( ويشترط لصحتها ) أي صلاة الجمعة ( ستة أشياء ) .
- 1 - الأول ( المصر أو فناؤه ) سواء مصلى العيد وغيره لأنه بمنزلة المصر في حق حوائج أهله وتصح إقامة الجمعة في مواضع كثيرة بالمصر وفنائه وهو قول أبي حنيفة ومحمد في الأصح ومن لازم جواز التعدد سقوط اعتبار السبق وعلى القول الضعيف المانع من جواز التعدد قيل بصلاة أربع بعدها بنية آخر ظهر عليه وليس الاحتياط في فعلها لأن الاحتياط هو العمل بأقوى الدليلين وأقواهما إطلاق جواز تعدد الجمعة وبفعل الأربع مفسدة اعتقاد الجهلة عدم فرض الجمعة أو تعدد المفروض في وقتها ولا يفتى بالأربع إلا للخواص ويكون فعلهم إياها في منازلهم .
- 2 - ( و ) الثاني من شروط الصحة أن يصلي بهم ( السلطان ) ( 1 ) إماما فيها ( أو نائبه ) يعني من أمره بإقامة الجمعة للتحرز عن تفويتها بقطع الأطماع في التقدم وله الاستنابة وإن لم يصرح له بها السلطان دلالة بعذر أو بغيره حضر أو غاب عنه وأما إذا سبقه حدث فإن كان بعد شروعه في الصلاة فكل من صلح إماما صح استخلافه وإذا كان قبل إحرامه للصلاة بعد الخطبة فيشترط أن يكون الخليفة قد شهد الخطبة أو بعضها أيضا .
- 3 - ( و ) الثالث ( وقت الظهر ) لقوله A " إذا مالت الشمس فصل بالناس الجمعة " ( فلا تصح ) الجمعة ( قبله وتبطل بخروجه ) لفوات الشرط .
- 4 - ( و ) الرابع ( الخطبة ) ولو بالفارسية من قادر على العربية ويشترط لصحة الخطبة فعلها ( قبلها ) كما فعله النبي A ( بقصدها ) حتى لو عطس الخطيب فحمد لعطاسه لا ينوب عن الخطبة ( في وقتها ) للمأثور ( وحضور أحد لسماعها ) ولو كان أصم أو نائما أو بعيدا ( ممن تنعقد بهم الجمعة ) فيكفي حضور عبد أو مريض أو مسفر ولو كان جنبا فإذا حضر غيره أو تطهر بعد الخطبة تصح الجمعة به لا صبي أو امرأة فقط ولا يشترط سماع جماعة فتصح الخطبة ( ولو ) كان الحاضر ( واحد ) وروي عن الإمام وصاحبيه صحتها وإن لم يحضره أحد و ( في ) الرواية الثانية عنهم يشتر حضور واحد في ( الصحيح ) ويشترط أن لا يفصل بين الخطبة والصلاة بأكل وعمل قاطع واختلف في صحتها لو ذهب لمنزلة لغسل أو وضوء فهذه خمس شروط أو ست لصحة الخطبة فلينتبه لها .
- 5 - ( و ) الخامس من شروط صحة الجمعة ( الإذن العام ) كذا في الكنز لأنها من شعائر الإسلام وخصائص الدين فلزم إقامتها على سبيل الاشتهار والعموم حتى غلق الإمام باب قصره أو المحل الذي يصلي فيه بأصحابه لم يجز وإن أذن للناس بالدخول فيه صحت ولكن لم يقض حق المسجد الجامع فيكره ولم يذكر في الهداية هذا الشرط لأنه غير مذكور في ظاهر الرواية وإنما هو رواية النوادر . قلت اطلعت على رسالة العلامة بن الشحنة وقد قال فيها بعدم صحة الجمعة في قلعة القاهرة لأنها تقفل وقت صلاة الجمعة وليست مصرا على حدتها . وأقول في المنع نظر ظاهر لأن وجه القول بعدم صحة صلاة الإمام بقفله قصره اختصاصه بها دون العامة والعلة مفقودة في هذه القضية فإن القلعة وإن قفلت لم يختص الحاكم فيها بالجمعة لأن عند باب القلعة عدة جوامع في كل منها خطبة لا يفوت من منع من دخول القلعة الجمعة بل لو بقيت القلعة مفتوحة لا يرغب في طلوعها للجمعة لوجودها فيما هو أسهل من التكلف بالصعود لها وفي كل محلة من المصر عدة من الخطب فلا وجه لمنع صحة الجمعة بالقلعة عند قفلها .
- 6 - ( و ) السادس ( الجماعة ) لأن الجمعة مشتقة منها ولأن العلماء أجمعوا على أنها لا تصح من المنفرد ( و ) واختلفوا في تقدير الجماعة فعندنا ( هم ثلاثة رجال ) وإن لم يحضروا الخطبة وقد جاءوا فإن صرف من شهدها وصلى بهم الإمام جاز من غير إعادة الخطبة في ظاهر الرواية وهم ( غير الإمام ) عند الإمام الأعظم ومحمد وقال أبو يوسف اثنان سوى الإمام لما في المثنى من معنى الاجتماع ولهما إن الجمع الصحيح إنما هو الثلاثة ( وكانوا عبيدا أو مسافرين أو مرضى ) أو مختلطين لأنهم صلحوا للإمامة فيها فأولى أن يصلحوا للاقتداء ( والشرط ) عند الإمام لانعقاد أدائها بهم ( بقاؤهم ) محرمين ( مع الإمام ) ولو كان اقتداؤهم في حال ركوعه قبل رفع رأسه ( حتى يسجد ) السجدة الأولى ( فإن نفروا ) أي أفسدوا صلاتهم ( بعد سجوده ) أي الإمام ( أتمها وحده جمعة ) باتفاق أئمتنا الثلاثة وقال زفر يشترط دوامهم كالوقت إلى تمامها ( وإن نفروا ) أو بعضهم ولم يبق إلا اثنان من الرجال إذ لا عبرة بالنساء والصبيان الباقين ( قبل سجوده ) أي الإمام ( بطلت ) عند أبي حنيفة لأنه يقول الجماعة شرط انعقاد الأداء وعندهما يتمها وحده لأن الجماعة شرط انعقاد التحريمة .
( ولا تصح ) أي لا تنعقد الجمعة ( بامرأة أو صبي مع رجلين ) لعدم صلاحية الصبي والمرأة للإمامة ( وجاز للعبد والمريض ) والمسافر ( أن يؤم فيها ) بالإذن أصالة أو نيابة صريحا أو دلالة كما تقدم لأهليتهم للإمامة وإنما سقط عنهم وجوبها تخفيفا . ولما كان حد المصر مختلفا فيه على أقوال كثيرة ذكر الأصح منها فقال ( والمصر ) عند أبي حنيفة ( كل موضع ) أي بلد ( له مفت ) يرجع إليه في الحوادث ( وأمير ) ينصف المظلوم من الظالم ( وقاض ) مقيمون بها وإنما قال ( ينفذ الأحكام ويقيم الحدود ) احترازا عن المحكم والمرأة وذكر الحدود يغني عن القصاص ( و ) الحال أنه موضع ( بلغت أبنيته ) قدر ( أبنية منى ) وهذا ( في ظاهر الرواية ) قاله قاضيخان وعليه الاعتماد .
( وإذا كان القاضي أو الأمير مفتيا أغنى عن التعداد ) لأن المدار على معرفة الأحكام لا على كثرة الأشخاص ( وجازت الجمعة بمنى في الموسم ( 2 ) للخليفة وأمير الحجاز ) لا أمير الموسم لأنه يلي أمر الحاج لا غير عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد لا تصح بها لأنها قربة وقالا تتمصر في الموسم .
_________ .
( 1 ) السلطان : من لا والي فوقه . ونائبه : الأمير أو القاضي أو الخلفاء . ولو مات وله أذن أقاموا الجمعة لأنهم على حالهم ما لم يعزلوا وأذن السلطان أو نائبه إنما هو شرط عند بناء المسجد والأذن مستصحب بعد ذلك لكل خطيب والاستخلاف جائز ولا يشترط اتحاد الخطيب والإمام . ) .
( 2 ) المراد بالموسم : أيام الحج وفيه إيذان بأنها لا تقام في غير الموسم لزوال تمصرها بزوال أيامه