فصل : و أما شرائط جوازه .
فمنها النية لأنه عبادة فلا بد له من النية فأما تعيين النية فليس بشرط حتى لو طاف بعد طواف الزيارة لا يعين شيأ أو نوى تطوعا كان للصدر لأن الوقت تعين له فتنصرف مطلق النية إليه كما في صوم رمضان و منها ان يكون بعد طواف الزيارة حتى إذا نفر في النفر الأول فطاف طوافا لا ينوي شيئا أو نوى تطوعا او الصدر يقع عن الزيارة لا عن الصدر لأن الوقت له طواف و طواف الصدر مرتب عليه فأما النفر على فور الطواف فليس من شرائط جوازه حتى لو طاف للصدر ثم تشاغل بمكة بعده لا يجب عليه طواف آخر .
فإن قيل : أليس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : [ من حج هذا البيت فليكن آخر عهده به الطواف ] فقد أمر ان يكون آخر عهده الطواف بالبيت و لما تشاغل بعده لم يقع الطواف آخر عهده به فيجب أن لا يجوز إذا لم يأت بالمأمور به .
فالجواب : أن المراد منه آخر عهده بالبيت نسكا لا إقامة و الطواف آخر مناسكه بالبيت و غن تشاغل بغيره و روي عن أبي حنيفة أنه قال : إذا طاف للصدر ثم أقام إلى العشاء فأحب إلي أن يطوف طوافا آخر لئلا يحول بين طوافه و بين نفره حائل .
و كذا الطهارة عن الحديث و الجنابة ليست بشرط لجوازه فيجوز طوافه إذا كان محدثا أو جنبا و يعتد به و الأفضل أن يعيد طاهرا فإن لم يعد جاز و عليه شاة إن كان جنبا لأن النقص كثير فيجبر بالشاة كما لو ترك أكثر الأشواط و إن كان محدثا ففيه روايتان عن أبي حنيفة في رواية عليه صدقة و هي الرواية الصحيحة و هو قول أبي يوسف و محمد لأن النقص يسير فصار كشوط أو شوطين و في رواية عليه شاة لأنه طواف واجب فاشبه طواف الزيارة و كذا ستر عورته ليس بشرط للجواز حتى لو طاف مكشوف العورة قدر ما لا تجوز به الصلاة جاز و لكن يجب عليه الدم و كذا الطهارة عن النجاسة إلا أنه يكره و لا سيء عليه و الفرق ما ذكرنا في طواف الزيارة و الله أعلم