بيان ما يقع به الاستبراء .
و أما بيان ما يقع به الاستبراء فنقول و بالله تعالى التوفيق : الجارية في الأصل لا يخلو إما إن كانت ممن تحيض و إما إن كانت ممن لا تحيض فإن كانت ممن تحيض فاستبراؤها بحيضة واحدة عند عامة العلماء و عامة الصحابة Bهم و عن معاوية Bه أن استبراءها بحيضتين لأن الاستبراء أخت العدة و عدتها حيضتان و الصحيح قول العامة لما روي عن النبي عليه الصلاة و السلام أنه قال في سبايا أوطاس : [ ألا لا توطأ الحبالى و لا الحيالى حتى يستبرأن بحيضة ] و الفعلة للمرة و التقدير الشرعي يمنع من الزيادة عليه إلا بدليل و لأن ما شرع له الاستبراء و هو حصول العلم بطهارة الرحم يحصل بحيضة واحدة فكان ينبغي أن لا يشترط العدد في باب العدة أيضا إلا أنا عرفنا ذلك نصا بخلاف القياس فيقتصر على مورد النص .
و إن كانت ممن لا تحيض فلا يخلو إما إن كانت لا تحيض لصغر أو لكبر و إما إن كانت لا تحيض لعلة و هي الممتد طهرها .
و إما إن كانت لا تحيض لحبل فإن كانت لا تحيض لصغر أو لكبر فاستبراؤها بشهر واحد لأن الأشهر أقيمت مقام الأقراء في حق الآيسة و الصغيرة في العدة فكذا في باب الاستبراء .
و إن كانت لا تحيض لعلة فقد اختلفوا فيه قال أبو حنيفة عليه الرحمة لا يطؤها حتى يعلم أنها غير حامل و لم يوقت في ذلك وقتا و قال أبو يوسف يستبرئها بثلاثة أشهر أو أربعة أشهر .
و عن محمد روايتان : في رواية قال يستبرئها بشهرين و خمسة أيام عدة الإماء و في رواية قال يستبرئها بأربعة أشهر و عشر مدة عدة الحرائر و قال زفر يستبرئها بسنتين لأن الولد الموجود في البطن لا يبقى أكثر من سنتين فإذا مضت سنتان و لم يظهر بها حمل علم أنها غير حامل و يحتمل أن يكون هذا تفسير قول أبي حنيفة لا يطؤها حتى يعلم أنها غير حامل و هو اختيار الطحاوي و يحتمل أن يكون ما قاله أبو يوسف تفسيرا لقوله لأنها مدة يعلم فيها أنها ليست بحامل لأن الحبل يظهر في مثل هذه المدة لو كان لظهور آثاره من انتفاخ البطن و غير ذلك فيدل عدم الظهور على براءة رحمها و إن كانت لا تحيض لحبل بها فاستبراؤها بوضع الحمل بعد القبض لأن وضع الحمل في الدلالة على فراغ رحمها فوق الحيضة فإذا وضعت حملها حل له أن يستمتع بها فيما سوى الجماع ما دامت في نفاسها كما في الحائض فإن وضعت حملها قبل القبض ثم قبضها لا يطؤها حتى يستبرئها و لا يجتزي بوضع الحمل قبل القبض كما يجتزي بالحيضة قبل القبض و على قياس ما روي عن أبي يوسف يجتزي به كما يجتزي بالحيضة قبل القبض و الله عز و جل أعلم