قدمنا شيئا يدل على فضل الأذان وعندنا ( هي ) أي الإمامة ( أفضل من الأذان ) لمواظبته A والخلفاء الراشدين عليها والأفضل كون الإمام هو المؤذن وهذا مذهبنا وكان عليه أبو حنيفة C ( والصلاة بالجماعة سنة ) في الأصح مؤكدة شبيهة بالواجب في القوة ( للرجال ) للمواظبة ولقوله A " صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا وفي رواية درجة فلا يسع تركها إلا بعذر ولو تركها أهل مصر بلا عذر يؤمرون بها فإن قبلوا وإلا قوتلوا عليها لأنها من شعائر الإسلام ومن خصائص هذا الدين . ويحصل فضل الجماعة بواحد ولو صبيا يعقل أو امرأة ولو في البيت مع الإمام وأما الجمعة فيشترط ثلاثة أو اثنان كما سنذكره ( الأحرار ) لأن العبد مشغول بخدمة المولى ( بلا عذر ) لأنها تسقط به ( وشروط صحة الإمامة للرجال الأصحاء ستة أشياء الإسلام ) وهو شرط عام فلا تصح إمامة منكر البعث أو خلافة الصديق أو صحبته أو يسب الشيخين أو ينكر الشفاعة أو نحو ذلك ممن يظهر الإسلام مع ظهور صفته المكفرة له ( والبلوغ ) لأن صلاة الصبي نفل ونفله لا يلزمه ( والعقل ) لعدم صحة صلاته بعدمه كالسكران ( والذكورة ) خرج به المرأة للأمر بتأخيرهن والخنثى امرأة فلا يقتدي به غيرها ( والقراءة ) بحفظ آية تصح بها الصلاة على الخلاف ( و ) السادس ( السلامة من الأعذار ) فإن المعذور صلاته ضرورية فلا يصح اقتداء غيره به ( كالرعاف ) الدائم وانفلات الريح ولا يصح اقتداء من به انفلات ريح ممن به سلس بول لأنه ذو عذرين ( والفأفأة ) بتكرار الفاء ( والتمتمة ) بتكرار التاء فلا يتكلم إلا به ( واللثغ ) بالثاء المثلثة والتحريك وهو واللثغة بضم اللام وسكون الثاء تحرك اللسان من السين إلى الثاء ومن الراء إلى الغين ونحوه لا يكون إماما . وإذا لم يجد في القرآن شيئا خاليا عن لثغة وعجز عن إصلاح لسانه آناء الليل وأطراف النهار فصلاته جائزة لنفسه وإن ترك التصحيح والجهد فصلاته فاسدة ( و ) السلامة من ( فقد شرط كطهارة ) فإن عدمها بحمل خبث لا يعفى لا تصح إمامته لطاهر ( و ) كذا حكم ( ستر عورة ) لأن العاري لا يكون إماما لمستور .
( وشروط صحة الاقتداء أربعة عشر شيئا ) تقريبا ( نية المقتدي المتابعة مقارنة لتحريمته ) إما مقارنة حقيقية أو حكمية كما تقدم فينوي الصلاة والمتابعة أيضا ( ونية الرجل الإمامة شرط لصحة اقتداء النساء به ) لما يلزم من الفساد بالمحاذاة ومسألتها مشهورة ولو في الجمعة والعيدين على ما قاله الأكثر ( وتقدم الأمام بعقبه عن ) عقب ( المأموم ) حتى لو تقدم أصابعه لطول قدمه لا يضر ( وأن لا يكون ) الإمام ( أدنى حالا من المأموم ) كأن يكون متنفلا والمقتدي مفترضا أو معذورا والمقتدي خاليا عنه ( و ) يشترط ( أن لا يكون الإمام مصليا فرضا غير فرضه ) أي فرض المأموم كظهر وعصر وظهرين من يومين للمشاركة ولا بد فيها من الاتحاد فلا يصح اقتداء ناذر بناذر لم ينذر عين نذر الإمام لعدم ولايته على غيره فيما التزمه ولا الناذر بالحالف لأن المنذورة أقوى ( وأن لا يكون ) الإمام ( مقيما لمسافر بعد الوقت في رباعية ) لما قدمناه فيكون اقتداء مفترض بمتنفل في حق القعدة أو القراءة ( ولا مسبوقا ) لشبهة افتدائه ( وأن يفصل بين الإمام والمأموم صف من النساء ) لقول النبي A : " من كان بينه وبين الإمام نهر أو طريق أو صف من النساء فلا صلاة له فإن كان ثلاثا فسدت صلاة ثلاثة خلفهن من كل صف إلى آخر الصفوف وعليه الفتوى وجاز اقتداء الباقي " وقيل الثلاث صف مانع من صحة الاقتداء لمن خلفه صفهن جميعا وإن كانتا اثنتين فسدت صلاة اثنين خلفهما فقط وإن كانت واحدة في الصف محاذية فسدت صلاة من حاذته عن يمينها ويسارها وآخر خلفها ( وأن لا يفصل ) بين الإمام والمأموم ( نهر يمر فيه الزورق ) في الصحيح والزورق نوع من السفن الصغار ( ولا طريق تمر فيه العجلة ) وليس فيه صفوف متصلة والمانع في الصلاة فاصل يسع فيه صفين على المفتى به ( و ) يشترط أن ( لا ) يفصل بينهما ( حائط ) كبير ( يشتبه معه العلم بانتقالات الإمام فإن لم يشتبه ) العلم بانتقالات الإمام ( لسماع أو رؤية ) ولم يكن الوصول إليه ( صح الاقتداء ) به ( في الصحيح ) وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني لما روى أن النبي A كان يصلي في حجرة عائشة Bها والناس في المسجد يصلون بصلاته وعلى هذا الافتداء في الأماكن المتصلة بالمسجد الحرام وأبوابها من خارجه صحيح إذا لم يشتبه حال الإمام عليهم بسماع أو رؤية ولم يتخلل إلا الجدار كما ذكره شمس الأئمة فيمن صلى على سطح بيته المتصل بالمسجد أو في منزله بجنب المسجد وبينه وبين المسجد حائط مقتديا بإمام في المسجد وهو يسمع التكبير من الإمام أو من المكبر تجوز صلاته كذا في الجنيس والمزيد ويصح اقتداء الواقف على السطح بمن هو في البيت ولا يخفى عليه حاله ( و ) يشترط ( أن لا يكون الإمام راكبا والمقتدي راجلا ) أو بالقلب ( أو راكبا ) دابة ( غير دابة إمامه ) لاختلاف المكان وإذا كان على دابة إمامه صح الاقتداء لاتحاد المكان ( و ) يشترط ( أن لا يكون ) المقتدي ( في سفينة والإمام في ) سفينة ( أخرى غير مقترنة بها ) لأنهما كالدابتين وإذا اقترنتا صح للاتحاد الحكمي .
( و ) الرابع عشر من شروط صحة الاقتداء ( أن لا يعلم المقتدي من حال إمامه ) المخالف لمذهبه ( مفسدا في زعم المأموم ) يعني في مذهب المأموم ( كخروج دم ) سائل ( أو قيء ) يملأ الفم وتيقن أنه ( لم يعد بعده وضوءه ) حتى لو غاب بعدما شاهد منه ذلك بقدر ما يعيد الوضوء ولم بعلم حاله فالصحيح جواز الاقتداء مع الكراهة كما لو جهل حاله بالمرة وأما إذا علم منه أنه لا يحتاط في مواضع الخلاف يصح الاقتداء به سواء علم حاله في خصوص ما يقتدى به فيه أو لا وإن علم أنه يحتاط في مواضع الخلاف يصح الاقتداء به على الأصح ويكره كما في المجتبى وقال الديري في شرحه لا يكره إذا علم الاحتياط في مذهب الحنفي وأما إذا علم المقتدي على الإمام ما يفسد الصلاة على زعم الإمام كمس المرأة أو الذكر أو حمل نجاسة قدر الدرهم والإمام لا يدري بذلك فإنه يجوز اقتداؤه به على قول الأكثر وقال بعضهم لا يجوز منهم الهندواني لأن الإمام يرى بطلان هذه الصلاة فتبطل صلاة المقتدي تبعا له وجه الأول وهو الأصح أن المقتدي يرى جواز صلاة إمامه والمعتبر في حقه رأي نفسه فوجب القول بجوازها كما في التبيين وفتح القدير وإنما قيد بقوله والإمام لا يدري بذلك ليكون جازما بالنية وأمكن حمل صحة صلاته على معتقد إمامه وأما إذا علم به وهو على اعتقاد مذهبه صار كالمتلاعب ولا نية له فلا وجه لحمل صحة صلاته ( وصح اقتداء متوضئ بمتيمم ) عندهما وقال محمد لا يصح والخلاف مبني على أن الخليفة بين الآلتين التراب والماء أو الطهارتين الوضوء والتيمم فعندهما : بين الآلتين وظاهر النص يدل عليه فاستوى الطهارتان وعند محمد : بين الطهارتين التيمم والوضوء فيصير بناء القوي على الضعيف وهو لا يجوز ولا خلاف في صحة الاقتداء بالمتيمم في صلاة الجنازة ( و ) صح اقتداء ( غاسل بماسح ) على خف أو جبيرة أو خرقة قرحة لا يسيل منه شيء ( و ) صح اقتداء ( قائم بقاعد ) لأن النبي A صلى الظهر يوم السبت أو الأحد في مرض موته جالسا والناس خلفه قياما وهي آخر صلاة صلاها إماما وصلى خلف أبي بكر الركعة الثانية صبح يوم الإثنين مأموما ثم أتم لنفسه ذكره البيهقي في المعرفة ( و ) صح اقتداء ( بأحدب ) لم يبلغ حدبه حد الركوع اتفاقا على الأصح وإذا بلغ وهو ينخفض للركوع قليلا يجوز عندهما وبه أخذ عامة العلماء وهو الأصح بمنزلة الاقتداء بالقاعد لاستواء نصفه الأسفل ولا يجوز عند محمد قال الزيلعي وفي الظهيرية هو الأصح انتهى . فقد اختلف التصحيح فيه ( و ) صح اقتداء ( موم بمثله ) بأن كانا قاعدين أو مضطجعين أو المأموم مضطجعا والإمام قاعدا لقوة حاله ( ومتنفل بمفترض ) لأنه بناء للضعيف على القوي وصار تبعا لإمامه في القراءة ( وإن ظهر بطلان صلاة إمامه ) بفوات شرط أو ركن ( أعاد ) لزوما يعني افترض عليه الإتيان بالفرض وليس المراد الإعادة الجابرة لنقص في المؤدى لقوله A " إذا فسدت صلاة الإمام فسدت صلاة من خلفه " وإذا طرأ المبطل لا إعادة على المأموم كارتداد الإمام وسعيه للجمعة بعد ظهره دونهم وعوده لسجود تلاوة بعد تفرقهم .
( ويلزم الإمام ) الذي تبين فساد صلاته ( إعلام القوم بإعادة صلاتهم بالقدر الممكن ) ولو بكتاب أو رسول ( في المختار ) لأنه A صلى بهم ثم جاء ورأسه يقطر فأعاد بهم وعلي Bه صلى بالناس ثم تبين له أنه كان محدثا فأعاد وأمرهم أن يعيدوا وفي الدراية لا يلزم الإمام الإعلام إن كانوا قوما غير معينين وفي خزانة الأكمل لأنه سكت عن خطأ معفو عنه وعن الوبري يخبرهم وإن كان مختلفا فيه ونظيره إذا رأى غيره يتوضأ من ماء نجس أو على ثوبه نجاسة