- الحج واجب على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد والراحلة فاضلا عن مسكنه وما لا بد منه وعن نفقة عياله إلى حين عوده وكان الطريق آمنا ويعتبر في المرأة أن يكون لها محرم يحج بها أو زوج ولا يجوز لها أن تحج بغيرهما إذا كان بينها وبين مكة مسيرة ثلاثة أيام و لياليها وإذا بلغ الصبي بعدما أحرم أو أعتق العبد فمضيا على ذلك لم يجزهما عن حجة الإسلام .
والمواقيت التي لا يجوز أن يتجاوزها الإنسان إلا محرما : لأهل المدينة ذو الحليفة ولأهل العراق ذات عرق ولأهل الشأم الجحفة ولأهل نجد قرن المنازل ولأهل اليمن يلملم فإن قدم الإحرام على هذه المواقيت جاز ومن كان منزله بعد المواقيت فميقاته الحل ومن كان بمكة فميقاته في الحج الحرم وفي العمرة الحل .
وإذا أراد الإحرام اغتسل أو توضأ - والغسل أفضل - ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين إزارا ورداء ومس طيبا إن كان له طيب وصلى ركعتين وقال : اللهم إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ثم يلبي عقيب صلاته فإن كان مفردا في الحج نوى بتلبيته الحج والتلبية أن يقول : لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك . ولا ينبغي أن يخل بشيء من هذه الكلمات فإن زاد فيها جاز فإذا لبى فقد أحرم فليتق ما نهى الله عنه من الرفث والفسوق والجدال ولا يقتل صيدا ولا يشير إليه ولا يدل عليه ولا يلبس قميصا ولا سراويل ولا عمامة ولا قلنسوة ولا قباء ولا خفين إلا أن لا يجد النعلين فيقطعهما أسفل الكعبين ولا يغطي رأسه ولا وجهه ولا يمس طيبا ولا يحلق رأسه ولا شعر بدنه ولا يقص لحيته ولا من ظفره ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس ولازعفران ولا عصفر إلا أن يكون غسلا لا ينفض ولا بأس أن يغتسل ويدخل الحمام ويستظل بالبيت والمحمل ويشد في وسطه الهميان ولا يغسل رأسه ولا ليته بالخطمى ويكثر من التلبية عقب الصلوات وكلما علا شرفا أو هبط واديا أو لقي ركبانا وبالأسحار .
فإذا دخل مكة ابتدأ بالمسجد الحرام ( 1 ) فإذا عاين البيت كبر وهلل ثم ابتدأ بالحجر الأسود فاستقبله وكبر ورفع يديه واستلمه وقبله إن استطاع من غير أن يؤذي مسلما ثم أخذ عن يمينه مما يلي الباب وقد اضطبع رداءه قبل ذلك فيطوف بالبيت سبعة أشواط ويجعل طوافه من وراء الحطيم ويرمل في الأشواط الثلاثة الأول ويمشي فيما بقي على هينته ويستلم الحجر كلما مر به إن استطاع ويختم الطواف بالاستلام ثم يأتي المقام فيصلي عنده ركعتين أو حيث تيسر من المسجد وهذا الطواف طواف القدوم وهو سنة وليس بواجب وليس على أهل مكة طواف القدوم ثم يخرج إلى الصفا فيصعد عليه ويستقبل البيت ويكبر ويهلل ويصلي على النبي A ويدعو الله تعالى بحاجته ثم ينحط نحو المروة ويمشي على هينته فإذا بلغ إلى بطن الوادي سعى بين الميلين الأخضرين سبعا حتى يأتي المروى فيصعد عليها ويفعل كما فعل على الصفا وهذا شوط فيطوف سبعة أشواط يبدأ بالصفا ويختم بالمروة ثم يقيم بمكة حراما يطوف بالبيت كلما بدا له فإذا كان قبل يوم التروية بيوم خطب الإمام خطبة يعلم الناس فيها الخروج إلى منى والصلاة بعرفات والوقوف والإفاضة ( 2 ) فإذا صلى الفجر ( 3 ) يوم التروية بمكة خرج إلى منى فأقام بها حتى يصلي الفجر يوم عرفة ثم يتوجه إلى عرفات فيقيم بها فإذا زالت الشمس من يوم عرفة صلى الإمام بالناس الظهر والعصر يبتدئ فيخطب خطبة يعلم الناس فيها الوقوف بعرفة والمزدلفة ورمي الجمار والنحر وطواف الزيارة ويصلي بهم الظهر والعصر في وقت الظهر بآذان وإقامتين ومن صلى في رحله وحده صلى كل واحدة منهما في وقتها عند أبي حنيفة C تعالى .
وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله : يجمع بينهما المنفرد ثم يتوجه إلى الموقف فيقف بقرب الجبل وعرفات كلها موقف إلا بطن عرفة . وينبغي للإمام أن يقف بعرفة على راحلته ويدعو ويعلم الناس المناسك ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف ويجتهد في الدعاء فإذا غربت الشمس أفاض الإمام والناس معه على هينتهم حتى يأتوا المزدلفة فينزلوا بها والمستحب أن ينزل بقرب الجبل الذي عليه الميقدة يقال له قزح ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء بأذان وإقامة ومن صلى المغرب في الطريق لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد فإذا طلع الفجر صلى الإمام بالناس الفجر بغلسل ثم وقف ووقف الناس معه فدعا : والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر ثم أفاض الإمام والناس معه قبل طلوع الشمس حتى يأتوا منى فيبتدئ بجمرة العقبة فيرميها من بطن الوادي بسبع حصيات مثل حصى الخذف ويكبر مع كل حصاة ولا يقف عندها ويقطع التلبية مع أول حصاة ثم يذبح إن أحب ثم يحلق أو يقصر والحلق أفضل وقد حل له كل شيء إلا النساء ثم يأتي مكة من يومه ذلك أو من الغد أو من بعد الغد فيطوف بالبيت طواف الزيارة سبعة أشواط فإن كان سعى بين الصفا والمروة عقيب طواف القدوم لم يرمل في هذا الطواف ولا سعى عليه وإن لم يكن قدم السعي رمل في هذا الطواف وسعى بعده على ما قدمناه وقد حل له النساء وهذا الطواف هو المفروض في الحج ويكره تأخيره عن هذه الأيام فإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة ثم يعود إلى منى فيقيم بها فإذا زالت الشمس من اليوم الثاني من النحر رمى الجمار الثلاث يبتدئ بالتي تلي المسجد فيرميها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف ويدعو عندها ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ويقف عندها ثم يرمي جمرة العقبة كذلك ولا يقف عندها فإذا كان من الغد رمى الجمار الثلاث بعد زوال الشمس كذلك فإذا أراد أن يتعجل النفر نفر إلى مكة وإن أراد أن يقيم رمى الجمار الثلاث في يوم الرابع بعد زوال الشمس فإن قدم الرمي في هذا اليوم قبل الزوال بعد طلوع الفجر جاز عند أبي حنيفة ويكره أن يقدم الإنسان ثقله إلى مكة ويقيم بها حتى يرمي فإذا نفر إلى مكة نزل بالمحصب ثم طاف بالبيت سبعة أشواط لا يرمل فيها وهذا طواف الصدر وهو واجب ( 4 ) إلا على أهل مكة ثم يعود إلى أهله .
فإن لم يدخل المحرم مكة وتوجه إلى عرفات ووقف بها على ما قدمناه فقد سقط عنه طواف القدوم ولا شيء عليه لتركه .
ومن أدرك الوقوف بعرفة ما بين زوال الشمس من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ومن اجتاز بعرفة وهو نائم أو مغمى عليه أو لم يعلم أنها عرفة أجزأه ذلك عن الوقوف .
والمرأة في جميع ذلك كالرجل غير أنها لا تكشف رأسها وتكشف وجهها ولا ترفع صوتها بالتلبية ولا ترمل في الطواف ولا تسعى بين الميلين ولا تحلق رأسها ولكن تقصر .
_________ .
( 1 ) في الصحيحين أن النبي A أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت وروى أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة أن رسول الله A لما دخل مكة لم يلو على شيء ولم يعرج ولا بلغنا أنه دخل بيتا ولا نها بشيء حتى دخل المسجد فبدأ بالبيت فطاف به ويستحب أن يقول عند دخوله اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك ويستحب أن يفعل لدخول مكة لحديث ابن عمر كان A لا يقدم مكة إلا يأت بذى طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا ويستحب للحائض والنفساء كما في غسل الإحرام ويستحب أن يكون الدخول من ثنية كفراء ولا نصرة أن يدخلها ليلا أو نهارا وقد فعل النبي A كلا منهما وما روى أن ابن عمر نهى عن الدخول ليلا فإنما كان شفقة على الحجاج من السراق . وينبغي أن يقول عند دخوله هذا الدعاء المأثور اللهم أنت ربي وأنا عبدك جئت لأؤدي فرضك وأطلب رحمتك وألتمس رضاك متبعا لأمرك راضيا بقضائك . أسألك مسألة المضطرين المشفعين من عذابك أن تستقبلني اليوم بعفوك وتحفظني برحمتك وتتجاوز عني بمغفرتك وتعينني على أداء فرضك . اللهم افتح لي أبواب رحمتك وأدخلني فيها وأعذني من الشيطان الرجيم . كتب الله لنا زيارة البيت دائما .
( 2 ) وهذه إحدى خطب الحج الثلاث والثانية بعرفات يوم عرفة والثالثة بمنى يوم الحادي عشر .
( 3 ) قال الرغيناني أن الخروج بعد طلوع الشمس وصححه الكمال لما عين ابن عمر أن رسول الله A صلى الفجر يوم التروية بمكة فلما طلعت الشمس راح إلى منى فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء وبالصبح يوم عرفة ويستحب أن يدعو بالمأثور عند خروجه إلى منى ومن ذلك : اللهم إياك أرجو وإياك أدعو وإليك أرغب . اللهم بلغني صالح عملي وأصلح لي في ذريتي فإذا وصل منى قال : اللهم هذا مني وهذا ما دللتنا عليه من المناسك فمن علينا بجوامع الخيرات وبما مننت به على إبراهيم خليلك ومحمد حبيبك وبما مننت به على أهل طاعتك فإني عبدك وناصيتي بيدك طالبا مرضاتك ويستحب أن ينزل عند مسجد الخيف إن استطاع ذلك .
( 4 ) وهو سنة عند الشافعي بمنزلة طواف القدوم ويستدل الحنفية بما أخرجه الترمذي من حديث " من حج البيت فليكن آخر عهده بالبيت " إلا الحيض فرخص لهن رسول الله A وقال حسن صحيح وبين مثله في الصحيحين عن ابن عباس والأصل في الأمر الوجوب ويؤيده قوله رخص لهن فهو يشعر بعدم الترخيص لغيرهن ونبغي أن يعيده إذا اشتغل بشيء بعده .
_________ .
كتاب الحج .
ختم به العبادات الخالصة اقتداء بحديث : " بني الإسلام على خمس " .
( الحج ) بفتح الحاء وكسرها - لغة : القصد مطلقا كما في الجوهرة وغيرها تبعا لإطلاق كثير من كتب اللغة ونقل في الفتح عن ابن السكيت تقييده بالمعظم وكذا قيده به السيد الشريف في تعريفاته . وشرعا : زيارة مكان مخصوص في زمن مخصوص بفعل مخصوص . وهو ( واجب ) ( 1 ) : أي فرض في العمر مرة ( على الأحرار البالغين العقلاء الأصحاء إذا قدروا على الزاد ) ذهابا وإيابا ( والراحلة ) من زاملة أو شق محمل ( فاضلا ) : أي زائدا ذلك ( عن مسكنه وما لا بد ) له ( منه ) كالثياب وأثاث المنزل والخادم ونحو ذلك لأنها مشغولة بالحاجة الأصلية ( و ) زائدا أيضا ( عن نفقة عياله ) ممن تلزمه نفقته ( إلى حين عوده ) لتقدم حق العبد لحاجته ( وكان الطريق آمنا ) بغلبة السلامة لأن الاستطاعة لا تثبت دونه ثم قيل : هو شرط الوجوب حتى لا يجب عليه الإيصاء وهو مروى عن أبي حنيفة وقيل شرط الأداء دون الوجوب . هداية . ( ويعتبر في المرأة ) ولو عجوزا ( أن يكون لها محرم ) بالغ عاقل غير فاسق برحم أو صهرته ( يحج بها أو زوج ولا يجوز لها ) : أي يكره تحريما على المرأة ( أن تحج بغيرهما ) : أي المحرم والزوج ( إذا كان بينها وبين مكة ) مدة سفر ويجوز حجها وهي ( مسيرة ثلاثة أيام ولياليها ) فصاعدا وقد اختلفوا في أن المحرم شرط الوجوب أو شرط الأداء على حسب اختلافهم في أمن الطريق ( وإذا بلغ الصبي بعدما أحرم أو أعتق العبد فمضيا على ) إحرامهما ( ذلك لم يجزهما عن حجة الإسلام ) لأن إحرامهما انعقد لأداء النفل فلا ينقلب لأداء الفرض ولو جدد الصبي الإحرام قبل الوقوف ونوى حجة الإسلام جاز والعبد لو فعل ذلك لم يجز لأن إحرام الصبي غير لازم لعدم الأهلية أما إحرام العبد فلازم فلا يمكنه الخروج منه بالشروع في غيره . هداية .
( والمواقيت ) : أي المواضع ( التي لا يجوز أن يتجاوزها الإنسان ) مريدا مكة ( إلا محرما ) يأخذ النسكين خمسة : ( لأهل المدينة ذو الحليفة ) بضم ففتح - موضع على ستة أميال من المدينة وعشر مراحل من مكة وتعرف الآن بآبار علي ( ولأهل العراق ذات عرق ) بكسر فسكون - على مرحلتين من مكة ( ولأهل الشام الجحفة ) على ثلاث مراحل من مكة بقرب رلغ ( ولأهل نجد قرن المنازل ) - بسكون الراء - مغرب على مرحلتين من مكة ( ولأهل اليمن يلملم ) جبل على مرحلتين أيضا . وكذا لمن مر بها من غير أهلها : كأهل الشام الآن فإنهم يمرون بميقات أهل المدينة فهي ميقاتهم لكنهم يمرون بالميقات الآخر فيخيرون بالإحرام منهما لأن الواجب على من مر بميقاتين لا يتجاوز آخرهما إلا محرما ومن الأول أفضل وإن لم يمر بميقات تحرى وأحرم إذا حاذى أحدها وإن لم يكن بحيث يحاذي أحدها فعلى مرحلتين ( فإن قدم الإحرام على هذه المواقيت جاز ) وهو أفضل إن أمن مواقعة المحظورات ( ومن كان منزله بعد المواقيت ) أي داخلها وخارج الحرم ( فوقته ) للحج والعمرة ( الحل ) ويجوز لهم دخول مكة لحاجة من غير إحرام ( ومن كان بمكة فميقاته في الحج الحرم وفي العمرة الحل ) ليتحقق وقوع السفر لأن أداء الحج في عرفة وهي في الحل فيكون الإحرام من الحرم وأداء العمرة في الحرم فيكون الإحرام من الحل إلا أن التنعيم أفضل لورود الأثر به . هداية .
( وإذا أراد ) الرجل ( الإحرام ) بحج أو عمرة ( اغتسل وتوضأ والغسل أفضل ) : لأنه أتم نظافة وهو للنظافة لا للطهارة ولذا تؤمر به الحائض والنفساء ( ولبس ثوبين جديدين أو غسيلين طاهرين أبيضين ككفن الميت ( إزارا ) من السرة إلى تحت الركبتين ( ورداء ) على ظهره لأنه ممنوع عن لبس المخيط ولابد من ستر العورة ودفع الحر والبرد وذلك فيما عيناه والجديد أفضل لأنه أقرب إلى الطهارة . هداية ( ومس طيبا ) استحبابا ( إن كان ) : أي وجد ( له طيب ) وقص أظافره وشاربه وأزال عانته وحلق رأسه إن اعتاده وإلا سرحه ( وصلى ركعتين ) في غير وقت مكروه ( وقال : اللهم ) إني أريد الحج فيسره لي وتقبله مني ) لأن أداءه في أزمنة متفرقة وأماكن متباينة فلا يعرى عن المشقة فيسأل الله تعالى التيسير بخلاف الصلاة لأن مدتها يسيرة وأداؤها عادة ميسر ( ثم يلبي عقيب الصلاة ) لما روى أن النبي A ( لبى في دبر صلاته ) وإن لبى بعد ما استوت به راحلته جاز ولكن الأول أفضل . هداية ( فإن كان مفردا ) الإحرام ( بالحج نوى بتلبيته الحج ) لأنه عبادة والأعمال بالنيات ( والتلبية أن يقول لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد ) بكسر الهمزة وتفتح ( والنعمة لك والملك لا شريك لك ) وهي المنقولة عن رسول الله A ( ولا ينبغي أن يخل بشيء من هذه الكلمات ) لأنه هو المنقول باتفاق الرواة فلا ينقص عنه ( فإن زاد فيها ) : أي عليها بعد الإتيان بها ( جاز ) بلا كراهة أما في خلالها فيكره كما في الدر وغيره .
( وإذا لبى ) ناويا ( فقد أحرم ) ولا يصير شارعا في الإحرام بمجرد النية ما لم يأت بالتلبية ( فليتق ما نهى الله تعالى عنه من الرفث ) وهو الجماع أو الكلام الفاحش أو ذكر الجماع بحضرة النساء ( والفسوق ) : أي المعاصي وهي في حال الإحرام أشد حرمة ( والجدال ) : أي الخصام مع الرفقة والخدم والمكارين . بحر ( ولا يقتل صيدا ) بريا ( ولا يشير إليه ) حاضرا ( ولا يدل عليه ) غائبا ( ولا يلبس قميصا ولا سراويل ) يعني اللبس المعتاد أما إذا اتزر بالقميص أو ارتدى بالسراويل فلا شيء عليه . جوهرة ( ولا ) يلبس ( عمامة ولا قلنسوة ) - بفتح القاف - ما تدار عليها العمامة ( ولا قباء ) - بالفتح والمد - كساء منفرج من أمام يلبس فوق الثياب والمراد اللبس المعتاد كما تقدم - حتى لو اتزر أو ارتدى بعمامته وألقى القباء على كتفيه من غير إدخال يديه في كميه ولا زره جاز ولا شيء عليه غير أنهم قالوا : إن إلقاء القباء والعياء ونحوهما على الكتفين مكروه قال شيخنا : ولعل وجهه أنه كثيرا ما يلبس كذلك تأمل . اه . ( ولا ) يلبس ( خفين إلا أن لا يجد النعلين فيقطعهما ) : أي الخفين ( أسفل الكعبين ) والكعب هنا : المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك . هداية ( ولا يغطي رأسه ولا وجهه ) يعني التغطية المعهودة أما لو حمل على رأسه عدل برو شبهه فلا شيء عليه لأن ذلك لا يحصل به المقصود من الإرتفاق جوهرة ( ولا يمس طيبا ) بحيث لزق منه بثوبه أو بدنه كاستعمال ماء الورد والمسك وغيرهما ( ولا يحلق رأسه ولا شعر بدنه ) ويستوي في ذلك إزالته بالموسى وغيره ( ولا يقص ) شيئا ( من لحيته ) لأنه في معنى الحلق ( ولا من ظفره ) لما فيه من إزالة الشعث ( ولا يلبس ثوبا مصبوغا بورس ) بوزن فلس - نبت أصفر يزرع في اليمن ويصنع به مصباح ( ولا زعفران ولا عصفر ) لأن لها رائحة طيبة ( إلا أن يكون ) ما صنع بها ( غسيلا لا ينقض ) : أي لا تفوح رائحته وهو الأصح جوهرة لأن المنع للطيب لا للون . هداية .
( ولا بأس أن يغتسل ) المحرم ( ويدخل الحمام ) لأنه طهارة فلا يمنع منها ( ويستظل بالبيت ) والفسطاط ( والمحمل ) بوزن مجلس - واحد محامل الحاج صحاح ( ويشد في وسطه الهميان ) بالكسر - وهو ما يجعل فيه الدراهم ويشد على الوسط ومثله المنطقة .
( ولا يغسل رأسه ولا لحيته بالخطمى ) بكسر الخاء - لأنه نوع طيب ولأنه يقتل هوام الرأس . هداية .
( ويكثر من التلبية ) ندبا رافعا بها صوته من غير مبالغة ( عقيب الصلوات ) ولو نفلا ( وكلما علا شرفا ) : أي مكانا مرتفعا ( أو هبط واديا أو لقي ركبانا ) : أي جماعة ولو مشاة ( وبالأسحار ) لأن أصحاب رسول الله A كانوا يلبون في هذه الأحوال والتلبية في الإحرام على مثال التكبير في الصلاة فيؤتى بها عند الانتقال من حال إلى حال . هداية .
( فإذا دخل مكة ابتدأ بالمسجد الحرام ) بعدما يأمن على أمتعته داخلا من باب السلام خاشعا متواضعا ملاحظا عظمة البيت وشرفه ( فإذا عاين البيت كبر ) الله تعالى الأكبر من كل كبير ثلاثا ( وهلل ) كذلك ثلاثا ومعناه التبري عن عبادة غيره تعالى ويلزمه التبري عن عبادة البيت المشاهد ودعا بما أحب فإنه من أرجى مواضع الإجابة ثم أخذ بالطواف لأنه تحية البيت مالم يخف فوت المكتوبة أو الجماعة ( ثم ابتدأ بالحجر الأسود فاستقبله وكبر وهلل ورفع يديه ) كرفعهما للصلاة ( واستلمه ) بباطن كفيه ( وقبله ) بينهما ( إن استطاع من غير أن يؤذي مسلما ) لأنه سنة وترك الإيذاء واجب فإن لم يقدر يضعها ثم يقبلهما أو إحداهما وإلا يمكنه يمسه شيئا في يده ثم يقبله وإلا أشار إليه بباطن كفيه كأنه وضعهما عليه وقبلهما ( ثم أخذ ) يطوف ( عن يمينه ) : أي جهة يمين الطائف . وهي ( مما يلي ) الملتزم و ( الباب وقد اظطبع رداءه ) بأن جعله تحت إبطه الأيمن . ويلقيه على كتفه الأيسر ( قبل ذلك ) أي قبل الشروع وهو سنة ( فيطوف بالبيت سبعة أشواط ) كل واحد من الحجر إلى الحجر ( ويجعل طوافه من وراء الحطيم ) وجوبا ويقال له " الحجر " أيضا لأنه حطم من البيت وحجر عنه : أي منع لأنه ستة أذرع منه من البيت فلو طاف من الفرجة التي بينه وبين البيت لا يجوز احتياطا ويأتي ( ويرمل ) بأن يسرع مشيه مع تقارب الخطا وهو الكتفين ( في الأشواط الثلاثة الأول ) من الحجر إلى الحجر فإذا زحمه الناس قام فإذا وجد مسلكا رمل لأنه لا بدل له فيقف حتى يقيمه على وجه السنة . هداية ( ويمشي فيما بقي من الأشواط ( على هينته ) بسكينة ووقار ( ويستلم الحجر كلما مر به ) لأن أشواط الطواف كركعات الصلاة فكما يفتتح كل ركعة بالتكبير يفتتح كل شوط باستلام الحجر . جوهرة ( إن استطاع ) كما مر ويستلم الركن اليماني أيضا ( 2 ) . ( ويختتم الطواف بالاستلام ) كما ابتدأ به ( ثم يأتي مقام إبراهيم ) عليه السلام وهو حجر كان يقوم عليه عند بناء البيت ظاهر فيه أثر قدمه الشريف ( فيصلي عنده ركعتين أو حيث تيسر من المسجد ) وهي واجبة لكل إسبوع ( 3 ) ولا تصلى إلا في وقت مباح ( وهذا الطواف ) يقال له : ( طواف القدوم ) وطواف التحية ( 4 ) . ( وهو سنته ) للآفاقي ( وليس بواجب ) .
( وليس على أهل مكة طواف القدوم ) لانعدام القدوم في حقهم ( ثم يعود إلى الحجر فيستلمه و ( يخرج ) ندبا من باب بنى مخزوم المسمى بباب الصفا اقتداء بخروج سيدنا المصطفى ( إلى الصفا فيصعد عليه ) بحيث يرى الكعبة من الباب ( ويستقبل البيت ويكبر ويهلل ويصلي على النبي A ويدعو الله تعالى بحاجته ) رافعا يديه نحو السماء ( ثم ينحط نحو المروة ويمشي على هينته ) بالسكينة والوقار ( فإذا بلغ إلى بطن الوادي ) قديما أما الآن فقد ارتدم من السيول حتى استوى مع أعلاه ( سعى ) : أي عدا في مشيه ( بين الميلين الأخضرين ) المتخذين في جدار المسجد علما لموضع بطن الوادي فوضعوا الميلين علامة لموضع الهرولة فيسعى ( سعيا ) من أول بطن الوادي عند أول ميل إلى منتهى بطن الوادي عند الميل الثاني ثم يمشي على هينته ( حتى يأتي المروى فيصعد عليها ويفعل كما فعل على الصفا ( من استقبال البيت والتكبير والتهليل والصلاة على النبي A ( وهذا شوط واحد فيطوف ) ستة أشواط أخر مثله حتى تصير ( سبعة أشواط : يبدأ بالصفا ) وجوبا ( ويختم بالمروة ) ويسعى في بطن الوادي في كل شوط قال في التصحيح : السعي بين الصفا والمروة واجب باتفاقهم اه ( ثم يقيم بمكة حراما ) إلى تمام نسكه ( يطوف بالبيت ) تطوعا ( كلما بدا له ) وهو أفضل من تطوع الصلاة للآفاقي ( فإذا كان قبل يوم التروية بيوم ) وهو سابع ذي الحجة ( خطب الإمام ) بعد الزوال وصلاة الظهر ( خطبة يعلم الناس فيها الخروج إلى منى والصلاة بعرفات والوقوف ) بها ( والإفاضة ) منها ( فإذا صلى الفجر يوم التروية ) وهو ثامن ذي الحجة ( بمكة خرج إلى منى ) قرية من الحل على فرسخ من مكة وفرسخين أو أكثر من عرفات ( فأقام بها ) وبات ( حتى يصلي ) بها ( الفجر يوم عرفة ثم ) بعد طلوع الشمس ( يتوجه إلى عرفات ) على طريق ضب ( فيقيم بها ) إلى الزوال .
( فإذا زالت الشمس من يوم عرفة صلى الإمام بالناس الظهر والعصر ) وذلك بعدما ( يبتدئ ) الإمام ( فيخطب خطبة قبل الصلاة يعلم الناس فيها الصلاة والوقوف بعرفة و ) الوقوف ( بالمزدلفة ورمي الجمار والنحر وطواف الزيارة ) ونحو ذلك ( ويصلي بهم الظهر والعصر في وقت الظهر بأذان ) واحد ( وإقامتين ) لأن العصر يؤدى قبل وقته المعهود فيفرد بالإقامة إعلاما للناس ولا يتطوع بين الصلاتين تحصيلا لمقصود الوقوف ولهذا قدم العصر على وقته . هداية ( ومن صلى في رحله وحده ) أو مع جماعة بغير الإمام الأعظم ( صلى كل واحدة منهما في وقتها ) المعهود ( عند أبي حنيفة ) لأن المحافظة على الوقت فرض بالنصوص فلا يجوز تركه إلا فيما ورد الشرع به وهو الجمع بالجماعة مع الإمام . هداية ( وقال أبو يوسف ومحمد : يجمع بينهما المنفرد ) أيضا : لأن جوازه للحاجة إلى امتداد الوقوف والمنفرد محتاج إليه قال الإسبيجاني الصحيح قول أبي حنيفة واعتمده برهان الشريعة والنسفي تصحيح ( ثم يتوجه إلى الموقف فيقف بقرب الجبل ) المعروف بجبل الرحمة ( وعرفات كلها موقف إلا بطن عرفة ) كرطبة وبضمتين لغة : واد بحذاء عرفات ( وينبغي للإمام أن يقف بعرفة ) عند الصخرات الكبار ( على راحلته ) مستقبل القبلة ( ويدعو ) بما شاء وإن تبرك بالمأثور كان حسنا ( ويعلم الناس المناسك ) وينبغي للناس أن يقفوا بقرب الإمام ليؤمتوا على دعائه ويتعلموا بتعليمه ويقفون وراءه ليكونوا مستقبلين القبلة ( ويستحب أن يغتسل قبل الوقوف ) لأنه يوم اجتماع كالجمعة والعيدين ( ويجتهد في الدعاء ) لأنه من أرجى مواضع الإجابة ( فإذا غربت الشمس أفاض الإمام والناس معه على هينتهم ) على طريق المأزمين ( حتى يأتوا المزدلفة فينزلوا بها وحدها من مأزمى عرفة إلى مأزمى محسر ( والمستحب أن ينزل بقرب الجبل الذي عليه الميقدة ) : موضع كانت الخلفاء توقد فيه النار في تلك الليلة ليهتدي بها يقال لها : كانون آدم و ( يقال له ) : أي لذلك الجبل . ( قزح ) بضم ففتح - وهو المشعر الحرام على الأصح . نهر .
( ويصلي الإمام بالناس المغرب والعشاء ) في وقت العشاء ( بأذان ) واحد ( وإقامة ) واحدة لأن العشاء في وقتها فلم تحتج للإعلام كما لا احتياج هنا للإمام ( ومن صلى المغرب في الطريق لم يجز عند أبي حنيفة ومحمد ) وعليه إعادتها مالم يطلع الفجر . هداية قال في التصحيح : واعتمد قولهما المحبوبي والنسفي وقال أبو يوسف يجزئه وقد أساء اه . ( فإذا طلع الفجر ) يوم النحر ( صلى الإمام بالناس الفجر بغلس ) لأجل الوقوف ( ثم وقف ) بمزدلفة وجوبا ووقته من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ولو لحظة كما مر في عرفة ( ووقف الناس معه فدعا ) وكبر وهلل ولبى وصلى على النبي A ( والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر ) وهو واد بين منى ومزدلفة ( ثم ) إذا أسفر جدا ( أفاض الإمام والناس معه قبل طلوع الشمس ) مهللين مكبرين ملبين ( حتى يأتوا منى فيبتدئ بجمرة العقبة فيرميها من بطن الوادي ) جاعلا مكة عن يساره ومنى عن يمينه ( بسبع حصيات مثل حصى الخذف ) بوزن فلس - صغار الحصى قيل : مقدار الحمصة وقيل : النواة وقيل : الأنملة ولو رمى بأكبر أو أصغر أجزأه إلا أنه لا يرمي بالكبار خشية أن يؤذي أحدا ولو رمى من فوق العقبة أجزأه لأن ما حولها موضع النسك والأفضل أن يكون من بطن الوادي . هداية . ولو وقعت على ظهر رجل أو جمل : إن وقعت بنفسها بقرب الجمرة جاز وإلا لا وثلاثة أذرع بعيد وما دونه قريب جوهرة ( يكبر مع كل حصاة ) ولو سبح أجزأه لحصول الذكر وهو من آداب الرمي . هداية ( ولا يقف عندها ) لأنه لا رمي بعدها والأصل أن كل رمي بعده رمي يقف عنده ويدعو وما ليس بعده رمي لا يقف عنده والأصل في ذلك فعل النبي A ( ويقطع التلبية مع أول حصاة ) إن رمى قبل الحلق وإن حلق قبل الرمي قطع التلبية لأنها لا تثبت مع التحلل ( ثم يذبح ) تطوعا ( إن أحب ) لأنه مفرد ( ثم يحلق ) جميع رأسه ويكفي ربعه ( أو يقصر ) أن يأخذ منه مقدار الأنملة ويكفي التقصير من ربعه أيضا ( والحلق أفضل ) من التقصير لأن الحلق أكمل في قضاء التفث وهو المقصود فأشبه الاغتسال مع الوضوء ( وقد حل له ) : أي بعد الحلق أو التقصير ( كل شيء ) من محظورات الإحرام ( إلا النساء ) : أي جماعهن ودواعيه ( ثم يأتي مكة من يومه ذلك ) : أي أول أيام النحر ( أو من الغد أو من بعد الغد ) وأفضلها أولها ( فيطوف بالبيت طواف الزيارة ) ويسمى طواف الإفاضة وطواف الفرض ( سبعة أشواط ) وجوبا والفرض منها أربعة ( فإن كان سعى بين الصفا والمروة ) سابقا ( عقب طواف القدوم لم يرمل في هذا الطواف ) : لأن الرمل في طواف بعده سعى ( ولا سعي عليه ) : لأن تكراره غير مشروع ( فإن لم يكن قدم السعي ) بعد طواف القدوم ( رمل في هذا الطواف ) استنانا ( وسعى بعده ) وجوبا على ما قدمناه ( وقد حل له النساء أيضا ) ولكن بالحلق السابق إذ هو المحلل لا بالطواف إلا أنه أخر عمله في حق النساء . هداية .
( وهذا الطواف هو المفروض في الحج ) وهو ركن فيه إذ هو المأمور به في قوله تعالى { وليطوفوا بالبيت العتيق } ( 5 ) . ( ويكره ) تحريما ( تأخيره عن هذه الأيام ) الثلاثة ( فإن أخره عنها لزمه دم عند أبي حنيفة ) قال في التصحيح : وهو المعول عليه عند النسفي والمحبوبي ( ثم يعود إلى منى ) من يومه ( فيقيم بها ) لأجل الرمي ( فإذا زالت الشمس في اليوم الثاني من ) أيام ( النحر رمى الجمار الثلاث ) والسنة أنه ( يبتدئ بالتي تلي المسجد ) مسجد الخيف ( فيرميها بسبع حصيات ) ويسن أنه ( يكبر مع كل حصاة ويقف عندها ويدعو ) لأنه بعده رمى ( ثم يرمي التي تليها مثل ذلك ) الرمي الذي ذكر في الأولى : من كونه بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ( ويقف عندها ) ويدعو ( ثم يرمي جمرة العقبة كذلك و ) لكنه ( لا يقف عندها ) لأنه ليس بعده رمي ( فإذا كان من الغد ) وهو الثالث من أيام النحر ( رمى الجمار الثلاث بعد زوال الشمس ) أيضا ( كذلك ) : أي مثل الرمي في اليوم الثاني ( فإذا أراد أن يتعجل النفر ) في اليوم الثالث ( نفر إلى مكة ) قبل طلوع فجر الرابع لا بعده لدخول وقت الرمي ( وإذا أراد أن يقيم ) إلى الرابع وهو الأفضل ( رمى الجمار الثلاث يوم الرابع بعد زوال الشمس ) أيضا ( فإن قدم الرمي في هذا اليوم قبل الزوال بعد طلوع الفجر جاز عند أبي حنيفة ) قال في الهداية : وهذا استحسان واختاره برهان الشريعة والنسفي وصدر الشريعة . تصحيح ( ويكره أن يقدم الإنسان ثقله ) بفتحتين - متاعه وخدمه ( إلى مكة ويقيم ) بمنى ( حتى يرمي ) لأنه يوجب شغل قلبه ( فإذا نفر إلى مكة نزل ) ندبا ( بالمحصب ) بضم فتحتين - الأبطح ويقال له البطحاء وخيف بني كنانة قال في الفتح : وهو فناء مكة وحده : ما بين الجبلين المتصلين بالمقابر إلى الجبال المقابلة لذلك مصعدا في الشق الأيسر وأنت ذاهب إلى منى مرتفعا عن بطن الوادي ( ثم ) إذا أراد السفر ( طاف بالبيت سبعة أشواط لا يرمل فيها وهذا ) يقال له ( طواف الصدر ) وطواف الوداع وطواف آخر عهد بالبيت لأنه يودع البيت ويصدر به ( وهو واجب إلا على أهل مكة ) ومن في حكمهم ممن كان داخل الميقات لأنهم لا يصدرون ولا يودعون ( 6 ) ويصلي بعده ركعتي الطواف ويأتي زمزم فيشرب من مائها ثم يأتي الملتزم ( 7 ) فيضع صدره ووجهه عليه . ويتشبث بالأستار ويدعو بما أحب ويرجع قهقرى حتى يخرج من المسجد وبصره ملاحظ للبيت متباكيا متحاسرا على فراقه ويخرج من باب حزورة المعروف بباب الوداع ( ثم يعود إلى أهله ) لفراغه من أفعال حجه .
( فإن لم يدخل المحرم مكة وتوجه إلى عرفات ووقف بها على ما قدمناه فقد سقط عنه طواف القدوم ) لأنه تحية البيت ولم يدخل ( ولا شيء عليه لتركه ) لأنه سنة ولا شيء بتركها . ( ومن أدرك الوقوف بعرفة ) ولو لحظة في وقته وهو ما بين زوال الشمس من يوم عرفة إلى طلوع الفجر من يوم النحر فقد أدرك الحج ) : أي أمن من فساده وإلا فقد بقي عليه الركن الثاني وهو طواف الزيارة ( ومن اجتازه ) : أي مر ( بعرفة وهو نائم أو مغمى عليه أو لم يعلم أنها عرفة أجزأه ذلك عن الوقوف ) لأن الركن - وهو الوقوف - قد وجد والجهل يخل بالنية وهي ليست بشرط فيه .
( والمرأة في جميع ذلك ) المار ( كالرجل ) لعموم الخطاب ( غير أنها لا تكشف رأسها ) : لأنها عورة ( وتكشف وجهها ) ولو سدلت شيئا عليه وجافته عنه جاز لأنه بمنزلة الاستظلال بالمحمل ( ولا ترفع صوتها بالتلبية ) بل تسمع نفسها دفعا للفتنة ( ولا ترمل في الطواف ) ولا تضطبع ولا تسعى بين الميلين ( ولا تحلق رأسها ولكن تقصر ) من ربع شعرها كما مر وتلبس المخيط والخفين والخنثى كالمرأة فيما ذكر احتياطا .
_________ .
( 1 ) والحج رياضة روحية وعقلية وبدنية كريمة وهو جهاد مكرم مشكور وفيه من الآيات والآثار ما يشهد بمكانته العليا وآثاره الجليلة وحسبك ما نواه به رسول الله A من أنه ليس له جزاء إلا الجنة ومن ذاق لذة الحج عرف ما يصنع من تجديد الإيمان واستئناف الحياة السعيدة الموفقة وينبغي لمن أراد الحج أن يبدأ بالتوبة وإخلاص النية ورد المظالم وأن يلتمس النفقة من الحلال ويطلب الرفيق الصالح ليذكره إذا نسي ويعينه إذا عجز ويثبته إذا جزع ويستحب أن يجعل خروجه يوم الخميس اقتداء بالنبي A وإلا فيوم الإثنين ورد في أن السنن عن أبي هريرة عن النبي A قال : .
( من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلفه استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ) .
( 2 ) في الهداية إن ذلك حسن في ظاهر الرواية وعن محمد أنه سنة ولا يستلم غيرهما فإن النبي A كان يستلم هذين الركعتين ولا يستلم غيرهما .
( 3 ) المراد بالاسبوع السبعة الأشواط أي كل طواف تام ومذهب الشافعي أنها سنة لانعدام دليل الوجوب .
( 4 ) ويسمى أيضا طواف اللقاء وطواف أول العهد .
( 5 ) من الآية 39 من سورة الحج .
( 6 ) وقال أبو يوسف أحب إلى أن يطوف المكي طواف الصدر لأنه وضع لختم أفعال الحج كما في البدائع .
( 7 ) الملتزم ما بين الركن والباب معروف وهو من الأماكن التي يستجاب فيها الدعاء نقله ابن عباس عن النبي A ثم قال فوالله ما دعوت قط إلا أجابني وفي رسالة الحسن البصري إن الدعاء يستجاب هناك في خمسة عشر موضعا منها الطواف والملتزم وتحت الميزاب وفي البيت وعند زمزم وخلف المقام وعلى الصفا وعلى المروة وفي المسعى وفي عرفات وفي مزدلفة وفي منى وعند الجمرات