فصل : بيان ما يندب إليه الإمام عند بعث الجيش أو السرية إلى الجهاد .
وأما بيان ما يندب إليه الإمام عند بعث الجيش أو السرية إلى الجهاد فنقول وبالله التوفيق : إنه يندب إلى أشياء : منها أن يؤمر عليهم أميرا لأن النبي صلى الله عليه و سلم ما بعث جيشا إلا وأمر عليهم أميرا لأن الحاجة إلى الأمير ماسة لأنه لا بد من تنفيذ الأحكام وسياسة الرعية ولا يقوم ذلك إلا بالأمير لتعذر الرجوع في كل حادثة إلى الإمام .
ومنها : أن يكون الذي يؤمر عليهم عالما بالحلال والحرام عدلا عارفا بوجوه السياسات بصيرا بتدابير الحروب وأسبابها لأنه لو لم يكن بهذه الصفة لا يحصل ما ينصب له الأمير .
ومنها : أن يوصيه بتقوى الله عز شأنه في خاصة نفسه وبمن معه من المؤمنين خيرا كذا روي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ أنه كانا إذا بعث جيشا أوصاه بتقوى الله سبحانه و تعالى في نفسه خاصة و بمن معه من المؤمنين خيرا ] ولأن الإمارة أمانة عظيمة فلا يقوم بها إلا المتقي وإذا أمر عليهم يكلفهم طاعة الأمير فيما يأمرهم به وينهاهم عنه لقول الله تبارك وتعالى : { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم } وقال E : [ اسمعوا و أطيعوا و لو أمر عليكم عبد حبشي أجدع ما حكم فيكم بكتاب الله تعالى ] ولأنه نائب الإمام وطاعة الإمام لازمة كذا طاعته لأنها طاعة الإمام إلا أن يأمرهم بمعصية فلا تجوز طاعتهم إياه فيها لقوله E : [ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ] ولو أمرهم بشيء لا يدرون أينتفعون به أم لا فينبغي لهم أن يطيعوه فيه إذا لم يعلموا كونه معصية لأن اتباع الإمام في محل الاجتهاد واجب كاتباع القضاة في مواضع الاجتهاد والله تعالى عز شأنه أعلم