما يكفر به من عتق ) وإطعام وكسوة ( وهو شيخ فان أو لم يصم ) حال قدرته على الصوم حتى صار فانيا ( لا تجوز له الفدية ) لأن الصوم بدل عن غيره وهو التكفير بالمال ولذا لا يجوز المصير إلى الصوم إلا عند العجز عما يكفر به من المال فإن أوصى بالتكفير نفذ من الثلث ويجوز في الفدية الإباحة في الطعام أكلتان مشبعتان في اليوم كما يجوز التمليك بخلاف صدقة الفطر فإنه لا بد فيها من التمليك كالزكاة . اعلم أن ما شرع بلفظ الإطعام أو الطعام يجوز فيه التمليك والإباحة وما شرع بلفظ الإيتاء أو الأداء يشترط فيه التمليك ( ويجوز للمتطوع ) بالصوم ( الفطر بلا عذر في رواية ) عن أبي يوسف قال الكمال واعتقادي أنها أوجه لما روى مسلم عن عائشة Bها قالت دخل النبي A ذات يوم فقال " هل عندكم شيء " فقلنا " لا " فقال " إني إذا صائم " ثم أتى في يوم آخر فقلنا " يا رسول الله أهدي إلينا حيس " فقال " أرينه " فقلت " أصبحت صائما فأكل " وزاد النسائي " ولكن أصوم يوما مكانه " وصحح هذه الزيادة أبو محمد عبد الحق وذكر الكرخي وأبو بكر أنه ليس له أن يفطر إلا من عذر وهو ظاهر الرواية لما روي أنه E قال " إذا دعي أحدكم إلى طعام فليجب فإن كان مفطرا فليأكل وإن كان صائما فليصل " أي فليدع قال القرطبي : ثبت هذا الحديث عنه E ولو كان الفطر جائزا كان الأفضل الفطر لإجابة الدعوة التي هي السنة وصححه في المحيط . اعلم أن فساد الصوم والصلاة بلا عذر بعد الشروع فيهما نفلا مكروه وليس بحرام لأن الدليل ليس قطعي الدلالة وإن لزم القضاء وإذا عرض عذر أبيح للمتطوع الفطر اتفاقا ( والضيافة عذر على الأظهر للضيف والمضيف ) فيما قبل الزوال لا بعده إلا أن يكون في عدم فطره بعده عقوق لأحد الأبوين لا غيرهما للتأكد ولو حلف شخص بالطلاق ليفطرن فالاعتماد على أنه يفطر ولو بعد الزوال ولا يخشاه لرعاية حق أخيه ( ولو البشارة بهذه الفائدة الجليلة ) قال في التجنيس والمزيد : رجل أصبح صائما متطوعا فدخل على أخ من إخوانه فسأله أن يفطر لا بأس بأن يفطر لقول النبي A " من أفطر لحق أخيه يكتب له ثواب الصوم ألف يوم ومتى قضى يوما يكتب له ثواب صوم ألفي يوم " ونقله أيضا في التتارخانية والمحيط والمبسوط ( وإذا أفطر ) المتطوع ( على أي حال ) كان ( عليه القضاء ) لا خلاف بين أصحابنا في وجوب صيانة لما مضى عن البطلان ( إلا إذا شرع متطوعا ) بالصوم ( في خمسة أيام يومي العيدين وأيام التشريق فلا يلزمه قضاؤه بإفسادها في ظاهر الرواية ) عن أبي حنيفة C لأن صومها مأمور بنقضه ولم يجز لأن بنفس الشروع ارتكب المنهي عنه للإعراض عن ضيافة الله تعالى فأمر بقطعه وعن أبي يوسف ومحمد عليه القضاء يعني وإن وجب الفطر وفيما ذكرنا إشارة إلى قضاء نفل الصلاة التي قطعه عند نحو الطلوع كما تقدم والله الموفق بمنه الأعظم للدين الأقوم