- وإذا تغلب قوم من المسلمين على بلد وخرجوا عن طاعة الإمام دعاهم إلى العود إلى الجماعة وكشف عن شبهتهم ولا يبدؤهم بالقتال حتى يبدءوه فإن بدءوا قاتلهم حتى يفرق جمعهم .
فإن كانت لهم فئة أجهز على جريحهم واتبع موليهم وإن لم يكن لهم فئة لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم ولا تسبى لهم ذرية ولا يغنم لهم مال .
ولا بأس أن يقاتلوا بسلاحهم إن احتاج المسلمون إليه ويحبس الإمام أموالهم ولا يردها عليهم ولا يقسمها حتى يتوبوا فيردها .
وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر لم يأخذه الإمام ثانيا فإن كانوا صرفوه في حقه أجزأ من أخذ منه وإن لم يكونوا صرفوه في حقه أفتى أهله فيما بيهم وبين الله تعالى أن يعيدوا ذلك .
_________ .
باب البغاة .
( وإذا تغلب قوم من المسلمين على بلد ) قيد بالمسلمين لأن أهل الذمة إذا غلبوا على موضع للحراب صاروا أهل حرب كما مر ( وخرجوا عن طاعة الإمام ) أو طاعة نائبه قال في الخانية من السير : قال علماؤنا : السلطان يصير سلطانا بأمرين : بالمبايعة معه ويعتبر في المبايعة مبايعة أشرافهم وأعيانهم والثاني : أن ينفذ حكمه في رعيته خوفا من قهره وجبروته فإن بايع الناس ولم ينفذ حكمه فيهم لعجزه عن قهرهم لا يصير سلطانا فإن صار سلطانا بالمبايعة فجار : إن كان له قهر وغلبة لا ينعزل : لأنه لو انعزل يصير سلطانا بالقهر والغلبة فلا يفيد وإن لم يكن له قهر وغلبة ينعزل . اه ( دعاهم ) أي الإمام أو نائبه استحبابا ( إلى العود إلى الجماعة ) والطاعة ( وكشف عن شبهتهم ) وإن أبدوا شبهة لعل الشر يندفع به ( ولا يبدؤهم بقتال حتى يبدءوه ) إبلاء للعذر وإقامة للحجة عليهم ولذا بعث علي Bه إلى أهل حروراء من يناظرهم قبل القتال ( فإن بدءوا ) بالقتال ( قاتلهم حتى يفرق جمعهم ) قال في الهداية : هكذا ذكر القدوري في مختصره وذكر الإمام المعروف بخواهر زاده أن عندنا يجوز أن يبدأ بقتالهم إذا تعسكروا واجتمعوا لأن الحكم يدار مع الدليل وهو الاجتماع والامتناع وهذا لأنه لو انتظر الإمام حقيقة قتالهم ربما لا يمكنه الدفع فيدار على الدليل ضرورة دفع شرهم وإذا بلغه أنهم يشترون السلاح ويتهيئون للقتال ينبغي أن يأخذهم ويحبسهم حتى يقلعوا عن ذلك ويحدثوا توبة دفعا للشر بقدر الإمكان والمروى عن أبي حنيفة من لزوم محمول على حال عدم الإمام أما إعانة الإمام الحق فمن الواجب عند الغناء والقدرة اه ( فإن كانت ) البغاة ( لهم فئة ) أي طائفة يلتحقون بها أو حصن يلتجئون إليه ( أجهز على جريحهم ) أي : تمم قتله قال في الصحاح : أجهزت على الجريح إذا أسرعت قتله وقد تممت عليه ( واتبع موليهم ) أي : هاربهم دفعا لشرهم كيلا يلحقا بهم أي بفئتهم أو يلتجئا إلى حصنهم ( وإن لم يكن لهم فئة ) ولا حصن ( لم يجهز على جريحهم ولم يتبع موليهم ) لأن المقصود تفريق جمعهم وتبديد شملهم وقد حصل فلا داعي لقتلهم . وفيه إشعار بأنه لو أسر أحد منهم لم يقتله إن لم يكن له فئة وإلا قتله كما في المحيط قهستاني ( ولا تسبى لهم ذرية ) ولا نساء ( ولا يقسم لهم مال ) لأنهم مسلمون والإسلام يعصم النفس والمال ( ولا بأس أن يقاتلوا ) بالبناء المجهول - أي البغاة ( بسلاحهم ) ويرتفق بكراعهم ( إن احتاج المسلمون ) أي المطيعون ( إليه ) لأن للإمام أن يفعل ذلك في مال العادل عند الحاجة ففي مال الباغي " أولى ( ويحبس الإمام أموالهم ) دفعا لشرهم باستعانتهم به على القتال إلا أنه يبيع الكراع لأن حبس الثمن أنظر وأيسر هداية ( ولا يردها عليهم ولا يقسمها ) بين الغانمين لما مر أن أموالهم لا تغنم ولكنها تحبس ( حتى يتوبوا فيردها عليهم ) لزوال بغيهم .
( وما جباه أهل البغي من البلاد التي غلبوا عليها من الخراج والعشر لم يأخذه الإمام ثانيا ) لأن ولاية الأخذ له باعتبار الحماية ولم يحمهم ( فإن كانوا ) أي البغاة ( صرفوه في حقه أجزأ من أخذ منه ) لوصول الحق إلى مستحقه ( وإن لم يكونوا صرفوه في حقه أفتى أهله ) وفي بعض النسخ " فعلى أهله " ( فيما بينهم وبين الله تعالى أن يعيدوا ذلك ) لأنه لم يصل إلى مستحقه قال في الهداية : قالوا : لا إعادة عليهم في الخراج لأنهم مقاتلة فكانوا مصارف وإن كانوا أغنياء وفي العشر إن كانوا فقراء كذلك لأنه حق الفقراء وقد بيناه في الزكاة وفي المستقبل يأخذه الإمام لأنه يحميهم فيه لظهور ولايته اه