من إضافة الفعل إلى فاعله والمرض حالة للبدن خارجة عن المجرى الطبيعي ( إذا تعذر ( 1 ) وهو الحقيقي ومثله الحكمي ذكره فقال ( أو تعسر ) كل القيام ( بوجود ألم شديد أو خاف ) بأن غلب على ظنه بتجربة سابقة أو إخبار طبيب مسلم حاذق أو ظهور الحال ( زيادة المرض أو ) خاف ( بطأه ) أي طول المرض ( به ) أي بالقيام ( صلى قاعدا بركوع وسجود ) لما روى عن عمران بن الحصين قال كان بي بواسير فسألت النبي A عن الصلاة فقال " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب " زاد النسائي " فإن لم تستطع فمستلقيا لا يكلف الله نفسا إلا وسعها " ( 2 ) ( ويقعد كيف شاء ) أي كيف يتيسر له بغير ضرر من تربع أو غيره ( في الأصح ) من غير كراهة كذا روي عن الإمام للعذر ( وإلا ) بأن قدر على بعض القيام ( قام بقدر ما يمكنه ) بلا زيادة مشقة ولو بالتحريمة وقراءة آية وإن حصل به ألم شديد يقعد ابتداء كما لو عجز وقعد ابتداء هو المذهب الصحيح لأن الطاعة بحسب الطاقة ( وإن تعذر الركوع والسجود ) وقدر على القعود ولو مستندا ( صلى قاعدا بالإيماء ) للركوع والسجود برأسه ولا يجزيه مضجعا ( وجعل إيماءه ) برأسه ( للسجود أخفض من إيمائه ) برأسه ( للركوع ) وكذا لو عجز عن السجود وقدر على الركوع يومئ بهما لأن النبي A عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة فأخذها فرمى بها فأخذ عودا ليصلي عليه فرمى به وقال " صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماء واجعل سجودك أخفض من ركوعك " ( فإن لم يخفضه ) أي الإيماء للسجود ( عنه ) أي عن الإيماء للركوع بأن جعلهما على حد سواء ( لا تصح ) صلاته لفقد السجود حقيقة وحكما مع القدرة .
( ولا يرفع ) بالبناء للمجهول ( لوجهه شيء ) كحجر وخشبة ( يسجد عليها ) لما قدمناه ولقوله A " من استطاع منكم أن يسجد فليسجد ومن لم يستطع فلا يرفع إلى وجهه شيئا يسجد عليه وليكن في ركوعه وسجوده يومئ برأسه " ورواه الطبراني وقال في المجتبى كانت كيفية الإيماء بالركوع والسجود مشتبهة على أنه يكفي بعض الانحناء أم أقصى ما يمكن فظفرت على الرواية فإنه ذكر شيخ الإسلام المومئ إذا خفض رأسه للركوع شيئا جاز ا ه . وفي شرح المقدسي مريض عجز عن الإيماء فحرك رأسه عن أبي حنيفة يجوز وقال ابن الفضل لا يجوز لأنه لم يوجد منه الفعل . ا ه . فحقيقة الإيماء طأطأة الرأس انتهت عبارته وقال أبو بكر إذا كان بجبهته وأنفه عذر يصلي بالإيماء ولا يلزمه تقريب الجبهة إلى الأرض بأقصى ما يمكنه وهذا نص في الباب كما في معراج الدراية ( فإن فعل ) أي وضع شيئا فسجد عليه ( وخفض رأسه ) للسجود عن إيمائه للركوع ( صح ) أي صحت صلاته لوجود الإيماء لكن مع الإساءة لما روينا . وقيل هو سجود كذا في الغابة ويفعل المريض في صلاته من القراءة والتسبيح والتشهد ما يفعله الصحيح وإن عجز عن ذلك تركه كما في التتارخانية عن التجريد ( وإلا ) أي وإن لم يخفض رأسه للسجود أنزل عن الركوع بأن جعلها سواء ( لا ) تصح صلاته لترك فرض الإيماء للسجود كما لو فعل ذلك من غير رفع شيء كما تقدم بيانه ( وإن تعسر القعود ) فلم يقدر عليه متكئا ولا مستندا إلى حائط أو غيره بلا ضرر ( أومأ مستلقيا ) على قفاه ( أو على جنبه ) والأيمن أفضل من الأيسر ورد به الأثر ( والأول ) وهو الاستلقاء على قفاه ( أولى ) من الجنب الأيمن إن تيسر بلا مشقة لحديث " فإن لم يستطع فعلى قفاه " ولأن التوجه للقبلة فيه أكثر ولو قدر على القعود مستندا فتركه لم تجز على المختار وقدمنا جواز التوجه لما قدر عليه بلا عسر وسقوط التوجه إلى القبلة بعذر المرض ونحوه ( و ) المستلقي ( يجعل تحت رأسه وسادة ) أو نحوها ( ليصير وجهه إلى القبلة لا ) إلى ( السماء ) وليتمكن من الإيماء إذ حقيقة الاستلقاء تمنع الأصحاء عن الإيماء بهما فكيف بالمرضى ( وينبغي ) للمريض ( نصب ركبتيه إن حتى لا يمدهما ) فيمتد برجليه ( إلى القبلة ) وهو مكروه للقادر على من الامتناع منه .
( وإن تعذر الإيماء ) برأسه ( أخرت عنه ) الصلاة القليلة وهي صلاة يوم وليلة فما دونها اتفاقا وأما إن زادت على يوم وليلة ( مادام يفهم ) مضمون ( الخطاب ) فإنه يقضيها في رواية ( قال في الهداية ) والمستصفى ( هو الصحيح و ) قد ( جزم صاحب الهداية ) مخالفة لها ( في ) كتابه ( التجنيس والمزيد بسقوط القضاء إذا دام عجزه عن الإيماء ) برأسه ( أكثر من خمس صلوات وإن كان يفهم ) مضمون ( الخطاب ) كالمغمى عليه اه وصححه قاضي غنى و ( قاضيخان ) قال هو الأصح لأن مجرد العقل لا يكفي لتوجه الخطاب . أهو قال الكمال ( ومثله ) أي مثل تصحيح قاضيخان ( في المحيط واختاره شيخ الإسلام ) خواهر ؟ ؟ زاده ( وفخر الإسلام ) السرخي [ السرخسي ؟ ؟ ] ا ه ( وقال في الظهيرية هو ظاهر الراوية وعليه الفتوى ) كذا في معراج الدراية ) ( وفي الخلاصة هو المختار وصححه في الينابيع ) قال هو الصحيح كما في التتارخانية ( والبدائع وجزم به الولوالجي ) والفتاوى الصغرى وفي شرح الطحاوي لو عجز عن الإيماء وتحريك الرأس سقطت عنه الصلاة والعبرة في اختلاف الترجيح بما عليه الأكثر وهم القائلون بالسقوط هنا ( رحمهم الله ) أجمعين وأعاد علينا من بركاتهم ومددهم ( و ) من عجز عن الإيماء برأسه ( لم يوم ) أي لم يصح إيماؤه ( بعينه و ) لا ( بقلبه و ) لا ( حاجبه ) لأن السجود لأن السجود تعلق بالرأس دون العين والحجب والقلب فلا ينتقل إليها خلفه كاليد لقوله A " يصلي المريض قائما فإن لم يستطع فقاعدا فإن لم يستطع فعلى قفاه يومئ إيماء فإن لم يستطع فالله أحق بقبول العذر منه " وقد اختلفوا في معنى قوله عليه الصلاة فالله أحق بقبول العذر منه فمنهم من فسره بقبول عذر التأخير فقال بلزوم القضاء ومنهم من فسره بقبول عذر الإسقاط فقال بعدم القضاء وهم الأكثرون وقد علمتهم ( وإن قدر على القيام وعجز عن الركوع والسجود صلى قاعدا بالإيماء ) وهو أفضل من إيمائه قائما ويسقط الركوع عمن عجز عن السجود وإن قدر على الركوع لأن القيام وسيلة إلى السجود فإذا فات المقصود بالذات لا يجب ما دونه وإذا استمسك عذره بالقعود ويسيل بالقيام أو يستمسك بالإماء ويسيل بالسجود ترك القيام والسجود وصلى قاعدا وموميا ولو عجز عن القيام بخروجه للجماعة وقدر عليه في بيته اختلف الترجيح ( وإن ) افتتح صلاته صحيحا و ( عرض له مرض ) فيها ( يتمها بما قدر ولو ) أتمها ( بالإيماء في المشهور ) وهو الصحيح لأن أداء بعضها بالركوع والسجود أولى من الإبطال وأدائها كلها بعده بالإيماء .
( ولو صلى ) المريض ( قاعدا يركع ويسجد فصح بنى ) لأن البناء كالاقتداء فيصح عندهما خلافا لمحمد وفي قوله صلى إشارة إلى أنه لو قدر قبل الركوع والسجود بنى اتفاقا لعدم بناء قوي على ضعيف ( ولو كان ) قد أدى بعضها ( موميا ) فقدر على الركوع والسجود ولو قاعدا ( لا ) يبنى لما فيه من بناء القوي على الضعيف وكذا يستأنف من قدر على القعود للإيماء وكان يومئ مضطجعا على المختار ( ومن جن ) بعارض سماوي ( أو أغمي عليه ) ولو بفزع من سبع أو آدمي واستمر به ( خمس صلوات قضى ) تلك الصلوات ( ولو ) كانت ( أكثر ) بأن خرج وقت السادسة ( لا ) يقضي ما فاته كذا عن ابن عمر في الإغماء والجنون مثله هو الصحيح .
_________ .
( 1 ) الفرق بين التعذر والتعسر أن الأول ما لا يمكنه الإتيان به أصلا والثاني ما يمكنه بمشقة زائدة ) على المريض كل القيام .
( 2 ) فيه دليل على يسر الشريعة وتمشيها مع ظروف الإنسان كما فيه دليل على عظم منزلة الصلاة حيث لم تسقط لعذر المرض ولم تؤخر إلى حين البرء