فصل : و أما الذي يرجع إلى نفس التصريف .
و أما الذي يرجع إلى المولى عليه فنقول : الولاية بالنسبة إلى المولى عليه نوعان : ولاية حتم و إيجاب و ولاية ندب و استحباب و هذا على أصل أبي حنيفة و أبي يوسف الأول و أما على أصل محمد فهي نوعان أيضا : ولاية استبداد و ولاية شركة و هي قول أبي يوسف الآخر و كذا قول الشافعي إلا أن بينهما اختلاف في كيفية الشركة على ما نذكر إن شاء الله .
و أما ولاية الحتم و الإيجاب و الاستبداد فشرط ثبوتها على أصل أصحابنا كون المولى عليه صغيرا أو صغيرة أو مجنونا كبيرا أو مجنونة كبيرة سواء كانت الصغيرة بكرا أو ثيبا فلا تثبت هذه الولاية على البالغ العاقل و لا على العاقلة البالغة و على أصل الشافعي شرط ثبوت ولاية الاستبداد في الغلام هو الصغر و في الجارية البكارة سواء كانت صغيرة أو بالغة فلا تثبت هذه الولاية عنده على الثيب سواء كانت بالغة أو صغيرة و الأصل أن هذه الولاية على أصل أصحابنا تدور مع الصغر وجودا و عدما في الصغير و الصغيرة و عنده في الصغير كذلك أما في الصغيرة فإنها تدور مع البكارة وجودا و عدما و في الكبير و الكبيرة تدور مع الجنون وجودا و عدما سواء كان الجنون أصليا بأن بلغ مجنونا أو عارضا بأن طرأ بعد البلوغ عندنا .
و قال زفر : إذا طرأ الجنون لم يجز للمولى التزويج و على هذا يبتني أن الأب و الجد لا يملكان إنكاح البكر البالغة بغير رضاها عندنا .
و قال الشافعي : يملكانه و لاخلاف في أنهما لا يملكان إنكاح الثيب البالغة بغير رضاها .
و جه قوله : أن البكر و إن كانت عاقلة بالغة فلا تعلم بمصالح النكاح لأن العلم بها يقف على االتجربة و الممارسة و ذلك بالثيابه و لم توجد فالتحقت بالبكر الصغير فبقيت و لاية الاستبداد عليها و لهذا ملك الأب قبض صداقها من غير رضاها بخلاف الثيب البالغة لأنها علمت بمصالح النكاح و بالممارسة و مصاحبة الرجال فانقطعت و لاية الاستبداد عنها .
و لنا : أن الثيب البالغة لاتزوج إلا برضاها فكذا البكر البالغة والجامع بينهما وجهان : .
أحدهما : طريق أبي حنيفة و أبي يوسف الأول .
و الثاني طريق محمد و أبي يوسف الآخر .
أما طريق أبي حنيفة فهو أن ولاية الحتم و الإيجاب في حالة الصغر إنما تثبت بطريق النيابة عن الصغيرة لعجزها عن التصرف على وجه النظر و المصلحة بنفسها و بالبلوغ و العقل زال العجز و ثبتت القدرة حقيقة و لهذا صارت من أهل الخطاب في أحكام الشرع إلا أنها مع قدرتها حقيقة عاجزة عن مباشرة النكاح عجز ندب و استحباب لأنها تحتاج إلى الخروج إلى محافل الرجال و المرأة مخدرة مستورة و الخروج إلى محفل الرجال من النساء عيب في العادة فكان عجزها عجز ندب و استحباب لا حقيقة فثبتت الولاية عليها على حسب العجز و هي ولاية ندب و استحباب لا ولاية حتم و إيجاب إثباتا للحكم على قدر العلة .
و أما طريق محمد فهو أن الثابت بعد البلوغ ولاية الشركة لا ولاية الاستبداد فلا بد من الرضا كما في الثيب البالغة على ما نذكره إن شاء الله تعالى في مسألة النكاح بغير ولي و إنما ملك الأب قبض صداقها لوجود الرضا بذلك منها دلالة لأن العادة أن الأب يضم إلى الصداق من خالص ماله و يجهز بنته البكر حتى لو نهته عن القبض لا يملك بخلاف الثيب فإن العادة ما جرت بتكرار الجهاز و إذا كان الرضا في نكاح البالغة شرط الجواز فإذا زوجت بغير إذنها توقف التزويج على رضاها فإن رضيت جاز و إن ردت بطل ثم إن كانت ثيبا فرضاها يعرف بالقول تارة و بالفعل أخرى .
أما القول فهو التنصيص على الرضا و ما يجرى مجراه نحو أن تقول : رضيت أو أجزت و نحو ذلك .
و الأصل فيه قوله صلى الله عليه و سلم : [ الثيب تشاور ] و قوله صلى الله عليه و سلم : [ الثيب يعرب عنها لسانها ] و قوله صلى الله عليه و سلم : [ تستأمر النساء في أبضاعهن ] .
و قوله صلى الله عليه و سلم : [ لا تنكح اليتيمة حتى تستأمر ] و المراد منه البالغة .
و أما الفعل فنحو التمكين من نفسها و المطالبة بالمهر و النفقة و نحو ذلك لأن ذلك دليل الرضا و الرضا يثبت بالنص مرة و بالدليل أخرى .
و الأصل فيه ما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لبريرة : [ إن وطئك زوجك فلا خيار لك ] و إن كانت بكرا فإن رضاها يعرف بهذين الطريقين و بثالث و هو السكوت و هذا استحسان .
و القياس : أن لا يكون سكوتها رضا وجه القياس أن السكوت يحتمل الرضا و يحتمل السخط فلا يصلح دليل الرضا مع الشك و الاحتمال و لهذا لم يجعل دليلا إذا كان المزوج أجنبيا أو وليا غيره أولى منه .
و لنا : ما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ تستأمر النساء في أبضاعهن ] فقالت عائشة Bها إن البكر تستحي يا رسول الله فقال صلى الله عليه و سلم : [ إذنها صماتها ] و رورى سكوتها رضاها و روى سكوتها إقرارها و كل ذلك نص في الباب و روى [ البكر تستأمر في نفسها فإن سكتت فقد رضيت ] و هذا أيضا نص و لأن البكر تستحي عن النطق بالإذن في النكاح لما فيه من إظهار رغبتها في الرجال فتنسب إلى الوقاحة فلو لم يجعل سكوتها إذنا و رضا بالنكاح دلالة و شطرة استنطافها و إنها لا تنطق عادة لفاتت عليها مصالح النكاح مع حاجتها إلى ذلك و هذا لا يجوز وقوله : السكوت يحتمل مسلم لكن ترجح جانب الرضا على جانب السخط لأنها لو لم تكن راضية لردت لأنها إن كانت تستحي عن الأذن فلا تستحي عن الرد فلما سكتت و لم ترد دل أنها راضية بخلاف ما إذا زوجها أجنبي أو ولي غيره أولى منه لأن هناك ازداد احتمال السخط لأنها يحتمل أنها سكتت عن جوابه مع أنها قادرة على الرد تحقيرا له و عدم المبالاة بكلامه و هذا أمر معلوم بالعادة فبطل رجحان دليل الرضا و لأنها إنما تستحي من الأولياء لا من الأجانب و الأبعد عند قيام الأقرب و حضوره أجنبي فكانت في حق الأجانب كالثيب فلا بد من فعل أو قول يدل عليه و لأن المزوج إذا كان أجنبيا و إذا كان الولي الأبعد كان جواز النكاح من طريق الوكالة لا بد من طريق الولاية لانعدامها و الوكالة لا تثبت إلا بالقول و إذا كان وليا فالجواز بطريق الولاية فلا يفتقر إلى القول و لو بلغها النكاح فضحكت كان إجازة لأن الإنسان إنما يضحك مما يسره فكان دليل الرضا و لو بكت روي عن أبي يوسف أنه يكون إجازة و روى عنه رواية عنه رواية أخرى أنه لا يكون إجازة بل يكون ردا و هو قول محمد .
وجه الرواية الأولى : أن البكاء قد يكون للحزن و قد يكون لشدة الفرح فلا يجعل ردا و لا إجازة للتعارض فصار كأنها سكتت فكان رضا .
وجه الرواية الأخرى : و هو قول محمد : أن البكاء لا يكون إلا من حزن عادة فكان دليل السخط و الكراهة لا ديليل الإذن و الإجازة و لو زوجها وليان كل منهما رجلا فبلغها ذلك فإن أجازت أحد العقدين جاز الذي أجازته و يطل الآخر و إن أجازتها بطلا لأن الإجازة منها بمنزلة الإنشاء كأنها تزوجت بزوجين و و ذلك باطل كذا هذا .
و إن سكتت روي عن محمد أن ذلك لا يكون ردا و لا إجازة حتى تجيز أحدهما بالقول أو بفعل يدل على الإجازة و روي عنه رواية أخرى أنها إذا سكتت بطل العقدان جميعا .
وجه هذه الرواية : أن السكوت من البكر كالإجازة فكأنها أجازت العقيدن جميعا وجه الرواية الأخرى أن هذا السكوت لا يمكن أن يجعل إجازة لأنه لو جعل إجازة فإما أن يجعل للعقدين جميعا و إما أن يجعل إجازة لأحدهما لا سبيل إلى الأول لأن إنشاءالعقدين جميعا ممتنع فامتنعت إجازتهما و لا سبيل إلى الثاني لأنه ليس أحد العقدين بأولى بالإجازة من الآخر فالتحق السكوت بالعدم و وقف الأمر على الإجازة بقول أو بفعل يدل على الإجازة لأحدهما و كذلك إذا استؤمرت البكر فسكتت في الابتداء فهو إذن إذا كان المستأذن وليا لما ذكرنا و لما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه : [ كان إذا خطب إحدى بناته دنا من خدرها و قال : إن فلانا يذكر فلانة ثم يزوجها ] .
فدل أن السكوت عند استثمار الولي إذن دلالة .
و قالوا في الولي إذا قال للبكر إني أريد أن أزوجك فلانا ؟ .
فقالت غيره أولى منه لم يكن ذلك إذنا و لو زوجها ثم أخبرها فقالت : قد كان غيره أولى منه كان إجازة لأن قولها في الفصل الأول إظهار عدم الرضا بالتزويج من فلان و قولها في الفصل الثاني قبول أو سكوت عن الرد و سكوت البكر عن الرد يكون رضا .
و لو قال الولي : أريد أن أزوجك من رجل و لم يسمه فسكتت لم يكن رضا كذا روي عن محمد لأن الرضا بالشيء بدون العلم به لا يتحقق .
و لو قال : أزوجك فلانا أو فلانا حتى عد جماعة فسكتت فمن أيهم زوجها جاز و لو سمى لها الجماعة مجملا بأن قال أريد أن أزوجك من جيراني أو من بني عمي فسكتت فإن كانوا يحصون فهو رضا و إن كانوا لا يحصون لم يكن رضا لأنهم إذا كانوا يحصون يعلمون فيتعلق الرضا بهم و إذا لم يحصوا لم يعلموا فلا يتصور الرضا لأن الرضا بغير المعلوم محال و الله تعالى الموفق .
و ذكر في الفتاوى أن الولي إذا سمى الزوج يسم المهر أنه كم هو فسكتت فسكوتها لا يكون رضا لأن تمام الرضا لا يثبت إلا بذكر الزوج و المهر ثم الإجازة من طريق الدلالة لا تثبت إلا بعد العلم بالنكاح لأن الرضا بالنكاح قبل العلم به لا يتصور .
و إذا زوج الثيب البالغة ولي فقالت لم أرض و لم آذن و قال الزوج قد أذنت فالقول قول المرأة لأن الزوج يدعي عليها حدوث أمر لم يكن وهو الإذن و الرضا و هي تنكر فكان القول قولها .
و أما البكر إذا تزوجت فقال الزوج : بلغك العقد فسكتت فقالت رددت فالقول قولها عند أصحابنا الثلاثة .
و قال زفر : القول قول الزوج .
وجه قوله : أن المرأة تدعى أمرا حادثا و هو الرد و الزوج ينكر القول فكان القول قول المنكر .
و لنا : أن المرأة و إن كانت مدعية ظاهرا فهي منكرة في الحقيقة لأن الزوج يدعي عليها جواز العقد بالسكوت و هي تنكر فكان القول قولها كالمودع إذا قال رددت الوديعة كان القول قوله و إن كان مدعيا لرد ظاهر لكونه منكرا للضمان حقيقة كذا هذا .
ثم في هذبن الفصلين لا يمين عليها في قول أبي حنيفة و في قولهما عليها اليمين و هو الخلاف المعروف أن الاستحسان المعروف لا يجري في الأشياء الستة عنده و عندهما يجري .
و المسألة تذكر إن شاء الله تعالى في كتاب الدعوى .
ثم إذا اختلف الحكم في البكر البالغة و الثيب البالغة في الجملة حتى جعل السكوت رضا من البكر دون الثيب و للأب ولاية قبض صداق البكر بغير إذنها إلا إذا نهته نصا و ليس له ولاية قبض مهر الثيب إلا بإذنها فلا بد من معرفة البكارة و الثيابة في الحكم لا في الحقيقة لأن حقيقة البكارة بقاء العذرة و حقيقية الثيابة زوال العذرة .
و أما الحكم غير مبني على ذلك الإجماع فنقول : لا خلاف في أن كل من زالت عذرتها بوثبة أو طفرة أو حيضة أو طول التعنيس أنها في حكم الأبكار تزوج كما تزوج الأبكار و لا خلاف أيضا أن من زالت عذرتها بوطء يتعلق به ثبوت النسب و هو الوطء بعقد جائز أو فاسد أو شبهة عقد وجب لها مهر بذلك الوطء أنها تزوج كما تزوج الثيب .
و أما إذا زالت عذرتها بالزنا فإنها تزوج كما تزوج الأبكار في قول أبي حنيفة و عند أبي يوسف و محمد و الشافعي : تزوج كما تزوج الثيب .
و احتجوا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ البكر تستأمر في نفسها و الثيب تشاور ] .
و قال صلى الله عليه و سلم : [ و الثيب يعرب عنها لسانها ] و هذه ثيب حقيقية لأن الثيب حقيقية من زالت عذرتها و هذه كذلك فيجري عليها أحكام الثيب و من أحكامها أنه لا يجوز نكاحها بغير إذنها نصا فلا يكتفي بسكوتها .
و لأبي حنيفة أن علة وضع النطق شرعا و إقامة السكوت مقامه في البكر هو الحياء و قد وجد دلالة أن العلة ما قلنا إشارة النص و المعقول .
أما الأول : فلما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ تستأمر النساء في أبضاعهن ] .
فقالت عائشة لأن البكر تستحي يا رسول الله فقال صلى الله عليه و سلم : [ .
إذنها صماتها ] فالاستدلال به أن قوله صلى الله عليه و سلم : [ إذنها صماتها ] خرج جوابا لقول عائشة Bها أن البكر تستحي أي عن الإذن بالنكاح نطقا .
و الجواب بمقتضى إعادة السؤال لأن الجواب لا يتم بدون السؤال كأنه قال صلى الله عليه و سلم : [ إذا كانت البكر تستحي عن الإذن بالنكاح نطقا فإذنها صماتها ] فهذا إشارة إلى أن الحياء علة وضع النطق و قيام الصمات مقام الإذن علة منصوصة و علة النص لا تتقيد بمحل النص كالطواف في الهرة و نحو ذلك .
و أما المعقول : فهو أن الحياء في البكر مانع من النطق بصريح الإذن بالنكاح لما فيه من إظهار رغبتها في الرجال لأن النكاح سبب الوطء و الناس يستقبحون ذلك منها و يذمونها و ينسبونها إلى القوقاحة و ذلك مانع لها من النطق بالإذن الصريح و هي محتاجة إلى النكاح فلو شرط استنطاقها و هي لا تنطق عادة لفات عليها كالنكاح مع حاجتها إليه و هذا لا يجوز و الحياء موجود في حق هذه و إن كان ثيبا حقيقة لأن زوال بكارتها لم تظهر للناس فيستقبحون منها الإذن بالنكاح صريحا و يعدونه من باب الوقاحة و لا يزول ذلك ما لم يوجد النكاح و يشتهر الزنا فحينئذ لا يستقبح الإظهار بالإذن و لا يعد عيبا بل الامتناع عن الإذن عند استئمار الولي يعد رعونة منها لحصول العلم للناس بظهور رغبتها في الرجال .
و أما الحديث فالمراد منه الثيب التي تعارفها الناس ثيبا لأن مطلق الكلام ينصرف إلى المتعارف بين الناس و لهذا لم تدخل البكر التي زالت عذرتها بالطفرة و الوثبة و الحيضة و نحو ذلك في هذا الحديث و إن كانت ثيبا حقيقة و الله تعالى أعلم .
و على هذا يخرج إنكاح الأب و الجد و الثيب الصغيرة و أنه جائز عند أصحابنا و عند الشافعي : أنه لا يجوز إنكاحها للحال و يتأخر إلى ما بعد البلوغ بإذنها صريحا لا بالسكوت .
و احتج بما روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا تنكح اليتيمة حتى تستأمر ] و اليتيمة اسم للصغيرة في اللغة و لأن الثيابة دليل العلم بمصالح النكاح و لأن حدوثها يكون بع العقل و التمييز عادة و قد حصل لها بالتجربة و الممارسة و هذا إن لم يصلح لإثبات الولاية لها يصلح دافعا ولاية الولي عنها للحال و التأخير إلى ما بعد البلوغ بخلاف البكر البالغة لأن البكارة دليل الجهل بمنافع النكاح و مضاره فالتحق عقلها بالعدم على ما مر و لأن النكاح في جانب النساء ضرر قطعا لما نذكر إن شاء الله تعالى فلا مصلحة إلا عند الحاجة إلى قضاء الشهوة لأن مصالح النكاح يقف عليه و لم يوجد في الثيب الصغيرة و الجواز في البكر ثبت بفعل النبي صلى الله عليه و سلم و إجماع الصحابة Bهم على ما ذكرنا فيما تقدم .
و لنا : قوله تعالى : { و أنكحوا الأيامى منكم } و الأيم اسم لأنثى لا زوج لها كبيرة أو صغيرة فيقتضي ثبوت الولاية عاما إلا من خص بدليل و لأن الولاية كانت ثابتة قبل زوال البكارة لوجود سبب ثبوت الولاية و هوالقرابة الكاملة و الشفقة الوافرة و وجود شرط الثبوت و هي حاجة الصغيرة إلى النكاح لاستيفاء المصالح بعد البلوغ و عجزها عن ذلك بنفسها و قدرة الولي عليه و العارض ليس إلا الثيابة و أثرها في زيادة الحاجة إلى الإنكاح لأنها مارست الرجال و صحبتهم و للصحبة أثر في الميل إلى من تعاشره معاشرة جميلة فلما ثبتت الولاية على البكر الصغيرة فلأن تبقى على الثيب الصغيرة أولى و المراد من الحديث البالغة لما مر و المجنون الكبير و المجنونة الكبيرة تزوج كما يزوج الصغير و الصغيرة عند أصحابنا الثلاثة أصليا كان الجنون أو طارئا بعد البلوغ .
ة قال زفر : ليس للولي أن يزوج المجنون جنونا طارئا .
وجه قوله : أن ولاية الولي قد زالت بالبلوغ عن عقل فلا تعود بعد ذلك بطريان الجنون كما لو بلغ مغمى عليه ثم زال الإغماء .
و لنا : أنه وجد سبب ثبوت الولاية و هو القرابة و شرطه و هو عجز المولى عليه و هو حاجته و في ثبوت الولاء فائدة فتثبت و لهذا تثبت في الجنون الأصلي كذا في الطارئ و تثبت ولاية التصرف في ماله كذا في نفسه و الله أعلم