من الابتداء إلى الانتهاء من غير بيان أوصافها لتقديمها ( إذا أراد الرجل الدخول في الصلاة ) أي صلاة كانت ( أخرج كفيه من كميه ) بخلاف المرأة وحال الضرورة كما بيناه ( ثم رفعهما حذاء أذنيه ) حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه ويجعل باطن كفيه نحو القبلة ولا يفرج أصابعه ولا يضمها وإذا كان به عذر يرفع بقدر الإمكان . والمرأة الحرة حذو منكبيها والأمة كالرجل كما تقدم ( ثم كبر ) هو الأصح فإذا لم يرفع يديه حتى فرغ من التكبير لا يأتي به لفوات محله وإن ذكره في أثنائه رفع ( بلا مد ) فإن مد همزه لا يكون شارعا في الصلاة وتفسد به في أثنائها وقوله ( ناويا ) شرط لصحة التكبير ( ويصح الشروع بكل ذكر خالص لله تعالى ) عن اختلاطه بحاجة الطالب وإن كره لترك الواجب وهو لفظ التكبير وفيه إشارة إلى أنه لا بد لصحة الشروع من جملة تامة وهو ظاهر الرواية ( كسبحان الله ) أو لا إله إلا الله أو الحمد لله ( و ) يصح الشروع أيضا ( بالفارسية ) وغيرها من الألسن ( إن عجز عن العربية وإن قدر لا يصح شروعه بالفارسية ) ونحوها ( ولا قراءته بها في الأصح ) من قول الإمام الأعظم موافقة لهما لأن القرآن اسم للنظم والمعنى جميعا . وأما التلبية في الحج والسلام من الصلاة والتسمية على الذبيحة والأيمان فجائز بغير العربية مع القدرة عليها إجماعا ( ثم وضع يمينه على يساره ) وتقدم صفته ( تحت سرته عقب التحريمة بلا مهلة ) لأنه سنة القيام في ظاهر المذهب . وعند محمد سنة القراءة فيرسل حال الثناء وعندهما يعتمد في كل قيام فيه ذكر مسنون كحالة الثناء والقنوت وصلاة الجنازة ويرسل بين تكبيرات العيدين إذ ليس فيه ذكر مسنون ( مستفتحا وهو أن يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ) وإن قال وجل ثناؤك لم يمنع وإن سكت لا يؤمر ولا يأتي بدعاء التوجه لا قبل الشروع ولا بعده ويضمه في التهجد للاستفتاح ومعنى سبحانك اللهم وبحمدك نزهتك عن صفات النقص بالتسبيح وأثبت صفات الكمال لذاتك بالتحميد وتبارك أي دام وثبت وتنزه اسمك وتعالى جدك أي ارتفع سلطانك وعظمتك وغناك بمكانتك ولا إله غيرك في الوجود معبود بحق بدأ بالتنزيه الذي يرجع إلى التوحيد ثم ختم بالتوحيد ترقيا في الثناء على الله تعالى من ذكر النعوت السلبية والصفات الثبوتية إلى غاية الكمال في الجلال والجمال وسائر الأفعال وهو الانفراد بالألوهية وما يختص به من الأحدية والصمدية ( ويستفتح كل مصل ) سواء المقتدي وغيره ما لم يبدأ الإمام بالقراءة .
( ثم تعوذ ) بالله من الشيطان الرجيم لأنه مطرود عن حضرة الله تعالى ويريد أن يجعلك شريكا له في العقاب وأنت لا تراه فتعتصم بمن يراه ليحفظك منه بالتعوذ ( سرا للقراءة ) مقدما عليها ( فيأتي به المسبوق ) في ابتداء ما يقضيه بعد الثناء فإنه يثني حال اقتدائه ولو في سكتات الإمام على ما قيل ولا يأتي به في الركوع ويأتي فيه بتكبيرات العيدين لوجوبها ( لا المقتدي ) لأنه للقراءة ولا يقرأ المقتدي وقال أبو يوسف هو تبع للثناء فيأتي به ( ويؤخر ) التعوذ ( عن تكبيرات ) الزوائد في ( العيدين ) لأنه للقراءة وهي بعد التكبيرات في الركعة الأولى ( ثم يسمي سرا ) كما تقدم ( ويسمى ) كل من يقرأ في صلاته ( في كل ركعة ) سواء صلى فرضا أو نفلا ( قبل الفاتحة ) بأن يقول " بسم الله الرحمن الرحيم " وأما في الوضوء والذبيحة فلا يتقيد بخصوص البسملة بل كل ذكر له يكفي ( فقط ) فلا تسن التسمية بين الفاتحة و السورة ولا كراهة فيها وإن فعلها اتفاقا للسورة سواء جهر أو خافت بالسورة وغلط من قال لا يسمي إلا في الركعة الأولى ( ثم قرأ الفاتحة وأمن الأمام والمأموم سرا ) وحقيقته إسماع النفس كما تقدم ( ثم قرأ سورة ) من المفصل على ما تقدم ( أو ) قرأ ( ثلاث آيات قصار أو آية طويلة وجوبا ( ثم كبر ) كل مصل ( راكعا ) فيبدأ بالتكبير مع ابتداء الانحناء يختمه ليشرع في التسبيح فلا تخلو حالة من حالات الصلاة عن ذكر ( مطمئنا مسويا رأسه بعجزه آخذا ركبته بيديه ) ويكون الرجل ( مفرجا أصابعه ) ناصبا ساقيه وإحناؤهما شبه القوس مكروه والمرأة لا تفرج أصابعها ( وسبح فيه ) أي الركوع كل مصل فيقول سبحان ربي العظيم مرات ( ثلاثا وذلك ) العدد ( أدناه ) أي أدنى كمال الجمع المسنون ويكره قراءة القرآن في الركوع والسجود والتشهد بإجماع الأمة لقوله A : " نهيت أن أقرأ راكعا أو ساجدا " ( ثم رفع رأسه واطمأن ) قائما ( قائلا : سمع الله لمن حمده ) أي قبيل الله حمد من حمده لأن السماع يذكر ويراد به القبول مجازا كما يقال : سمع الأمير كلام فلان وفي الحديث " أعوذ بك من دعاء لا يسمع " أي لا يستجاب والهاء للسكتة والاستراحة لا للكناية ( ربنا لك الحمد ) فيجمع بين التسميع والتحميد ( لو ) كان ( إماما ) هذا قولهما وهو رواية عن الإمام اختارها في الحاوي القدسي وكان الفضلي والطحاوي وجماعة من المتأخرين يميلون إلى الجمع وهو قول أهل المدينة وقوله ( أو منفردا ) متفق عليه على الأصح عن الإمام موافقة لهما عنه يكتفي بالتحميد وعنه يكتفي بالتسميع ( والمقتضي يكتفي بالتحميد ) اتفاقا للأمر في الحديث " إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد " رواه الشيخان والأفضل : اللهم ربنا لك الحمد ويليه ربنا لك الحمد ( ثم كبر ) كل مصل ( خارا للسجود ) ويختمه عند وضع جبهته للسجود .
( ثم وضع ركبته ثم يديه ) إن لم يكن به عذر من هذه الصفة ( ثم ) وضع ( وجهه بين كفيه لما روينا ( وسجد بأنفه وجبهته ) وتقدم الحكم ( مطمئنا مسبحا ) بأن يقول سبحان ربي الأعلى مرات ( ثلاثا وذلك أدناه ) لما تقدم ( وجافى ) أي بإعداد الرجل ( بطنه عن فخذيه وعضديه عن إبطه ) لأنه أبلغ في السجود بالأعضاء ( في غير زحمة ) وينضم فيها حذرا عن إضرار الجار ( موجها أصابع يديه ) ويضمها كل الضم لا يندب إلا هنا لأن الرحمة تنزل عليه في السجود وبالضم ينال الأكثر ( و ) يكون موجها أصابع ( رجليه نحو القبلة والمرأة تخفض ) فتضم عضديها لجنبيها ( وتلزق بطنها بفخذيها ) لأنه أستر لها ثم رفع رأسه مكبرا ( وجلس ) كل مصل ( بين السجدتين واضعا يديه على فخذيه مطمئنا ) وليس فيه ذكر مسنون والوارد فيه محمول على التهجد ( ثم كبر ) للسجود ( وسجد ) بعده ( مطمئنا وسبح فيه ) أي السجود ( ثلاثا وجافى بطنه عن فخذيه وأبدى عضديه ) وهما ضبعاه والضبع بسكون الباء لا غير العضد ( ثم رفع رأسه مكبرا للنهوض ) أي القيام بالركعة الثانية ( بلا اعتماد على الأرض بيديه ) إن لم يكن به عذر ( وبلا قعود ) قبل القيام يسمى جلسة الاستراحة عند الشافعي سنة ( والركعة الثانية ) يفعل فيها ( كالأولى ) وعلمت ما شملته ( إلا أنه ) أي المصلي ( لا يثني ) لأنه للافتتاح فقط ( ولا يتعوذ ) لعدم تبدل المجلس .
( و ) لا يرفع يديه إذ ( لا يسن رفع اليدين ) في حالتي الركوع وقيامه ولا يفسد الصلاة في الصحيح فلا يسن ( إلا عند افتتاح كل صلاة وعند تكبير القنوت في الوتر وتكبيرات الزوائد في العيدين ) لاتفاق الأخبار وصفة الرفع فيها حذو الأذنين ( و ) يسن رفعهما مبسوطتين نحو السماء ( حين يرى الكعبة ) المشرفة أي وقت معاينتها فتكون العين في فقعس [ ؟ ؟ هكذا في النسخ ] للعيدين ومعاينة البيت للدعاء وهو مستجاب ( و ) يسن رفعهما ( حين يستلم الحجر الأسود ) مستقبلا بباطنهما الحجر ( و ) يسن رفعهما مبسوطتين نحو السماء داعيا ( حين يقوم على الصفا والمروة و ) كذلك ( عند الوقوف بعرفة و ) وقوف ( مزدلفة و ) في الوقوف ( بعد رمي الجمرة الأولى و ) الجمرة ( الوسطى ) كما ورد بذلك السنة الشريفة وترفع في دعاء الاستسقاء ونحوه لأن رفع اليد في الدعاء سنة ( و ) كذلك ( عند ) دعائه بعد فراغه من ( التسبيح ) والتحميد والتكبير الذي سنذكره ( عقب الصلوات ) كما عليه المسلمون في سائر البلدان .
( وإذا فرغ ) الرجل من سجدتي الركعة الثانية افترش رجله اليسرى وجلس عليها ونصب يمناه ووجه أصابعها نحو القبلة ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه وجعلها منتهية إلى رأس ركبتيه ( والمرأة تتورك ) وقدمنا صفته ( وقرأ ) المصلي ولو مقتديا ( تشهد ابن مسعود Bه ) ويقصد معانيه مرادة له على أنه ينشئها تحية وسلاما منه ( وأشار بالمسبحة ) من أصابعه اليمنى ( في الشهادة ) على الصحيح ( يرفعها عند النفي ويضعها عند الإثبات ولا يزيد على التشهد في القعود الأول ) لوجوب القيام للثالثة ( وهو ) كما قال علمني رسول الله A التشهد أخذ كفي بين كفيه كما يعلمني السورة من القرآن فقال إذا قعد أحدكم في الصلاة فليقل ( التحيات لله والصلوات والطيبات ) جمع تحية من حيا فلان فلانا إذا دعا له عند ملاقاته كقولهم حياك الله أي أبقاك والمراد هنا أعز الألفاظ التي تدل على الملك والعظمة وكل عبادة قولية لله تعالى والمراد بالصلوات هنا العبادات البدنية والطيبات العبادات المالية لله تعالى وهي الصادرة منه ليلة الإسراء فلما قال ذلك النبي A بإلهام من الله سبحانه رد الله عليه وحياه بقوله ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) فقابل التحيات بالسلام الذي هو تحية الإسلام وقابل الصلوات بالرحمة التي هي بمعناها وقابل الطيبات بالبركات المناسبة للمال لكونها النمو والكثرة فلما أفاض الله سبحانه وتعالى على النبي A بالثلاثة مقابل الثلاثة والنبي أكرم خلق الله وأجودهم عطف بإحسانه من ذلك الفيض لإخوانه الأنبياء والملائكة وصالحي المؤمنين من الإنس والجن فقال ( السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) فعمهم به كما قال A " إنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض وليس أشرف من العبودية في صفات المخلوقين هي الرضا بما يفعل الرب والعبادة ما يرضيه والعبودية أقوى من العبادة لبقائها في العقبى بخلاف العبادة والصالح القائم بحقوق الله تعالى وحقوق العباد فلما أن قال ذلك A إحسانا منه شهد أهل الملكوت الأعلى والسماوات وجبريل بوحي وإلهام بأن قال كل منهم ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) أي أعلم وأبين وجمع بين أشرف أسمائه وبين أشرف وصف للمخلوق وأرقى وصف ملتزم للنبوة لمقام الجمع فيقصد المصلي إنشاء هذه الألفاظ مرادة له قاصدا معناها الموضوعة له من عنده كأنه يحيي الله سبحانه وتعالى ويسلم على النبي A وعلى نفسه وأولياء الله تعالى خلافا لما قاله بعضهم أنه حكاية سلام الله لا ابتداء سلام من المصلي ( وقرأ الفاتحة فيما بعد ) الركعتين ( الأوليين ) من الفرائض فشمل المغرب ( ثم جلس ) مفترشا رجله اليسرى ناصبا اليمنى وتتورك المرأة ( وقرأ التشهد ) المتقدم ( ثم صلى على النبي A ثم دعا ) ليكون مقبولا بعد الصلاة على النبي A ( بما يشبه ) ألفاظ ( القرآن والسنة ثم سلم يمينا ) ابتداء ( ويسارا ) انتهاء ( فيقول السلام عليكم ورحمة الله ناويا من معه ) من القوم والحفظة ( كما تقدم ) بيانه بحمد الله سبحانه ومنته