( ثم المياه ) من حيث هي ( على خمسة أقسام ) لكل منها وصف يختص به .
- أولها ( طاهر مطهر غير مكروه ) وهو الماء المطلق الذي لم يخالطه ما يصير به مقيدا .
- ( و ) الثاني ( طاهر مطهر مكروه ) استعماله تنزيها على الأصح ( وهو ما شرب منه ) حيوان مثل ( الهرة ) الأهلية إذ الوحشية سؤرها نجس ( ونحوها ) أي الأهلية : الدجاجة المخلاة وسباع الطير والحية والفأرة لأنها لا تتحامى عن النجاسة وإصغاء النبي A الإناء للهرة كان حال علمه بزوال ما يقتضي الكراهة منها إذ ذاك ( و ) الذي يصير مكروها بشربها منه ما ( كان قليلا ) وسيأتي تقديره .
- ( و ) الثالث ( طاهر ) في نفسه ( غير مطهر ) للحدث بخلاف الخبث ( وهو : ما استعمل ) في الجسد أو لاقاه بغير قصد ( لرفع حدث أو ) قصد استعماله ( لقربة ) وهي : ( كالوضوء ) في مجلس آخر ( على الوضوء بنيته ) أي الوضوء تقربا ليصير عبادة فإن كان في مجلس واحد كره ويكون الثاني غير مستعمل ومن القربة : غسل اليد للطعام أو منه لقوله A : " الوضوء قبل الطعام بركة وبعده ينفي اللمم - أي الجنون - وقبله ينفي الفقر " فلو غسلها لوسخ وهو متوضئ ولم يقصد القربة لا يصير مستعملا : كغسل ثوب ودابة مأكولة ( ويصير الماء مستعملا بمجرد انفصاله عن الجسد ) وإن لم يستقر بمحل على الصحيح وسقوط حكم الاستعمال قبل الانفصال لضرورة التطهير ولا ضرورة بعد انفصاله ( ولا يجوز ) أي لا يصح الوضوء ( بماء شجر وثمر ) لكمال امتزاجه فلم يكن مطلقا ( ولو خرج بنفسه من غير عصر ) كالقاطر من الكرم ( في الأظهر ) احترز به عما قيل بأنه لا يجوز بماء يقطر بنفسه لأنه ليس لخروجه بلا عصر تأثير في نفي القيد وصحة نفي الاسم عنه وإنما صح إلحاق المائعات المزيلة بالماء المطلق لتطهير النجاسة الحقيقية : لوجود شرط الإلحاق وهي : تناهي أجزاء النجاسة بخروجها مع الغسلات وهو منعدم في الحكمية لعدم نجاسة محسوسة بأعضاء المحدث والحدث أمر شرعي له حكم النجاسة لمنع الصلاة معه وعين الشارع لإزالته آلة مخصوصة فلا يمكن إلحاق غيرها بها . ( ولا ) يجوز الوضوء ( بماء زال طبعه ) - وهو : الرقة والسيلان والإرواء والإنبات ( بالطبخ ) بنحو حمص وعدس لأنه إذا برد ثخن كما إذا طبخ بما يقصد به النظافة - كالسدر - وصار به ثخينا وإن بقي على الرقة جاز به الوضوء . ولما كان تقييد الماء يحصل بأحد الأمرين : كمال الامتزاج بتشرب النبات أو الطبخ بما ذكرناه بين الثاني وهو : غلبة الممتزج بقوله : ( أو بغلبة غيره ) أي غير الماء ( عليه ) أي على الماء ولما كانت الغلبة مختلفة باختلاف المخالط بغير طبخ ذكر ملخص ما جعله المحققون ضابطا في ذلك فقال : ( والغلبة ) تحصل ( في مخالطة ) الماء لشيء من ( الجامدات ) الطاهرة ( بإخراج الماء عن رقته ) فلا ينعصر عن الثوب ( و ) إخراجه عن ( سيلانه ) فلا يسيل على الأعضاء سيلان الماء ( و ) أما إذا بقي على رقته وسيلانه : فإنه ( لا يضر ) أي لا يمنع جواز الوضوء به ( تغير أوصافه كلها بجامد : ) خالطه بدون طبخ ( كزعفران وفاكهة وورق شجر ) لما في البخاري ومسلم : أن النبي A أمر بغسل الذي وقصته ناقته وهو محرم بماء وسدر وأمر قيس بن عاصم حين أسلم أن يغتسل بماء وسدر واغتسل النبي A بماء فيه أثر العجين وكان النبي A يغتسل ويغسل رأسه بالخطمي [ 1 ] وهو جنب ويجتزئ بذلك . ( والغلبة ) تحصل ( في ) مخالطة ( المائعات : بظهور وصف واحد ) كلون فقط أو طعم ( من مائع له وصفان فقط ) أي لا ثالث له ومثل ذلك بقوله : ( كاللبن له اللون والطعم ) فإن لم يوجد أجاز به الوضوء وإن وجد أحدهما لم يجز كما لو كان المخالط له وصف واحد فظهر وصفه : كبعض البطيخ ليس له إلا وصف واحد ( و ) قوله ( لا رائحة له ) زيادة إيضاح لعلمه من بيان الوصفين . ( و ) الغلبة توجد ( بظهور وصفين من مائع له ) أوصاف ( ثلاثة ) وذلك ( كالخل ) له لون وطعم وريح فأي وصفين منها ظهرا منعا صحة الوضوء والواحد منها لا يضر لقلته ( والغلبة في ) مخالطة ( المائع الذي لا وصف له ) يخالف الماء بلون أو طعم أو ريح : ( كالماء المستعمل ) فإنه بالاستعمال لم يتغير له طعم ولا لون ولا ريح وهو طاهر في الصحيح ( و ) مثله ماء ( الورد المنقطع الرائحة : تكون ) الغلبة ( بالوزن ) لعدم التميز بالوصف لفقده ( فإن اختلط رطلان ) مثلا ( من الماء المستعمل ) أو ماء الورد الذي انقطعت رائحته ( برطل من ) الماء ( المطلق لا يجوز به الوضوء ) لغلبة المقيد ( وبعكسه ) وهو : لو كان الأكثر المطلق ( جاز ) به الوضوء وإن استويا لم يذكر حكمه في ظاهر الرواية وقال المشايخ : حكمه حكم المغلوب احتياطا .
_________ .
[ ( 1 ) القاموس : العضرس . . . شجر الخطمي .
النهاية : أرن : . . . الأرينة : نبت معروف يشبه الخطمي .
النهاية : والغسل بالفتح : المصدر وبالكسر : ما يغسل به من خطمي وغيره ] .
_________ .
- ( و ) القسم ( الرابع ) من المياه : ( ماء نجس وهو : الذي حلت ) أي وقعت ( فيه نجاسة ) وعلم وقوعها يقينا أو بغلبة الظن وهذا في غير قليل الأرواث لأنه معفو عنه كما سنذكره ( وكان ) الماء ( راكدا ) أي ليس جاريا وكان ( قليلا والقليل ) هو : ( ما ) مساحة محله ( دون عشر في عشر ) بذراع العامة - والذراع - يذكر ويؤنث - وإن كان قليلا وأصابته نجاسة ( فينجس بها وإن لم يظهر أثرها ) أي النجاسة ( فيه ) وأما إذا كان عشرا في عشر بحوض مربع أو سنة وثلاثين في مدور وعمقه أن يكون بحال لا تنكشف أرضه بالغرف منه على الصحيح وقيل : يقدر عمقه بذراع أو شبر فلا ينجس إلا بظهور وصف للنجاسة فيه حتى موضع الوقوع وبه أخذ مشايخ بلخ توسعة على الناس والتقدير بعشر في عشر هو المفتى به ولا بأس بالوضوء والشرب من جب يوضع كوزه في نواحي الدار ما لم يعلم تنجسه ومن حوض يخاف أن يكون فيه قذر ولا يتيقن ولا يجب أن يسأل عنه ومن البئر التي تدلى فيها الدلاء والجرار الدنسة وتحملها الصغار والإماء ويمسها الرستاقيون بأيد دنسة ما لم تتيقن النجاسة أو كان ( جاريا ) عطف على راكدا ( وظهر فيه ) أي الجاري ( أثرها ) فيكون نجسا ( والأثر : طعم ) النجاسة ( أو لون أو ريح ) لها لوجود عين النجاسة بأثرها .
- ( و ) النوع ( الخامس : ماء مشكوك في طهوريته ) لا في طهارته ( وهو : ما شرب منه حمار أو بغل ) وكانت أمه أتانا لا رمكة لأن العبرة للأم كما سنذكره في الأسآر إن شاء الله تعالى