( تجوز الصلاة ) أي تصح ( على لبد ) بكسر اللام وسكون الباء الموحدة ( وجهه الأعلى طاهر و ) وجهه ( الأسفل نجس ) نجاسة مانعة لأنه لثخانته كثوبين وكلوح ثخين يمكن فصله لوحين وأسفله نجس تجوز الصلاة على الطاهر منه عندهما خلافا لأبي يوسف لأنه كشيئين فوق بعضهما ( و ) تصح الصلاة ( على ثوب طاهر ) وبطانته نجسة إذا كان غير مضرب ) لأنه كثوبين فوق بعضهما ( و ) تصح ( على طرف طاهر ) من بساط أو حصير أو ثوب ( وإن تحرك الطرف النجس بحركته ) لأنه ليس متلبسا به ( على الصحيح ولو تنجس أحد طرفي عمامته ) أو ملحفته ( فألقاه ) أي الطرف النجس ( وأبقى الطاهر على رأسه ولم يتحرك النجس بحركته جازت صلاته ) لعدم تلبسه به ( وإن تحرك ) الطرف النجس بحركته ( لا تجوز ) صلاته لأنه حامل لها حكما إلا إذا لم يجد غيره للضرورة ( وفاقد ما يزيل به النجاسة ) المانعة ( يصلي معها ولا إعادة عليه ) لأن التكليف بحسب الوسع ( ولا ) إعادة على فاقد ما يستر عورته ولو حريرا ) فإنه إن وجد الحرير لزمه الصلاة فيه لأن فرض الستر أقوى من منع لبسه في هذه الحالة ( أو ) كان ( حشيشا أو طينا ) أو ماء كدرا يصلي داخله بالإيماء لأنه ساتر في الجملة ( فإن وجده ) أي الساتر ( ولو بالإباحة و ) الحال أن ( ربعه طاهر لا تصح صلاته عاريا ) على الأصح كالماء الذي أبيح للمتيمم إذ لا يحقه المائية وربع الشيء يقوم مقام كله في مواضع منها هذا ولم تقم ثلاثة أرباعه النجسة مقام كله للزوم الستر وسقوط حكم النجاسة بطهارة الربع ( وخير إن طهر أقل من ربعه ) والصلاة فيه أفضل للستر وإتيانه بالركوع والسجود وإن صلى عريانا بالإيماء قاعدا صح وهو دون الأولى أو قائما جاز وهو دونهما في الفضل لأن من ابتلى ببليتين يختار أهونهما وإن تساويتا تخير ( وصلاته في ثوب نجس الكل أحب من صلاته عريانا ) لما قلنا .
( تنبيه ) قال في الدراية لو ستر عورته بجلد ميتة غير مدبوغ وصلى فيه لا تجوز صلاته بخلاف الثوب المتنجس لأن نجاسة الجلد أغلظ بدليل أنها لا تزول بالغسيل ثلاثا بخلاف نجاسة الثوب انتهى . قلت فيه نظر لأنه يطهر بما هو أهون من غسله كتشميسه أو جفافه بالهواء ( ولو وجد ما يستر بعض العورة وجب ) يعني لزم ( استعماله ) أي الاستتار به ( ويستر القبل والدبر ) إذا لم يستر إلا قدرهما ( فإن لم يستر إلا أحدهما قيل يستر الدبر ) لأن أفحش في حالة الركوع والسجود ( وقيل ) يستر ( القبل ) لأنه يستقبل به القبلة ولأنه لا يستتر بغيره والدبر يستتر بالأليتين وفيه تأمل لأنه يستتر بالفخذين ووضع اليدين فوقهما ( وندب صلاة العاري جالسا بالإيماء مادا رجليه نحو القبلة ) لما فيه من الستر ( فإن صلى ) العاري ( قائما بالإيماء أو ) قائما آتيا ( بالركوع والسجود صح ) لإتيانه بالأركان فيميل إلى آيهما شاء والأفضل الأول ولو صلى عاريا ناسيا ساترا اختلف قي صحتها ( وعورة الرجل ) حرا كان أو به رق ( ما بين السرة ومنتهى الركبة ) في ظاهر الرواية سميت عورة لقبح ظهورها وغض الأبصار عنها في اللغة . وفي الشريعة ما افترض ستره وحده الشارع A بقوله " عورة الرجل ما بين سرته إلى ركبتيه " وبقوله عليه السلام " الركبة من العورة " ( وتزيد عليه ) أي على الرجل ( الأمة ) القنة وأم الولد والمدبرة والمكاتبة والمستدعاة عند أبي حنيفة لوجود الرق ( البطن والظهر ) لأن لهما مزية فصدرها وثديها ليسا من العورة للحرج ( وجميع بدن الحرة عورة إلا وجهها وكفيها ) باطنهما وظاهرهما في الأصح وهو المختار وذراع الحرة عورة في ظاهر الرواية وهي الأصح وعن أبي حنيفة ليس بعورة ( و ) إلا ( قدميها ) في أصح الروايتين باطنهما وظاهرهما لعموم الضرورة ليسا من العورة فشعر الحرة حتى المسترسل عورة في الأصح وعليه الفتوى فكشف ربعه يمنع صحة الصلاة ولا يحل النظر إليه مقطوعا منها في الأصح كشعر عانته وذكره المقطوع وتقدم في الأذان أن صوتها عورة وليس المراد كلامها بل ما يحصل من تليينه وتمطيطه لا يحل سماعه ( وكشف ربع عضو من أعضاء العورة ) الغليظة أو الخفيفة من الرجل والمرأة ( يمنع صحة الصلاة ) مع وجود الساتر لا ما دون ربعه والركبة مع الفخذ عضو واحد في الأصح وكعب المرأة مع ساقها وأذنها بانفرادها عن رأسها وثديها المنكسر فإن كانت ناهدا فهو تبع لصدرها والذكر بانفراده والأنثيين ضمهما إليه في الصحيح وما بين السرة والعانة عضو كامل بجوانب البدن وكل ألية عورة والدبر ثالثهما في الصحيح ( ولو تفرق الانكشاف على أعضاء من العورة وكان جملة ما تفرق يبلغ ربع أصغر الأعضاء المنكشفة ) يعني التي انكشف بعضها ( منع ) صحة الصلاة إن طال زمن الانكشاف بقدر أداء ركن ( وإلا ) أي وإن لم يبلغ ربع أصغرها أو بلغ ولم يطل زمن الانكشاف ( فلا ) يمنع الصحة للضرورة سواء الغني والفقير .
( ومن عجز عن استقبال القبلة ) بنفسه ( لمرض ) أو خشية غرق وهو على خشبة ( أو عجز عن النزول ) بنفسه ( عن دابته ) وهي سائرة آو كانت جموحا أو كان شيخا كبيرا لا يمكنه الركوب إلا بمعين ( أو خاف عدوا ) آدميا أو سبعا على نفسه أو دابته أو اشتد الخوف للقتال أو هرب من عدو راكبا ( فقبلته جهة قدرته ) للضرورة ( و ) قبلة الخائف جهة ( أمنه ) ولو خاف أن يراه العدو إن قعد صلى مضطجعا بالإيماء إلى جهة أمنه والقادر بقدرة الغير ليس قادرا عند الإمام خلافا لهما وإذا لم يجد أحدا فلا خلاف في الصحة ( ومن اشتبهت عليه ) جهة ( القبلة ولم يكن عنده مخبر ) من أهل المكان ولا ممن له علم أو سأله فلم يخبره ( ولا محراب ) بالمحل ( تحرى ) أي اجتهد وهو بذل المجهود لنيل المقصود ولو سجدة تلاوة ولا يجوز التحري مع وضع المحاريب لأن وضعها في الأصل بحق ومن ليس من أهل المكان والعلم لا يلتفت إلى قوله وإن أخبره اثنان ممن هو مسافر مثله لأنهما يخبران عن اجتهاد ولا يترك اجتهاده باجتهاد غيره وليس عليه قرع الأبواب للسؤال عن القبلة ولا مس الجدران خشية الهوام وللاشتباه بطاق غير المحراب وإذا صلى الأعمى ركعة لغير القبلة فجاءه رجل وأقامه إليها واقتدى به فإن لم يكن حال افتتاحه عنده مخبر فصلاة الأعمى صحيحة لأنه يلزمه مس الجدران وإلا فهي فاسدة ولا يصح اقتداء الرجل به في الصورتين لقدرته في الأولى وعلم خطئه في الثانية ( ولا إعادة عليه ) أي المتحري ( لو ) علم بعد فراغه أنه ( أخطأ ) الجهة لقول عامر بن عقبة Bه كنا مع رسول الله A في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله A فنزلت آية " فأينما تولوا فثم وجه الله " وليس التحري للقبلة مثل التحري للتوضؤ والساتر فإنه إذا ظهر نجاسة الماء أو الثوب أعاد لأنه أمر لا يحتمل الانتقال والقبلة تحتمله كما حولت عن المقدس إلى الكعبة .
( وإن علم بخطئه ) أو تبدل اجتهاده ( في صلاته استدار ) من جهة اليمين لا اليسار ( وبنى ) على ما أداه بالتحري لأن تبدل الاجتهاد كالنسخ . وأهل قباء استداروا في الصلاة إلى الكعبة حين بلغهم النسخ واستحسنه النبي A وإن تذكر سجدة صلبية بطلت صلاته ( وإن شرع ) من اشتبهت عليه ( بلا تحر ) كان فعله موقوفا فلو أتمها ( فعلم بعد فراغه ) من الصلاة ( أنه أصاب صحت ) لأنه يتبين الصواب بطل الحكم بالاستصحاب وثبت الجواز من الصلاة ( وإن علم بإصابته فيها ) ولو لغالب الظن ( فسدت ) لأن حالته قويت به فلا يبني قويا على ضعيف خلافا لأبي يوسف C ( كما ) فسدت فيما ( لو لم يعلم إصابته أصلا ) لأن الفساد ثابت باستصحاب الحال ولم يرتفع بدليل فتقرر الفساد لأن المشروط لم يحصل حقيقة ولا حكما . وإذا وقع تحريه إلى جهة فصلى إلى غيرها لا تجزئه لتركه الكعبة حكما في حقه وهي الجهة التي تحراها ولو أصاب خلافا لأبي يوسف في ظهور إصابته وهو يجعله كالمتحري في الأوار إذا عدل عن تحريه وظهر طهارة ما توضأ به صحت صلاته . وعلى هذا لو صلى في ثوب وهو يعتقد أنه نجس أو أنه محدث أو عدم دخول الوقت فظهر بخلافه لا تجزئه وإن وجد الشرط لعدم شرط آخر وهو فساد فعله ابتداء لعدم الجزم . وأما في الماء فقد وجدت الطهارة حقيقة والنية ( ولو تحرى قوم جهات ) في ظلمة ( وجهلوا حال إمامهم ) في توجهه ( يجزئهم ) صلاتهم إلا من تقدم على إمامه . كما في جوف الكعبة لما قدمناه