فصل : في بيان وقت الأذان .
و أما بيان وقت الأذان و الإقامة فوقتهما ما هو وقت الصلوات المكتوبات حتى لو أذن قبل دخول الوقت لا يجزئه و يعيده إذا دخل الوقت في الصلوات كلها في قول أبي حنيفة و محمد و قد قال أبو يوسف أخيرا : لا بأس بأن يؤذن للفجر في النصف الأخير من الليل و هو قول الشافعي و احتجا بما روى سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه Bهم أن بلالا كان يؤذن بليل .
و في رواية قال : لا يغرنكم أذان بلال عن السحور فإنه يؤذن بليل و لأن وقت الفجر مشتبه و في مراعاته بعض الحرج بخلاف سائر الصلوات .
و لأبي حنيفة و محمد ما [ روى شداد مولى عياض بن عامر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لبلال : لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر هكذا و مد يده عرضا ] و لأن الأذان شرع للإعلام بدخول الوقت و الإعلام بالدخول قبل الدخول كذب و كذا هو من باب الخيانة في الأمانة و المؤذن مؤتمن على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لهذا لم يجر في سائر الصلوات و لأن الأذان قبل الفجر يؤدي إلى الضرر بالناس لأن ذلك وقت نومهم خصوصا في حق من تهجد في النصف الأول من الليل فربما يلتبس الأمر عليهم و ذلك مكروه .
و روي أن الحسن البصري : كان إذا سمع من يؤذن قبل طلوع الفجر قال علوج فراغ لا يصلون إلا في الوقت لو أدركهم عمر لأدبهم و بلال Bه ما كان يؤذن بليل لصلاة الفجر بل لمعان أخر لما روي [ عن ابن مسعود Bه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا يمنعنكم من السحور أذان بلال فإنه يؤذن بليل ليوقظ نائمكم و يرد قائمكم و يتسحر صائمكن فعليكم بأذان ابن أم مكتوم ] و قد كانت الصحابة Bهم فرقتبن فرقة يتهجدون في النصف الأول من الليل و فرقة في النصف الأخير و كان الفاصل أذان بلال و الدليل على أن أذان بلال كان لهذه المعاني لا لصلاة الفجر أن ابن أم مكتوم كان يعيده ثانيا بعد طلوع الفجر و ما ذكر من المعنى غير سديد لأن الفجر الصادق المستطير في الأفق مستبين لا اشتباه فيه