التعزير سبب وجوبه و شرط و جوبه .
فصل : و أما التعزير فالكلام فيه في مواضع : في بيان سبب و جوب التعزير و في بيان شرط و جوبه و في بيان قدره و في بيان و صفة و في بيان ما يظهر به .
أما سبب و جوبه : فارتكاب جناية ليس لها حد مقدر في الشرع سواء كانت الجناية على حق الله كترك الصلاة و الصوم و نحو ذلك أو على حق العبد بأن آذى مسلما بغير حق بفعل أو بقول يحتمل الصدق والكذب بأن قال له : يا خبيث يا فاسق يا سارق يا فاجر يا آكل الربا ياشرب الخمر و نحو ذلك فإن قال له : ياكلب يا خنزير يا حمار يا ثور و نحو ذلك لا يجب عليه التعزير لأن في النوع الأول إنما و جب التعزير لأنه ألحق العار بالمقذوف إذ الناس بين مصدق و مكذب فعزر دفعا للعار عنه و القاذف في النوع الثاني ألحق العار بنفسه بقذفه غيره بما لا يتصور فيرجع عار الكذب إليه لا إلى المقذوف .
فصل : و أما شرط و جوبه : فالعقل فقط فيعزر كل عاقل ارتكب جناية ليس لها حد مقدر سواء كان حرا أو عبدا ذكرا أو أنثى مسلما أو كافر بالغا أو صبيا بعد أن يكون عاقلا لأن هؤلاء من أهل المقوبة إلا الصبي العاقل فإنه يعزر تأديبا لا عقوبة لأنه من أهل التأديب ألا ترى إلى ما روي عنه عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ مروا صبيانكم بالصلاة إذا بلغوا سبعا و اضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا ] و ذلك بطريق التأديب و التهذيب لا بطريق العقوبة لأنها تستدعي الجناية و فعل الصبي لا يوصف بكونه جناية بخلاف المجنون و الصبي الذي لا يعقل لأنهما ليسا من أهل العقوبة و لا من أهل التأديب