تضمين البائع .
و إن اختار تضمين البائع : ذكر الطحاوي C أنه ينظر إن كان قبض البائع قبض ضمان بأن كان مغصوبا في يده نفذ بيعه لأنه لما ضمنه فقد ملك المغصوب من وقت الغصب فتبين أنه باع ملك نفسه فينفذ و إن كان قبضه قبض أمانة بأن كان وديعة عنده فباعه و سلمه إلى المشتري لا ينفذ بيعه لأن الضمان إنما وجب عليه بسبب متأخر عن البيع و هو التسليم فيملك المضمون من ذلك الوقت لا من وقت البيع فيكون بائعا مال غيره بغير إذنه فلا ينفذ .
و ذكر محمد C في ظاهر الرواية و قال : يجوز البيع بتضمين البائع قيل هذا محمول على ما إذا سلمه البائع أولا ثم باعه لأنه إذا سلمه أولا فقد صار مضمونا عليه بالتسليم فتقدم سبب الضمان البيع فتبين أنه باع مال نفسه فينفذ .
ثم إن كان قيام الأربعة التي ذكرنا شرطا للحوق الإجازة لأن الإجازة إنما تلحق القيام و قيام العقد بهذه الأربعة و لأن الإجازة لها حكم الإنشاء من وجه و لا يتحقق الإنشاء بدون العاقدين و المعقود عليه لذلك كان قيامها شرطا للحوق الإجازة فإذا وجد صحت الإجازة و صار البائع بمنزلة الوكيل إذ الإجازة اللاحقة بمنزلة الوكالة السابقة و يكون الثمن للمالك إن كان قائما لأنه بدل ملكه و إن هلك في يد البائع يهلك أمانة كما إذا كان وكيلا في الابتداء و هلك الثمن في يده .
و لو فسخه البائع قبل الإجازة انفسخ و استرد المبيع إن كان قد سلم و يرجع المشتري بالثمن على البائع إن كان قد نقده و كذا إذا فسخه المشتري ينفسخ و كذا إذا فسخه الفضولي فمحمد يحتاج إلى الفرق بين البيع و النكاح فإن الفضولي من جانب الرجل في باب النكاح إذا زوجت المرأة نفسها لا يملك الفسخ عنده .
و وجه الفرق له : أن البيع الموقوف لو اتصلت به الإجازة فالحقوق ترجع إلى العاقد فهو بالفسخ يدفع العهدة عن نفسه فله ذلك بخلاف النكاح لأن الحقوق في باب النكاح لا ترجع إلى العاقد بل هو سفير و معبر فإذا فرغ عن السفارة و العبارة التحق بالأجانب .
و أما قيام الثمن في يد البائع هل هو شرط لصحة الإجازة أم لا فالأمر لا يخلو أما إن كان الثمن دينا كالدراهم و الدنانير و الفلوس النافقة و الموزون الموصوف و المكيل الموصوف في الذمة و أما إن كان عينا كالعروض فإن كان دينا فقيامه في يد البائع ليس بشرط للحوق الإجازة لأن الدين لا يتعين بالتعيين فكان قيامه بقيام الذمة .
و إن كان عينا فقيامه شرط للحوق الإجازة فصار الحاصل أن قيام الأربعة شرط صحة الإجازة إذا كان الثمن دينا و إذا كان عينا فقيام الخمس شرط فإن وجدت الإجازة عند قيام الخمس جاز و يكون الثمن للبائع لا للمالك لأن الثمن إذا كان عينا كان البائع مشتريا من وجه و الشراء لا يتوقف على الإجازة بل ينفذ على المشتري إذا وجد نفاذا عليه بأن كان أهلا و هو أهل و المالك يرجع عليه بقيمة ماله إن لم يكن له مثل و بمثله إن كان له مثل لأنه عقد لنفسه و نقد الثمن من مال غيره فيتوقف النقد على الإجازة فإذا أجازه مالكه بعد النقد فيرجع عليه بمثله أو بقيمته .
بخلاف ما إذا كان الثمن دينا لأنه إذا كان دينا كان العاقد بائعا من كل وجه و لا يكون مشتريا لنفسه أصلا فتوقف على إجازة المال فإذا أجاز كان مجيزا للعقد فكان بدله له .
و لو هلكت العين في يد الفضولي بطل العقد و لا تلحقه الإجازة و يرد المبيع إلى صاحبه و يضمن للمشتري مثله إن كان له مثل و قيمته إن لم يكن له مثل لأنه قبضه بعقد فاسد و لو تصرف الفضولي في العين قبل الإجازة ينظر إن تصرف فيه قبل القبض فتصرفه باطل لأن الملك في العقد الفاسد يقف على القبض و إن تصرف فيه بعدما قبض بإذن المشتري صريحا أو دلالة يصح تصرفه لأنه تصرف في ملك نفسه و عليه مثله أو قيمته لأن المقبوض بالبيع الفاسد مضمون به و لا تلحقه الإجازة لأنه ملك بجواز تصرفه فيه فلا يحتمل الإجازة بعد ذلك و لو تصرف المشتري في المبيع قبل الإجازة لا يجوز تصرفه سواء كان قبض المبيع أو لم يقبضه لعدم إذن مالكه و الله تعالى أعلم