شرائط جوازه .
فصل : و أما شرائط جوازه فأنواع : .
منها : أن يكون في الأنواع الأربعة : الحافر و الخف و النصل و القدم لا في غيرها لما روى عليه الصلاة و السلام أنه قال : [ لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصال ] .
إلا أنه زيد عليه السبق في القدم بحديث سيدتنا عائشة Bها ففيها وراءه بقي على أصل النفي و لأنه لعب واللعب حرام في الأصل إلا أن اللعب بهذه الأشياء صار مستثني من التحريم شرعا لقوله عليه الصلاة و السلام : [ كل لعب حرام إلا ملاعبة الرجل إمرأته و قوسه و فرسه ] حرم عليه الصلاة و السلام كل لعب و استثنى الملاعبة بهذه الأشياء المخصوصة فبقيت الملاعبة بما وراءها على أصل التحريم إذ الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا و كذا المسابقة بالخف صارت مستثناة من الحديث و بما روي عن سعيد بن المسيب أنه قال : إن العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت تسبق كلما دفعت في سباق فدفعت يوما في إبل فسبقت فكانت على المسلمين كآبة إذ سبقت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : [ إن الناس إذا رفعوا شيئا أو أرادوا رفع شيء وضعه الله ] و كذا السبق بالقدم لما روت سيدتنا عائشة Bها أنها قالت : سابقت النبي E فسبقته فلما حملت اللحم سابقته فسبقني فقلت : هذه بتلك فصارت هذه الأنواع مستثناة من التحريم فبقي ما وراءها على أصل الحرمة و لأن الاستثناء يحتمل أن يكون لمعنى لا يوجد في غيرها و هو الرياضة و الاستعداد لأسباب الجهاد في الجملة فكانت لعبا صورة و رياضة و تعلم أسباب الجهاد فيكون جائزا إذا استجمع شرائط الجواز و لئن كان لعبا لكن اللعب إذا تعلقت به عاقبة حميدة لا يكون حراما و لهذا استثنى ملاعبة الأهل لتعلق حميدة بها و هو انبعاث الشهوة الداعية إلى الوطءالذي هو سبب التوالد و التناسل و السكنى و غيره ذلك من العواقب الحميدة و هذا المعنى لا يوجد في غير هذه الأشياء فلم يكن في معنى المستنثى فبقي تحت المستثنى .
ومنها : أن يكون الخطر فيه من أحد الجانبين إلا إذا وجد فيه محالا حتى لو كان الخطر من الجانبين جميعا و لم يدخل فيه محللا لايجوز لأنه في معنى القمار نحو أن يقول أحدهما لصاحبه : إن سبقتني فلك علي كذا و إن سبقتك فلي عليه كذا فقيل الآخر .
و لو قال أحدهما لصاحبه : إن سبقتني فلك علي كذا و إن سبقتك فلا شيء عليك فهو جائز لأن الخطر إذا كان من أحد الجانبين لا يحتمل القمار فيحمل على التحريض على استعداد أسباب الجهاد في الجملة بمال نفسه و ذلك مشروع كالتنفيل من الإمام بل أولى لأن هذا يتصرف في مال نفسه بالبدل و الإمام بالتنفيل يتصرف فيما لغيره فيه حق في الجملة و هو الغنيمة فلما جاز ذلك فهذا بالجواز أولى .
و كذلك إذا كان الخطر من الجانبين و لكن أدخلا فيه محللا بأن كانوا ثلاثة لكن الخطر من الاثنين منهم و لا خطر من الثالث بل إن سبق أخذ الخطر و أن لم يسبق لا يغرم شيئا فهذا مما لا بأس به أيضا و كذلك ما يفعله السلاطين و هو أن يقول السلطان لرجلين : من سبق منكما فله كذا فهو جائز لما بينا أن ذلك من باب التحريض على استعداد أسباب الجهاد خصوصا من السلطان فكانت ملحقة بأسباب الجهاد ثم الإمام إذا حرض واحد من الغزاة على الجهاد بأن قال : من دخل هذا الحصن أولا فله من النفل كذا و نحوه جاز كذا هذا بل أولى لما بينا .
و منها : أن تكون المسابقة فيما يحتمل أن يسبق و يسبق من الأشياء الأربعة حتى لو كانت فيما يعلم أنه يسبق غالبا لا يجوز لأن معنى التحريض في هذه الصورة لا يتحقق فبقي الرهان التزام المال بشرط لا منفعة فيه فيكون عبثا و لعبا و الله تعالى أعلم