( وسنن الخطبة ) التي في ذات الخطيب والتي في نفس الخطبة ( ثمانية عشر شيئا ) بل يزاد عليها .
فمن السنة أن يكون جلوس الخطيب في مخدعه عن يمين المنبر أو جهته لابسا السواد أو البياض .
ومنها ( الطهارة ) حال الخطبة لأنها ليست صلاة ولا كشطرها وتأويل الأثر أنها في حكم الثواب كشطر الصلاة هو الصحيح .
( وستر العورة ) للتوارث [ أي هذا هو المتوارث ] .
( و ) كذا ( الجلوس على المنبر قبل الشروع في الخطبة والأذان بين يديه ) جرى به التوارث ( كالإقامة ) بعد الخطبة .
( ثم قيامه ) بعد الأذان في الخطبتين ولو قعد فيهما أو في إحداهما أجزأ وكره من غير عذر وإن خطب مضطجعا أجزأ ( و ) إذا قام يكون ( السيف بيساره متكئا عليه في كل بلدة فتحت عنوة ) ليريهم أنها فتحت بالسيف فإذا رجعتم عن الإسلام فذلك باق بأيدي المسلمين يقاتلونكم به حتى ترجعوا إلى الإسلام ( و ) يخطب ( بدونه ) أي السيف ( في ) كل ( بلدة فتحت صلحا ) ومدينة الرسول فتحت بالقرآن فيخطب فيها بلا سيف ومكة فتحت بالسيف .
( و ) يسن ( استقبال القوم بوجهه ) كما استقبل الصحابة النبي A .
( و ) يسن ( بداءته بحمد الله ) بعد التعوذ في نفسه سرا ( والثناء عليه بما هو أهله ) سبحانه ( والشهادتان والصلاة على النبي A والعظة ) بالزجر عن المعاصي والتخويف والتحذير مما يوجب مقت الله تعالى وعقابه سبحانه ( والتذكير ) بما به النجاة ( وقراءة آية من القرآن ) لما روي أنه A قرأ في خطبته " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله " والأكثر على أنه يتعوذ قبلها ولا يسمي إلا أن يقرأ سورة كاملة فيسمي أيضا .
( و ) يسن ( خطبتان ) للتوارث إلى وقتنا .
( و ) يسن ( الجلوس بين الخطبتين ) جلسة خفيفة وظاهر الرواية مقدار ثلاث آيات .
( و ) يسن ( إعادة الحمد و ) إعادة ( الثناء و ) إعادة ( الصلاة على النبي A ) كائنة تلك الإعادة ( في ابتداء الخطبة الثانية ) وذكر الخلفاء الراشدين والعمين مستحسن بذلك جرى التوارث ( و ) يسن ( الدعاء فيها ) أي الخطبة الثانية ( للمؤمنين والمؤمنات ) مكان الوعظ ( بالاستغفار لهم ) الباء بمعنى مع أي يدعو لهم بإجراء النعم ودفع النقم والنصر على الأعداء والمعافاة من الأمراض والأدواء مع الاستغفار .
( و ) يسن ( أن يسمع القوم الخطبة ) ويجهر في الثانية دون الأولى وإن لم يسمع أجزأ كما في الدراية ( و ) يسن ( تخفيف الخطبتين ) قال ابن مسعود Bه طول الصلاة وقصر الخطبة من فقه الرجل ( بقدر سورة من طوال المفصل ) كذا في الدراية ولكن يراعى الحال بما هو دون ذلك فإنه إذا جاء بذكر وإن قل يكون خطبة ( ويكره التطويل ) من غير قيد بزمن في الشتاء لقصر الزمان وفي الصيف للضرر بالزحام والحر ( وترك شيء من السنن ) التي بيناها .
( ويجب ) يعني يفترض ( السعي ) أراد الذهاب ماشيا بالسكينة والوقار لا الهرولة لأنها تذهب بهاء المؤمن والمشي أفضل لمن يقدر عليه وفي العود منها وإنما ذكر بلفظ السعي لمطابقة الأمر به في الآية وإنما نهى النبي A عنه بقوله " إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وأنتم تمشون وعليكم بالسكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا " وأخرجه أحمد وقال " وما فاتكم فاقضوا " فيذهب في الساعة الأولى وهو الأفضل ثم ما يليها وهكذا ( للجمعة و ) يجب بمعنى يفترض ( ترك البيع ) وكذا ترك كل شيء يؤدي إلى الاشتغال عن السعي إليها أو يخل به كالبيع ماشيا إليها لإطلاق الأمر ( بالأذان الأول ) الواقع بعد الزوال ( في الأصح ) لحصول الإعلام به لأنه لو انتظر الأذان الثاني الذي عند المنبر تفوته السنة وربما لا يدرك الجمعة لبعد محله وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني .
( وإذا خرج ( 1 ) الإمام فلا صلاة ( 2 ) ولا كلام ) وهو قول الإمام لأنه نص النبي E وقال أبو يوسف ومحمد ولا بأس بالكلام إذا خرج قبل أن يخطب وإذا نزل قبل أن يكبر واختلفا في جلوسه إذا سكت فعند أبي يوسف يباح وعند محمد لا يباح لأن الكراهة للإخلال بفرض الاستماع ولا استماع هنا وله إطلاق الأمر وإذا أمر الخطيب بالصلاة على النبي A يصلي سرا إحرازا للفضيلتين ويحمد في نفسه إذا عطس على الصحيح وفي الينابيع يكره التسبيح وقراءة القرآن والصلاة على النبي A والكتابة إذا كان يسمع الخطبة وروي عن نصير بن يحيى إن كان بعيدا من الإمام يقرأ القرآن وروي عنه أن كان يحرك شفتيه ويقرأ القرآن فمن فعل مثله ولا يشتغل غيره بسماع تلاوته لا بأس به كالنظر في الكتاب والكتابة وفيه خلاف وروي عن أبي يوسف أن لا بأس به وقال الحسن بن زياد ما دخل العراق أحد أفقه من الحكم بن زهير وأن الحكم كان يجلس مع أبي يوسف يوم الجمعة وينظر في كتابه ويصحح بالقلم وقت الخطبة .
( ولا يرد سلاما ولا يشمت عاطسا ) لاشتغاله بسماع واجب قال في الحجة كان أبو حنيفة C يكره تشميت العاطس ورد السلام إذا خرج الإمام ( حتى يفرغ من صلاته ) لما قدمناه وليس منه الإنذار والنداء لخوف على أعمى ونحوه التردي في بئر أو خوف حية أو عقرب لأن حق الآدمي مقدم على الإنصات وحق الله والدعاء المستجاب وقت الإقامة يحصل بالقلب لا باللسان .
( وكره لحاضر الخطبة الأكل والشرب ) وقال الكمال يحرم وإن كان أمرا بمعروف أو تسبيحا والأكل والشرب والكتابة انتهى يعني إذا كان يسمع ما يجتنبه في الصلاة .
( ولا يسلم الخطيب على القوم إذا استوى على المنبر ) لأنه يلجئهم إلى ما نهوا عنه والمروي من سلامه عندنا غير مقبول .
( وكره ) لمن تجب عليه الجمعة ( الخروج من المصر ) يوم الجمعة ( بعد النداء ) أي الأذان الأول وقبل الثاني ( ما لم يصل ) الجمعة لأنه شمله الأمر بالسعي قبل تحققه بالسفر وإذا خرج قبل الزوال فلا بأس به بلا خلاف عندنا وكذا بعد الفراغ منها وإن لم يدركها .
( ومن لا جمعة عليه ) كمريض ومسافر ورقيق وامرأة وأعمى ومقعد ( إن أداها جاز عن فرض الوقت ) لأن سقوط الجمعة عنه للتخفيف عليه فإذا تحمل ما لم يكلف به وهو الجمعة جاز عن ظهره كالمسافر إذا صام وكلام الشراح يدل على أن الأفضل لهم الجمعة غير أنه يستثنى منه المرأة لمنعها عن الجماعة .
( ومن لا عذر له ) يمنعه عن حضور الجمعة ( لو صلى الظهر قبلها أي قبل صلاة الجمعة انعقد ظهره لوجود وقت الأصل في حق الكافة وهو الظهر لكنه لما أمر بالجمعة ( حرم ) عليه الظهر وكان انعقاده موقوفا ( فإن سعى ) أي مشى ( إليها ) أي إلى الجمعة ( و ) كان ( الإمام فيها ) وقت انفصاله عن داره لم يتمها أو أقيمت بعد ما سعى إليها ( بطل ظهره ) أي وصفه وصار نفلا وكذا المعذور ( وإن لم يدركها ) في الأصح وقيل إذا مشى خطوتين في البيت الواسع يبطل ولا يبطل إذا كان مقارنا للفراغ منها كما بعده أو لم تقم الجمعة أصلا وقال لا يبطل ظهره حتى يدخل مع القوم وفي رواية حتى يتمها حتى لو أفسد الجمعة قبل تمامها لا يبطل ظهره على هذه الرواية ويقتصر الفساد عليه لو كان إماما ولم يحضر الجمعة من اقتدى به في الظهر .
( وكره للمعذور ) كمريض ورقيق ومسافر ( والمسجون أداء الظهر بجماعة في المصر يومها ) أي الجمعة يروى ذلك عن علي Bه ويستحب له تأخير الظهر عن الجمعة فإنه يكره له صلاتها منفردا قبل الجمعة في الصحيح .
( ومن أدركها ) أي الجمعة ( في التشهد أو ) في ( سجود السهو ) وتشهده ( أتم جمعة ) لما رويناه وما فاتكم فاقضوا وهذا عندهما وقال محمد إن أدركه قبل رفع رأسه من ركوع الثانية أتم جمعة وإلا أتم ظهرا وفي العيد يتمه اتفاقا ويتخير في الجهر والإخفاء وقال A " لا يغتسل رجل يوم الجمعة ويتطهر ما استطاع من طهره ويدهن من دهنه ويمس من طيب بيته ثم يخرج فلا يفرق بين اثنين ثم يصلي ما كتب له ثم يسكت إذا تكلم الخطيب إلا غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى " رواه البخاري وقال A " ثلاثة يعصمهم الله من عذاب القبر المؤذن والشهيد والمتوفى ليلة الجمعة " .
_________ .
( 1 ) خرج من حجرته إن كانت وإلا فقيامه للصعود .
( 2 ) فلا صلاة . سواء كانت قضاء فائتة أو صلاة جنازة أو سجدة تلاوة أو منذورة أو نفلا إلا إذا تذكر فائتة ولو وترا وذلك لصاحب الترتيب فيصليها لضرورة صحة الجمعة ولا يكره الشروع قبل الخروج ويتم بعده دون كراهة إلا في النفل فيتم شفعا ثم يقطع إلا إن خرج بعد شروعه في الثالثة فيتم أيضا