فصل : في التيمم .
فصل : و أما التيمم فالكلام في التيمم يقع في مواضع في بيان جوازه و في بيان معناه لغة و شرعا و في بيان ركنه و في كيفيته و في بيان شرائط الركن و في بيان ما يتيمم به و في بيان وقت التيمم و في بيان صفة التيمم و في بيان ما يتيمم منه و في بيان ما ينقضه .
أما الأول : فلا خلاف في أن التيمم من الحدث جائز عرف جوازه بالكتاب و السنة و الإجماع : .
أما الكتاب : فقوله تعالى : { و إن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا } .
و قيل : إن الآية نزلت في غزوة ذات الرقاع نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم للتعريس فسقط من عائشة Bها قلادة لأسماء Bها فلما ارتحلوا ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فبعث رجلين في طلبها فأقام ينتظرهما فعدم الناس الماء و حضرت صلاة الفجر فأغلظ أبو بكر Bه على عاثشة Bها و قال لها : حبست المسلمين فنزلت الآية فقال أسيد بن حضير : يرحمك الله يا عائشة ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله للمسلمين فيه فرجا .
و أما السنة : فما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ التيمم وضوء المسلم و لو إلى عشر حجج ما لم يجد الماء أو يحدث ] .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ جعلت لي الأرض مسجدا و طهورا أينما أدركتني الصلاة تيممت و صليت ] .
وروي عنه أنه قال : [ التراب طهور المسلم ما لم يجد الماء ] و عليه إجماع الأمة .
و اختلف الصحابة في جوازه من الجنابة فقال علي و عبد الله بن عباس Bهم : جائز .
و قال عمر Bه وعبد الله بن مسعود Bهما : لا يجوز و قال الضحاك : رجع ابن مسعود عن هذا و حاصل اختلافهم راجع إلى تأويل قوله تعالى في آية التيمم { أو لامستم النساء } أو لمستم فعلي و ابن عباس أولا ذلك بالجماع و قالا : كنى الله تعالى عن الوطء بالمسيس و الغشيان و المباشرة و الإفضاء و الرفث و عمر و ابن مسعود أولاه بالمس باليد فلم يكن الجنب داخلا في هذه الآية فبقي الغسل واجبا عليه بقوله : { و إن كنتم جنبا فاطهروا } وأصحابنا أخذوا بقول علي و ابن عباس لموافقة الأحاديث المروية عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ للجنب من الجماع أن يتيمم إذا لم يجد الماء ] .
و [ عن أبي هريرة أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم و قال : يا رسول الله إنا قوم نسكن الرمال و لا نجد الماء .
شهرا أو شهرين و فينا الجنب و النفساء و الحانض فكيف نصنع فقال في صلى الله عليه و سلم : عليكم بالأرض ] و في رواية .
[ عليكم بالصعيد ] و كذا حديث عمار Bه و غيره على ما نذكره .
و يجوز التيمم من الحيض و النفاس لما روينا من حديث أبي هريرة Bه و لأنهما بمنزلة الجنابة فكان ورود النص في الجنابة ورودا فيهما دلالة .
و للمسافر أن يجامع امرأته و أن كان لا يجد الماء و قال مالك : يكره .
وجه قوله : أن جواز التيمم للجنب اختلف فيه كبار الصحابة Bهم فكان الجماع اكتسابا لسبب وقوع الشك في جواز الصلاة فيكره .
و لنا ما روي عن [ أبي مالك الغفاري Bه أنه قال : قلت للنبي أ أجامع امرأتي و أنا لا أجد الماء ؟ .
فقال : جامع امرأتك و إن كنت لا تجد الماء إلى عشر حجج فإن التراب كافيك ] .
وأما بيان معناه فالتيمم في اللغة : القصد يقال : تيمم و يمم إذا قصد و منه قول الشاعر : .
( و ما أدري إذا يممت أرضا ... أريد الخير أيهما يليني ) .
( أ ألخيرالذي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي هوببتغيني ) .
قوله : يممت أي قصدت .
و في عرف الشرع عبارة عن استعمال الصعيد في عضوين مخصوصين على قصد التطهير بشرائط مخصوصة نذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى