( القيام إلى ) أداء ( السنة ) التي تلي الفرض متصلا بالفرض مسنون ) أي أنه يستحب الفصل بينهما كما كان عليه السلام إذا سلم يمكث قدر ما يقول : اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك يعود السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ثم يقوم إلى السنة قال الكمال وهذا هو الذي ثبت عنه A من الأذكار التي تؤخر عنه السنة ويفصل بينها وبين الفرض انتهى . قلت : ولعل المراد غير ما ثبت أيضا بعد المغرب وهو ثان رجله لا إله إلا الله إلى آخره عشرا وبعد الجمعة من قراءة الفاتحة والمعوذات سبعا سبعا اه ( و ) قال الكمال ( عن شمس الأئمة الحلواني أنه قال لا بأس بقراءة الأوراد بين الفريضة والسنة ) فالأولى تأخير الأوراد عن السنة فهذا ينفي الكراهة ويخالفه ما قاله في الاختيار كل صلاة بعدها سنة يكره القعود بعدها والدعاء بل يشتغل بالسنة كيلا يفصل بين السنة والمكتوبة وعن عائشة أن النبي A كان يقعد مقدار ما يقول اللهم أنت السلام الخ كما تقدم فلا يزيد عليه أو على قدره ثم قال الكمال ولم يثبت عنه A الفصل بالأذكار التي يواظب عليها في المساجد في عصرنا من قراءة آية الكرسي والتسبيحات وأخواتها ثلاثا وثلاثين وقوله A لفقراء المهاجرين : " تسبحون وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة " الخ لا يقتضي وصلها بالفرض بل كونها عقب السنة من غير اشتغال بما ليس من توابع الصلاة فصح كونها دبرها وقد أشرنا إلى أنه إذا تكلم بكلام كثير أو أكل أو شرب بين الفرض والسنة لا تبطل وهو الأصح بل نقص ثوابها والأفضل في السنن أداؤها فيما هو أبعد من الرياء وأجمع للخلوص سواء البيت أو غيره .
( ويستحب للإمام بعد سلامه أن يتحول ) إلى يمين القبلة وهو الجانب المقابل ( إلى ) جهة ( يساره ) أي يسار المستقبل لأن يمين المقابل جهة يسار المستقبل فيتحول إليه ( لتطوع بعد الفرض ) لأن لليمين فضلا ولدفع الاشتباه بظنه في الفرض فيقتدي به ( وكذلك للقوم ولتكثير شهوده لما روي أن مكان المصلي يشهد له يوم القيامة ( و ) يستحب ( أن يستقبل بعده ) أي بعد التطوع وعقب الفرض إن لم يكن بعده نافلة يستقبل ( الناس ) إن شاء أن لم يكن في مقابلة مصل لما في الصحيحين " كان النبي A إذا صلى أقبل علينا بوجهه " وإن شاء الإمام انحرف عن يساره وجعل القبلة عن يمينه وإن شاء انحرف عن يمينه وجعل القبلة عن يساره وهذا أولى لما في مسلم " كنا إذا صلينا خلف رسول الله أحببنا أن نكون عن يمينه حتى يقبل علينا بوجهه " وإن شاء ذهب لحوائجه قال تعالى فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله " والأمر للإباحة وفي مجمع الروايات : إذا فرغ من صلاته إن شاء قرأ ورده جالسا وإن شاء قرأه قائما ( ويستغفرون الله ) العظيم ( ثلاثا ) لقول ثوبان " كان رسول الله A إذا انصرف من صلاته استغفر الله تعالى ثلاثا وقال اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام " رواه مسلم وقال A " من استغفر الله تعالى في دبر كل صلاة ثلاث مرات فقال أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه غفرت ذنوبه وإن كان فر من الزحف " ( ويقرؤون آية الكرسي ) من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت ومن قرأها حين يأخذ مضجعه آمنه الله على داره ودار جاره وأهل دويرات حوله ( و ) يقرؤون ( المعوذات ) لقول عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه " أمرني رسول الله A أن أقرأ المعوذات في دبر كل صلاة " ( ويسبحون الله ثلاثا وثلاثين ويحمدونه كذلك ) ثلاثا وثلاثين ( ويكبرونه كذلك ) ثلاثا وثلاثين ( ثم يقولون ) تمام المائة ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ) لقوله A : " من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين فتلك تسعة وتسعون وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر " رواه مسلم وفيما قدمناه إشارة إلى مثله وهو حديث المهاجرين .
( ثم يدعون لأنفسهم وللمسلمين ) بالأدعية المأثورة الجامعة لقول أبي أمامة قيل يا رسول الله أي الدعاء أسمع قال " جوف الليل الأخير ودبر الصلوات المكتوبات ولقوله A " والله إني لأحبك أوصيك يا معاذ لا تدعن دبر كل صلاة أن تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك " ( رافعي أيديهم ) حذاء الصدر وبطونها مما يلي الوجه بخشوع وسكون ثم يختمون بقوله تعالى سبحان ربك رب العزة عما يصفون الآية لقول علي Bه من أحب أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه سبحان ربك الآية وقال رسول الله A " من قال دبر كل صلاة سبحان ربك الآية فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر " ( ثم يمسحون بها أي بأيديهم ( وجوههم في آخره ) لقوله A " إذا دعوت الله فادع بباطن كفيك ولا تدع بظهورهما فإذا فرغت فامسح بهما وجهك " وكان A إذا رفع يديه في الدعاء لم يحيطهما وفي رواية لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه والله تعالى الموفق