حكم الخلوة بالمرأة .
هذا الذي ذكرنا حكم الدخول و أما حكم ما بعد الدخول و هو الخلوة فإن كان في البيت امرأة أجنبية أو ذات رحم محرم لا يحل للرجل أن يخلو بها لأن فيه خوف الفتنة و الوقوع في الحرام .
و قد روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا يخلون رجل بامرأة فإن ثالثهما الشيطان ] و إن كانت المرأة ذات رحم محرم منه فلا بأس بالخلوة .
و الأفضل أن لا يفعل لما روي عن عبد الله بن مسعود Bهما أنه قال : ما خلوت بامرأة قط مخافة أن أدخل في نهي النبي عليه الصلاة و السلام و يكره للمرأة أن تصل شعر غيرها من بني آدم بشعرها لقوله عليه السلام : [ لعن الله الواصلة و المستوصلة ] و لأن الآدمي بجميع أجزائه مكرم و الانتفاع بالجزء المنفصل منه إهانة له و لهذا يكره بيعه و لا بأس بذلك من شعر البهيمة و صوفها لأنه انتفاع بطريق التزين بما يحتمل ذلك و لهذا احتمل الاستعمال في سائر وجوه الانتفاع فكذا في التزيين و لا بأس للرجل أن يعزل عن أمته بغير إذنها .
و أما المنكوحة فإن كانت حرة يكره له العزل من غير إذنها بالإجماع لأن لها في الولد حقا و في العزل فوت الولد و لا يجوز تفويت حق الإنسان من غير رضاه فإذا رضيت جاز و إن كانت أمة فلا بد من الإذن أيضا بلا خلاف لكن الكلام في أن الإذن بذلك إلى المولى أم إليها قال أبو حنيفة C : الإذن فيه إلى مولاها و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله إليها .
وجه قولهما : أن لها حقا في قضاء الشهوة و العزل يوجب نقصانا فيه و لا يجوز إبطال حق الإنسان من غير رضاه .
وجه قول أبي حنيفة Bه : أن الكراهة في الحرة لمكان خوف فوت الولد الذي لها فيه حق و الحق ههنا في الولد للمولى لا للأمة و قولهما فيه نقصان قضاء الشهوة فنعم لها حقها في أصل قضاء الشهوة لا في وصف الكمال .
ألا ترى أن من الرجال من لا ماء له و هو يجامع امرأته من غير إنزال و لا يكون لها حق الخصومة دل أن حقها في أصل قضاء الشهوة لا في وصف الكمال و الله سبحانه و تعالى أعلم