لما كان عبادة بدنية كالصلاة ذكره عقبها ويحتاج لمعرفته لغة وشريعة وسببه وشرطه وحكمه وركنه وحكمة مشروعيته وصفته .
فمعناه لغة الإمساك عن الفعل والقول وشرعا ( هو الإمساك نهارا ) النهار ضد الليل من الفجر الصادق إلى الغروب ( عن إدخال شيء ) سواء كان يؤكل عادة أو غيره وقيد الإدخال يخرج الدخول كالغبار وكونه ( عمدا أو خطأ ) يخرج النسيان والمخطئ من سبقه ماء المضمضة إلى حلقه فهو كالعمد سواء أدخله ( بطنا ) من الفم أو الأنف أو من جراحة في البطن تسمى الجائفة ( أو ) أدخله في ( ما له حكم الباطن ) وهو الدماغ كدواء الأمة ( و ) الإمساك نهارا ( عن شهوة الفرج ) شمل الجماع والإنزال بعبث ( بنية ) لتمتاز العبادة عن المادة ( من أهله ) احترازا عن الحائض والنفساء والكافر والمجنون واختصار هذا الحد الصحيح : إمساك عن المفطرات منوي لله تعالى بإذنه في وقته ( وسبب وجوب رمضان ) يعني افترض صومه ( شهود جزء ) صالح للصوم ( منه ) أيس من رمضان خرج الليل وما بعد الزوال على ما قاله فخر الإسلام ومن وافقه خلافا لشمس الأئمة أن السبب مطلق الوقت في الشهر ( وكل يوم منه ) أي من رمضان ( سبب لأدائه ) أي لوجوب أداء ذلك اليوم لتفرق الأيام فمن بلغ أو أسلم يلزمه ما بقي منه لا ما مضى ولا منافاة بالجمع بين السببين ونقلت السببية من المجموع للجزء الأول رعاية للمعيارية ( وهو ) أي صوم رمضان ( فرض ) عين ( أداء وقضاء على من اجتمع فيه أربعة أشياء ) هي شروط لافتراضته والخطاب به وتسمى شروط وجوب أحدها ( الإسلام ) لأنه شرط للخطاب بفروع الشريعة ( و ) ثانيها ( العقل ) إذ لا خطاب بدونه ( و ) ثالثها ( البلوغ ) إذ لا تكليف إلا به ( و ) رابعها ( العلم بالوجوب ) وهو شرط ( لمن أسلم بدار الحرب ) وإنما يحصل له العلم الموجب بإخبار رجلين عدلين أو رجل وامرأتين مستورين أو واحد عدل وعندهما لا تشترط العدالة والبلوغ والحرية وقوله ( أو الكون ) شرط لمن نشأ ( بدار الإسلام ) فإنه لا عذر له بالجهل ( ويشترط لوجوب أدائه ) الذي هو عبارة عن تفريغ الذمة في وقته ( الصحة من مرض ) لقوله تعالى فمن كان منكم مريضا الآية ( و ) الصحة أي الخلو عن ( حيض ونفاس ) لما قدمناه ( ولإقامة ) لما تلوناه ( ويشترط لصحة أدائه ) أي فعله ليكون أعم من الأداء والقضاء ( ثلاثة ) شرائط ( النية ) في وقتها في كل يوم ( والخلو عما ينافيه ) أي ينافي صحة فعله ( من حيض ونفاس ) لما فاتهما ( و ) الخلو ( عما يفسده ) بطروئه عليه ( ولا يشترط ) لصحته ( الخلو عن الجنابة ) لقدرته على الإزالة وضرورة حصولها ليلا وطروء النهار وليس العقل والإقامة من شروط الصحة فإن الجنون إذا طرأ وبقي إلى الغروب صح صومه وركنه ) أي الصوم ( الكف ) أي الإمساك ( عن قضاء شهوتي البطن والفرج و ( عن ) ما ألحق بهما ( مما سنذكره ) وحكمه سقوط الواجب ( أي اللازم فرضا كان أو غيره ) عن الذمة بإيجاب الله أو العبد ) والثواب ( تكرما من الله ) في الآخرة ( إن لم يكن منهيا عنه فإن كان منهيا عنه كصوم النحر فحكمه الصحة والخروج عن العهدة والإثم بالإعراض عن ضيافة الله تعالى وحكمة مشروعية الصوم منها أن به سكون النفس الأمارة بإعراضها عن الفضول لأنها إذا جاعت شبعت جميع الأعضاء فتنقبض اليد والرجل والعين وباقي الجوارح عن حركتها وإذا شبعت النفس جاعت الجوارح بمعنى قويت على البطش والنظر وفعل ما لا ينبغي فبانقباضها يصفو القلب وتحصل المراقبة ومنها العطف على المساكين بالإحساس بألم الجوع لمن هو وصفه أبدا فيحسن إليه ولذا لا ينبغي الإفراط في السحور لمنعه الحكمة المقصودة والاتصاف بصفة الملائكة ولا يدخل الياء في صوم الفرض