فصل : في الواجبات الأصلية في الصلاة .
أما الواجبات الأصلية في الصلاة فستة : منها قراءة الفاتحة و السورة في صلاة ذات ركعتين و في الأوليين من ذوات الأربع و الثلاث حتى لو تركهما أو أحدهما فإن كان عامدا كان مسيئا و إن كان ساهيا يلزمه سجود السهو و هذا عندنا و قال الشافعي : قراءة الفاتحة على التعيين فرض حتى لو تركها أو حرفا منها في ركعة لا تجوز صلاته .
و قال مالك : قراءتهما على التعيين فرض احتجا بما روي عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : [ لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب ] و روى : [ لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها ] أو قال : [ و شيء معها ] و لأن النبي صلى الله عليه و سلم واظب على قراءتهما في كل صلاة فيدل على الفرضية .
و لنا : قوله تعالى : { فاقرؤوا ما تيسر من القرآن } أمر بمطلق القراءة من غير تعيين فتعيين الفاتحة فرضا أو تعيينهما نسخ الإطلاق و نسخ الكتاب بالخبر المتواتر لا يجوز عند الشافعي فكيف يجوز بخبر الواحد فقبلنا الحديث في حق الوجوب عملا حتى تكره ترك قراءتهما دون الفرضية عملا بهما بالقدر الممكن كيلا يضطر إلى رده لوجوب رده عند معارضة الكتاب و مواظبة النبي صلى الله عليه و سلم على فعل لا يدل على فرضيته فانه كان يواظب على الواجبات و الله أعلم .
و منها : الجهر بالقراءة فيما يجهر و هو الفجر و المغرب و العشاء في الأوليين و المخافتة فيما يخافت و هو الظهر و العصر إذا كان إماما .
و الجملة فيه أنه لا يخلو إما أن يكون إماما أو منفردا فإن كان إماما يجب عليه مراعاة الجهر فيما يجهر و كذا في كل صلاة من شرطها الجماعة كالجمعة و العيدين و الترويحات و يجب عليه المخافتة فيما يخافت و إنما كان كذلك لأن القراءة ركن يتحمله الإمام عن القوم فعلا فيجهر ليتأمل القوم و يتفكروا : في ذلك فتحصل ثمرة القراءة و فائدتها للقوم فتصير قراءة الإمام قراءة لهم تقديرا كأنهم قرؤوا و ثمرة الجهر تفوت في صلاة النهار لأن الناس في الأغلب يحضرون الجماعات في خلال الكسب و التصرف و الانتشار في الأرض فكانت قلوبهم متعلقة بذلك فيشغلهم ذلك عن حقيقة التأمل فلا يكون الجهر مفيدا بل يقع تسبيبا إلى الإثم بترك التأمل و هذا لا يجوز بخلاف صلاة الليل لأن الحضور إليها لا يكون في خلال الشغل و بخلاف الجمعة و العيدين لأنه يؤدي في الأحايين مرة على هيئة مخصوصة من الجمع العظيم و حضور السلطان و غير ذلك فيكون ذلك مبعثة على إحضار القلب و التأمل و لأن القراءة من أركان الصلاة و الأركان في الفرائض تؤدى على سبيل الشهرة دون الإخفاء و لهذا كان النبي صلى الله عليه و سلم يجهر في الصلوات كلها في الابتداء إلى أن قصد الكفار أن لا يسمعوا القرآن و كادوا يلغون فيه فخافت النبي صلى الله عليه و سلم بالقراءة في الظهر و العصر لأنهم كانوا مستعدين للأذى في هذين الوقتين و لهذا كان يجهر في الجمعة و العيدين لأنه أقامهما بالمدينة و ما كان للكفار بالمدينة قوة الأذى .
ثم و إن زال هذا العذر بقيت هذه السنة كالرمل في الطواف و نحوه و لأنه واظب على المخافتة فيهما في عمره فكانت واجبة و لأنه وصف صلاة النهار بالعجماء و هي التي لا تبين و لا يتحقق هذا الوصف لها إلا بترك الجهر فيها و كذا واظب على الجهر فيما يجهر و المخافتة فيما يخافت و ذلك دليل الوجوب و على هذا عمل الأمة .
و يخفى القراءة فيما سوى الأوليين لأن الجهر صفة القراءة المفروضة و القراءة ليست بفرض في الأخريين لما بينا فيما تقدم .
و إذا ثبت هذا فنقول : إذا جهر الإمام فيما يخافت أو خافت فيما يجهر فإن كان عامدا يكون مسيئا و إن كان ساهيا فعليه سجود السهو لأنه وجب عليه إسماع القوم فيما يجهر و إخفاء القراءة عنهم فيما يخافت و ترك الواجب عمدا يوجب الإساءة و سهوا يوجب سجود السهو .
و إن كان منفردا فإن كانت صلاة يخافت فيها بالقراءة خافت لا محالة و هو رواية الأصل و ذكر أبو يوسف في الاملاء إن زاد على ما يسمع أذنيه فقد أساء و ذكر عصام بن أبي يوسف في مختصره و أثبت له خيار الجهر و المخافتة استدلالا بعدم وجوب السهو عليه إذا جهر و الصحيح رواية الأصل لقوله صلى الله عليه و سلم [ صلاة النهار عجماء ] من غير فصل و لأن الإمام مع حاجته إلى إسماع غيره يخافت فالمنفرد أولى و لو جهر فيها بالقراءة فإن كان عامدا يكون مسيئا كذا ذكر الكرخي في صلاته و إن كان ساهيا لا سهو عليه نص عليه في باب السهو بخلاف الإمام .
و الفرق أن سجود السهو يجب لجبر النقصان و النقصان في صلاة الإمام أكثر لأن إساءته أبلغ لأنه فعل شيئين نهى عنهما أحدهما : أنه رفع صوته في غير موضع الرفع و الثاني : أنه أسمع من أمر بالإخفاء عنه و المنفرد رفع الصوت فقط فكان النقصان في صلاته أقل و ما وجب لجبر الأعلى لا يجب لجبر الأدنى .
و إن كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة فهو بالخيار إن شاء جهر و إن شاء خافت و ذكر الكرخي إن شاء جهر بقدر ما يسمع أذنيه و لا يزيد على ذلك و ذكر في عامة الروايات مفسرا أنه بين خيارات ثلاث إن شاء جهر و أسمع غيره و إن شاء جهر و أسمع نفسه و إن شاء أسر القراءة .
أما كون له أن يجهر فلأن المنفرد إمام في نفسه و للإمام أن يجهر و له أن يخافت بخلاف الإمام لأن .
الإمام يحتاج إلى الجهر لإسماع غيره و المنفرد يحتاج إلى إسماع نفسه لا غير و ذلك يحصل بالمخافتة و ذكر في رواية أبي حفص الكبير أن الجهر أفضل لأن فيه تشبيها بالجماعة و المنفرد إن عجز عن تحقيق الصلاة بجماعة لم يعجز عن التشبه و لهذا إذا أذن و أقام كان أفضل هذا في الفرائض .
و أما في التطوعات فإن كان في النهار يخافت و إن كان في الليل فهو بالخيار إن شاء خافت و إن شاء جهر و الجهر أفضل لأن النوافل اتباع الفرائض و الحكم في الفرائض كذلك حتى لو كان بجماعة كما في التراويح يجب الجهر و لا يتخير كما في الفرائض و قد روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ أنه كان إذا صلى بالليل سمعت قراءته من وراء الحجاب ] .
و روي [ أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بأبي بكر Bه و هو يتهجد بالليل و يخفي القراءة و مر بعمر و هو .
يتهجد و يجهر بالقراءة و مر ببلال و هو بتهجد و ينتقل من سورة إلى سورة فلما أصبحوا غدوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأل كل واحد منهم عن حاله فقال أبو بكر Bه : كنت أسمع من أناجي و قال عمر Bه : كنت أوقظ الوسنان و أطرد الشيطان و قال بلال Bه : كنت أنتقل من بستان إلى بستان فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا أبا بكر ارفع من صوتك قليلا و يا عمر اخففن من صوتك قليلا و يا بلال إذا افتتحت سورة فأتمها ] .
ثم المنفرد إذا خافت و أسمع أذنيه يجوز بلا خلاف لوجود القراءة بيقين إذ السماع بدون القراءة لا يتصور و أما إذا صحح الحروف بلسانه و أداها على وجهها ولم يسمع أذنيه و لكن وقع له العلم بتحريك اللسان و خروج الحروف من مخارجها فهل تجوز صلاته اختلف فيه ذكر الكرخي أنه يجوز و هو قول أبي بكر البلخي المعروف بالأعمش .
و عن الشيخ أبي القاسم الصفار و الفقيه أبي جعفر الهندواني و الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل البخاري أنه لا يجوز ما لم يسمع نفسه و عن بشر بن غياث المريسي أنه قال : إن كان بحال لو أدنى رجل صماخ أذنيه إلى فيه سمع كفى و إلا فلا و منهم من ذكر في المسألة خلافا بين أبي يوسف و محمد فقال : على قول أبي يوسف يجوز و على قول محمد : لا يجوز وجه قول الكرخي أن القراءة فعل اللسان و ذلك بتحصيل الحروف و نظمها على وجه مخصوص و قد وجد فأما إسماعه نفسه فلا عبرة به لأن السماع فعل الأذنين دون اللسان ألا ترى أن القراءة نجدها تتحقق من الأصم و إن كان لا يسمع نفسه .
وجه قول الفريق الثاني : إن مطلق الأمر بالقراءة ينصرف إلى المتعارف و قدر ما لا يسمع هو لو كان سميعا لم يعرف قراءة .
وجه قوله بشر : أن الكلام في العرف اسم لحروف منظومة دالة على ما في ضمير المتكلم و ذلك لا .
يكون إلا بصوت مسموع و ما قاله الكرخي أقيس و أصح و ذكر في كتاب الصلاة إشارة إليه فإنه قال : إن شاء قرأ و إن شاء جهر و أسمع نفسه و لو لم يحمل قوله قرأ في نفسه على إقامة الحروف لأدى إلى التكرار و الإعادة الخالية عن الإفادة و لا عبرة بالعرف في الباب لأن هذا أمر بينه و بين ربه فلا يعتبر فيه عرف الناس و على هذا الخلاف كل حكم تعلق بالنطق من البيع و النكاح و الطلاق و العتاق و الإيلاء و اليمين و الاستثناء و غيرها و الله أعلم .
و منها : الطمأنينة و القرار في الركوع و السجود و هذا قول أبي حنيفة و محمد و قال أبو يوسف : .
الطمأنينة مقدار تسبيحة واحدة فرض و به أخذ الشافعي حتى لو ترك الطمأنينة جازت صلاته عند أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف و الشافعي : لا تجوز و لم يذكر هذا الخلاف في ظاهر الرواية و إنما ذكره المعلى في نوادره .
و على هذا الخلاف إذا ترك القومة التي بعد الركوع و القعدة التي بين السجدتين و روى الحسن عن .
أبي حنيفة فيمن لم يقم صلبه في الركوع إن كان إلى القيام أقرب منه إلى تمام الركوع لم يجزه و إن كان إلى .
تمام الركوع أقرب منه إلى القيام أجزأه إقامة للأكثر مقام الكل و لقب المسألة أن تعديل الأركان ليس بفرض عند أبي حنيفة و محمد و عند أبي يوسف و الشافعي : فرض .
احتجا بحديث الأعرابي الذي دخل المسجد و أخف الصلاة فقال له النبي صلى الله عليه و سلم [ قم فصل فإنك لم .
تصل هكذا ثلاث مرات فقال : يا رسول الله لم أستطع غير ذلك فعلمني فقال له النبي صلى الله عليه و سلم إذا أردت الصلاة فتطهر كما أمرك الله تعالى و استقبل القبلة و قل : الله أكبر و اقرأ ما معك من القرآن ثم اركع حتى يطمئن .
كل عضو منك ثم ارفع رأسك حتى تستقم قائما ] .
فالاستدلال بالحديث من ثلاثة أوجه : .
أحدها : أنه أمره بالإعادة و الإعادة لا تجب إلا عند فساد الصلاة و فسادها بفوات الركن .
و الثاني : أنه نفى كون المؤدى صلاة بقوله : [ فإنك لم تصل ] .
و الثالث : أنه أمره بالطمأنينة و مطلق الأمر للفرضية و أبو حنيفة و محمد احتجا لنفي الفرضية بقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } أمر بمطلق الركوع و السجود و الركوع في اللغة هو الانحناء و الميل يقال : ركعت النخلة إذا مالت إلى الأرض و السجود هو التطأطؤ و الخفض يقال : سجدت النخلة إذا تطأطأت و سجدت الناقة إذا وضعت جرانها على الأرض و خفضت رأسها للرعي فإذا أتى بأصل الانحناء و الوضع فقد امتثل لإتيانه بما ينطلق عليه الاسم فأما الطمأنينة فدوام على أصل الفعل و الأمر بالفعل .
لا يقتضي الدوام .
و أما حديث الأعرابي فهو من الآحاد فلا يصلح ناسخا للكتاب و لكن يصلح مكملا فيحمل أمره بالاعتدال على الوجوب و نفيه الصلاة على نفي الكمال و تمكن النقصان الفاحش الذي يوجب عدمها من وجه و أمره بالإعادة على الوجوب جبرا للنقصان أو على الزجر عن المعاودة إلى مثله كالأمر بكسر دنان الخمر عند نزول تحريمها تكميلا للغرض على أن الحديث حجة عليهما فإن النبي صلى الله عليه و سلم مكن الأعرابي من المضي في الصلاة في جميع المرات ولم يأمره بالقطع فلو لم تكن تلك الصلاة جائزة لكان الاشتغال بها عبثا إذ الصلاة لا يمضى في فاسدها فينبغي أن لا يمكنه منه .
ثم الطمأنينة في الركوع واجبة عند أبي حنيفة و محمد كذا ذكره الكرخي حتى لو تركها ساهيا يلزمه .
سجود السهود و ذكر أبو عبد الله الجرجاني : أنها سنة حتى لا يجب سجود السهو بتركها ساهيا و كذا القومة التي بين الركوع و السجود و القعدة التي بين السجدتين و الصحيح ما ذكره الكرخي لأن الطمأنينة من باب إكمال الركن و إكمال الركن واجب كإكمال القراءة بالفاتحة ألا ترى أن النبي صلى الله عليه و سلم ألحق صلاة الأعرابي بالعدم و الصلاة إنما يقضي عليها بالعدم إما لانعدامها أصلا بترك الركن أو بانتقاصها بترك الواجب فتصير عدما من وجه فأما ترك السنة فلا يلتحق بالعدم لأنه لا يوجب نقصانا فاحشا و لهذا يكره تركها أشد الكراهة حتى روي عن أبي حنيفة أنه قال : أخشى أن لا تجوز صلاته .
و منها : القعدة الأولى للفصل بين الشفعين حتى لو تركها عامدا كان مسيئا و لو تركها ساهيا يلزمه سجود السهود لأن النبي صلى الله عليه و سلم واظب عليها في جميع عمره و ذا يدل على الوجوب إذا قام دليل عدم الفرضية و قد قام ههنا لأنه روي عن النبي صلى الله عليه و سلم : [ أنه قام إلى الثالثة فسبح به فلم يرجع ] و لو كانت فرضا لرجع و أكثر مشايخنا يطلقون اسم السنة عليها إما لأن وجوبها عرف بالسنة فعلا أو لأن السنة المؤكدة في معنى الواجب و لأن الركعتين أدنى ما يجوز من الصلاة فوجبت القعدة فأصله بينهما و بين ما يليهما و الله أعلم .
و منها : التشهد في القعدة الأخيرة و عند الشافعي : فرض .
وجه قوله : إن النبي صلى الله عليه و سلم واظب عليه في جميع عمره و هذا دليل الفرضية و روي [ عن عبد الله بن .
مسعود Bه أنه قال : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد السلام على الله السلام على جبريل و ميكائيل فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : قولوا : التحيات لله ] أمرنا بالتشهد بقوله [ قولوا ] .
و نص على فرضيته بقوله : قبل أن يفرض التشهد .
و لنا : قول النبي صلى الله عليه و سلم للأعرابي [ إذا رفعت رأسك من آخر سجدة وقعدت قدر التشهد فقد تمت صلاتك ] أثبت تمام الصلاة عند مجرد القعدة و لو كان التشهد فرضا لما ثبت التمام بدونه دل أنه ليس بفرض لكنه واجب بمواظبة النبي صلى الله عليه و سلم و مواظبته دليل الوجوب فيما قام دليل عدم فرضيته وقد قام ههنا و هو ما ذكرنا فكان واجبا لا فرضا و الله أعلم و الأمر في الحديث يدل على الوجوب دون الفرضية لأنه خبر واحد و أنه يصلح للوجوب لا للفرضية ؟ و قوله : قبل أن يفترض أي قبل أن يقدر على هذا التقدير المعروف إذ الفرض في اللغة التقدير .
و منها : مراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال في الصلاة و هو السجدة لمواظبة النبي صلى الله عليه و سلم على .
مراعاة الترتيب فيه و قيام الدليل على عدم فرضيته على ما ذكرنا حتى لو ترك السجدة الثانية من الركعة الأولى ثم تذكرها في آخر صلاته سجد المتروكة و سجد للسهو بترك الترتيب لأنه ترك الواجب الأصلي ساهيا فوجب سجود السهو و الله الموفق .
و أما الذي ثبت وجوبه في الصلاة بعارض فنوعان أيضا : أحدهما : سجود السهو و الآخر : سجود التلاوة .
أما سجود السهو : فالكلام فيه في مواضع في بيان وجوبه و في بيان سبب الوجوب و في بيان أن المتروك من الأفعال و الأذكار ساهيا هل يقضى أم لا ؟ و في بيان محل السجود و في بيان قدر سلام السهو و صفته و في بيان عمله أنه يبطل التحريمة أم لا ؟ و في بيان من يجب عليه سجود السهو و من لا يجب عليه .
أما الأول : فقد ذكر الكرخي أن سجود السهو واجب و كذا نص محمد C تعالى في الأصل فقال : إذا سها الإمام وجب على المؤتم أن يسجد و قال بعض أصحابنا : أنه سنة وجه قولهم : أن العود إلى سجدتي السهو لا يرفع التشهد حتى لو تكلم بعد ما سجد للسهو قبل أن يقعد لا تفسد صلاته و لو كان واجبا لرفع كسجدة التلاوة و لأنه مشروع في صلاة التطوع كما هو مشروع في صلاة الفرض و الفائت من التطوع كيف يجبر بالواجب و الصحيح : أنه واجب لما روي [ عن عبد الله بن مسعود Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : من شك في صلاته فلم يدر أثلاثا صلى أم أربعا فليتحر أقربه إلى الصواب وليبن عليه و ليسجد سجدتين بعد السلام ] و مطلق الأمر لوجوب العمل .
و [ عن ثوبان Bه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : لكل سهو سجدتان بعد السلام ] فيجب تحصيلهما تصديقا للنبي صلى الله عليه و سلم في خبره و كذا النبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه Bهم واظبوا عليه و المواظبة دليل الوجوب و لأنه شرع جبرا لنقصان العبادة فكان واجبا كدماء الجبر في باب الحج .
و هذا لأن أداء العبادة بصفة الكمال واجب و لا تحصل صفة الكمال إلا بجبر النقصان فكان واجبا ضرورة إذ لا حصول للواجب إلا به إلا أن العود إلى سجود السهو لا يرفع التشهد لا لأن السجود ليس بواجب بل لمعنى آخر و هو أن السجود وقع في محله لأن محله بعد القعدة فالعود إليه لا يكون رافعا للقعدة الواقعة في محلها فأما سجدة التلاوة فمحلها قبل القعدة فالعود إليها يرفع القعدة كالعود إلى السجدة الصلبية فهو الفرق .
أما قولهم : إن له مدخلا في صلاة التطوع فنقول : أصل الصلاة و إن كانت تطوعا لكن لها أركان لا تقوم بدونها و واجبات تنتقص بفواتها و تغييرها عن محلها فيحتاج إلى الجابر مع ما أن النفل يصير واجبا عندنا بالشروع و يلتحق بالواجبات الأصلية في حق الأحكام على ما يبين في موضعه إن شاء الله تعالى