فصل : صفات هذا الحكم و محل إقامة الحكم .
وأما صفات هذا الحكم فأنواع : منها أنه ينفي وجوب ضمان المال والجراحات عمدا كانت الجراحة أو خطأ أما المال فلأنه لا يجمع بين الحد والضمان عندنا .
وأما الجراحات إذا كانت خطأ فلأنها توجب الضمان وإن كانت عمدا فلأن الجناية فيما دون النفس يسلك بها مسلك الأموال ولا يجب ضمان المال فكذا ضمان الجراحات وقد ذكرنا ما يتعلق من المسائل بهذا الأصل في كتاب السرقة .
ومنها : أن يجري فيها التداخل حتى لو قطع قطعات فرفع في بعضها فقطعت يده ورجله فيما رفع فيه كان ذلك للقطعات كلها كما في السرقة إلا أن ثمة التداخل لاحتمال عدم الفائدة مع بقاء محل القطع وهو الرجل اليسرى وههنا التداخل لعدم المحل والكلام في الضمان فيما لم يخاصم فيه ما هو الكلام في السرقة أنه إذا كان المال قائما يرده وإن كان هالكا فعلى الاختلاف الذي ذكرنا في كتاب السرقة .
ومنها : أنه لا يحتمل العفة والإسقاط والإبراء والصلح عنه فكل ما وجب على فاطع الطريق من قتل أو قطع أو صلب يستوفى منه سواء عفا الأولياء وأرباب الأموال عن ذلك أو لم يعفوا وسواء أبرءوا منه أو صالحوا عليه وليس للإمام أيضا إذا ثبت ذلك عنده تركه وإسقاطه والعفو عنه لأن الواجب حد والحدود حفوق الله تبارك وتعالى فلا يعمل فيها العبد ولا صلحه ولا الإبراء عنها .
فصل : وأما محل إقامة هذا الحكم فنقول : محل إقامة هذا الحكم يختلف باختلاف الحكم فإن كان الحكم هو القتل بأن قتل أو أخذ المال وقتل أو الحبس بأن لم يأخذ المال ولم يقتل ولكنه خوف لا غير فمحل إقامته النفس وإن كان الحكم هو القطع بأن أخذ المال لا غير فمحل إقامته اليد اليمين والرجل اليسرى لقوله تبارك وتعالى : { أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف } ويعتبر في ذلك سلامة اليد اليسرى والرجل اليمنى على ما ذكرنا في كتاب السرقة .
وكذلك حكم فعل الحداد إذا قطع اليد اليسرى مكان اليمنى متعمدا أو مخطئا وحكم فعل الأجنبي إذا قطع اليد اليسرى خطأ أو عمدا ههنا مثل الحكم في السرقة وقد استوفينا الكلام فيه في كتاب السرقة وكذا محل القطع من اليد اليمنى هو المفصل كما في السرقة والله سبحانه وتعالى أعلم