حكم حمار الوحش .
و منها : أن يلحق المرسل أو الرامي الصيد أو من يقوم مقامه قبل التواري عن عينه أو قبل انقطاع الطلب منه إذا لم يدرك ذبحه فإن توارى عن عينه و قعد عن طلبه ثم وجده لم يؤكل فأما إذا لم يتوار عنه أو توارى لكنه لم يقعد عن الطلب حتى وجده يؤكل استحسانا و القياس أنه لا يؤكل .
وجه القياس : أنه يحتمل أن الصيد مات من جراحة كلبه أو من سهمه و يحتمل أنه مات بسبب آخر فلا يحل أكله بالشك .
وجه الاستحسان : ما [ روي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بالروحاء على حمار وحش عقير فتبادر أصحابه إليه فقال دعوه فسيأتي صاحبه فجاء رجل من فهر فقال هذه رميتي يا رسول الله و أنا في طلبها و قد جعلتها لك فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم سيدنا أبا بكر Bه فقسمه بين الرفاق ] و لأن الضرورة توجب ذلك لأن هذا مما لا يمكن الاحتراز عنه في الصيد فإن العادة أن السهم إذا وقع بالصيد تحامل فغاب و إذا أصاب الكلب الخوف منه غاب فلو اعتبرنا ذلك لأدى ذلك إلى انسداد باب الصيد و وقمع الصيادين في الحرج فسقط اعتبار الغيبة التي لا يمكن التحرز عنها إذا لم يوجد من الصائد تفريط في الطلب لمكان الضرورة و الحرج و عند قعوده عن الطلب لا ضرورة فيعمل بالقياس .
[ و قد روي أن رجلا أهدى إلى النبي بين عليه الصلاة و السلام صيدا فقال له : من أين لك هذا ؟ فقال رميته بالأمس و كنت في طلبه حتى هجم علي الليل فقطعني عنه ثم وجدته اليوم و مزراقي فيه فقال بين عليه الصلاة و السلام : إنه غاب عنك و لا أدري لعل بعض الهوام أعانك عليه لا حاجة لي فيه ] بين بين عليه الصلاة و السلام الحكم و عليه الحكم و هو ما ذكرنا من احتمال موته بسبب آخر و هذا المعنى لا يتحقق فيه إذا لم يقعد عن الطلب .
و روي عن ابن عباس Bهما أنه سئل عن ذلك فقال : كل ما أصميت و دع ما أنميت قال أبو يوسف C الأصماء ما عاينه و الإنماء ما توارى عنه .
و قال هشام عن محمد C : الأصماء ما لم يتوارى عن بصرك و الإنماء ما توارى عن بصرك إلا أنه أقيم الطلب مقام البصر للضرورة و لا ضرورة عند عدم الطلب لأنه إذا قعد عن طلبه فمن الجائز أنه لو كان طلبه لأدركه حيا فيخرج من أن يكون ذكاة فلا يحل بالشك بخلاف ما إذا لم يقعد عن طلبه لأنه لم يدركه حيا فبقي الجرح ذكاة له و الله تعالى أعلم