يجب كفاية التماس الهلال ليلة الثلاثين من شعبان لأنه قد يكون ناقصا و ( يثبت رمضان برؤية هلاله ) لقوله A " صوموا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين " فلذا قال ( أو بعد شعبان ثلاثين ) يوما ( إن غم الهلال ) بغيم أو غبار وغيره بالإجماع ( ويوم الشك هو ما يلي التاسع والعشرين من شعبان وقد استوى فيه طرف العلم والجهل ) بحقيقة الحال ( بأن غم الهلال ) أي هلال رمضان فاحتمل كمال شعبان ونقصانه نظرا إلى قوله A " الشهر هكذا وهكذا وهكذا " وخنث إبهامه في المرة الثالثة يعني تسعة وعشرين وقوله وهكذا وهكذا وهكذا أي من غير خنس يعني ثلاثين فالشك بوجود علة كغيم في الثلاثين أمن رمضان هو أو من شعبان أو بغم من رجب ( وكره فيه ) أي يوم الشك ( كل صوم ) من فرض وواجب وصوم ردد فيه بين نفل وواجب ( إلا صوم نفل جزم به بلا ترديد بينه وبين صوم آخر ) فإنه لا يكره لحديث السرار إذا كان على وجه لا يعلم العوام ذلك ليعتادوا صومه ظنا منهم زيادته على الفرض وإذا وافق معتاده فصومه أفضل اتفاقا واختلفوا في الأفضل إذا لم يوافق معتاده قيل الأفضل النظر احترازا لظاهر النهي وقيل الصوم اقتداء بعلي وعائشة Bهما فإنهما كانا يصومانه ( وإن ظهر أنه ) من ( رمضان أجزأ عنه ) أي عن رمضان ( ما صامه ) بأي نية كانت إلا أن يكون مسافرا ونواه عن واجب آخر كما تقدم وإن ظهر من شعبان ونواه نفلا كان غير مضمون لدخول الإسقاط في عزيمته من وجه وكراهة الواجب لصورة النهي كصلاته في أرض الغير وهو دون كراهته على أنه من رمضان لعدم التشبه وأما كراهة النفل ع الترديد فلأنه ناو للفرض من وجه وهو أن يقول إن كان غدا من رمضان فمنه وإلا فتطوع ( وإن ردد ) الشخص ( فيه ) أي في يوم الشك ( بين صوم وفطر ) كقوله إن كان من رمضان فصائم وإلا فمفطر ( لا يكون صائما ) لأنه لم يجزم بعزيمته فإن ظهرت رمضانيته قضاه . ثم شرع في بيان تقديم الصوم من غير شك على جهة الاحتياط فقال ( وكره صوم يوم أو يومين من آخر شعبان ) لقوله A " لا تقدموا الشهر بيوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فيصومه " متفق عليه والمراد به التقديم على قصد أن يكون من رمضان لأن التقديم بالشيء على الشيء أن ينوي به قبل حينه وأوانه ووقته وزمانه وشعبان وقت التطوع فإذا صام عن شعبان لم يأت بصوم رمضان قبل زمانه وأوانه فلا يكون هذا تقدما عليه من فوائد شيخي العلامة شمس الدين محمد المحبي C ( لا يكره ) صوم ( ما فوقهما ) أي اليومين كالثلاثة فما فوقها من آخر شعبان كما في الهداية ( و ) المختار أن ( يأمر المفتي العامة ) بإظهار النداء ( بالتلوم ) أي بالانتظار بلا نية صوم في ابتداء ( يوم الشك ) محافظة على إمكان أداء الغرض بإنشاء النية لظهر الحال في وقتها ( ثم ) يأمر العامة ( بالإفطار إذا ذهب وقت ) إنشاء ( النية ) وهو عند مجيء الضحوة الكبرى ( ولم يتبين الحال ) حسما لمادة اعتقاد الزيادة ( ويصوم فيه ) أي يصومه نفلا ( المفتي والقاضي سرا لحديث السرار لئلا يتهم بالعصيان بارتكاب الصوم بما يروى " من صام يوم الشك فقد عصى أبا القاسم " مخالفا لما أمر به من الفطر ( و ) يصومه أيضا سرا ( من كان من الخواص وهو من يتمكن من ضبط نفسه عن ) الإضجاع وهو ( الترديد في النية و ) عن ( ملاحظة كونه ) صائما ( عن الفرض ) إن كان من رمضان لحديث السرار وهو قوله A لرجل " هل صمت من سرار شعبان " قال لا قال " فإذا أفطرت فصم يوما مكانه وسرار الشهر بالفتح والكسر آخره سمي به لاستتار القمر فيه لأنه لما كان معارضا ينهى التقدم بصيام يوم أو يومين حمل التقدم على نية الفرض وحديث السرار على استحبابه نفلا لأن المعنى الذي يعقل فيه ختم شعبان بالعبادة كما يستحب ذلك في كل شهر .
( ومن رأى هلال رمضان ) وحده ( أو ) هلال ( الفطر وحده ورد قوله ) أي رده القاضي ( لزمه الصيام ) لقوله تعالى " فمن شهد منكم الشهر فليصمه " وقد رآه ظاهر ولقوله A " صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون " والناس لم يفطروا فوجب أن لا يفطر لا فرق بين كون السماء بعلة فلم يقبل لنفسه أو ردت بصحوها لانفراده وفيه إشارة إلى لزوم صيامه وإن لم يشهد عند القاضي ولا فرق بين كونه من عرض الناس أو الإمام فلا يأمر الناس بالصوم ولا بالفطر إذا رآه وحده ويصوم هو ( ولا يجوز له الفطر بتيقنه هلال شوال ) برؤيته منفردا لما روينا كذا في فتح القدير والتتارخانية عن المحيط والخلاصة وفي الجوهرة خلافه قال الإمام يأمرهم بالصوم برؤيته وحده ولا يصلي بهم العيد ولا يفطر لا سرا ولا جهرا اه . فأخذ بالاحتياط في المحني وفي الحجة قال صاحب الكتاب إذا استيقن بالهلال يخرج ويصلي العيد ويفطر لأنه ثابت بالشرع وقد تيقن كذا في التتارخانية ( وإن أفطر ) من رأى الهلال وحده ( في الوقتين ) رمضان وشوال ( قضى ) لما تلونا وروينا ( ولا كفارة عليه ) ولا على صديق للرائي إن شهد عنده بهلال الفطر وصدقه فأفطر لأنه يوم عيد عنده فيكون شبهة وبرد شهادته في رمضان صار مكذبا شرعا ( و ) بذلك لا كفارة عليه ( ولو كان فطره قبل ما رده القاضي في الصحيح ) لقيام الشبهة وهي قوله A " الصوم يوم تصومون " وقيل تجب الكفارة فيهما للظاهر بين الناس في الفطر وللحقيقة التي عنده في رمضان ( وإذا كان بالسماء علة من غيم أو غبار ونحوه ) كضباب وندى ( قبل ) أي القاضي بمجلسه ( خبر واحد عدل ) هو الذي حسناته أكثر من سيئاته والعدالة مكملة تحمل على ملازمة التقوى والمروءة ( أو ) خبر ( مستور ) هو مجهول الحال لم يظهر له فسق ولا عدالة يقبل قوله ( في الصحيح ) ويلزم العدل أن يشهد عند الحاكم في ليلة رؤيته كيلا يصبحوا مفطرين وللمخدرة أن تشهد بغير إذن وليها لأنه من فروض العين ( و ) يقبل خبره لو ( شهد على شهادة واحد مثله ) لأن العدد في الأصول ليس شرطا فكذا في الفروع ( و ) يقبل خبره و ( لو كان أنثى أو رقيقا أو محدودا في قذف ) وقد ( تاب ) في ظاهر الرواية إثباتا ( لرمضان ) لأنه أمر ديني وخبر العدل فيه مقبول فأشبه رواية الأخبار ( و ) لهذا ( لا يشترط لفظ الشهادة ولا ) تقدم ( الدعوى ) كما لا يشترطان في سائر الأخبار وأطلق القبول كما في الهداية وقال كان الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل إنما يقبل شهادة الواحد إذا فسر فقال رأيته في وقت يدخل في السحاب ثم ينجلي لأن الرؤية في مثل هذا تتفق في زمان قليل فجاز أن ينفرد هو به أما بدون هذا التفسير لا تقبل لمكان التهمة اه . كذا في التجنيس .
( تنبيه ) لما كان قول الحساب مختلفا فيه نظمه ابن وهبان فقال : .
وقول أولى التوقيت ليس بموجب وقيل نعم والبعض إن كان يكثر .
وقال ابن الشحنة بعد نقل الخلاف فإذن اتفق أصحاب أبي حنيفة إلا النادر والشافعي أنه لا اعتماد على قول المنجمين في هذا ( وشرط لهلال الفطر ) أي لثبوته وثبوت غيره من الأهلة ( إذا كان بالسماء علة ) لفظ ( الشهادة ) الحاصلة ( من حرين ) مسلمين مكلفين غير محدودين في قذف ( أو حر وحرتين ) لكن ( بلا ) اشتراط تقدم ( دعوى ) على الشهادة كعتق الأمة وطلاق الزوجة وإذا رأى الهلال في الرستاق وليس هناك وال ولا قاض فإن كان ثقة يصوم الناس بقوله والفطر إن أخبر عدلان برؤية الهلال وبالسماء علة لا بأس بأن يفطروا بلا دعوى ولا حكم للضرورة ( وإن لم يكن بالسماء علة فلا بد ) للثبوت ( من ) شهادة ( جمع عظيم لرمضان والفطر ) وغيرهما لأن المطلع متحد في ذلك المحل والموانع منتفية والأبصار سليمة والهمم في طلب رؤية الهلال مستقيمة فالتفرد في مثل هذه الحالة يوهم الغلط فوجب التوقف في رؤية القليل حتى يراه الجمع الكثير لا فرق في ظاهر الرواية بين أهل المصر ومن ورد من خارج المصر ( ومقدار ) عدد ( الجمع ) العظيم قيل أهل الحلة وعن أبي يوسف خمسون كالقسامة وعن خلف خمسمائة ببلخ قيل وقال البقالي الألف ببخاري قيل وقال الكمال الحق ما روي عن محمد وأبي يوسف أن العبرة لتواتر الخبر ومجيئه من كل جانب اه وفي التجنيس عن محمد أن أمر العقلة والكثرة ( مفوض إلى رأي الإمام ) وهو الصحيح وفي البرهان ( في الأصح ) لأن ذلك يختلف باختلاف الأوقات والأماكن وتتفاوت الناس صدقا ( وإذا تم العدد ) أي عدد رمضان ثلاثين ( بشهادة فرد ) برؤيته ( ولم ير هلال الفطر و ) ذلك و ( السماء مصحية لا يحل الفطر ) اتفاقا على ما ذكره شمس الأئمة ويعزر ذلك الشاهد كذا في الدرر وفي التجنيس إذا لم ير هلال شوال لا يفطرون حتى يصومون يوما آخر وقال الزيلعي والأشبه أن يقال إن كانت السماء مصحية لا يفطرون لظهور غلطه وإن كانت متغيمة يفطرون لعدم ظهور الغلط ( واختلف الترجيح ) في حل الفطر ( فيما إذا كان ) ثبوت رمضان ( بشهادة عدلين ) وتم العدد ولم ير هلال شوال مع الصحو صحح في الدراية والخلاصة والبزازية حل الفطر لأن شهادة الشاهدين إذا قبلت كانت بمنزلة العيان وفي مجموع النوازل لا يفطرون وصححه كذلك السيد الإمام الأجل ناصر الدين لأن عدم الرؤية مع الصحو دليل الغلط فتبطل شهادتهما ( ولا خلاف في حل الفطر إذا ) تم العدد لو ( كان في السماء علة و لو ) وصلية ( ثبت رمضان بشهادة الفرد ) العدل كالعدلين اتفاقا على التحقيق ( وهلال الأضحى ) في الحكم ( كالفطر ) فلا بد من نصاب الشهادة مع العلة والجمع العظيم مع الصحو على ظاهر الرواية وهو الأصح لما تعلق به من نفع العباد خلافا لما يروى عن أبي حنيفة أنه كهلال رمضان وهي رواية النوادر وصححها في التحفة والمذهب ظاهر الرواية ( ويشترط ) في الثبوت ( لبقية الأهلة ) إذا كان بالسماء علة ( شهادة رجلين عدلين أو ) شهادة ( حر وحرتين غير محدودين في قذف ) وإلا فجمع عظيم ( وإذا ثبت ) الهلال ( في ) بلدة و ( مطلع قطر ) ها ( لزم سائر الناس في ظاهر المذهب وعليه الفتوى ) وهو قول أكثر المشايخ فيلزم قضاء يوم على أهل بلدة صاموا تسعة وعشرين يوما لعموم الخطاب " صوموا لرؤيته " وقيل يختلف ثبوته باختلاف المطالع واختاره صاحب التجريد وغيره كما إذا زالت الشمس عند قوم وغربت عند غيرهم فالظهر على الأولين لا المغرب لعدم انعقاد السبب في حقهم .
( تنبيه ) ثبوت رمضان وشوال بالدعوى بنحو وكالة معلقة به فينكر المدعى عليه فيشهد الشهود بالرؤية فيقضي عليه ويثبت مجيء رمضان ضمنا لأن إثبات مجيء الشهر مجردا لا يدخل تحت الحكم وإن لزم الصوم بمجرد الإخبار لا يشترط الإسلام في إخبار الجمع العظيم لأن التواتر لا يبالى فيه بكفر الناقلين فضلا عن فسقهم أو ضعفهم ذكره الكمال ( ولا عبرة برؤية الهلال نهارا سواء كان ) قد رؤي ( قبل الزوال أو ) رؤي ( بعده وهو الليلة المستقبلة ) لقوله A " صوموا لرؤيته " الخ فوجب سيق الرؤية على الصوم والفطر والمفهوم المتبادر منه الرؤية عند عشية كل شهر عند الصحابة والتابعين ومن بعدهم ( في المختار ) من المذهب