صفة الرضاع المحرم .
فصل : و أما صفة الرضاع المحرم فالرضاع المحرم ما يكون في حال الصغر فأما ما يكون في حال الكبر فلا يحرم عند عامة العلماء و عامة الصحابة Bهم إلا ما روي عن عائشة Bها : أنه يحرم في الصغر و الكبر جميعا و احتجت بظاهر قوله تعالى : { و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة } من غير فصل بين حال الصغر و الكبر .
و روي [ أن أبا حذيفة تبنى سالما و كان يدخل على امرأته سهلة بنت سهل فلما نزلت آية الحجاب أتت سهلة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم و قالت : يا رسول الله قد كنا نرى سالما ولدا و كان يدخل علي و ليس لنا إلا بيت واحد فماذا ترى في شأنه فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : أرضعيه عشر رضعات ثم يدخل عليك و كان سالم كبيرا ] فدل أن الرضاع في حال الصغر و الكبر محرم و قد عملت عائشة Bها بهذا الحديث بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم حتى روي عنها : أنها كانت إذا أرادت أن يدخل عليها أحد من الرجال أمرت أختها أم كلثوم بنت أبي بكر Bها و بنات أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق Bه أن يرضعنه .
فدل عملها بالحديث بعد موت النبي صلى الله عليه و سلم على أنه غير منسوخ .
و لنا : ما روي : [ أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل يوما على عائشة Bها فوجد عندها رجلا فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : من هذا الرجل ؟ ] .
فقالت عائشة : هذا عمي من الرضاعة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ انظرن ما أخواتكم من الرضاعة إنما الرضاعة من المجاعة ] أشار صلى الله عليه و سلم إلى أن الرضاع في الصغر هو المحرم إذ هو الذي يدفع الجوع فأما جوع الكبير فلا يندفع بالرضاع .
و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ الرضاع ما أنبت اللحم و أنشر العظم ] و ذلك هو رضاع الصغير دون الكبير لأن ارضاعه لا ينبت اللحم و لا ينشر العظم .
و روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ الرضاع ما فتق الأمعاء ] و رضاع الصغير هو الذي يفتق الأمعاء لا رضاع الكبير لأن أمعاء الصغير تكون ضيقة لا يفتقها إلا اللبن لكونه من ألطف الأغذية كما وصفه الله تعالى في كتابه الكريم بقوله عز و جل : { لبنا خالصا سائغا للشاربين } فأما أمعاء الكبير فمنفتقة لا تحتاج إلى الفتق باللبن و روي عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا رضاع بعد فصال ] .
و روي أن رجلا من أهل البادية ولدت امرأته ولدا فمات ولدها فورم ثدي المرأة فجعل الرجل يمصه و يمجه فدخلت جرعة منه حلقه فسأل عنه أبا موسى الأشعري Bه و قال : قد حرمت عليك .
ثم جاء إلى عبد الله بن مسعود Bه فسأله فقال : هل سألت أحدا فقال : نعم سألت أبا موسى الأشعري فقال : حرمت عليك فجاء ابن مسعود أبا موسى الأشعري Bهما فقال له : أما علمت أنه إنما يحرم من الرضاع ما أنبت اللحم فقال أبو موسى : لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر بين أظهركم .
و عن عبد الله بن عمر أن رجلا جاء إلى عمر Bه فقال : كانت لي وليدة أطؤها فعمدت امرأتي إليها فأرضعتها فدخلت عليها فقالت : دونك مقدور الله أرضعتها فقال عمر Bه : واقعها فهي جاريتك فإنما الرضاعة عند الصغر و بهذا / تبين أن ليس المراد من الآية الكريمة رضاع الكبير لأن النبي صلى الله عليه و سلم فسر الرضاع المحرم بكونه : دافعا للجوع منبتا للحم منشرا للعظم فاتقا للأمعاء و هذا وصف رضاع الصغير لا الكبير فصارت السنة مبينة لما في الكتاب أصله .
و أما حديث سالم فالجواب عن التعلق به من وجهين : .
أحدهما : يحتمل أنه كان مخصوصا بذلك يدل عليه ما روي أن سائر أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم أبين أن يدخل عليهن بالرضاع في حال الكبر أحد من الرجال و قلن ما نرى الذي أمر به رسول الله صلى الله عليه و سلم سهلة بنت سهيل إلا رخصة في سالم وحده فهذا يدل على أن سالما كان مخصوصا بذلك و ما كان من خصوصية بعض الناس لمعنى لا نعقله لا يحتمل القياس و لا نترك به الأصل المقرر في الشرع .
و الثاني : أن رضاع الكبير كان محرما ثم صار منسوخا بما روينا من الأخبار .
و أما عمل عائشة Bها فقد روي عنها ما يدل على رجوعها فإنه روي عنها أنها قالت : لا يحرم من الرضاع إلا ما أنبت اللحم و الدم .
و روي أنها كانت تأمر بنت أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر Bهم أن ترضع الصبيان حتى يدخلوا عليها إذا صاروا رجالا على أن عملها معارض بعمل سائر أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فإنهن كن لا يرين أن يدخل عليهن بتلك الرضاعة أحد من الرجال و المعارض لا يكون حجة و إذا ثبت أن رضاع الكبير لا يحرم و رضاع الصغير يحرم فلا بد من بيان الحد الفاصل بين الصغير و الكبير في حكم الرضاع و هو بيان مدة الرضاع المحرم .
و قد اختلف فيه قال أبو حنيفة : ثلاثون شهرا و لا يحرم بعد ذلك سواء فطم أو لم يفطم و قال أبو يوسف و محمد رحمهما الله تعالى حولان لا يحرم بعد ذلك فطم أو لم يفطم و هو قول الشافعي و قال زفر : ثلاثة أحوال : و قال بعضهم : حمس عشرة سنة و قال بعضهم : أربعون سنة .
احتج أبو يوسف و محمد بقوله : { و الوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة } جعل الله تعالى الحولين الكاملين تمام مدة الرضاعة و ليس وراء التمام شيء و بقوله تعالى : { و فصاله في عامين } .
و قوله عز و جل : { و حمله و فصاله ثلاثون شهرا } و أقل مدة ستة أشهر فبقي الفصال حولين و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا رضاع بعد الحولين و هذا نص في الباب .
و لأبي حنيفة قوله تعالى : { و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة } أثبت الحرمة بالرضاع مطلقا عن التعرض لزمان الإرضاع إلا أنه قام الدليل على أن زمان ما بعد الثلاثين شهرا ليس بمراد فيعمل بإطلاقه فيما وراءه و قوله تعالى : { فإن أرادا فصالا عن تراض منهما و تشاور } .
و الاستدلال به من وجهين : .
أحدهما : أنه أثبت لهما إرادة الفصال بعد الحولين لأن الفاء للتعقيب فيقتضي بقاء الرضاع بعد الحولين ليتحقق الفصال بعدهما .
و الثاني : أنه أثبت لهما إرادة الفصال مطلقا عن الوقت و لا يكون الفصال إلا عن الرضاع فدل على بقاء حكم الرضاع في مطلق الوقت إلى أن يقوم الدليل على التقييد و قوله تعالى : { و إن أردتم أن تسترضعوا أولادكم } أثبت لهما إرادة الاسترضاع مطلقا عن الوقت فمن ادعى التقيد بالحولين فعليه الدليل و لأن الإرضاع إنما يوجب الحرمة لكونه منبتا للحم منشرا للعظم على ما نطق به الحديث و من المحال عادة أن يكون منبتا للحم إلى الحولين ثم لا ينبت بعد الحولين بساعة لطيفة لأن الله تعالى ما أجرى العادة بتغير الغذاء إلا بعد مدة معتبرة و لأن المرأة قد تلد في البرد الشديد و الحر الشديد فإذا تم على الصبي سنتان لا يجوز أن تأمر المرأة بفطامه لأنه يخاف منه الهلاك على الولد إذ لو لم يعود بغيره من الطعام فلا بد و أن تؤمر بالرضاع و محال أن تؤمر بالرضاع و يحرم عليها الرضاع في وقت واحد فدل أن الرضاع بعد الحولين يكون رضاعا إلا أن أبا حنيفة استحسن في تقديره مدة إبقاء حكم الرضاع بعد الحولين بستة أشهر لأنه أقل مدة تغير الولد فإن الولد يبقى في بطن أمه ستة أشهر يتغذى بغذائها ثم ينفصل فيصير أصلا في الغذاء و زفر اعتبر بعد الحولين سنة كاملة فقال لما ثبت حكم الرضاع في ابتداء السنة الثالثة لما قاله أبو حنيفة يثبت في بقيتها كالسنة الأولى و الثانية .
و أما الآية الأولى ففيها أن الحولين مدة الرضاع في حق من أراد تمام الرضاعة و هذا لا ينفي أن يكون الزائد على الحولين مدة الرضاع في حق من لم يرد أن يتم الرضاعة / مع ما أن ذكر الشيء بالتمام لا يمنع من احتمال الزيادة عليه ألا ترى إلى قوله صلى الله عليه و سلم : [ من أدرك عرفة فقد تم حجه ] و هذا لا يمنع زيادة الفرض عليه فإن طواف الزيادة من فروض الحج على أن في الآية الكريمة أن الحولين تمام مدة الرضاع لكنها تمام مدة الرضاع في حق الحرمة أو في حق وجوب أجر الرضاع على الأب فالنص لا يتعرض له .
و عندهما : تمام مدة الرضاعة في حق وجوب الأجر على الأب حتى إن الأم المطلقة إذا طلبت الأجر بعد الحولين و لا ترضع بلا أجر لم يجبر الأب على أجر الرضاع فيما زاد على الحولين أو تحمل الآية على هذا توفيقا بين الدلائل لأن دلائل الله عز و جل لا تتناقض .
و أما الآية الثانية فالفصال في عامين لا ينفي الفصال في أكثر من عامين كما لا ينفيه في أقل من عامين عن تراض منهما و تشاور فكان هذا استدلالا بالمسكوت كقوله عز و جل : { فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا } الآية أنه لا يمنع جواز الكتابة إذا لم يعلم فيهم خيرا .
و أما الآية الثالثة فتحتمل ما ذكرتم أن المراد من الحمل هو الحمل بالبطن و الفصال هو الفطام فيقتضي أن تكون مدة الرضاع سنتين و مدة الحمل ستة أشهر كما روي عن عبد الله بن عباس Bهما و تحتمل أن يكون المراد من الحمل الحمل باليد و الحجر فيقتضي أن يكون الثلاثون مدة الحمل و الفصال جميعا لأنه يحمل باليد و الحجر في هذه المدة غالبا لا أن يكون بعض هذه المدة مدة الحمل و بعضها مدة الفصال لأن إضافة السنتين إلى الوقت لا تقتضي قسمة الوقت عليهما بل تقتضي أن يكون جميع ذلك الوقت مدة لكل واحد منهما كقول القائل : صومك و زكاتك في شهر رمضان هذا لا يقتضي قسمة الشهر عليهما بل يقتضي كون الشهر كله وقتا لكل واحد منهما فيقتضي أن يكون الثلاثون شهرا مدة الرضاع كما هو مذهب أبي حنيفة فلا يكون حجة مع الاحتمال على أنه إن وقع التعارض بين الآيات ظاهرا لكن ما تلونا حاظر و ما تلوتم مبيح و العمل بالحاظر أولى احتياطا .
و أما الحديث فالمشهور [ لا رضاع بعد فصال ] و نحن نقول بموجبه فجائز أن يكون أصل الحديث هذا و أن من ذكر الحولين ( حمله ) على المعنى عنده و لو ثبت هذا اللفظ فيحتمل أن يكون معناه الإرضاع على الأب بعد الحولين أي في حق وجوب الأجر عليه على ما ذكرنا من تأويل الآية أو يحمل على هذا عملا بالدلائل كلها و الله الموفق .
ثم الرضاع يحرم في المدة على اختلافهم فيها سواء فطم في المدة أو لم يفطم هذا جواب ظاهر الرواية عن أصحابنا حتى لو فصل الرضيع في مدة الرضاع ثم سقي بعد ذلك في المدة كان ذلك رضاعا محرما و لا يعتبر الفطام و إنما يعتبر الوقت فيحرم عند أبي حنيفة ما كان في السنتين و نصف و عندهما ما كان في السنتين لأن الرضاع في وقته عرف محرما في الشرع لما ذكرنا من الدلائل من غير فصل بين ما إذا فطم أو لم يفطم .
و روى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال إذا فطم في السنتين حتى استغنى بالفطام ثم ارتضع بعد ذلك في السنتين أو الثلاثين شهرا لم يكن ذلك رضاعا لأنه لا رضاع بعد الفطام و إن هي فطمته فأكل أكلا ضعيفا لا يستغني به عن الرضاع ثم عاد فأرضع كما يرضع أولا في الثلاثين شهرا فهو رضاع محرم كما يحرم رضاع الصغير الذي لم يفطم .
و يحتمل أن تكون رواية الحسن تفسيرا لظاهر قول أصحابنا و هو أن الرضاع في المدة بعد الفطام إنما يكون رضاعا محرما إذا لم يكن الفطام تاما بأن كان لا يستغني بالطعام عن الرضاع فإن استغنى لا يحرم بالإجماع و يحمل قول النبي صلى الله عليه و سلم : [ لا رضاع بعد الفصال ] على الفصال المتعارف المعتاد و هو الفصال التام المغني عن الرضاع و يستوي في الرضاع المحرم قليله و كثيره عند عامة العلماء و عامة الصحابة Bهم .
و روي عن عبد الله بن الزبير و عائشة Bهما : أن قليل الرضاع لا يحرم و به أخذ الشافعي فقال : لا يحرم إلا خمس رضعات متفرقات .
و احتج بما روي عن عائشة Bها أنها قالت : كان فيما نزل عشر رضعات يحرمن ثم صرن إلى خمس فتوفي النبي صلى الله عليه و سلم و هو فيما يقرأ و روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تحرم المصة و المصتان و لا الإملاجة و لا الإملاجتان ] و لأن الحرمة بالرضاع لكونه منبتا للحم و منشرا للعظم و هذا المعنى لا يحصل بالقليل منه فلا يكون القليل محرما .
و لنا : قوله عز و جل : { أمهاتكم اللاتي أرضعنكم و أخواتكم من الرضاعة } مطلقا عن القدر و روي عن علي و عبد الله / بن مسعود و عبد الله بن عباس Bهم أنهم قالوا : قليل الرضاع و كثيره سواء .
و روي عن ابن عمر Bهما أنه قال : الرضعة الواحدة تحرم و روي أنه لما بلغه أن عبد الله بن الزبير يقول : لا تحرم الرضعة و الرضعتان فقال : قضاء الله خير من قضاء ابن الزبير و تلا قوله تعالى : { و أمهاتكم اللاتي أرضعنكم } و روي أنه لما بلغه أن عائشة Bها تقول : لا تحرم المصة و المصتان فقال : حكم الله تعالى أولى و خير من حكمها .
و أما حديث عائشة Bها فقد قيل : إنه لم يثبت عنها و هو الظاهر فإنه روي أنها قالت : [ توفي النبي صلى الله عليه و سلم و هو مما يتلى في القرآن ] فما الذي ( نسخه ) و لا نسخ بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم ؟ و لا يحتمل أن يقال ضاع شيء من القرآن و لهذا ذكر الطحاوي في اختلاف العلماء أن هذا حديث منكر و أنه من صيارفة الحديث و لئن ثبت فيحتمل أنه كان في رضاع الكبير فنسخ العدد بنسخ رضاع الكبير .
و أما حديث المصة و المصتين فقد ذكر الطحاوي : أن في إسناده إضطرابا لأن مداره على عروة بن الزبير عن عائشة Bها و روي أنه سئل عروة عن الرضاعة فقال : ما كان في الحولين و إن كان قطرة واحدة محرم و الراوي إذا عمل بخلاف ما روي أوجب ذلك وهنا في ثبوت الحديث لأنه لو ثبت عنده لعمل به على أنه إن ثبت فيحتمل أن الحرمة لم تثبت لعدم القدر المحرم و يحتمل أنها لم تثبت لأنه لا يعلم أن اللبن وصل إلى جوف الصبي أم لا و ما لم يصل لا يحرم فلا يثبت لعدم القدر المحرم و لا تثبت الحرمة بهذا الحديث بالاحتمال و لهذا قال ابن عباس Bهما : إذا عقى الصبي فقد حرم حين سئل عن الرضعة الواحدة هل تحرم لأن العقي اسم لما يخرج من بطن الصبي حين يولد أسود لزج إذا وصل اللبن إلى جوفه يقال هل عقيتم صبيكم أي هل سقيتموه عسلا ليسقط عنه عقيه إنما ذكر ذلك ليعلم أن اللبن قد صار في جوفه لأنه لا يعقي من ذلك اللبن حتى يصير في جوفه و يحتمل أنه كان ذلك في إرضاع الكبير حين كان محرما ثم نسخ .
و أما قوله : إن الرضاع إنما يحرم لكونه منبتا للحم منشرا للعظم فنقول القليل ينبت و ينشر بقدره فوجب أن يحرم بأصله و قدره على أن هذه الأحاديث إن ثبتت فهي مبيحة و ما تلونا محرم و المحرم يقضي على المبيح احتياطا لأن الجرعة الكثيرة عنده لا تحرم و معلوم أن الجرعة الواحدة الكثيرة في إنبات اللحم و إنشار العظم فوق خمس رضعات صغار فدل أنه لا مدار على هذا و كذا يستوي فيه لبن الحية و الميتة بأن حلب لبنها في حال حياتها في إناء فأوجر به الصبي بعد موتها أنه يثبت به الحرمة .
وجه قوله : أن حكم الرضاع هو الحرمة و المرأة بالموت خرجت من أن تكون محلا لهذا الحكم و لهذا لم تثبت حرمة المصاهرة بوطئها عندكم فصار لبنها كلبن البهائم و لو ارتضع صغيران من لبن بهيمة لا تثبت حرمة الرضاع بينهما كذا هذا و إذا لم تثبت الحرمة في حقها لا تثبت في حق غيرها لأن المرضعة أصل في هذا الحكم فأولا يثبت في حقها ثم يتعدى إلى غيرها فإذا لم يثبت في حقها فكيف يتعدى إلى غيرها بخلاف ما إذا حلب حال حياتها ثم أوجر الصبي بعد وفاتها لأنها كانت محلا قابلا للحكم وقت انفصال اللبن منها فلا يبطل بموتها بعد ذلك و ههنا بخلافه و لأن اللبن قد ينجس بموتها لتنجس وعائه و هو الثدي فأشبه البول و الدم .
و لنا الحديث المشهور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ أنه يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب ] و اسم الرضاع لا يقف على الارتضاع من الثدي فإن العرب تقول يتيم راضع و إن كان يرضع بلبن الشاة و البقر و لا على فعل الارتضاع منها بدليل أنه لو ارتضع الصبي منها و هي نائمة يسمى ذلك رضاعا حتى يحرم و يقال أيضا أرضع هذا الصبي بلبن هذه الميتة كما يقال أرضع بلبن الحية و قوله صلى الله عليه و سلم : [ الرضاع من المجاعة ] و قوله : [ الرضاع ما أنبت اللحم و أنشر العظم ] و قوله صلى الله عليه و سلم [ الرضاع ما فتق الأمعاء ] و لبن الميتة يدفع الجوع و ينبت اللحم و ينشر العظم و يفتق الأمعاء فيوجب الحرمة و لأن اللبن كان محرما في حال الحياة و العارض هو الموت و اللبن لا يموت كالبيضة كذا روي عن عمر Bه أنه قال : ( اللبن لا يموت ) و لأن الموت يحل محل الحياة و لا حياة في اللبن .
ألا ترى أنها لم تتألم بأخذه في حال حياتها و الحيوان يتألم بأخذ ما فيه حياة من لحمه و سائر أعضائه و إذا لم يكن فيه حياة كان حاله بعد موت المرأة كحاله قبل موتها و قبل موتها محرم و كذا بعده .
و أما قوله : المرأة بالموت خرجت من أن تكون محلا للحرمة و هي الأصل في / هذه الحرمة فنقول : الحرمة في حال الحياة ما ثبتت باعتبار الأصالة و التبعية بل باعتبار إنبات اللحم و إنشار العظم : و قد بقي هذا المعنى بعد الموت فتبقى الحرمة بخلاف حرمة المصاهرة لأنها تثبت لدفع فساد قطيعة الرحم أو باعتبار الجزئية و البعضية لكون الوطء سببا لحصول الولد و كل واحد من المعنيين لا يتقدر بعد الموت لذلك افتراقا و قوله : اللبن ينجس بالموت ممنوع و هذا شيء بناه على أصله فأما على أصل أصحابنا فاللبن لا ينجس بالموت بل هو طاهر بعد الموت و إن تنجس الوعاء الأصلي له و نجاسة الظرف إنما توجب نجاسة المظروف إذا لم يكن الظرف معدنا للمظروف و موضعا له في الأصل موضعه و مظانه فنجاسته لا توجب نجاسة المظروف .
ألا ترى أن الدم الذي يجري بين اللحم و الجلد في المذكاة لا ينجس اللحم لما كان في معدنه و مظانه فكذلك اللبن و الدليل عليه أنه لو حلب لبنها في حال حياتها في وعاء نجس فأوجر به الصبي يحرم و لا فرق بين الوعائين إذ النجس في الحالين ما يجاور اللبن لا عينه ثم نجاسة الوعاء الذي ليس بمعدن اللبن لما لم يمنع وقوع التحريم فما هو معدن له أولى و يستوي في تحريم الرضاع الارتضاع من الثدي و الإسعاط و الإيجار لأن المؤثر في التحريم هو حصول الغذاء باللبن و إنبات اللحم و إنشار العظم و سد المجاعة لأن يتحقق الجزئية و ذلك يحصل بالإسعاط و الإيجار لأن السعوط يصل إلى الدماغ و إلى الحلق فيغذي و يسد الجوع و الوجور يصل إلى الجوف فيغذي و أما الإقطار في الأذن فلا يحرم لأنه لا يعلم وصوله إلى الدماغ لضيق الخرق في الأذن .
و كذلك الإقطار في الإحليل لأنه لا يصل إلى الجوف فضلا عن الوصول إلى المعدة و كذلك الإقطار في العين و القبل لما قلنا .
و كذلك الأقطار في الجائفة و في الآمة لأن الجائفة تصل إلى الجوف لا إلى المعدة و الآمة إن كان يصل إلى المعدة لكن ما يصل إليها من الجراحة لا يحصل به الغذاء فلا تثبت به الحرمة و الحقنة لا تحرم بأن حقن الصبي باللبن في الرواية المشهورة .
و روي عن محمد : أنها تحرم وجه هذه الرواية أنها وصلت إلى الجوف حتى أوجبت فساد الصوم فصار كما لو وصل من الفم وجه ظاهر الرواية أن المعتبر في هذه الحرمة هو معنى التغذي و الحقنة لا تصل إلى موضع الغذاء لأن موضع الغذاء هو المعدة و الحقنة لا تصل إليها فلا يحصل بها نبات اللحم و نشور العظم و اندفاع الجوع فلا توجب الحرمة و لو جعل اللبن مخيضا أو رائبا أو شيرازا أو جينا أو قطا أو مصلا فتناوله الصبي لا يثبت به الحرمة لأن اسم الرضاع لا يقع عليه و كذا لا ينبت اللحم و لا ينشر العظم و لا يكتفي به الصبي في الاغتذاء فلا يحرم و لو اختلط اللبن بغيره فهذا على وجوه : إما إن اختلط بالطعام أو بالدواء أو بالماء أو بلبن البهائم أو بلبن امرأة أخرى فإن اختلط بالطعام فإن مسته النار حتى نضج لم يحرم في قولهم جميعا لأنه تغير عن طبعه بالطبخ و إن لم تمسه النار فإن كان الغالب هو الطعام لم تثبت الحرمة لأن الطعام إذا غلب سلب قوة اللبن و أزال معناه و هو التغذي فلا يثبت به الحرمة و إذا كان اللبن غالبا للطعام و هو طعام يستبين لا يثبت به الحرمة في قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد : يثبت .
وجه قولهما : أن اعتبار الغالب و إلحاق المغلوب بالعدم أصل في الشرع فيجب اعتباره ما أمكن كما إذا اختلط بالماء أو بلبن شاة و لأبي حنيفة أن الطعام و إن كان أقل من اللبن فإنه يسلب قوة اللبن لأنه يرق و يضعف بحيث يظهر ذلك في حس البصر فلا تقع الكفاية به في تغذية الصبي فكان اللبن مغلوبا معنى و إن كان غالبا صورة و إن اختلط بالدواء أو بالدهن أو بالنبيذ يعتبر فيه الغالب فإن كان اللبن غالبا يحرم لأن هذه الأشياء لا تحل بصفة اللبن و صيرورته غذاء بل يقدر ذلك لأنها إنما تخلط باللبن ليوصل اللبن إلى ما كان ليصل إليه بنفسه لاختصاصها بقوة التنفيذ ثم اللبن بانفراده يحرم فمع هذه الأشياء أولى و إن كان الدواء هو الغالب لا تثبت به الحرمة لأن اللبن إذا صار مغلوبا صار مستهلكا فلا يقع به التغذي فلا تثبت به الحرمة و كذا إذا اختلط بالماء يعتبر فيه الغالب أيضا فإذا كان اللبن غالبا يثبت فيه الحرمة و إن كان الماء غالبا لا يثبت به و هذا عندنا .
و عند الشافعي : إذا قطر من الثدي مقدار خمس رضعات في حب ماء فسقي منه الصبي تثبت به الحرمة .
وجه قوله : أن اللبن وصل إلى جوف الصبي بقده في وقته فتثبت الحرمة كما إذا كان اللبن غالبا و لا شك في وقت الرضاع و الدليل على أن القدر المحرم من اللبن وصل إلى جوف الصبي أن اللبن و إن كان مغلوبا فهو موجود شائع في أجزاء الماء و إن كان لا يرى فيوجب الحرمة .
و لنا : أن الشرع علق الحرمة في باب الرضاع بمعنى التغذي على ما نطقت به الأحاديث و اللبن المغلوب بالماء لا يغذي الصبي لزوال قوته ألا ترى أنه لا يقع الاكتفاء به في تغذية الصبي فلم يكن محرما و قد خرج الجواب عما ذكره المخالف و ذكر الجصاص أن جواب الكتاب ينبغي أن يكون قولهما فأما على قول أبي حنيفة ينبغي أن لا يحرم و إن كان اللبن غالبا و قاس الماء على الطعام و جمع بينهما من حيث إن اختلاطه بالماء يسلب قوته و إن كان الماء قليلا كاختلاطه بالطعام القليل .
و في ظاهر الرواية أطلق الجواب و لم يذكر الخلاف و لو اختلط بلبن البهائم كلبن الشاة و غيره يعتبر فيه الغالب أيضا لما ذكرنا و لو اختلط لبن امرأة بلبن امرأة أخرى فالحكم للغالب منهما في قول أبي يوسف .
و روي عن أبي حنيفة كذلك و عند محمد : يثبت الحرمة منهما جميعا و هو قول زفر .
وجه قول محمد : أن اللبنين من جنس واحد و الجنس لا يغلب الجنس فلا يكون خلط الجنس بالجنس استهلاكا فلا يصير القليل مستهلكا في الكثير فيغذي الصبي كل واحد منهما بقدره بإنبات اللحم و إنشار العظم أو سد الجوع لأن أحدهما لا يسلب قوة الآخر .
و الدليل على أن خلط الجنس بالجنس لا يكون استهلاكا له : أن من غضب من آخر زيتا فخلطه بزيت آخر اشتركا فيه في قولهما جميعا و لو خلطه بشيرج أو بدهن آخر من غير جنسه يعتبر الغالب فإن كان الغالب هو المغصوب كان لصاحبه أن يأخذه و يعطيه قسط ما اختلط بزيته و إن كان الغالب غير المغصوب صار المغصوب مستهلكا فيه و لم يكن له أن يشاركه فيه و لكن الغاصب يغرم له مثل ما غصبه فدل ذلك على اختلاف حكم الجنس الواحد و الجنسين و أبو يوسف اعتبر هذا النوع من الاختلاط باختلاط اللبن بالماء و هناك الحكم للغالب كذا ههنا و لمحمد : أن يفرق بين الفصلين فإن اختلاط اللبن بما هو من جنسه لا يوجب الإخلال بمعنى التغذي من كل واحد منهما بقدره لأن أحدهما لا يسلب قوة الآخر و ليس كذلك اختلاط اللبن بالماء و اللبن مغلوب لأن الماء يسلب قوة اللبن أو يحل به فلا يحصل التغذي أو يختل و الله عز و جل أعلم .
و لو طلق الرجل امرأته و لها لبن من ولد منه فانقضت عدتها و تزوجت بزوج آخر و هي كذلك فأرضعت صبيا عند الثاني ينظر إن رضعت قبل أن تحمل من الثاني فالرضاع من الأول بالإجماع لأن اللبن نزل من الأول فلا يرتفع حكمه بارتفاع النكاح كما لا يرتفع بالموت و كما لو حلب منها لبن ثم ماتت لا يبطل حكم الرضاع من لبنها كذا هذا و إن أرضعت بعدما وضعت من الثاني فالرضاع من الثاني بالإجماع لأن اللبن منه ظاهرا و إن أرضعت بعد ما حملت من الثاني قبل أن تضع فالرضاع من الأول إلى أن تضع في قول أبي حنيفة .
و قال أبو يوسف : إن علم أن هذا اللبن من الثاني بأن ازداد لبنها فالرضاع من الثاني و إن لم يعلم فالرضاع من الأول .
و روى الحسن بن زياد عنه : أنها إذا حبلت فاللبن للثاني و قال محمد و زفر : الرضاع منهما جميعا إلى أن تلد فإذا ولدت فهو من الثاني .
وجه قول محمد : أن اللبن الأول باق و الحمل سبب لحدوث زيادة لبن فيجتمع لبنان في ثدي واحد فتثبت الحرمة بهما كما قال في اختلاط أحد اللبنين بالآخر بخلاف ما إذا وضعت لأن اللبن الأول ينقطع بالوضع ظاهرا أو غالبا فكان اللبن من الثاني فكان الرضاع منه .
وجه قول أبي يوسف : أن الحامل قد ينزل لها لبن فلما ازداد لبنها عند الحمل من الثاني دل أن الزيادة من الحمل الثاني إذ لو لم يكن لكان لا يزداد بل ينقص إذ العادة أن اللبن ينقص بمضي الزمان و لا يزداد فكانت الزيادة دليلا على أنها من الحمل الثاني لا من الأول .
وجه رواية الحسن عنه : أن العادة أن بالحمل ينقطع اللبن الأول و يحدث عنده لبن آخر فكان الموجود عند الحمل الثاني من الحمل الثاني لا من الأول فكان الرضاع منه لا من الأول .
و لأبي حنيفة : أن نزول اللبن من الأول ثبت بيقين لأن الولادة سبب لنزول اللبن بيقين / عادة فكان حكم الأول ثابتا بيقين فلا يبطل حكمه ما لم يوجد سبب آخر مثله بيقين و هو ولادة أخرى لا الحمل لأن الحامل قد ينزل لها لبن بسبب الحمل و قد لا ينزل حتى تضع و الثابت بيقين لا يزول بالشك .
و أما قول أبي يوسف لما ازداد اللبن دل على حدوث اللبن مع الثاني فممنوع أن زيادة اللبن تدل على حدوث اللبن من الحمل فإن لزيادة اللبن أسبابا من زيادة الغذاء و جودته و صحة البدن و اعتدال الطبيعة و غير ذلك فلا يدل الحمل على حدوث الزيادة بالشك فلا ينقطع الحكم عن الأول بالشك و قد خرج الجواب عما قاله محمد و الله الموفق للصواب .
و يستوي في تحريم الرضاع الرضاع المقارن للنكاح و الطارىء عليه لأن دلائل التحريم لا توجب الفصل بينهما و بيان هذا الأصل في مسائل : إذا تزوج صغيرة فأرضعتها أمه من النسب أو من الرضاع حرمت عليه لأنها صارت أختا له من الرضاع فتحرم عليه كما في النسب و كذا إذا أرضعتها أخته أو بنته من النسب أو من الرضاع لأنها صارت بنت أخته أو بنت بنته من الرضاعة و أنها تحرم من الرضاع كما تحرم من النسب .
و لو تزوج صغيرتين رضيعتين فجاءت امرأة أجنبية فأرضعتهما معا أو على التعاقب حرمتا عليه لأنهما صارتا أختين من الرضاعة فيحرم الجمع بينهما في حالة البقاء كما يحرم في حالة الابتداء كما في النسب و يجوز أن يتزوج إحداهما أيتهما شاء لأن المحرم هو الجمع كما في النسب فإن كن ثلاثا فأرضعتهن جميعا معا حرمن عليه لأنهن صرن أخوات من الرضاعة فيحرم الجمع بينهن و له أن يتزوج واحدة منهن أيتهن شاء لما قلنا .
و إن أرضعتهن على التعاقب واحدة بعد واحدة حرمت عليه الأولتان و كانت الثالثة زوجته لأنها لما أرضعت الأولى ثم الثانية صارتا أختين فبانتا منه فإذا أرضعت الثالثة فقد صارت أختا لهما لكنهما أجنبيتين فلم يتحقق الجمع فلا تبين منه و كذا إذا أرضعت البنتين معا ثم الثالثة حرمتا و الثالثة امرأته لما قلنا و لو أرضعت الأولى ثم الثنتين معا حرمن جميعا لأن الأولى لم تحرم بهذا الإرضاع لعدم الجمع فإذا أرضعت الأخرتين معا صرن أخوات في حالة واحدة فيفسد نكاحهن و لو كن أربع صبيات فأرضعتهن على التعاقب واحدة بعد واحدة حرمن جميعا لأنها لما أرضعت الثانية فقد صارت أختا للأولى فحصل الجمع بين الأختين من الرضاعة فبانتا و لما أرضعت الرابعة فقد صارت أختا للثالثة فحصل الجمع فبانتا و حكم المهر و الرجوع في هذه المسائل نذكره في المسألة التي تليها و هي ما إذا تزوج صغيرة و كبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة .
أما حكم النكاح فقد حرمتا عليه لأن الصغيرة صارت بنتا لها و الجمع بين الأم و البنت من الرضاع نكاحا حرام كما يحرم من النسب ثم إن كان ذلك بعد ما دخل بالكبيرة لا يجوز له أن يتزوج واحدة منهما أبدا كما في النسب و إن كان قبل أن يدخل بالكبيرة جاز له أن يتزوج الصغيرة لأنها ربيبته من الرضاع لم يدخل بأمها فلا يحرم عليه نكاحها كما في النسب لا يجوز له أن يتزوج الكبيرة أبدا لأنها أم منكوحته من الرضاع فتحرم بمجرد نكاح البنت دخل بها أو لم يدخل بها كما في النسب .
و أما حكم المهر فأما الكبيرة فإن كان قد دخل بها فلها جميع مهرها سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد لأن المهر قد تأكد بالدخول فلا يحتمل السقوط بعد ذلك فلها مهرها و لها السكنى و لا نفقة لها لأن السكنى حق الله تعالى فلا تسقط بفعلها و النفقة تجب حقا لها بطريقة الصلة و بالإرضاع خرجت عن استحقاق الصلة فإن كان لم يدخل بها سقط مهرها فلا مهر لها و لا سكنى و لا نفقة سواء تعمدت الفساد أو لم تتعمد لأن الأصل أن الفرقة الحاصلة قبل الدخول توجب سقوط كل المهر لأن المبدل يعود سليما إلى المرأة و سلامة المبدل لأحد المتعاقدين يوجب سلامة البدل للآخر لئلا يجتمع المبدل و البدل في ملك واحد في عقد المبادلة كان ينبغي أن لا يجب على الزوج شيء سواء كانت الفرقة بغير طلاق أو بطلاق إلا أن الشرع أوجب عليه في الطلاق قبل الدخول مالا مقدرا بنصف المهر المسمى ابتداء بطريق المتعة صلة لها تطييبا لقلبها لما لحقها من وحشة الفراق بفوات نعمة الزوجية عنها من غير رضاها فإذا أرضعت فقد رضيت بارتفاع النكاح فلا تستحق شيئا و أما الصغيرة : فلها نصف المهر على الزوج عند عامة العلماء