( إذا ) اجتمع قوم و ( لم يكن بين الحاضرين صاحب منزل ) اجتمعوا فيه ولا فيهم ذو وظيفة وهو إمام المحل ( ولا ذو سلطان ) كأمير ووال وقاض ( فالأعلم ) بأحكام الصلاة الحافظ ما به سنة القراءة ويجتنب الفواحش الظاهرة وإن كان غير متبحر في بقية العلوم ( أحق بالإمامة ) وإذا اجتمعوا يقدم السلطان فالأمير فالقاضي فصاحب المنزل ولو مستأجرا يقدم على المالك ويقدم القاضي على إمام المسجد لما ورد في الحديث " ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه " ( ثم الأقرأ ) أي الأعلم بأحكام القراءة لا مجرد كثرة حفظ دونه ( ثم الأورع ) الورع اجتناب الشبهات أرقى من التقوى لأنها اجتناب المحرمات ( ثم الأسن ) لقوله A وليؤمكما أكبركما ( ثم الأحسن خلقا ) بضم الخاء واللام أي ألفة بين الناس ( ثم الأحسن وجها ) أي أصبحهم لأن حسن الصورة يدل على حسن السيرة لأنه مما يزيد الناس رغبة في الجماعة ( ثم الأشرف نسبا ) لاحترامه وتعظيمه ( ثم الأحسن صوتا ) للرغبة في سماعه للخضوع ( ثم الأنظف ثوبا ) لبعده عن الدنس ترغيبا فيه فالأحسن زوجة لشدة عفته فأكبرهم رأسا وأصغرهم عضوا فأكثرهم مالا فأكبرهم مالا فأكبرهم جاها واختلف في المسافر مع المقيم قيل هما سواء وقيل المقيم أولى ( فإن استووا يقرع ) بينهم فمن خرجت قرعته قدم ( أو الخيار إلى القوم فإن اختلفوا فالعبرة بما اختاره الأكثر وإن قدموا غير الأولى فقد أساؤوا ) ولكن لا يأثمون كذا في التجنيس وفيه لو أم قوما وهم له كارهون فهو من ثلاثة أوجه إن كانت الكراهة لفساد فيه أو كانوا أحق بالإمامة منه يكره وإن كان هو أحق بها منهم ولا فساد فيه ومع هذا يكرهونه لا يكره له التقدم لأن الجاهل والفاسق يكره العالم والصالح قال A " إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكم علماؤكم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم وفي رواية فليؤمكم خياركم .
( وكره إمامة العبد ) إن لم يكن عالما تقيا ( والأعمى ) لعدم اهتدائه إلى القبلة وصون ثيابه عن الدنس وإن لم يوجد أفضل منه فلا كراهة ( والأعرابي ) الجاهل أو الحضري لجاهل ( وولد الزنا ) الذي لا علم عنده ولا تقوى فلذا قيده مع ما قبله بقوله ( الجاهل ) إذ لو كان عالما تقيا لا تكره إمامته لأن الكراهة للنقائض حتى إذا كان الأعرابي أفضل من الحضري والعبد من الحر وولد الزنا من ولد الرشد والأعمى من البصير فالحكم بالضد كذا في الاختيار ( و ) لذا كره إمامة ( الفاسق ) العالم لعدم اهتمامه بالدين فتجب إهانته شرعا فلا يعظم بتقديمه للإمامة وإذا تعذر منعه ينتقل عنه إلى غير مسجده للجمعة وغيرها وإن لم يقم الجمعة إلا هو تصلى معه ( والمبتدع ) بارتكابه ما أحدث على خلاف الحق المتلقى عن رسول الله A من علم أو عمل أو حال بنوع شبهة أو استحسان وروى محمد عن أبي حنيفة C تعالى وأبي يوسف أن الصلاة خلف أهل الأهواء لا تجوز والصحيح أنها تصح مع الكراهة خلف من لا تكفره بدعته لقوله A : " صلوا خلف كل بر وفاجر وصلوا على كل بر وفاجر وجاهدوا مع كل بر وفاجر " رواه الدار قطني كما في البرهان وقال في مجمع الروايات وإذا صلى خلف فاسق أو مبتدع يكون محرزا ثواب الجماعة لكن لا ينال ثواب من يصلي خلف إمام تقي .
( و ) كره للإمام ( تطويل الصلاة ) لما فيه من تنفير الجماعة لقوله عليه السلام " من أم فليخفف " ( وجماعة المرأة ) لما فيها من الإطلاع على عورات بعضهم ( و ) كره جماعة ( النساء ) بواحدة منهن ولا يحضرن الجماعات لما فيه من الفتنة والمخالفة ( فإن فعلن ) يجب أن ( يقف الإمام وسطهن ) مع تقدم عقبها فلو تقدمت كالرجال أثمت وصحت الصلاة والإمام من يؤتم به ذكرا كان أو أنثى والوسط بالتحريك ما بين طرفي الشيء كما هنا وبالسكون [ الوسط ] لما يبين بعضه عن بعض كجلست وسط الدار بالسكون ( ك ) الإمام العاري ( العراة ) يكون وسطهم لكن جالسا ويمد كل منهم رجليه ليستتر مهما أمكن ويصلون بإيماء وهو الأفضل .
( ويقف الواحد ) رجلا أو صبيا مميزا ( عن يمين الإمام ) مساويا له متأخرا بعقبه ويكره أن يقف عن يساره وكذا خلفه في الصحيح لحديث ابن عباس أنه قام عن يسار النبي A فأقامه عن يمينه .
( و ) يقف ( الأكثر ) من واحد ( خلفه ) لأنه E تقدم عن أنس واليتيم حين صلى بهما وهو دليل الأفضلية وما ورد من القيام بينهما فهو دليل الإباحة .
( ويصف الرجال ) لقوله A " ليلني منكم أولو الأحلام والنهى " فيأمرهم الإمام بذلك وقال A : " استووا تستوي قلوبكم وتماسوا تراحموا " وقال A " أقيموا الصفوف وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا بأيدي إخوانكم لا تذروا فرجات للشيطان من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله " وبهذا يعلم جهل من يستمسك عند دخول أحد بجنبه في الصف يظن أنه رياء بل هو إعانة على ما أمر به النبي A وإذا وجد فرجة في الصف الأول دون الثاني فله خرقه لتركهم سد الأول ولو كان الصف منتظما ينتظر مجيء آخر فإن خاف فوت الركعة جذب عالما بالحكم لا يتأذى به وإلا قام وحده وهذه ترد القول بفساد من فسح لامرئ داخل بجنبه وأفضل الصفوف أولها ثم الأقرب فالأقرب لما روى أن الله تعالى ينزل الرحمة أولا على الإمام ثم تتجاوز عنه إلى من يحاذيه في الصف الأول ثم إلى الميامن ثم إلى المياسر ثم إلى الصف الثاني وروى عنه A أنه قال " تكتب للذي خلف الإمام بحذائه مائة صلاة وللذي في الجانب الأيمن خمسة وسبعون صلاة وللذي في الأيسر خمسون صلاة وللذي في سائر الصفوف خمسة وعشرون صلاة " .
( ثم ) يصف ( الصبيان ) لقول أبي مالك الأشعري أن النبي A صلى وأقام الرجال يلونه وأقام الصبيان خلف ذلك وأقام النساء خلف ذلك وإن لم يكن جمع من الصبيان يقوم الصبي بين الرجال ( ثم الخناثى ) جمع خنثى والمراد به المشكل احتياطا لأنه إن كان رجلا فقيامه خلف الصبيان لا يضره وإن كان امرأة فهو متأخر ويلزم جعل الخناثى صفا واحدا متفرقا اتقاء عن القيام خلف مثله وعن المحاذاة لاحتمال الذكورة والأنوثة وهو معامل بالأضر في أحواله ( ثم ) يصف ( النساء ) إن حضرن وإلا فهن ممنوعات عن حضور الجماعات كما تقدم