( و ) صفة ( الاستنجاء ) ليس إلا قسما واحدا وهو أنه ( سنة ) مؤكدة للرجال والنساء لمواظبة النبي A ولم يكن واجبا لتركه عليه السلام له في بعض الأوقات وقال عليه السلام " من استجمر فليوتر ومن فعل هذا فقد أحسن ومن لا فلا حرج " وما ذكره بعضهم من تقسيمه إلى فرض وغيره فهو توسع وإنما قيدناه ( من نجس ) لأن الريح طاهر على الصحيح والاستنجاء منه بدعة وقولنا ( يخرج من السبيلين ) جرى على الغالب إذ لو أصاب المخرج نجاسة من غيره يظهر بالاستنجاء كالخارج ولو كان قيحا أو دما في حق العرق وجواز الصلاة معه لإجماع المتأخرين على أنه لو سال عرقه وأصاب ثوبه أكثر من درهم لا يمنع جواز الصلاة وإذا جلس في ماء قليل نجسه وقوله ( ما لم يتجاوز المخرج ) قيد لتسميته استنجاء ولكونه مسنونا .
( وإن تجاوز ) المخرج ( وكان ) المتجاوز ( قدر الدرهم ) لا يسمى استنجاء و ( وجب إزالته بالماء ) أو المائع لأنه من باب إزالة النجاسة فلا يكفي الحجر بمسحه .
( وإن زاد ) المتجاوز ( على ) قدر ( الدرهم ) المثقالي وهو عشرون قيراطا في المتجسدة أو على قدره مساحة في المائعة ( افترض غسله ) بالماء أو المائع .
( ويفترض غسل ما في المخرج عند الاغتسال من الجنابة والحيض والنفاس ) بالماء المطلق ( وإن كان ما في المخرج قليلا ) ليسقط فرضية غسله للحدث ( و ) يسن ( يستنجي بحجر منق ) بأن لا يكون خشنا كالآخر ولا أملس كالعقيق لأن الإنقاء هو المقصود ولا يكون إلا بالمنقي ( ونحوه ) من كل طاهر مزيل بلا ضرر وليس متقوما ولا محترما .
( والغسل بالماء ) المطلق ( أحب ) لحصول الطهارة المتفق عليها وإقامة السنة على الوجه الأكمل لأن الحجر مقلل والمائع غير الماء مختلف في تطهيره ( والأفضل ) في كل زمان ( الجميع بين ) استعمال ( الماء والحجر ) مرتبا ( فيسمح ) الخارج ( ثم يغسل ) المخرج لأن الله تعالى أثنى على أهل قباء بإتباعهم الأحجار الماء فكان الجميع سنة على الإطلاق في كل زمان وهو الصحيح وعليه الفتوى ( ويجوز ) أي يصح ( أن يقتصر على الماء ) فقط وهو يلي الجمع بين الماء والحجر في الفضل ( أو الحجر ) وهو دونهما في الفضل ويحصل به السنة وإن تفاوت الفضل ( والسنة إنقاء المحل ) لأنه المقصود ( والعدد في ) جعل ( الأحجار ) ثلاثة ( مندوب ) لقوله عليه السلام " من استجمر فليوتر " لأنه يحتمل الإباحة فيكون العدد مندوبا ( لا سنة مؤكدة ) لما ورد من التخيير لقوله A " من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج " فإنه محكم في التخيير ( فيستنجي ) مريد الفضل ( بثلاثة أحجار ) يعني بإكمال عددها ثلاثة ( ندبا إن حصل التنظيف ) أي الإنقاء ( بدونها ) ولما كان المقصود هو الإنقاء ذكر كيفية يحصل بها على الوجه الأكمل فقال ( وكيفية الاستنجاء ) بالأحجار ( أن يمسح بالحجر الأول ) بادئا ( من جهة المقدم ) أي القبل ( إلى خلف وبالثاني من خلف إلى قدام ) وهذا الترتيب ( إذا كانت الخصية مدلاة ) سواء كان صيفا أو شتاء خشية تلويثها ( وإن كانت غير مدلاة يبتدئ من خلف إلى قدام ) لكونه أبلغ في التنظيف ( والمرأة تبتدئ من قدام إلى خلف خشية تلويث فرجها ثم ) بعد المسح ( يغسل يده أولا ) أي ابتداء ( بالماء ) اتقاء عن تشرب جسده الماء النجس بأول الاستنجاء ( ثم يدلك المحل بالماء بباطن أصبع أو أصبعين ) في الابتداء ( أو ثلاث إن احتاج ) إليها فيه ( ويصعد الرجل أصبعه الوسطى على غيرها ) تصعيدا قليلا ( في ابتداء الاستنجاء ) لينحدر الماء النجس من غير شيوع على جسده ( ثم ) إذا غسل قليلا ( يصعد بنصره ) ثم خنصره ثم السبابة إن احتاج ليتمكن من التنظيف ( ولا يقتصر على أصبع واحدة ) لأنه يورث مرضا ولا يصل به كمال النظافة ( والمرأة تصعد بنصرها وأوسط أصابعها معا ابتداء خشية حصول اللذة ) لو ابتدأت بأصبع واحدة فربما وجب عليها الغسل ولم تشعر والعذراء لا تستنجي بأصابعها بل براحة كفها خوفا من إزالة العذرة ( ويبالغ ) المستنجي ( في التنظيف حتى يقطع الرائحة الكريهة ) ولم يقدر بعدد لأن الصحيح تفويضه إلى الرأي حتى يطمئن القلب بالطهارة بيقين أو غلبة الظن وقيل يقدر في حق الموسوس بسبع أو ثلاث وقيل في الإحليل بثلاث وفي المقعدة بخمس وقيل بتسع وقيل بعشر ( و ) يبالغ ( في إرخاء المقعدة ) فيزيل ما في الشرج بقدر الإمكان ( إن لم يكن صائما ) والصائم لا يبالغ حفظا للصوم عن الفساد ويحترز أيضا من إدخال الأصبع مبتلة لأنه يفسد الصوم ( فإذا فرغ ) من الاستنجاء بالماء ( غسل يده ثانيا ونشف مقعده قبل القيام ) لئلا تجذب المقعدة شيئا من الماء ( إذا كان صائما ) ويستحب لغير الصائم حفظا للثوب عن الماء المستعمل