شركة عنان .
شريكان شركة عنان في الرقي فأمر أحدهما صاحبه أن يشتري عبد فلان بينه و بين المأمور ثم أمره آخر بمثل ذلك فاشتراه فالنصف للأجنبي و النصف للشريكين لأن كل واحد من الشريكين يملك شراء الرقيق بعقد الشركة من غير أمر فكان الأمر سفها فلم يصح و صح من الأجنبي فاستحق النصف و استحقاق النصف تقضيه الشركة و الله عز و جل أعلم .
هذا إذا كان المشتري لواحد فأشركه فإن كان لاثنين فلا يخلو إما أن يكون أشرك أحدهما رجلا و إما أن أشركاه جميعا فإن أشركه أحدهما فإما إن أشركه في نصيبه خاصة بأن قال أشركتك في نصيبي و إما إن أشركه في نصفه بأن قال أشركتك في نصفي و إما إن أشركه مطلقا بأن قال : أشركتك في هذا العبد و إما أن أشركه في نصيبه و نصيب صاحبه و إما إن أشركه في نصفه بأن قال أشركتك في نصف هذا العبد فإن أشركه في نصيبه خاصة فله النصف من نصيبه لأن الشركة المطلقة في نصيبه تقتضي أن يكون نصيبه فيه مثل نصيبه لأنها تقتضي المساواة و كذا لو أشركه في نصفه لأن الشركة المطلقة في نصفه تقتضي المساواة فيه و إن أشركه مطلقا فإن أجاز شريكه فله النصف كاملا و النصف لهما و إن لم يجز فالربع له لما ذكرنا أن الشركة المطلقة تقتضي المساواة فتقتضي أن يكون نصيبه وحده مثل نصيبهما جميعا إلا أنه إذا لم يجز تعذر تنفيذ الإشراك في نصيبه فينفذ في نصيب صاحبه فيكون له الربع و إذا أجاز أمكن إجراء الشركة على إطلاقها و هي بإطلاقها تقتضي المساواة و ذلك في أن يكون له النصف و لكل واحد منهما الربع و إن أشركه في نصيبه و نصيب صاحبه فكذلك في ظاهر الرواية أنه إن أجاز صاحبه فله النصف و النصف الآخر لهما و إن لم يجز فله الربع .
و روي عن أبي يوسف في النوادر أنه إن أجاز كان بينهما أثلاثا و إن أبى أن يجيز كان له ثلث ما في يد الذي أشركه و هو سدس الكل .
وجه هذه الرواية : أن إشراك أحدهما و إجازة الآخر بمنزلة إشراكهما معا لأن الإجازة تستند إلى حال العقد فكأنهما أشركاه معا و لأن الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة فصار كأن العاقد أشرك بوكالة صاحبه .
وجه ظاهر الرواية : أن الإشراك و الإجازة تثبت على التعاقب لوجود الإشراك و الإجازة على التعاقب و الحكم يثبت على وفق العلة فصار كما لو أشرك كل واحد منهما على التعاقب .
قوله الإجازة : تستند إلى حالة العقد .
قلنا : نعم لكن الثابت بطريق الاستناد يثبت للحال ثم يستند فكان حكم الإجازة متأخرا عن حكم الإشراك ثبوتا و إن أشركه في نصف العبد فأجاز شريكه فله نصف ما في يد هذا و نصف ما في يد الآخر و إن لم يجز فله نصف ما في يد الذي أشركه لما قلنا .
هذا إذا أشركه أحدهما فأما إذا أشركاه جميعا فلا يخلو إما إن أشركاه معا و إما إن أشركاه على التعاقب فإن أشركاه معا فالقياس أن يكون له النصف كاملا و لكل واحد منهما الربع و في الاستحسان يكون بينهم أثلاثا و إن أشركاه على التعاقب مطلقا و لم يبينا قدر الشركة أو أشركاه في نصيبهما بأن قال كل واحد منهما أشركتك في نصيبي و لم يبين في كم أشركه كان له النصف و للأولين النصف .
وجه القياس : أنه لما أشركه كل واحد منهما فقد استحق نصف نصيبه فكان النصف له و النصف لهما جميعا كما لو أشركاه على التعاقب وجه الاستحسان و هو الفرق بين حالة الاجتماع و الافتراق أن الإشراك المطلق من كل واحد منهما إياه في زمان واحد يقتضي المساواة في أنصباء الكل و هو أن يكون نصيب كل واحد منهم مثل نصيب الآخر في أن المشترى بينهم أثلاثا بخلاف الإشراك على التعاقب لأن الإشراك من أحدهما مطلقا في زمان يقتضي أن يكون نصيبه مثل نصيبه و كذلك الإشراك الآخر في الزمان الثاني فيجتمع له ربعان و هو النصف لكل واحد منهما الربع و الله أعلم