شرائط ركن الاعتاق .
فصل : و أما شرائط الركن فأنواع بعضها يرجع إلى المعتق خاصة و بعضها يرجع إلى المعتق خاصة و بعضها يرجع إليهما جميعا و بعضها يرجع إلى نفس الركن أما الذي يرجع إلى المعتق خاصة فمنها أن يكون عاقلا حقيقة أو تقديرا حتى لا يصح الإعتاق من الصبي الذي لا يعقل و المجنون كما لا يصح الطلاق منها و أما المجنون الذي يجن في حال و يفيق في حال فما يوجد منه في حال إفاقته فهو فيه بمنزلة سائر العقلاء و ما يوجد منه في حال جنونه فهو بمنزلة المجنون المطبق اعتبارا للحقيقة و أما السكران فإعتاقه كطلاقه و قد مر ذلك في كتاب الطلاق و منها أن لا يكون معتوها و لا مدهوشا و لا مبرسما و لا مغمى عليه و لا نائما حتى لا يصح الإعتاق من هؤلاء كما لا يصح الطلاق منهم لما ذكرنا في الطلاق .
و منها : أن يكون بالغا فلا يصح الإعتاق من الصبي و إن كان عاقلا كما لا يصح الطلاق منه و لو قال رجل أعتقت عبدي و أنا صبي أو قال و أنا نائم كان القول قوله و الأصل فيه أنه إذا أضاف الإعتاق إلى حال معلوم و هو ليس من أهل الإعتاق فيها يصدق بأن قال أعتقته و أنا صبي أو و أنا نائم أو مجنون و قد علم جنونه أو و أنا حربي في دار الحرب على أصل أبي حنيفة و محمد و قد علم ذلك منه لأنه إذا أضاف الإعتاق إلى زمان لا يتصور منه الإعتاق لا حقيقة الإعتاق فلم يصر معترفا بالإعتاق .
و لو قال : أعتقته و أنا مجنون و لم يعلم له جنون لا يصدق لأنه إذا أضافه إلى حالة لا يتيقن وجودها فالظاهر أنه أراد الرجوع عما أقر به فلا يقبل منه و لو قال أعتقته قبل أن أخلق أو قبل أن يخلق لا يعتق لأن زمان ما قبل انخلاقه و انخلاق العبد معلوم فقد أضاف الإعتاق إلى زمان معلوم الكون و لا يتصور منه فيه الإعتاق فلا يعتق .
و أما كونه طائعا فليس بشرط عندنا خلافا للشافعي و المسألة مرت في كتاب الطلاق و كونه جادا ليس بشرط بالإجماع حتى يصح إعتاق الهازل و كذا كونه عامدا حتى يصح إعتاق الخاطىء لما ذكرنا في الطلاق و كذا التكلم باللسان ليس بشرط فيصح الإعتاق بالكتابة المستبينة و الإشارة المفهومة و كذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط في الإعتاق بعوض و بغير عوض إذا كان الخيار للمولى حتى يقع العتق و يبطل الشرط .
أما إذا كان بغير عوض فظاهر لأن ثبوت الخيار لفائدة الفسخ و الإعتاق بغير العوض لا يحتمل الفسخ و كذا إن كان بعوض لأن العوض من جانب المولى هو العتق و أنه لا يقبل الفسخ فلا معنى للخيار فيه و إن كان الخيار للعبد فخلوه عن خياره شرط صحته حتى لو رد العبد العقد في مدة الخيار فينفسخ العقد و لا يعتق لأن العوض في جانبه هو المال فكان محتملا للفسخ فيصح شرط الخيار فيه كما في الطلاق على مال و قد ذكرناه في كتاب الطلاق .
و على هذا الصلح من دم العمد بشرط الخيار و إن الخيار إن كان مشروطا للمولى يبطل الخيار و يصح الصلح لأن الخيار لثبوت الفسخ و الذي من جانب المولى و هو العفو لا يحتمل الفسخ و إن كان الخيار للقاتل جاز لأن ما هو العوض من جانبه و هو المال قابل للفسخ ثم إذا جاز الخيار و فسخ القاتل العقد هل يبطل العفو ؟ .
فالقياس : أن يبطل لأنه تعلق بشرط المال و لم يسلم المال و في الاستحسان لا يبطل و يلزم القاتل الدية كذا روي عن محمد .
أما صحة العفو و سقوط القصاص فلأن عفو الولي يصير شبهة و القصاص يسقط بالشبهات و أما وجوب الدية فلأن الولي لم يرض بإسقاطه بغير عوض و لا عوض إلا الدية إذ هي قيمة النفس ثم فرق بين الإعتاق على مال و بين الكتابة فإنه يجوز فيها شرط الخيار للمولى لأنها عقد معارضة يلحقها الفسخ فيجوز شرط الخيار في طرفيها كالبيع بخلاف الإعتاق على مال و الله عز و جل الموفق و كذا إسلام المعتق ليس بشرط فيصح الإعتاق من الكافر إلا أن إعتاق المرتد لا ينفذ في الحال في قول أبي حنيفة بل هو موقوف و عندهما نافذ و إعتاق المرتد نافذ بلا خلاف و المسألة نذكرها في كتاب السير إن شاء الله تعالى / و كذا صحة المعتق فيصح الإعتاق من المريض مرض الموت لأن دليل الجواز لا يوجب الفصل إلا أن الإعتاق من المريض يعتبر من الثلث لأنه يكون وصيه .
و منها : النية في أحد نوعي الإعتاق هو الكناية دون الصريح و يستوي في صريح الإعتاق و كناياته أن يكون ذلك بمباشرة المولى بنفسه على طريق الأصالة أو بغيره على طريق النيابة عن المولى بإذنه و أمره و ذلك أنواع ثلاثة تفويض و توكيل و رسالة فالتفويض هو التخيير و الأمر باليد صريحا و كناية على ما بينا و الأمر بالإعتاق كقوله : أعتق نفسك و قوله : أنت حر إن شئت و التوكيل هو أن يأمر غيره بالإعتاق بأن يقول لغيره أعتق عبدي فلانا من غير التقييد بالمشيئة و الرسالة معروفة و قد فسرناها في كتاب الطلاق و الحكم في هذه الفصول في العتاق كالحكم فيها في الطلاق و قد استوفينا الكلام فيها في كتاب الطلاق بتوفيق الله عز و جل و منها عدم الشك في الإعتاق و هو شرط الحكم بثبوت العتق فإن كان شاكا فيه لا يحكم بثبوته لما ذكرنا غي الطلاق