بيان ما يملك كل واحد منهما من التصرف بعد المهايآت .
فصل : و أما بيان ما يملك كل واحد منهما من التصرف بعد المهايآت أما في المهايآت بالمكان فلكل واحد منهما أن يستغل ما أصابه بالمهايآت سواء شرط الاستغلال في العقد أو لا سواء تهايآ في دار واحدة أو دارين لأن المنفاع بعد المهايآت تحدث على ملك كل واحد منهما فيما أخذه فيملك التصرف فيه بالتمليك من غيره و بعضهم تبين أن المهايآت في هذا النوع ليست بإعارة لأن العارية لا تؤاجر .
و أما المهايآت بالزمان فلكل واحد منهما يسكن أو يستخدم لما ذكرنا لكن لا بد من ذكر الوقت من اليوم و الشهر و نحو ذلك بخلاف المهايأة بالمكان أن لكل واحد منهما ولاية السكنى و الاستغلال مطلقا لأن الحاجة إلى ذكر الوقت لتصير المنافع معلومة و المهايآت بالمكان قسمه منافع مقدرة مجموعة بالمكان و مكان المنفعة معلوم فصارت المنافع معلومة بالعلم بمكانها فجازت المهايأة .
و أما المهاياة بالزمان فقسمة مقدرة بالزمان فلا تصير معلومة إلا بذكر زمان معلوم فهو الفرق و الله سبحانه و تعالى أعلم .
و هل يملك كل واحد منهما الاستغلال في نوبته ؟ لا خلاف في أنهما إذا لم يشترطا لم يملك فأما إذا شرطا ذكر القدوري عليه الرحمة : أنه لا يملك لأن هذا النوع من المهايأة في معنى الإعارة و العارية لا تؤجر و ذكر الأصل أن التهايؤ في الدار الواحدة على السكنى و الغلة جائزة منهم من قال المذكور في الأصل ليس بمهايآت حقيقية لوجهين : .
أحدهما : أنه أضاف التهايؤ إلى الغلة دون الاستغلال و الغلة لا تحتمل التهايؤ حقيقة إذا هي عين و التهايؤ قسمة المنافع دون الأعيان .
و الثاني : أنه ذكر فيه أن غلة الدار إذا أوصلت في يد أحدهما شاركه فيه صاحبه و ليس ذلك حكم جواز المهايآت و كما أن المهايأة بالمكان في الدارين إذا تهايآ أن يأخذ كل واحد منهما و أخذه يستغلها فاستغلها ففضل من الغلة في يد أحدهما أن الفاضل يكون له خاصة و يكون المذكور في الأصل محمولا على ما إذا اصطلحا على أن يأخذ هذا غلة شهر و ذلك غلة شهر و سمي ذلك مهايأة مهايأة مجازا و إن لم يكن ذلك مهايأة حقيقية في هذه الصورة يكون فضل الغلة مشتركا بينهما و على هذا يرتفع اختلاف الروايتين و يحتمل أن يكون المذكور في الأصل دليلا على شرط جواز الاستغلال إذ الغلة يجوز أن تذكر بمعنى الاستغلال في الجملة و قد قام دليل إدارة الاستغلال ههنا و هو قرينة التهايؤ إذ هي عبارة عن قسمة المنافع دون الغلة التي هي عين ماله .
و كذا التهايؤ يكون شيء هو مقدور التهايؤ و هو فعل للاستغلال دون عين الغلة و لهذا قرن بها السكنى الذي هو فعل الساكن و يكون قوله ما فضل من الغلة في يده يشاركه فيه صاحبه محمولا على ما إذا تهايآ بشرط الاستغلال ابتداء ثم اصطلحا على أن يأخذ كل واحد منهما غلة شهر و في هذه الصورة يكون فضل الغلة بينهما كما في الدارين فعلى هذا ثبت اختلاف روايتي الحاكم و أحمد بن الحسين القدوري عليهم الرحمة و الله سبحانه و تعالى أعلم