فيما لو قالت : اخلعني على ما في يدي .
و كذلك إذا قالت : على ما في بيتي من متاع أنه إن كان هناك متاع فهو له و إن لم يكن يرجع عليها بالمهر لأنها غرته بتسمية مال متقوم فيلزمها ضمان الغرور و هو رد المهر المستحق لما قلنا .
ولو قالت : على ما في بطن غنمي أو ضروعها أو على ما في نخلي أو شجري و لم تزد على ذلك فإن كان هناك شيء أخذه لأن التسمية وقعت على مال متقوم موجود لكنه مجهول لكن الجهالة ليست بمتفاحشة فلا تمنع استحقاق الشيء و لو لم يكن هناك شيء فلا له لانعدام تسمية مال متقوم لأنها ذكرت ما في بطنها و قد يكون في بطنها مال متقوم و قد لا يكون فلم تصر بذكره غارة لزوجها بل الزوج هو الذي غر نفسه و الرجوع بحكم الغرور و لا غرور منها فلا يرجع عليها بشيء .
و إن قالت : اختلعت منك على ما تلد غنمي أو تحلب أو بثمر نخلي أو شجري أو على ما أرثه العام أو أكسبه أو ما أستغل من عقاري فقبل الزوج وقعت الفرقة و عليها أن ترد ما استحقت من المهر و إن ولدت الغنم و أثمر النخل و الشجر أما وقوع الفرقة : فلما ذكرنا أن ذلك يقف على قبول ما يصلح عوضا صحت تسميته عوضا .
و اما وجوب رد المستحق فلأنه لا سبيل إلى استحقاق المسمى لكونه معدوما وقت الخلع و يجوز أن يوجد و يجوز أن لا يوجد و استخقاق المعدوم الذي له خطر الوجود و العدم في المعارضة لم يرد الشرع به و ورد بتحمل الجهالة إذا لم يختلف المعقود في قدر ما يتحمل لاختلافهما في احتمال السعة و الضيق و لا سبيل إلى إهدار التسمية رأسا لأنها سمت مالا متقوما فلزم الرجوع إلى المهر المستحق بعقد النكاح .
و لو قالت : اخلعني على ما في يدي من دراهم أو دنانير أو فلوس فإن كان في يدها شيء من ذلك فهو له قل أو كثر لأنها سمت مالا متقوما و المسمى موجود فصحت التسمية و إن كان المسمى مجهول القيمة و له ما في يدها من الجنس المذكور قل أو كثر لأنه ذكر باسم الجمع فيتناول الثلاث فصاعدا و إن لم يكن في يدها شيء أو كان أقل من ثلاثة فعليها من كل صنف سمته ثلاثة وزنا في الدراهم و الدنانير و عددا في الفلوس لوجود تسمية المال المتقوم لأن الدراهم و الدنانير و الفلوس أموال متقومة و المذكور بلفظ الجمع و أقل الجمع الصحيح ثلاثة فينصرف إليها و يتعين المسمى كما في الوصية بالدراهم بخلاف النكاح و العتق فإنه إذا تزوج امرأة على ما في يده من الدراهم و ليس في يده من الدراهم شيء يجب عليه مهر المثل .
و لو أعتق عبده على ما في يده من الدراهم و ليس في يده شيء يجب عليه قيمة نفسه لأن منافع البضع ليست بمتقومة عند الخروج عن الملك فلا يشترط كون المسمى معلوما و اعتبر المسمى مع جهالته في نفسه و حمل على المتيقن بخلاف النكاح لأن منافع البضع عند الدخول في الملك متقومة و كذا العبد متقوم في نفسه فلا ضرورة إلى اعتبار المسمى المجهول .
ولو قالت : على ما في يدي و لم تزد عليه فإن كان في يدها شيء فهو له لأن التسمية وقعت على مال متقوم موجود فصحت و استحق عليها ما في يدها قل او كثر لأن كلمة ما عامة فيما لا يعلم و إن لم يكن في يدها شيء فلا شيء لأنه إذا لم يكن في يدها شيء فلم توجد تسمية مال متقوم لأنها سمت ما في يدها و قد يكون في يدها شيء متقوم و قد لا يكون فلم يوجد شرط وجوب شيء فلا يلزمها شيء .
و لو اختلعت الأمة من زوجها على جعل بغير أمر مولاها وقع الطلاق و لا شيء عليها من الجعل حتى تعتق .
أما وقوع الطلاق فلأنه يقف على قبول ما جعل عوضا و قد وجد و أما وجوب الجعل بعد العتق فلأنها سمت مالا متقوما موجودا و هو معلوم أيضا و هي من أهل التسمية فصحت التسمية إلا أنه تعذر الوجوب للحال لحق المولى فيتأخر إلى ما بعد العتق و إن كان بإذن المولى لزمها الجعل و تباع فيه لأنه دين ظهر في حق المولى فتباع فيه كسائر الديون .
و كذلك امكاتبة إذا اختلعت من زوجها على جعل يجوز الخلع و يقع الطلاق و يتأخر الجعل إلى ما بعد العتاق و إن أذن المولى لأن رقبتها لا تحتمل البيع فلا تحتمل تعلق الدين بها .
و لو خلع امرأته على رضاع ابنه سنتين جاز الخلع و عليها أن ترضعه سنتين فإن مات ابنها قبل أت ترضعه شيئا يرجع عليها بقيمة الرضاع للمدة و إن مات في بعض المدة رجع عليها بقيمة ما بقي لأن الرضاع مما يصح الاستئجار عليه قال الله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } فيصح أن يجعل جعلا في الخلع و هلاك الولد قبل الرضاع كهلاك عوض اختلعت عليه فهلك في يدها قبل التسليم فيرجع إلى قيمته .
و لو شرط عليها نفقة الولد بعد الحولين و ضرب لذلك أجلا أربع سنين أو ثلاث سنين فذلك باطل و إن هلك الولد قبل تمام الرضاع فلا شيء عليها لأن النفقة ليس لها مقدار معلوم فكانت الجهالة متفاحشة فلا يلزمها شيء و لكن الطلاق واقع لما ذكرنا .
و لو اختلعت في مرضها فهو من الثلث لأنها متبرعة في قبول البدل فيعتبر من الثلث فإن ماتت في العدة فلها الأقل من ذلك و من ميراثه منها و لو خالعها على حكمه أو حكمها أو حكم أجنبي فعليها المهر الذي استحقته بعد النكاح لأن الخلع على الحكم خلع بتسمية فاسدة لتفاحش الجهالة و الخطر أيضا فلم تصح التسمية فلا تستحق المسمى قيرجع عليها بالمهر لأن الخلع على الحكم خلع على ما يقع به الحكم و لا يقع إلا بمال متقوم عادة فكان الخلع على الحكم خلعا على مال متقوم فقد غرته بتسمية مال متقوم إلا أنه لا سبيل إلى استحقاق ما يقع به الحكم لكونه مجهولا جهالة متفاحشة كجهالة الجنس فترجع إلى ما استحقته من المهر ثم ينظر إن كان الحكم إلى الزوج فإن حكم بمقدار المهر تجبر المرأة على تسليم ذلك لأنه حكم بالقدر المستحق و كذلك إن حكم بأقل من مقدار المهر لأنه حط بعضه فهو تملك حط بعضه لأنه تملك حط الكل فالبعض أولى .
و إن حكم بأكثر من المهر لم تلزمها الزيادة لأنه حكم لنفسه بأكثر من القدر المستحق فلا يصح إلا برضاها و إن كان الحكم إليها فإن حكمت بقدر المهر جاز ذلك لأنها حكمت بالقدر المستحق .
و كذلك إن حكمت بأكثر من قدر المهر لأنها حكمت لنفسها بالزيادة و هي تملك بذل الزيادة .
و إن حكمت بأقل من المهر لم يجز إلا برضا الزوج لأنها حطت بعض ما عليها و هي لا تملك حط ما عليها .
و إن كان الحكم للأجنبي فإن حكم بقدر المهر جاز و إن حكم بزيادة أو نقصان لم تجز الزيادة إلا برضا المرأة و النقصان إلا برضا الزوج لأن في الزيادة إبطال حق المرأة و في النقصان إبطال حق الزوج فلا يجوز من غير رضا صاحب الحق و لو اختلفا في جنس ما وقع عليه الطلاق أو نوعه أو قدره فالقول قول المرأة و على الزوج البينة لأن قبول البدل إلى المرأة و الزوج يدعي عليها شيئا و هي تنكر فكان القول قولها .
و لو قال لها : طلقتك أمس على ألف درهم أو ألف درهم فلم تقبلي فقالت : لا بل كنت قبلت فالقول قول الزوج فرق بين هذا و بين ما إذا قال لإنسان : بعتك هذا العبد أمس بألف درهم فلم تقبل فقال : لا بل قبلت إن القول قول المشتري و وجه الفرق : أن الزوج في مسألة الطلاق لم يصر مناقضا في قوله فلم تقبلي لأن قول الرجل لامرأته طلقتك أمس على ألف يسمي طلاقا على الف قبلته المرأة أو لم تقبل فلم يكن الزوج في قوله فلم تقبلي مناقضا بخلاف البيع لأن الإيجاب بدون القبول لا يسمى بيعا فكان الإقرار بالإيجاب إقرارا بالقبول فصار البائع مناقضا في قوله فلم تقبل و لأن المرأة في باب الطلاق تدعي وقوع الطلاق لأنها تدعي وجود شرط الوقوع و الزوج ينكر الوقوع لإنكاره شرط الوقوع فكان القول قول المنكر و الله الموفق