وحكمها أن ( تنزح البئر ) أي ماؤها لأنه من إسناد الفعل إلى البئر وإرادة الماء الحال بالبئر ( الصغيرة ) وهي : ما دون عشر في عشر ( بوقوع نجاسة ) فيها ( وإن قلت ) النجاسة التي ( من غير الأرواث ) وقدر القليل : ( كقطرة دم أو ) قطرة ( خمر ) لأن قليل النجاسة ينجس قليل الماء وإن لم يظهر أثره فيه ( و ) تنزح ( بوقوع خنزير ولو خرج حيا و ) الحال أنه ( لم يصب فمه الماء ) لنجاسة عينه ( و ) تنزح ( بموت كلب ) قيد بموته فيها لأنه غير نجس العين على الصحيح فإذا لم يمت وخرج حيا ولم يصل فمه الماء لا ينجس ( أو ) موت ( شاة أو ) موت ( آدمي فيها ) لنزح ماء زمزم بموت زنجي وأمر ابن عباس وابن الزبير Bهم به بمحضر من الصحابة من غير نكير ( و ) تنزح ( بانتفاخ حيوان ولو ) كان ( صغيرا ) لانتشار النجاسة ( و ) تنزح وجوبا ( ملئتا دلو ) وسط وهو المستعمل كثيرا في تلك البئر ويستحب زيادة مائة ولو نزح الواجب في أيام أو غسل الثوب النجس في أيام طهر وتطهير البئر بانفصال الدلو الأخير عن فمها عندهما وعند محمد بانفصاله عن الماء ولو قطر في البئر للضرورة وقال يشترط الانفصال لبقاء الاتصال بالقاطر بها وقدر محمد C تعالى الواجب بمائتي دلو ( لو لم يمكن نزحها ) وأفتى به لما شاهد آبار بغداد كثيرة المياه لمجاورة دجلة والأشبه أن يقدر ما فيها بشهادة رجلين لهما خبرة بأمر الماء وهو الأصح ( وإن مات فيها ) أي البئر ( دجاجة أو هرة أو نحوهما ) في الجثة ولم تنتفخ ( لزم نزح أربعين دلوا ) بعد إخراج الواقع منها روي التقدير بالأربعين عن أبي سعيد الخدري في الدجاجة وما قاربها يعطى حكمها وتستحب الزيادة إلى خمسين أو ستين لما روي عن عطاء والشعبي ( وإن مات فيها فأرة ) بالهمز ( أو نحوها ) كعصفور ولم ينتفخ ( لزم نزح عشرين دلوا ) بعد إخراجه لقول أنس Bه في فأرة ماتت في البئر وأخرجت من ساعتها : ينزح عشرون دلوا وتستحب الزيادة إلى ثلاثين لاحتمال زيادة الدلو المذكور في الأثر على ما قدر به من الوسط ( وكان ذلك ) المنزوح ( طهارة للبئر والدلو والرشاء ) والبكرة ( ويد المستقى ) روي ذلك عن أبي يوسف والحسن لأن نجاسة هذه الأشياء كانت بنجاسة الماء فتكون طهارتها بطهارته نفيا للحرج كطهارة دن الخمر بتخللها وطهارة عروة الإبريق بطهارة اليد إذا أخذها كلما غسل يده وروي عن أبي يوسف أن الأربع من الفئران كفأرة واحدة والخمس كالدجاجة إلى التسع والعشر كالشاة وقال محمد الثلاث إلى الخمس كالهرة والست كالكلب وهو ظاهر الرواية وما كان بين الفأرة والهرة فحكمه حكم الفأرة وما كان بين الهرة والكلب فحكمه حكم الهرة وإن وقع فأرة وهرة فهما كهرة ويدخل الأقل في الأكثر ( ولا تنجس البئر بالبعر ) وهو للإبل والغنم وبعر يبعر من حد منع ( والروث ) للفرس والبغل والحمار من حد نصر ( والخثي [ 1 ] ) بكسر الخاء - واحد الأخثاء للبقر من باب ضرب ؟ ؟ - ولا فرق بين آبار الأمصار والفلوات في الصحيح ولا فرق بين الرطب واليابس والصحيح والمنكسر في ظاهر الرواية لشمول الضرورة فلا تنجس ( إلا أن ) يكون كثيرا وهو ما ( يستكثره الناظر ) والقليل ما يستقله وعليه الاعتماد ( أو أن لا يخلو دلو عن بعرة ) ونحوها كما صححه في المبسوط .
( ولا يفسد ) أي لا ينجس ( الماء بخرء حمام ) الخرء بالفتح واحد الخرء بالضم مثل قرء وقرء وعن الجوهري بالضم كجند وجنود والواو بعد الراء غلط ( و ) لا ينجس بخرء ( عصفور ) ونحوها مما يؤكل من الطيور غير الدجاج والإوز [ 2 ] والحكم بطهارته استحسان لأن النبي A شكر الحمامة وقال إنها أوكرت على باب الغار حتى سلمت فجازاها الله تعالى المسجد مأواها فهو دليل على طهارة ما يكون منها ومسح ابن مسعود Bه خرء الحمامة بأصبعه والاختيار في كثير من كتب المذهب طهارته عندنا واختلف التصحيح في طهارة خرء ما لا يؤكل من الطيور ونجاسته مخففة ( ولا ) ينجس الماء ولا المائعات على الأصح ( بموت ما ) بمعنى حيوان ( لا دم له ) سواء البري والبحري ( فيه ) أي الماء أو المائع وهو ( كسمك وضفدع ) بكسر الدال أفصح والفتح لغة ضعيفة والأنثى ضفدعة والبري يفسده إن كان له دم سائل ( وحيوان الماء ) كالسرطان وكلب الماء وخنزيره لا يفسده ( وبق ) هو كبار البعوض واحده بقة وقد يسمى به الفسفس في بعض الجهات وهو حيوان كالقراد شديد النتن ( وذباب ) سمي به لأنه كلما ذب آب أي كلما طرد رجع ( وزنبور ) بالضم ( وعقرب ) وخنفس وجراد وبرغوث وقمل لقوله A " إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينزعه فإن في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء " رواه البخاري زاد أبو داود " وأنه يتقى بجناحيه الذي فيه الداء " وقوله A " يا سلمان كل طعام وشراب وقعت فيه دابة ليس لها دم فماتت فيه فهو حلال أكله وشربه ووضوءه " ( ولا ) ينجس الماء ( بوقوع آدمي و ) لا بوقوع ( ما يؤكل لحمه ) كالإبل والبقر والغنم ( إذا خرج حيا ولم يكن على بدنه نجاسة ) متيقنة ولا ينظر إلى ظاهر اشتمال أبوالها على أفخاذها ( ولا ) الماء ( بوقوع بغل وحمار وسباع طير ) كصقر وشاهين وحدأة ( و ) لا يفسد بوقوع ( وحش ) كسبع وقرد ( في الصحيح ) لطهارة بدنها وقيل يجب نزح كل الماء إلحاقا لرطوبتها بلعابها ( وإن وصل لعاب الواقع إلى الماء أخذ ) الماء ( حكمه ) طهرة ونجاسة وكراهة وقد علمته في الأسآر فينزح بالنجس والمشكوك وجوبا ويستحب في المكروه عدد من الدلاء لو طاهرا وقيل عشرين ( ووجود حيوان ميت فيها ) أي البئر ( ينجسها من يوم وليلة ) عند الإمام احتياطا ( ومنتفخ ) ينجسها ( من ثلاثة أيام ولياليها إن لم يعلم وقت وقوعه ) لأن الانتفاخ دليل تقادم العهد فيلزم إعادة صلوات تلك المدة إذا توضئوا منها وهم محدثون أو اغتسلوا من جنابة وإن كانوا متوضئين أو غسلوا الثياب لا عن نجاسة فلا إعادة إجماعا وإن غسلوا الثياب من نجاسة ولم يتوضئوا منها فلا يلزمهم إلا غسلها في الصحيح لأنه من قبيل وجود النجاسة في الثوب ولم يدر وقت إصابتها ولا يعيد صلاته اتفاقا هو الصحيح وقال أبو يوسف ومحمد يحكم بنجاستها من وقت العلم بها ولا يلزمهم إعادة شي من الصلوات ولا غسل ما أصابه ماؤها في الزمن الماضي حتى يتحققوا متى وقعت فإن عجن الآن بمائها قيل يلقى للكلاب أو يعلف به المواشي وقال بعضهم يباع لشافعي وإن وجد بثوبه منيا أعاد من آخر نومة وفي الدم لا يعد شيئا لأنه يصيبه من الخارج .
_________ .
[ ( 1 ) القاموس : خثى البقر أو الفيل يخثي خثيا : رمى بذي بطنه والاسم : الخثي بالكسر ] .
[ ( 2 ) الإوز : هكذا في القاموس والنهاية ]