ما يرجع إلى نفس الركن .
أما الأول : فهو أن لا يكون معلقا بما له خطر الوجود و العدم من دخول زيد و قدوم خالد و الرقبى و نحو ذلك و لا مضافا إلى وقت بأن يقول وهبت هذا الشيء منك غدا أو رأس شهر كذا لأن الهبة تمليك العين للحال و إنه لا يحتمل التعليق بالخطر و الإضافة إلى الوقت كالبيع .
و أما ما يرجع إلى الواهب فهو : أن يكون ممن يملك التبرع لأن الهبة تبرع فلا يملكها من لا يملك التبرع فلا يجوز هبة الصبي و المجنون لأنهما لا يملكان التبرع لكونه ضررا محضا لا يقابله نفع دنيوي فلا يملكها الصبي و المجنون كالطلاق و العتاق و كذا الأب لا يملك هبة مال الصغير من غير شرط العوض بلا خلاف لأن المتبرع بمال الصغير قربان ماله لا على وجه الأحسن و لأنه لا يقابله نفه دنيوي و قد قال الله تعالى عز شأنه : { و لا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن } و لأنه إذا لم يقابله عوض دنيوي كان التبرع ضررا محضا و ترك المرحمة في حق الصغير فلا يدخل تحت ولاية الولي لقوله عليه الصلاة و السلام : [ لا ضرر و لا إضرار في الإسلام ] و قوله عليه الصلاة و السلام : [ من لا يرحم صغيرنا فليس منا ] و لهذا لم يملك طلاق امرأته و إعتاق عبده و سائر التصرفات الضارة المحضة .
و إن شرط الأب العوض لا يجوز عند أبي حنيفة و أبي يوسف رحمهما الله و قال محمد C : يجوز و على هذا هبة المكاتب و المأذون أنه لا يجوز عندهما سواء كان بعوض أو بغير عوض و عنده : يجوز بشرط العوض و الأصل عندهما : أن كل من لا يملك التبرع لا يملك الهبة لا بعوض و لا بغير عوض و الأصل عنده : أن كل من يملك البيع الهبة بعوض .
وجه قول محمد : أن الهبة تمليك فإذا شرط فيها العوض كانت تمليكا بعوض و هذا تفسير البيع و إنما اختلفت العبارة و لا عبرة باختلافها بعد اتفاق المعنى كلفظ البيع مع لفظة التمليك .
و لهما : أن الهبة بشرط العوض تقع تبرعا ابتداء ثم يصير بيعا في الانتهاء بدليل أنها تفيد الملك قبل القبض و لو وقعت بيعا من حين وجودها لما توقف الملك فيه على القبض لأن البيع يفيد الملك بنفسه دل أنها وقعت تبرعا ابتداء و هؤلاء لا يملكون التبرع فلم تصح الهبة حين وجودها فلا يتصور أن تصير بيعا بعد ذلك