مطلب نواقض المسح .
و أما بيان ما ينقض المسح و بيان حكمه إذا انتقض فالمسح ينتقض بأشياء : منها : انقضاء مدة المسح و هي يوم و ليلة في حق المقيم و في حق المسافر ثلاثة أيام و لياليها لأن الحكم الموقت إلى غاية ينتهي عند و جود الغاية فإذا انقضت المدة يتوضأ و يصلي إن كان محدثا و إن لم يكن محدثا يغسل قدميه لا غير و يصلي .
و منها : نزع الخفين لأنه إذا نزعهما فقد سرى الحدث السابق إلى القدمين ثم إن كان محدثا يتوضأ بكماله و يصلي و إن لم يكن محدثا يغسل قدميه لا غير و لا يستقبل الوضوء .
و للشافعي قولان : في قول مثل قولنا و في قول يستقبل الوضوء وجهه أن الحدث قد حل ببعض أعضائه و الحدث لا يتجزأ فيتعدى إلى الباقي و لنا أن الحدث السابق هو الذي حل بقدميه و قد غسل بعده سائر أعضاء و بقيت القدمان فقط فلا يجب عليه إلا غسلهما و هو مذهب عبد الله بن عمر و كذلك إذا نزع أحدهما أنه ينتقض مسحه في الخفين و عليه نزع الباقي و غسلهما لا غير إن لم يكن محدثا و الوضوء بكماله إن كان محدثا و عن إبراهيم النخعي فيه ثلاث أقوال في قول مثل قولنا و في قول لا شيء عليه إذ لا يعقل حدثا و في قول يستقبل الوضوء .
وجه هذا القول : أن الحدث لا يتجزأ فحلوله بالبعض كحلوله بالكل .
وجه القول الآخر : أن الطهارة إذا تمت لا تنتقض إلا بالحدث ونزع الخف لا يعقل حدثا ولنا : أن المانع من سراية الحدث إلى القسم استتارها بالخف وقد زال بالنزع فسرى الحدث السابق إلى القدمين جميعا لأنهما في حكم الطهارة كعضو واحد فإذا وجب غسل إحداهما وجب الأخرى .
ولو أخرج القدم إلى الساق انتقض مسحه لأن إخراج القدم إلى الساق إخراج لها من الخف ولو أخرج بعض قدمه أو خرج بغير صنعه روى الحسن عن أبي حنيفة أنه إن أخرج أكثر العقب من الخف انتقض مسحه و إلا فلا .
وروي عن أبي يوسف أنه إن أخرج أكثر القدم من الخف انتقض و إلا فلا وروي عن محمد : أنه إن بقي في الخف مقدار ما يجوز عليه المسح بقي المسح وإلا انتقض وقال بعض مشايخنا : إنه يستمشي فإن أمكنه المشي المعتاد بقي المسح وإلا فينتقض وهذا موافق لقول أبي يوسف وهو اعتبار أكثر القدم لأن المشي يتعذر بخروج أكثر القدم ولا بأس بالاعتماد عليه لأن المقصد من لبس الخف هو المشي فإذا تعذر المشي انعدم اللبس فيما قصد له ولأن للأكثر حكم الكل والله أعلم