- لا تصح الجمعة إلا بمصر جامع أو في مصلى المصر ولا تجوز في القرى ولا تجوز إقامتها إلا بالسلطان أو من أمره السلطان . ومن شرائطها : الوقت فتصح في وقت الظهر ولا تصح بعده ومن شرائطها الخطبة قبل الصلاة يخطب الإمام خطبتين يفصل بينهما بقعدة ويخطب قائما على طهارة فإن اقتصر على ذكر الله تعالى جاز عند أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد : لابد من ذكر طويل يسمى خطبة وإن خطب قاعدا أو على غير طهارة جاز ويكره ومن شرائطها الجماعة وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاثة سوى الإمام وقال أبو يوسف ومحمد : اثنان سوى الإمام ويجهر الإمام بالقراءة في الركعتين وليس فيهما قراءة سورة بعينها ولا تجب الجمعة على مسافر ولا امرأة ولا مريض ولا عبد ولا أعمى .
فإن حضروا وصلوا مع الناس أجزأهم عن فرض الوقت .
ويجوز للمسافر والعبد والمريض ونحوهم أن يؤم في الجمعة .
ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الإمام ولا عذر له كره له ذلك وجازت صلاته فإن بدا له أن يحضر الجمعة فتوجه إليها بطلت صلاة الظهر عند أبي حنيفة بالسعي وقال أبو يوسف ومحمد : لا تبطل حتى يدخل مع الإمام .
ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة وكذلك أهل السجن ومن أدرك الإمام يوم الجمعة صلى معه ما أدرك وبنى عليها الجمعة وإن أدركه في التشهد أو في سجود السهو بنى عليها الجمعة عند أبي حنيفة وأبي يوسف . وقال محمد : إن أدرك معه أكثر الركعة الثانية بنى عليها الجمعة وإن أدرك أقلها بنى عليها الظهر وإذا خرج الإمام على المنبر يوم الجمعة ترك الناس الصلاة والكلام حتى يفرغ من خطبته وإذا أذن المؤذنون يوم الجمعة الأذان الأول ترك الناس البيع والشراء وتوجهوا إلى صلاة الجمعة فإذا صعد الإمام المنبر جلس وأذن المؤذنون بين يدي المنبر فإذا فرغ من خطبته أقاموا الصلاة وصلوا .
_________ .
باب صلاة الجمعة .
بتثليث الميم وسكونها .
( لا تصح الجمعة إلا في مصر جامع ) وهو : كل موضع له أمير وقاض ينفذ الأحكام ويقيم الحدود وهذا عن أبي يوسف وعنه أنهم إذا اجتمعوا في أكبر مساجدهم لم يسعهم والأول اختيار الكرخي وهو الظاهر والثاني اختيار الثلجي هداية . ( أو في مصلى المصر ) لأنه من توابعه والحكم ليس مقصورا على المصلى بل يجوز في جميع أفنية المصر لأنها بمنزلته في حوائج أهله . هداية . ثم من كان محله من توابع المصر فحكمه حكم أهل المصر في وجوب الجمعة عليه واختلفوا فيه : فعن أبي يوسف إن كان الموضع يستمع فيه النداء من المصر فهو من توابعه وإلا فلا وعنه : كل قرية متصلة بربض المصر . . فتح وصحح هذا الثاني في مواهب الرحمن وعلله في شرحه بأن وجوبها مخص بأهل المصر . والخارج عن هذا الحد ليس من أهله . اه . قال شيخنا : وهو ظاهر المتون وفي المعراج أنه أصح ما قيل وفي التتارخانية : ثم ظاهر رواية أصحابنا لا تجب إلا على من يسكن المصر أو من يتصل به فلا تجب على أهل السواد ولو قريبا وهذا أصح ما قيل فيه . اه ( ولا تجوز في القرى ) تأكد لما قبله وتصريح بمفهومه ولا تجوز إقامتها إلا بالسلطان أو من أمره السلطان بإقامتها لأنها تقام بجمع عظيم وقد تقع المنازعة في التقدم والتقديم وقد تقع في غيره فلابد منه تتميما لأمره . هداية ( ومن شرائطها الوقت فتصح في وقت الظهر ولا تصح بعده ) فلو خرج الوقت وهو فيها استقبل الظهر ولا يبني على الجمعة لأنهما مختلفان ( ومن شرائطها ) أيضا ( الخطبة ) بقصدها وكونها ( قبل الصلاة ) بحضرة جماعة تنعقد بهم الجمعة ولو صما أو نياما . فلو صدرت من غير قصد أو بعد الصلاة أو بغير حضور جماعة - لا يعتد بها لكن جزم في الخلاصة بأنه يكفي حضور واحد والسنة في الخطبة أنه ( يخطب الإمام خطبتين ) خفيفتين بقدر سورة من طوال المفصل ( يفصل بينهما بقعدة ) قدر قراءة ثلاث آيات ويخفض جهره بالثانية عن الأولى ( ويخطب قائما ) مستقبل الناس ( على طهارة ) من الحدثين ( فإن اقتصر على ذكر الله تعالى ) كتحميدة أو تهليلة أو تسبيحة ( جاز عند أبي حنيفة ) مع الكراهة ( وقالا : لابد ) لصحتها ( من ذكر طويل يسمى خطبة ) وأقله قدر التشهد .
( وإن خطب قاعدا أو على غير طهارة ) أو لم يقعد بين الخطبتين أو استدبر الناس - ( جاز ويكره ) لمخالفته المتوارث ( 1 ) ( ومن شرائطها ) أيضا ( الجماعة ) لأن الجمعة مشتقة منها ( وأقلهم عند أبي حنيفة ثلاثة ) رجال ( سوى الإمام وقالا : اثنان سوى الإمام ) قال في التصحيح : ورجح في الشروح دليله واختاره المحبوبي والنسفي . اه . ويشترط بقاؤهم حتى يسجد السجدة الأولى فلو نفروا بعدها أتمها وحده جمعة ( ويجهر الإمام بالقراءة في الركعتين ) لأنه المتوارث ( وليس فيهما قرءاة سورة بعينها ) قال في شرح الطحاوي : ويقرأ في الركعتين سورة الجمعة والمنافقين ولا يكره غيرهما . اه . وذكر الزاهدي أنه يقرأ فيهما سورة الأعلى والغاشية قال في البحر : ولكن لا يواظب على ذلك كيلا يؤدي إلى هجر الباقي ولئلا تظنه العامة حتما . اه .
( ولا تجب الجمعة على مسافر ) للحوق المشقة بأدائها ( ولا امرأة ) لأنها منهية عن الخروج ( ولا مريض ) لعجزه عن ذلك وكذا المرض إن بقي المريض ضائعا ( ولا عبد ) لأنه مشغول بخدمة مولاه ولا زمن ( ولا أعمى ) ولا خائف ولا معذور بمشقة مطر ووحل وثلج ولا قروي ( فإن حضروا وصلوا مع الناس أجزأهم ) ذلك ( عن فرض الوقت ) لأنهم تحملوا المشقة فصاروا كالمسافر إذ صام .
( ويجوز للمسافر والعبد والمريض ونحوهم ) خلا امرأة ( أن يؤم في الجمعة ) لأن عدم وجوبها عليهم رخصة لهم دفعا للحرج فإذا حضروا تقع فرضا .
( ومن صلى الظهر في منزله يوم الجمعة قبل صلاة الإمام ولا عذر له كره له ذلك ) تحريما بل حرم لأنه ترك الفرض القطعي باتفاقهم . فتح ( وجازت صلاته ) جوازا موقوفا ( فإن بدا له ) : أي لمن صلى الظهر ولو بمعذرة على المذهب ( أن يحضر الجمعة فتوجه إليها ) والإمام فيها ولم تقم بعد ( بطلت صلاة الصلاة الظهر ) أي وصف الفرضية وصارت نفلا ( عند أبي حنيفة بالسعي ) وإن لم يدركها ( وقالا : لا تبطل حتى يدخل مع الإمام ) قال في التصحيح : ورجح دليل الإمام في الهداية واختاره البرهاني والنسفي . اه . قيدنا بكون الإمام فيها لأن السعي إذا كان بعد ما فرغ منها لم يبطل ظهره اتفاقا .
( ويكره أن يصلي المعذورون الظهر بجماعة يوم الجمعة ) في المصر لما فيه من الإخلال بالجمعة بتقليل الجماعة وصورة المعارضة . قيدنا بالمصر لأنه لا جمعة في غيرها فلا يفضي إلى ذلك ( وكذلك أهل السجن ) : أي يكره لهم ذلك لما فيه من صورة المعارضة . وإنما أفرده بالذكر لما يتوهم من عدم الكراهة يمنعهم من الخروج .
( ومن أدرك الإمام يوم الجمعة ) : أي في صلاتهم ( صلى معه ما أدرك وبنى عليها الجمعة ) وهذا إن أدرك منها ركعة اتفاقا ( وإن أدركه في التشهد أو في سجود السهو بنى عليها الجمعة ) أيضا ( عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد : إن أدرك معه أكثر الركعة الثانية ) بأن أدرك ركوعها ( بنى عليها الجمعة وإن أدرك أقلها ) بأن أدركه بعد ما رفع من الركوع ( بنى عليها الظهر ) أربعا إلا أنه ينوي الجمعة إجماعا جوهرة وعليه يقال : أدى خلاف ما نوى .
( وإذا خرج الإمام يوم الجمعة ) من حجرته إن كان وإلا فبقيامه للصعود ( ترك الناس الصلاة والكلام ) خلا قضاء فائتة لذي ترتيب ضرورة صحة الجمعة وصلاة شرع فيها للزومها ( حتى يفرغ من خطبته ) وصلاته بلا فرق بين قريب وبعيد في الأصح . محيط .
( وإذا أذن المؤذنون يوم الجمعة الأذان الأول ) لحصول الإعلام به ( ترك الناس ) وجوبا ( البيع والشراء وتوجهوا إلى صلاة الجمعة ) عبر بقوله " توجهوا " للإشارة بأن المراد بالسعي المأمور به هو التوجه مع السكينة والوقار لا الهرولة .
( وإذا صعد الإمام المنبر جلس ) عليه ( وأذن المؤذنون بين يدي المنبر ) بذلك جرى التوارث ولم يكن على عهد رسول الله A إلا هذا الأذان ولهذا قيل هو المعتبر في وجوب السعي وحرمة البيع والأصح أن المعتبر هو الأول إذا كان بعد الزوال لحصول الإعلام به . هداية . ( فإذا فرغ من خطبته أقاموا الصلاة وصلوا ) ولا ينبغي أن يصلي غير الخطيب ويكره السفر بعد الزوال قبل أن يصليها ولا يكره قبله كذا في شرح المنية ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) في الفتح ومن السنة بتقصيرها وتطويل الصلاة بعد استمالها على الموعظة والتشهد والصلاة وكونها خطبتين ومما يؤيد مذهب الإمام أن عثمان Bه قال على المنبر الحمد لله ثم ارتج عليه ثم نزل فصلى جماعا .
( 2 ) ومن الأحكام أن الكلام حرام ولو كان أمر بمعروف أو نهيا عن منكر أو تسبيحا كما يحرم الأكل والشرب والكتابة . ويكره تشميت العاطس در والسلام لأنه غير مأذون فيه والمسلم أتم ونسب إلى أبي حنيفة أنه لا يصلي على النبي A عند ذكره في الخطبة وعن أبي يوسف أنه يصلي في نفسه لأن ذلك لا يشفع عن السماع وهو الصواب كما أنه يحمد الله في نفسه إذا عطس ويجوز الإشارة بيده أو غيره عند رؤية المنكر