شرائط كونه مضمونا .
فصل : و أما شرائط كونه مضمونا عند الهلاك فأنواع منها قيام الدين حتى لو سقط الدين من غير عوض ثم هلك الرهن في يد المرتهن هلك أمانة .
و على هذا يخرج ما إذا أبرأ المرتهن الراهن عن الدين ثم هلك الرهن في يد المرتهن أنه يهلك بغير شيء و لا ضمان على المرتهن فيه إذا لم يوجد منه منع الرهن من الراهن عند طلبه استحسانا .
و القياس : أن يضمن و هو قول زفر و لو استوفى دينه ثم هلك الرهن في يده يهلك بالدين و عليه بدل ما استوفى و زفر سوى بين الإبراء و الاستيفاء و نحن نفرق بينهما .
وجه القياس : أن قبض الرهن قبض استيفاء و يتقرر ذلك الاستيفاء عند الهلاك فيصير كأنه استوفى الدين ثم أبرأ عنه ثم هلك الرهن و لو كان كذلك يضمن كذا هذا و لأن المرهون لما صار مضمونا بالقبض يبقى الضمان ما بقي القبض و قد بقي لانعدام ما ينقضه .
وجه الاستحسان : أن كون المرهون مضمونا بالدين يستدعي قيام الدين لأن الضمان هو ضمان الدين و قد سقط بالابراء فاستحال أن يبقى مضمونا به و قد خرج الجواب عن قوله : إن الاستيفاء يتقرر عند الهلاك لأنا نقول : نعم إذا كان الدين قائما فإذا سقط بالإبراء لا يتصور الاستيفاء و هذا بخلاف ما إذا استوفى الدين ثم هلك الرهن في يد المرتهن لأن قبض الرهن قائم و الضمان متعلق فيبقى ما بقي القبض ما لم يوجد المسقط و الاستيفاء لا يسقط الضمان بل يقرره لأن المستوفي يصير مضمونا على المرتهن بخلاف الإبراء لأنه مسقط لأن الإبراء إسقاط فلا يبقى الضمان فهو الفرق هذا إذا لم يوجد من المرتهن منه الرهن من الراهن بعد طلبه فإن وجد ثم هلك الرهن في يده ضمن كل قيمته لأنه صار غاصبا بالمنع و المغصوب مضمون بكل القيمة و على هذا يخرج ما إذا أخذت المرأة بصداقها رهنا ثم طلقها الزوج قبل الدخول ثم هلك الرهن في يدها أنه لا ضمان عليها في نصف الصداق الذي سقط بالطلاق لأنها لم تصر مستوفيه لذلك النصف عند هلاك الرهن لسقوطه بالطلاق فلم يبق القبض مضمونا .
و كذلك لو أخذت بالصدق رهنا ثم ارتدت قبل الدخول بها حتى سقط الصداق ثم هلك الرهن في يدها لا ضمان عليها لأن الصداق لما سقط بالردة لم يبق القبض مضمونا فصار كما لو أبرأته عن الصداق ثم هلك الرهن في يدها و لو لم يكن المهر مسمى حتى وجب مهر المثل فأخذت بمهر المثل رهنا ثم طلقها قبل الدخول بها حتى وجبت عليه المتعة لم يكن له أن يحبس الرهن بالمتعة و لو هلك في يدها و لم يوجد منها منع يهلك بغير شيء و المتعة باقية على الزوج و هذا قول أبي يوسف .
و قال محمد : لها حق الحبس بالمتعة و لقب المسألة أن الرهن بمهر المثل هل يكون رهنا بالمتعة عند أبي يوسف لا يكون و عند محمد يكون و لم يذكر قول أبي حنيفة في الأصل و ذكر الكرخي C قوله مع قول أبي يوسف .
وجه قول محمد : أن الرهن بالشيء رهن ببدله في الشرع لأن بدل الشيء يقوم مقامه كأنه هو لهذا كان الرهن بالمغضوب رهنا بقيمته عند هلاكه و الرهن بالمسلم فيه رهنا برأس المال عند الإقالة و المتعة بدل عن نصف المهر لأنه يجب بالسبب الذي يجب به مهر المثل و هو النكاح عند عدمه و هذا حد البدل في أصل الشيوع .
و لأبي يوسف : أن المتعة وجبت أصلا بنفسها لا بدلا عن مهر المثل و السبب انعقد لوجوبها ابتداء كما أن العقد لوجوب مهر المثل الطلاق زال في حق أحد الحكمين و بقي في حق الحكم الآخر إلا أنه لا يعمل فيه إلا بعد الطلاق فكان الطلاق شرط عمل السبب و هذا لا يدل على كونها بدلا كما في سائر الأسباب المعلقة بالشروط و لو أسلم في طعام و أخذ به رهنا ثم تفاسخا العقد كان له أن يحبس الرهن برأس المال لأن رأس المال بدل عن المسلم فيه فإن هلك الرهن في يده يهلك بالطعام لأن القبض حين وجوده وقع مضمونا بالطعام و بالإقالة لم يسقط الضمان أصلا لأن بدله قائم و هو رأس المال فيبقى القبض مضمونا على ما كان بخلاف ما إذا أبرأه عن الدين ثم هلك الرهن في يد المرتهن أنه يهلك بغير شيء لأن الضمان هناك سقط أصلا و رأسا فخرج القبض من أن يكون مضمونا .
و لو اشترى عبدا و تقابضا ثم تفاسخا كان للمشتري أن يحبس المبيع حتى يستوفي الثمن لأن المشتري بعد التفاسخ ينزل منزلة البائع و للبائع حق حبس المبيع حتى يستوفي الثمن فكذا المشتري و كذلك لو أن البائع سلم المبيع و أخذ بالثمن رهنا من المشتري ثم تقايلا كان للبائع أن يحبس الرهن حتى يقبض المبيع كما في السلم .
و منها : أن يكون هلاك الموهون في قبض الرهن فإن لم يكن لا يكون مضمونا بالدين و إن بقي عقد الرهن لأن المرهون إنما صار مضمونا بالقبض فإذا خرج عن قبض الرهن لم يبق مضمونا .
و على هذا يخرج ما إذا غصب الرهن غاصب فهلك في يده أنه لا يسقط شيء من الدين لأن قبض الغصب أبطل قبض الرهن و إن لم يبطل عقد الرهن حتى كان للمرتهن أن ينقض قبض الغاصب فيرده إلى الرهن .
و عل00000000000ى هذا يخرج ما إذا استعار المرتهن الرهن من الراهن لينتفع به فهلك أنه أن هلك قبل أن يأخذ في الانتفاع أو بعد ما فرغ عنه يهلك بالدين و إن هلك في حال الانتفاع يهلك أمانة لأن المرهون قبل أن يأخذ الانتفاع على حكم قبض الرهن لانعدام ما ينقضه و هو قبض الانتفاع و إذا أخذ في الانتفاع فقد نقضه لوجود قبض الاعارة و قبض الإعارة ينافي قبض أمانة و قبض الرهن قبض ضمان فإذا جاء أحدهم انتفى الآخر ثم إذا فرغ من الانتفاع فقد انتهى قبض الإعارة فعاد قبض الرهن .
و كذلك إذا أذن الراهن للمرتهن في الانتفاع بالمرهون فهو على التفصيل و لو استعارة الراهن من المرتهن لينتفع به فقبضه خرج عن ضمان الرهن حتى لو هلك في يده يهلك أمانة و الدين على حاله لأن قبضه قبض العارية و أنه قبض أمانة فينافي قبض الضمان و كذلك لو أذن المرتهن للراهن بالانتفاع بالرهن و كذلك لو أعاره الراهن من أجنبي بإذن المرتهن أو أعاره المرتهن بإذن الراهن من أجنبي و سلمه إلى المستعير فالمرهون في هذه الوجوه كلها يخرج عن ضمان الرهن و لا يخرج عن عقد الرهن و الخروج عن الضمان لا يوجب الخرج عن العقد كزوائد الرهن .
و لو كان المرهون جارية فاستعارها الراهن فولدت في يده ولدا فالولد رهن لأن الأصل مرهون لقيام عقد الرهن حتى لو هلكت الجارية قبل أن يقبض المرتهن الولد فالدين قائم و الولد رهن بجميع المال لأن الضمان و إن فات فالعقد قائم و فوات الضمان لا يوجب بطلان العقد على ما مر و إذا بقي العقد في الأم صار الولد مرهونا تبعا للأم فكان له أن يحبسه بجميع المال و كذا لو ولدت هذه الإبنة ولدا فإنهما رهن بجميع المال و إن ماتا لم يسقط شيء من الدين لأن الولد ليس بمضمون ألا ترى أن الأم لو كانت قائمة فهلك الولد لا يسقط شيء من الدين فكذا إذا كانت هالكة و لا يفتك الراهن واحدا منهما حتى يؤدى المال كله لأنهما دخلا جميعا في العقد فلا يملك الراهن التفريق و لو مات الراهن و الرهن قائم في يده قبل أن يرده إلى المرتهن فالمرتهن أحق به من سائر الغرماء لقيام عقد الرهن و إن بطل الضمان كما في ولد الرهن أن المرتهن أحق به و إن لم يكن فيه ضمان .
و لو أعار الراهن الرهن من المرتهن أو أذن له بالانتفاع به فجاء يفتك الرهن و هو ثوب و به خرق فاختلفا فقال الراهن : حدث هذا في يدك قبل اللبس أو بعد ما لبسته و رددته إلى الرهن و قال المرتهن : لا بل حدث هذا في حال اللبس فالقول قول المرتهن لأنهما لما اتفقا على اللبس فقد اتفقا على خورجه من الضمان فالراهن يدعي عوده إلى الضمان و المرتهن ينكر فكان القول قوله .
هذا إذا اتفقا على اللبس و اختلفا في وقته فأما إذا اختلفا في أصل اللبس فقال الراهن : لم ألبسه و لكنه تخرق و قال المرتهن : لبسته فتخرق فالقول قول الراهن لأنهما اتفقا على دخوله في الضمان فالمرتهن بدعواه اللبس يدعي الخروج من الضمان و الراهن ينكر فكان القول قوله و إن أقام الراهن البينة أنه تخرق في ضمان المرتهن و أقام المرتهن البينة أنه تخرق بعد خروجه من الضمان فالبينة بينة الراهن لأن بينته مثبتة لأنها تثبت الاستيفاء و بينة المرتهن تنفي الاستيفاء فالمثبتة أولى .
و منها : أن يكون المرهون مقصودا فلا تكون الزيادة المتولدة من الرهن أو ما هو في حكم المتولد كالولد و الثمر و اللبن و الصوف و العقر و نحوها مضمونا إلا الإرش خاصة حتى لو هلك شيء من ذلك لا يسقط شيء من الدين إلا الارش فإنه إذا هلك تسقط حصته من الدين و إنما كان كذلك لأن الولد ليس بمرهون مقصودا بل تبعا للأصل كولد المبيع على أصل أصحابنا أنه مبيع تبعا لا مقصودا و المرهون تبعا لا حصة له من الضمان إلا إذا صار مقصودا بالفكاك كما أن المبيع تبعا لا حصة له من الثمن إلا إذا صار مقصودا بالقبض بخلاف الأرش لأنه بدل المرهون لأن كل جزء من أجزاء الرهن مرهون و بدل الشيء قائم مقامه كأنه هو فكان حكمه حكم الأصل و الأصل مضمون فكذا بدله بخلاف الولد و نحوه و بخلاف الزيادة على الرهن أنها مضمونة لأنه مرهونة مقصودا لا تبعا لأن الزيادة إذا صحت التحقت بأصل العقد كان العقد ورد على الزيادة و المزيد عليه على ما نذكر في موضعه إن شاء الله تعالى .
و لو هلك و بقيت الزيادة يقسم الدين على الأصل و الزيادة على قدر قيمتهما و تعتبر قيمة الأصل وقت القبض و إن شئت قلت : وقت العقد و هو اختلاف عبارة و المعنى واحد لأن الإيجاب و القبول لا يصير عقدا شرعا إلا عند القبض و تعتبر قيمة الزيادة وقت الفكاك لأن الأصل إنما صار مضمونا بالقبض فتعتبر قيمة يوم القبض و الزيادة إنما يصير لها حصة من الضمان بالفكاك فتعتبر قيمتها حينئذ إلا أن هذه القسمة للحال ليست قسمة حقيقية بل من حيث الظاهر حتى تتغير بتغير قيمة الزيادة إلى الزيادة و النقصان من حيث السعر و البدل و القسمة الحقيقية وقت الفكاك و لا تتغير القسمة بتغير قيمة الأصل بالزيادة و النقصان في السعر أو في البدل لأن الأصل دخل في الضمان بالقبض و القبض لم يتغير فلا يتغير الضمان و الولد إنما يأخذ قسطا من الضمان بالفكاك فتعتبر قيمته يوم الفكاك .
و شرح هذه الجملة : إذا رهن جارية قيمتها ألف ألف فولدت ولدا يساوي ألفا فإن الدين يقسم على قيمة الأم و الولد نصفين فيكون في كل واحد منهما خمسمائة حتى لو هلكت الأم سقط نصف الدين و بقي الولد رهنا بالنصف الباقي يفتكه الراهن به إن بقي إلى و قت الافتكاك و إن هلك قبل ذلك يغير شيء و جعل كأن لم يكن و عادت حصته من الدين إلى الأم و تبين أن الأم هلكت بجميع الدين و إن لم يهلك لكن تغيرت قيمته إلى الزيادة فصار يساوي ألفين بطلت قسمة الانصاف و صارت القسمة أثلاثا : ثلثا الدين في الولد و الثلث في الأم و تبين أن الأم هلكت بثلث الدين و بقي الولد رهنا بالثلثين فإن ازدادت قيمته و صار يساوي ثلاثة آلاف بطلت قسمة الثلاث و صارت القسمة أرباعا ثلاثة أرباع الدين في الولد و ربع في الأم و تبين أن الأم هلكت بربع الدين و بقي الولد رهنا بثلاثة أرباع و لو تغيرت قيمته إلى النقصان فصار يساوي خمسمائة بطلب قسمة الرباع و صارت القسمة أثلاثا ثلثا الدين في الأم و الثلث في الولد و تبين أن الأم هلكت بثلثي الدين وبقي الولد رهنا بالثلث هكذا على هذا الاعتبار و سواء كان الولد واحدا أو أكثر و لدوا معا او مفترقا يقسم الدين على الأم و على الأولاد على قدر قيمتهم لكن تعتبر قيمة الأم يوم العقد و قيمة الأولاد يوم الفكاك لما ذكرنا و ولد الولد في القسمة حكمه حكم الولد حتى لو و لدت الجارية بنتا و ولدت بنتها و لدا فهما بمنزلة الولدين حتى يقسم الدين على الجارية و عليهما على قدر قيمتهم و لا يقسم على الجارية و على الولد الأصلي ثم يقسم باقيه عليه و على و لده لأن و لد الرهن ليس بمضمون حتى يتبعه و لده فكأنهما في حكم و لدان .
و لو ولدت الجارية و لدا ثم نقصت قيمة الأم في السعر أو في البدن فصارت تساوي خمسمائة أو زادت قيمتها فصارت تساوي ألفين و الولد على حاله يساوي ألفا فالدين بينهما نصفان لا يتغير عما كان و إن كانت الأم على حالها و انتقصت قيمة الولد بعيب دخله أو لسعر فصار يساوي خمسمائة صار الدين فيهما أثلاثا الثلثان في الأم و الثلث في الولد .
و لو زادت قيمة الولد فصار يساوي ألفين فثلثاالدين في الولد و الثلث في الأم حتى لو هلكت الأم يبقى الولد رهنا بالثلثين لما ذكرنا أن الأصل إنما دخل تحت الضمان بالقبض و القبض لم يتغير فلا تتغير القسمة و الولد إنما يصير له حصة من الضمان بالفكاك فتعتبر قيمته يوم الفكاك .
و لو أعورت الأم بعد الولادة أو كانت أعورت قبلها ذهب من الدين بعورها ربعه و ذلك مائتان و خمسون و بقي الولد رهنا بثلاثة أرباع الدين و ذلك سبعمائة و خمسون .
و هذا الجواب : فيما إذا و لدت ثم أعورت ظاهر لأن الدين قبل الاعورار كان فيهما نصفين في كل واحد منهما خمسمائة فإذا اعورت و العين من الآدمي نصفه فذهب قدر ما فيها من الدين و هو نصف نصف الدين و هو ربع الكل و بقي الولد رهنا ببقية الدين و هو ثلاثة الأرباع .
فأما إذا اعورت ثم و لدت ففيه إشكال من حيث الظاهر و هو أن قبل الاعورار كان كأن كل الدين فيها و بالاعورار ذهب النصف و بقي النصف فإذا و لدت و لدا فينبغي أن يقسم النصف الباقي من الدين على الجارية العوراء و على و لدها أثلاثا الثلثان على الولد و الثلث على الأم .
و الجواب : أن ذهاب نصف الدين بالاعورار لم يكن حتما بل على التوقف على تقدير عدم الولادة فإذا و لدت تبين أنه لم يكن ذهب بالاعورار إلا ربع الدين لأن الزيادة تجعل كأنها موجودة لدى العقد فصار كأنها و لدت ثم اعورت و لو هلك الولد و قد اعورت الأم قبل الولادة او بعدها ذهب نصف الدين بالاعورار لأن الولد لما هلك التحق بالعدم و جعل كأنه لم يكن و عادت حصته إلى الأم و تبين أن الأم كانت رهنا بجميع الدين فإذا اعورت ذهب بالاعورار نصفه و بقي النصف الآخر و لو لم يهلك و لكنه اعور لم يسقط باعوراره شيء من الدين لأنه لو هلك لا يسقط فإذا اعور أولى لكن تلك القسمة التي كانت من حيث الظاهر تتغير لأنها تحتمل التغير قيمة الولد إلى الزيادة و النقصان لما ذكرنا فيما تقدم .
و على هذا تخرج الزيادة في الرهن إنها مضمونة على أصل أصحابنا الثلاثة بأن رهن جارية ثم زاد عبدا لأن هذه زيادة مقصودة لورود فعل الرهن عليها مقصودا فكانت مرهونة أصلا لا تبعا فكانت مضمونة و يقسم الدين على المزيد عليه و الزيادة .
و جملة الكلام في كيفية الانقسام : أن الراهن لا يخلو إما إن زاد في الرهن و ليس في الرهن نماء و إما إن كان فيه نماء فإن لم يكن فيه نماء يقسم الدين على المزيد عليه و الزيادة على قدر قيمتها ختى لو كانت قيمة الجارية ألفا و قيمة العبد ألف و الدين ألف كان الدين فيهما نصفين في كل واحد منهما خمسمائة و لو كانت قيمة العبد الزيادة خمسمائة كان الدين فيهما أثلاثا الثلثان في العبد و الثلث في الجارية وأيهما هلك يهلك بحصته من الدين لأن كل واحد منهما مرهون مقصودا لا تبعا إلا أنه تعتبر قيمة المزيد عليه يوم العقد و هو يوم قبضه و قيمة الزيادة يوم الزيادة و هو يوم قبضها و لا يعتبر تغير قيمتها بعد ذلك لأن الزيادة و النقصان كل واحد منهما إنما دخل في الضمان بالقبض فتعتبر قيمته يوم القبض و القبض لم يتغير بتغير القيمة فلا تتغير القسمة بخلاف زيادة الرهن و هي نماؤه إن القسمة تتغير بتغير قيمتها لأنها مرهونة تبعا لا أصلا و المرهون تبعا لا يأخذ حصة من الضمان إلا بالفكاك فتعتبر قيمتها يوم الفكاك فكانت القسمة قبله محتملة للتغير .
و لو نقص الرهن الأصلي في يده حتى ذهب قدره من الدين ثم زاده الراهن بعد ذلك رهنا آخر يقسم ما بقي من الدين على قيمة الباقي و على قيمة الزيادة يوم قبضت نحو ما إذا رهن جارية قيمتها ألف بألف فاعورت حتى ذهب نصف الدين و بقي النصف ثم زاد الراهن عبدا قيمته ألف يقسم النصف الباقي على قيمة الجارية عوراء و على قيمة العبد الزيادة أثلاثا فيكون ثلثا هذا النصف و ذلك ثلثمائة و ثلاثة و ثلاثون و ثلث في العبد الزيادة و الثلث و ذلك مائة و ستة و ستون و ثلثان في الجارية .
فرق بين الزيادة في الرهن وزيادة الرهن و هي نماؤه بأن اعورت الجارية ثم و لدت و لدا قيمته ألف أن الدين يقسم على قيمة الجارية يوم القبض صحيحة و على قيمة الولد يوم الفكاك نصفين فيكون في كل واحد منهما خمسمائة ثم ما أصاب الأم و هو النصف ذهب بالإعورار نصفه و هو مائتان و خمسون و بقي ثلاثة أرباع الدين و ذلك سبعمائة و خمسون في الأم و الولد ثلثا ذلك خمسمائة في الولد و ثلث ذلك مائتان و خمسون في الأم و في الزيادة على الرهن يبقى الأصل و الزيادة بنصف الدين .
ووجه الفرق بين الزيادتين : أن حكم الرهن في هذه الزيادة و هي الزيادة على الرهن ثبت يطريق الأصالة لا بطريق التبعية لكونها زيادة مقصودة لورود فعل العقد عليها مقصودا فيعتبر في القسمة ما بقي من الدين و قت الزيادة و لم يبق و قت الزيادة إلا نصف فيقسم ذلك النصف عليهما على قدر قيمتهما بخلاف زيادة الرهن لأنها ليست بمرهونة مقصودا لا نعدام و جود الرهن فيها مقصودا بل تبعا للأصل لكونها متولدة منه فيثبت حكم الرهن فيها تبعا للأصل كانها متصلة به فتصير كأنها موجودة عند العقد فكان الثابت في الولد غير ما كان ثابتا في الأم فيعتبر في القسمة قيمة الأم يوم القبض .
و كذلك لو قضى الراهن للمرهون من الدين خمسمائة ثم زاده في الرهن عبدا قيمته ألف أن هذه الزيادة تلحق الخمسمائة الباقية فيقسم على نصفه قيمة الجارية و هي خمسمائة و على قيمة العبد الزيادة و بقي ألف أثلاثا ثلثاها في العبد و ثلثها في الجارية حتى لو هلك العبد هلك بثلثي الخمسمائة ذلك ثلثمائة وثلاثة و ثلاثون و ثلث و لو هلكت الجارية هلكت بالثلث و ذلك مائة و ستة و ستون و ثلثان لأن الزيادة زيادة على المرهون و المرهون محبوس بالدين و المحبوس بالدين هو نصف الجارية لا كلها و لم يبق نصف الدين لصيرورته مقضيا فالزيادة تدخل قي و ينقسم الباقي على قيمة نصف الجارية و على قيمة الزيادة أثلاثا .
و لو قضى خمسمائة ثم أعورت الجارية قبل أن يزيد الرهن ثم زاد عبدا قيمته ألف درهم قسم مائتان و خمسون على نصف نصف الجارية العوراء و على الزيادة على خمسة أسهم أربعة من ذلك في الزيادة و سهم في الجارية العوراء لأنه لما قضى الراهن خمسمائة فرغ نصف الجارية شائعا من الدين و بقي النصف الباقي في نصفها شائعا و ذلك خمسمائة فإذا اعورت فقد ذهب نصف ذلك النصف بما فيه من الدين و ذلك مائتان و خمسون رواية بقي مائتان و خمسون من الدين فيها لم يذهب من نصف الجارية فإذا هذه الزيادة تلحق هذا القدر فيقسم هذا القدر في الأصل و الزيادة أخماسا أربعة أخماسا و ذلك مائتان في الزيادة و خمسة و ذلك خمسون في الأصل .
هذا إذا زاد و ليس في الرهن نماء فأما إذا زاد و فيه نماء بأن رهن جارية قيمتها ألف بألف فولدت و لدا يساوي ألفا ثم زاده عبدا قيمته ألف فالرهن لا يخلو إما إن زاد و الأم قائمة و إما إن زاد بعد ما هلكت الأم فإن كانت قائمة فزاد لا يخلو إما إن جعله زيادة على الولد أو على الأم أو عليهما جميعا أو أطلق الزيادة و لم يسم المزيد عليه أنه الأم أو الولد فإن جملة زيادة على الولد فهو رهن مع الولد خاصة و لا يدخل في حصة الأم لأن الأصل و قوع نتصرف العاقل على الوجه الذي أوقعه و قد جعله زيادة على الولد فيكون زيادة معه فيقسم الدين أولا على الأم و الولد على قدر قيمتهما تعتبر قيمة الأم يوم العقد و قيمة الولد يوم الفكاك ثم ما أصاب الولد يقسم عليه و على العبد الزيادة على قدر قيمتهما و تعتبر قيمة الولد يوم الفكاك لما بينا فيما تقدم و قيمة الزيادة و قت الزيادة و هي و قت قبضها لأنها إنما جعلت في الضمان بالقبض فتعتبر قيمتها يوم القبض .
و لو هلك الولد بعد الزيادة بطلب الزيادة لأنه إذا هلك جعل كأن لم يكن أصلا و رأسا فلم تتحقق الزيادة عليه لأن الزيادة لا بد لها من مزيد عليه فتبين أن الزيادة لم تقع رهنا .
و إن جعله زيادة على الأم فهو على ما جعل لما ذكرنا أن الأصل اعتبار تصرف العاقل على الوجه الذي باشره و لأنه لو أطلق الزيادة لوقعت على الأم فعند التقييد و التنصيص أولى .
و إذا وقعت زيادة على الأم جعل كأنها كانت موجودة و قت العقد فيقسم الدين عليهما على قدر قيمتهما تعتبر قيمة الأصل يوم العقد و قيمة الزيادة يوم القبض ثم ما أصاب الأم يقسم عليها و على و لدها على اعتبار قيمة الأم يوم العقد و قيمة الولد يوم الفكاك .
و لو مات الولد أو زادت قيمته أو و لدت و لدا فالحكم في حق العبد للزيادة لا تتغير و يقسم الدين أولا على الجارية و العبد نصفين ثم ما أصاب الأم يقسم عليها و على و لدها فتعتبر زيادة الولد في حق الأم و لا تعتبر في حق العبد سواء زاد بعد حدوث الولد أو قبله لأن الولد في حق الزيادة و جوده و عدمه بمنزلة واحدة .
و لو هلكت الأم بعد الزيادة ذهب ما كان فيها من الدين و بقي الولد و الزيادة بما فيهما بخلاف ما إذا هلك الولد أنه تبطل الزيادة لأن بهلاك الأم لا يتبين أن العقد لم يكن بل يتناهى و يتقرر حكمه فهلاكه لا يوجب بطلان الزيادة بخلاف الولد لأنه إذا هلك التحق بالعدم من الأصل و جعل كأنه لم يكن فتبين أن الزيادة لم تصح رهنا .
و لو هلك الولد بعد الزيادة ذهب بغير شيء لأن الولد غير مضمون بالهلاك فإذا هلك جعل كأن لم يكن و جعل كأن الزيادة حدثت و لا بد للجارية كذلك و إن جعله زيادة على الأم و الولد جمبعا فالعبد زيادة على الأم خاصة و لا عبرة للولد في حق الزيادة و لا يدخل في حصتها و إنما يعتبر في حق الأم و يدخل في حصة الأم و الولد في حق الزيادة حال و جود الأم كالعدم فلا تصلح الزيادة عليه في حال قيام الأم فيقسم الدين على الأصل والعبد الزيادة باعتبار قيمتهما قيمة الأصل يوم العقد و قيمة الزيادة يوم الزيادة ثم يقسم ما أصاب الأم قسمة أخرى بينهما و بين و لدها على اعتبار قيمتها يوم العقد و يوم الفكاك و كذلك و إن أطلق الزيادة و لم يسم الأم و لا الولد فالزيادة رهن مع الأم خاصة لأن الزيادة لا بد لها من مزيد عليه و كل واحد منهما على الانفراد يصلح مزيدا عليه إلا أن الأم أصل في الرهن و الولد تابع فعند الإطلاق جعلها زيادة على الأصل أولى و إذا صارت الزيادة رهنا مع الأم يقسم الدين قسمين على نحو ما بينا .
هذا إذا كانت الأم قائمة و قت الزيادة فأما إذا هلكت الأم زادوا العبد زيادة على الولد فكانا جميعا رهنا بخمسمائة يفتك الرهن كل واحد منهما بمائتين و خمسين لأن الزيادة تستدعي مزيدا عليه و الهالك خرج عن احتمال ذلك فتعين الولد مزيدا عليه و قد ذهب نصف الدين بهلاك الأم و بقي النصف و ذلك خمسمائة فينقسم ذلك على الزيادة و الولد على قدر قيمتهما و لو هلك الولد أخذ الراهن العبد بغير شيء لأنه لما هلك فقد التحق بالعدم و جعل كأنه لم يكن و عادت حصته إلى الأم فتبين أنها هلكت بجميع الدين فتبين أن الزيادة حصلت بعد سقوط الدين فلم تصح .
و لو هلك العبد الزيادة بعد هلاك الولد في يد المرتهن هلك أمانة إلا إذا منعه بعد الطلب لأنه تبين أنه لم يكن رهنا في الحقيقة لما بينا فصار كما إذا رهن بدين ثم تصادقا على أنه لا دين ثم هلك الرهن أنه يهلك أمانة لما قلنا كذا هذا إلا إذا منع بعد الطلب لأنه صار غاضبا بالمنع فيلزمه ضمان الغصب