حكم المزارعة الفاسدة .
فصل : و أما حكم المزارعة الفاسدة فأنواع : منها أنه لا يجب على المزارع شيء من أعمال المزارعة لأن وجوبه بالعقد و لم يصح و منها ان الخارج يكون كله لصاحب البذر سواء كان رب الأرض أو المزارع لأن إستحقاق صاحب البذر الخارج لكونه نماء ملكه لا بالشرط لوقوع الإستغناء بالملك عن الشرط و استحقاق الأجر الخارج بالشرط و هو العقد فإذا لم يصح الشرط استحقه صاحب الملك و لا يلزمه التصدق بشيء لأنه نماء ملكه .
و منها : أن البذر إذا كان من قبل صاحب الأرض كان للعامل عليه أجر المثل لأن البذر إذا كان من قبل صاحب الأرض كان هو مستأجرا للعامل فإذا فسدت الإجارة وجب أجر مثل عمله و إذا كان البذر من قبل العامل كان عليه لرب الأرض أجر مثل أرضه لأن البذر إذا كان من قبل العامل يكون هو مستأجرا للأرض فإذا فسدت الأجارة يجب عليه أجر مثل أرضه و منها أن البذر إذا كان من قبل صاحب الأرض و استحق الخارج و غرم للعامل أجر مثل عمله فالخارج كله له طيب لأنه حاصل من ملكه و هو البذر في ملكه و هو الأرض و إذا كان من قبل العامل و استحق الخارج و غرم لصاحب الأرض أجر مثل أرضه فالخارج كله لا يطيب له بل يأخذ من الزرع قدر بذره و قدر أجر مثل الأرض و يطيب ذلك له لأنه سلم له بعوض و يتصدق بالفضل على ذلك لأنه و إن تولد من بذره لكن في أرض غيره بعقد فاسد فتمكنت فيه شبهة الخبث فكان سبيله التصدق .
و منها : أن أجر المثل لا يجب في المزارعة الفاسدة ما لم يوجد استعمال الأرض لأن المزارعة عقد إجازة و الأجرة في الإجازة الفاسدة لاتجب إلا بحقيقة الاستعمال و لا تحب بالتخلية لا نعدام التخلية فيها حقيقة إذ هي عبارة عن رفع الموانع و التمكن من الإنتفاع حقيقة و شرعا و لم يوجد بخلاف الإجارة الصحيح على ما عرف في الإجارات .
و منها : أن أجر المثل يجب في المزارعة الفاسدة و إن لم تخرج شيئا بعد أن استعملها المزارع و في المزارعة الصحيحة إذ لم تخرج شيئا لا يحب شيء لواحد منهما و قد مر الفرق فيما تقدم .
و منها : أن أجر المثل في المزارعة الفاسدة يجب مقدرا بالمسمى عند أبي يوسف و عند محمد يجب تاما و هذا إذا كانت الأجرة و هو حصة كل واحد منهما مسماة في العقد فإن لم يكن يجب أجر المثل تاما بالإجماع وجه قول محمد C : أن الأصل في الأجارة و جوب أجر المثل لأنها عقد معارضة و هو تمليك المنفعة بعوض و مبنى المعاوضات على المساواة بين البدلين و ذلك في و جوب أجر المثل لأنه المثل الممكن في باب إذ هو قدر قيمى المنافع المستوفاة إلا أن فيه ضرب جهالة و جهالة المعقود عليه تمنع صحة العقد فلا بد من تسمية البدل تصحيحا للعقد فوجب المسمى على قدر قيمة المنافع أيضا فإذا لم يصح العقد لفوات شرط من شرائطه و جب المصير إلى البدل الأصلي للمنافع و هو أجر المثل و لهذا إذا لم يسم البدل أصلا في العقد و جب أجر المثل بالغا ما بلغ .
وجه قول أبي يوسف : أن الأصل ما قاله محمد و هو و جوب أجر المثل بدلا عن المنافع قيمة لها لأنه هو المثل بالقدر الممكن لكن مقدرا بالمسمى لأنه كما يجب اعتبار المماثلة في البدل في عقد المعارضة بالقدر الممكن يجب اعتبار التسمية بالقدر الممكن لأن اعتبار تصرف العاقل واجب ما أمكن و أمكن ذلك بتقدير أجر المثل بالمسمى لأن المستأجر ما رضيت الزيادة على المسمى و الآجر ما رضي بالنقصان عنه فكان اعتبار المسمى في تقدير أجر المثل به عملا بالدليلين و رعاية للجانبين بالقدر الممكن فكان أولى بخلاف ما إذا لم يكن البدل مسمى في العقد لأن البدل إذا لم يكن مسمى أصلا لا حاجة إلى اعتبار التسمية فوجب اعتبار أجر المثل فهو الفرق