- فرائض الصلاة سنة : التحريمة والقيام والقراءة والركوع والسجود والقعدة الأخيرة مقدار التشهد وما زاد على ذلك فهو سنة فإذا دخل الرجل في الصلاة كبر ورفع يديه مع التكبير حتى يحاذي بإبهاميه شحمتي أذنيه ( 1 ) فإن قال بدلا من التكبير : الله أجل أو أعظم أو الرحمن أكبر أجزأه عند أبي حنيفة ومحمد . وقال أبو يوسف : لا يجزئه إلا بلفظ التكبير ويعتمد بيده اليمنى على اليسرى ويضعهما تحت سرته ثم يقول : سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك ( 2 ) ويستعيذ من الشيطان الرجيم ويقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ويسر بهما ( 3 ) ثم يقرأ فاتحة الكتاب وسورة معها أو ثلاث آيات من أي سورة شاء وإذا قال الإمام " ولا الضالين " قال : آمين ويقولها المؤتم ويخفونها ( 4 ) ثم يكبر ويركع ويعتمد بيديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ويبسط ظهره ولا يرفع رأسه ولا ينكسه ويقول في ركوعه : سبحان ربي العظيم ثلاثا وذلك أدناه ثم يرفع رأسه ويقول : سمع الله لمن حمده ويقول المؤتم : ربنا لك الحمد فإذا استوى قائما كبر وسجد واعتمد بيديه على الأرض ووضع وجهه بين كفيه وسجد على أنفه وجبهته فإن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد : لا يجوز الاقتصار على الأنف إلا من عذر وإن سجد على كور عمامته أو فاضل ثوبه جاز ويبدي ضبعيه ويجافي بطنه عن فخذيه ويوجه أصابع رجليه نحو القبلة ويقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى ثلاثا وذلك أدناه ثم يرفع رأسه ويكبر فإذا اطمأن جالسا كبر وسجد فإذا اطمأن ساجدا كبر واستوى قائما على صدور قدميه ولا يقعد ولا يعتمد بيديه على الأرض ويفعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى إلا أنه لا يستفتح ولا يتعوذ ولا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى ( 5 ) فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية افترش رجله اليسرى فجلس عليها ونصب اليمنى نصبا ووجه أصابعه نحو القبلة ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه وتشهد .
والتشهد أن يقول : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ولا يزيد على هذا في القعدة الأولى ويقرأ في الركعتين الأخريين فاتحة الكتاب خاصة فإذا جلس في آخر الصلاة جلس كما في الأولى وتشهد وصلى على النبي A ودعا بما شاء بما يشبه ألفاظ القرآن والأدعية المأثورة ولا يدعو بما يشبه كلام الناس ثم يسلم عن يمينه فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وعن يساره مثل ذلك .
ويجهر بالقراءة في الفجر والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء إن كان إماما ويخفي القراءة فيما بعد الأوليين وإن كان منفردا فهو مخير : إن شاء جهر وأسمع نفسه وإن شاء خافت ويخفي الإمام القراءة في الظهر والعصر . والوتر ثلاث ركعات لا يفصل بينهما بسلام ويقنت في الثالثة قبل الركوع في جميع السنة ويقرأ في كل ركعة من الوتر بفاتحة الكتاب وسورة معها فإذا أراد أن يقنت كبر ورفع يديه ثم قنت . ولا يقنت في صلاة غيرها .
وليس في شيء من الصلوات قراءة سورة بعينها لا يجزئ غيرها ويكره أن يتخذ سورة بعينها لصلاة لا يقرأ فيها غيرها .
وأدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة ما يتناوله اسم القرآن عند أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد : لا يجزئ أقل من ثلاث آيات قصار أو آية طويلة .
ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام .
ومن أراد الدخول في صلاة غيره يحتاج إلى نيتين : نية الصلاة ونية المتابعة .
والجماعة سنة موكدة .
وأولى الناس بالإمامة أعلمهم بالسنة فإن تساوو فأقرؤهم فإن تساووا فأورعهم فإن تساووا فأسنهم .
ويكره تقديم العبد والأعرابي والفاسق والأعمى وولد الزنا فإن تقدموا جاز .
وينبغي للإمام أن لا يطول بهم الصلاة .
ويكره للنساء أن يصلين وحدهن جماعة فإن فعلن وقفت الإمام وسطهن .
ومن صلى مع واحد أقامه عن يمينه فإن كانا اثنين تقدم عليهما .
ولا يجوز للرجال أن يقتدوا بامرأة أو صبي .
ويصف الرجال ثم الصبيان ثم النساء .
فإن قامت امرأة إلى جنب رجل وهما مشتركان في صلاة واحدة فسدت صلاته ( 6 ) .
ويكره للنساء حضور الجماعات ولا بأس بأن تخرج العجوز في الفجر والمغرب والعشاء .
ولا يصلي الطاهر خلف من به سلس البول ولا الطاهرات خلف المستحاضة ولا القارئ خلف الأمي ولا المكتسي خلف العريان ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين والماسح على الخفين الغاسلين ويصلي القائم خلف القاعد ولا يصلي الذي يركع ويسجد خلف المومئ ولا يصلي المفترض خلف المتنفل ولا من يصلي فرضا خلف من يصلي فرضا آخر ويصلي المتنفل خلف المفترض .
ومن اقتدى بإمام ثم علم أنه على غير وضوء أعاد الصلاة .
ويكره للمصلي أن يعبث بثوبه أو بجسده ولا يقلب الحصى إلا أن لا يمكنه السجود فيسويه مرة واحدة ولا يفرقع أصابعه ولا يتخصر ولا يسدل ثوبه ولا يعقص شعره ولا يكف ثوبه ولا يلتفت ولا يقعي ولا يرد السلام بلسانه ولا بيده ولا يتربع إلا من عذر ولا يأكل ولا يشرب .
فإن سبقه الحدث انصرف فإن كان إماما استخلف وتوضأ وبنى على صلاته والاستئناف أفضل .
وإن نام فاحتلم أو جن أو أغمي عليه أو قهقه استأنف الوضوء والصلاة .
فإن تكلم في صلاته عامدا أو ساهيا بطلت صلاته .
وإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم وإن تعمد الحدث في هذه الحالة أو تكلم أو عمل عملا ينافي الصلاة تمت صلاته .
وإن رأى المتيمم الماء في صلاته بطلت صلاته وإن رآه بعدما قعد قدر التشهد أو كان ماسحا على الخفين فانقضت مدة مسحه أو خلع خفيه بعمل رفيق أو كان أميا فتعلم سورة أو عريانا فوجد ثوبا أو موميا فقدر على الركوع والسجود أو تذكر أن عليه صلاة قبل هذه الصلاة أو أحدث الإمام القارئ فاستخلف أميا أو طلعت الشمس في صلاة الفجر أو دخل وقت العصر في الجمعة أو كان ماسحا على الجبيرة فسقطت عن برء أو كان صاحب عذر فانقطع عذره - بطلت صلاته في قول أبي حنيفة . وقال أبو يوسف ومحمد : تمت صلاته .
_________ .
( 1 ) ومذهب الشافعي C والجمهور أنه يرفع إلى منكبيه وهذا الخلاف في تكبيرة القنوت والأعياد والجنازة واستدلوا بحديث أبي حميد المروي في البخاري وفيه قال أبو حميد : أنا أحفظكم لصلاة رسول الله A رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه وإذا ركع أمكن يديه من ركبتيه ثم هصر ظهره . الحديث ويحتج الحنفية بحديث مالك بن الحويرث ( أنه كان إذا كبر رفع يديه حتى يحاذي بهما أذنيه ) رواه أحمد ومسلم وعند أبي داود من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر أنه جمع بينهما فقال : حتى يحاذي بظهر كتفيه المنكبين وبأطراف أنامله الأذنين وتؤيده رواية أخرى عن واصل عند أبي داود بلفظ حتى كانت ( حيال منكبيه وحاذى بإبهاميه أذنيه ) فالخطب سهل .
( 2 ) قال في الهداية : وعن أبي يوسف أنه يضم إليه قوله إني وجهت وجهي إلى آخره ( لرواية عند أحمد أن رسول الله A كان يقول ذلك ) .
قلت وقد ثبت في صحيح مسلم أنه A كان إذا قام إلى الصلاة قال : وجهت وجهي إلى المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك . ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لحسنها إلا أنت . واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت . لبيك وسعديك والخير كله في يديك والشر ليس إليك . أنا بك وإليك تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك . ويا حبذا لو حرص المصلي على ذلك ولا سيما في صلاة النفل تيمنا بمتابعة النبي A فيما صح عنه .
( 3 ) يروي ابن أبي شعبة عن إبراهيم النجفي عن ابن مسعود : أربع يخفيهن الإمام التعوذ والتسمية وآمين والتحميد وعن أبي وائل عن عبد الله أنه كان يخفي بسم الله الرحمن الرحيم والاستعاذة وربنا لك الحمد .
( 4 ) يستدل الحنفية على ذلك بحديث ابن مسعود السابق بالهامش وروى أحمد وأبو يعلى والطبراني والدارقطني والحاكم في المستدرك عن وائل أنه صلى مع النبي A فلما بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : آمين وأخفى بها صوته ورواه أبو داود والترمذي وغيرهما .
( 5 ) يرى الشافعي رفع اليدين عند الركوع والرفع منه لأحاديث وأثار وردت في ذلك وللحنفية أحاديث وآثار تدل على عدم ذلك .
فهما متعارضان في الدلالة ويرحج الحنفية المنح بدليل أنه كانت أقوال مباحة في الصلاة وأفعال من جنس هذا الرفع وقد علم نسخها فلا يبعد أن يكون هذا منها قالوا وقد ثبت معارضه ثبوتا لا مرد له . قال أبو حنيفة ليس وائل أحفظ من عبد الله بن مسعود وقد حدثني من لا أحصى عن عبد الله أنه رفع يديه في بدء الصلاة فقط وحكاه عن النبي A وهو عالم بشرائع الإسلام وحدوده متفقد لأحوال النبي A ملازم له في إقامته وأسفاره فالأخذ به عند التعارض أولى . وهو كلام موفق سديد .
( 6 ) القياس عدم فسادها وهو قول الشافعية ويستدل الحنفية بحديث في آخر وهن من حيث آخرهن 31 ، ويدعي صاحب الهداية أنه من المشاهير والتحقيق أنه موقوف على ابن مسعود وإن صح فإنه يفيد الأثم لا فساد الصلاة وليبحث المقام .
_________ .
باب صفة الصلاة .
شروع في المشروط بعد بيان الشرط .
( فرائض ) نفس ( الصلاة ستة ) : .
الأول : ( التحريمة ) قائما لقوله عليه السلام : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير ) .
وهي شرط عندهما وفرض عند محمد وفائدته فيما إذا فسدت الفريضة : تنقلب نفلا عندهما وعنده لا وفيما إذا شرع في الظهر قبل الزوال فلما فرغ من التحريمة زالت الشمس فعندهما يجوز وعنده لا . جوهرة وعدها من فرائضها لأنها منها بمنزلة الباب للدار : فإن الباب - وإن كان غيرها - فهو يعد منها وسميت تحريمة لأنها تحرم الأشياء المباحة قبلها المباينة للصلاة .
( و ) الثاني : ( القيام ) بحيث لو مد يديه لا ينال ركبتيه وذلك في فرض وملحق به لقادر عليه وعلى السجود فلو قدر عليه دون السجود ندب إيماؤه قاعدا كما في الدر .
( و ) الثالث : ( القراءة ) لقادر عليها كما سيأتي .
( و ) الرابع : ( الركوع ) بحيث لو مد يديه نال ركبتيه .
( و ) الخامس : ( السجود ) بوضع الجبهة وإحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف أصابع إحدى القدمين على ما يجد حجمه وإلا لم تتحقق السجدة وكماله بوضع جميع اليدين والركبتين والقدمين والجبهة مع الأنف كما ذكره المحقق ابن الهمام وغيره ومن اقتصر على بعض عبارت أئمتنا مما فيه مخالفة لما قاله الفقيه أبو الليث والمحققون فقد قصر وتمامه في الأمداد .
( و ) السادس : ( القعدة الأخيرة مقدار التشهد ) إلى قوله : " عبده ورسوله " هو الصحيح حتى لو فرغ المقتدي قبل فراغ الإمام المتكلم أو أكل فصلاته تامة . جوهرة .
( وما زاد على ذلك ) المذكور ( فهو سنة ) قال في الهداية : أطلق اسم السنة وفيها واجبات : كقراءة الفاتحة وضم السورة إليها ومراعاة الترتيب فيما شرع مكررا من الأفعال والقعدة الأولى وقراءة التشهد في الأخيرة والقنوت في الوتر وتكبيرات العيدين والجهر فيما يجهر فيه والمخافتة فيما يخافت فيه ولهذا يجب سجدتا السهو بتركها هو الصحيح لما أنه ثبت وجوبها بالسنة اه . ( فإذا دخل الرجل ) : أي أراد الدخول ( في الصلاة كبر ) : أي قال وجوبا : " الله أكبر " ( ورفع يديه مع التكبير حتى يحاذي ) ويمس ( بإبهاميه شحمتي أذنيه ) لأنه من تمام المحاذاة ويستقبل بكفيه القبلة وقيل : خديه قال في الهداية : الأصح أنه يرفع أولا ثم يكبر وقال الزاهدي : وعليه عامة المشايخ .
( فإن قال بدلا من التكبير الله أجل أو أعظم أو الرحمن أكبر ) أو أجل أو أعظم أو لا إله إلا الله أو غير ذلك من كل ذكر خالص لله تعالى ( أجزأه ) مع كراهة التحريم ( 1 ) وذلك ( عند أبي حنيفة ومحمد ) رحمهما الله تعالى ( وقال أبو يوسف ) C تعالى : إن كان يحسن التكبير ( لا يجزئه ) الشروع ( إلا بلفظ التكبير ) كأكبر وكبير معروفا ومنكرا مقدما ومؤخرا قال في التصحيح : قال الإسبيجاني : والصحيح قولهما وقال الزاهدي : هو الصحيح واعتمده البرهاني والنسفي . اه . ( ويعتمد ) الرجل ( بيده اليمنى على اليسرى ) آخذا رسغها بخنصره وإبهامه باسطا أصابعه الثلاث على المعصم ( ويضعهما ) كلما فرغ من التكبير ( تحت سرته ) وتضع المرأة الكف على الكف تحت الثدي قال في الهداية : ثم الاعتماد سنة القيام عند أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله حتى لا يرسل حالة الثناء والأصل أن كل قيام فيه ذكر مسنون يعتمد فيه وما لا فلا هو الصحيح فيعتمد في حالة القنوت وصلاة الجنازة ويرسل في القومة وبين تكبيران الأعياد . اه ( ثم يقول ) كما كبر : ( سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك و ) كما فرغ من الاستفتاح ( يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ) قال في الهداية : والأولى أن يقول : أستعيذ بالله ليوافق القرآن ويقرب منه " أعوذ " ثم التعوذ تبع للقراءة دون الثناء عند أبي حنيفة C لما تلونا حتى يأتي به المسبوق دون المقتدى . اه ( و ) كما فرغ ( يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم . ويسر بهما : أي الاستعاذة والبسملة ولو الصلاة جهرية ( ثم ) كما سمى ( يقرأ ) وجوبا ( فاتحة الكتاب وسورة معها ) : أي مضمومة إليها كائنة بعدها ( أو ثلاث آيات من أي سورة شاء ) فقراءة الفاتحة لا تتعين ركنا عندنا وكذا ضم السورة إليها . هداية .
( وإذا قال الإمام ولا الضالين قال ) بعدها ( آمين ) بمد أو قصر ( ويقولها المؤتم ) أيضا معه ( ويخفونها ) سواء كانت سرية أو جهرية ( ثم كما فرغ من القراءة ( يكبر ويركع ) وفي الجامع الصغير : ويكبر مع الانحطاط لأن النبي A ( كان يكبر عند كل خفض ورفع ) ويحذف المد في التكبير حذفا لأن المد في أوله خطأ من حيث الدين لكونه استفهاما وفي آخره لحن من حيث اللغة . هداية . ( ويعتمد بيديه على ركبتيه ويفرج أصابعه ) ولا يندب إلى التفريج إلا في هذه الحالة ليكون أمكن من الأخذ ولا إلى الضم إلا في حالة السجود وفيما وراء ذلك يترك على العادة ( ويبسط ظهره ) ويسوي رأسه بعجزه ( ولا يرفع رأسه ) عن ظهره ( ولا ينكسه ) عنه ( ويقول في ركوعه سبحان ربي العظيم ) ويكررها ( ثلاثا وذلك أدناه ) : أي أدنى كمال السنة قال في المنية : أدناه ثلاث والأوسط خمس والأكمل سبع . اه . ( ثم يرفع رأسه ويقول ) مع الرفع : ( سمع الله لمن حمده ) ويكتفي به الإمام عند الإمام وعند الإمامين يضم التحميد سرا هداية وهو رواية عن الإمام أيضا وإليه مال الفضلي والطحاوي وجماعة من المأخرين معراج عن الظهيرية ومشى عليه في نور الإيضاح لكن المتون على خلافه .
( ويقول المؤتم : ربنا لك الحمد ) ويكتفي به وأيضا له ( اللهم ربنا ولك الحمد ) ثم حذف الواو ثم حذف ( اللهم ) فقط والمفرد يجمع بينهما في الأصح هداية وملتقى ( فإذا استوى قائما كبر ) مع الخرور ( وسجد ) واضعا ركبتيه أولا ( واعتمد بيديه على الأرض ) بعدهما ( ووضع وجهه بين كفيه ) اعتبارا لآخر الركعة بأولها ويوجه أصابع يديه نحو القبلة ( وسجد ) وجوبا ( على أنفه وجبهته فإن اقتصر على أحدهما جاز عند أبي حنيفة ) C فإن كان على الأنف كره وإن كان على الجبهة لا يكره كما في الفتح عن التحفة والبدائع ( وقال أبو يوسف ومحمد : لا يجوز : الاقتصار على الأنف إلا من عذر ) وهو رواية عن أبي حنيفة وعليه الفتوى . جوهرة وفي التصحيح نفلا عن العيون : وروى عنه مثل قولهما وعليه الفتوى واعتمده المحبوبي وصدر الشريعة ( وإن سجد على كور عمامته ) إذا كان على جبهته ( أو فاضل ) : أي طرف ( ثوبه جاز ) ويكره إلا من عذر ( ويبدي ضبعيه ) تثنية ضبع - بالسكون - العضد أي الساعد وهو من المرفق إلى الكتف أي يظهرهما وذلك في غير رحمة . ( ويجافي ) : أي يباعد ( بطنه عن فخذيه ويوجه أصابع رجليه نحو القبلة ) والمرأة تنخفض وتلزق بطنها بفخذيها لأن ذلك أستر لها . هداية . ( ويقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى ) ويكررها ( ثلاثا وذلك أدناه ) : أي أدنى كمال السنة كما مر .
( ثم يرفع رأسه ويكبر ) مع الرفع إلى أن يستوي جالسا ولو لم يستو جالسا وسجد أخرى أجزأه عند أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وتكلموا في مقدار الرفع والأصح أنه إذا كان إلى السجود أقرب لا يجوز : لأنه يعد ساجدا . وإن كان إلى الجلوس أقرب جاز لأنه يعد جالسا فتحقق الثانية . هداية ( فإذا اطمأن ) أي سكن ( جالسا ) كجلسة المتشهد ( كبر ) مع عوده ( وسجد ) سجدة ثانية كالأولى ( فإذا اطمأن ساجدا كبر ) مع النهوض ( واستوى قائما على صدور قدميه ) وذلك بأن يقوم وأصابع القدمين على هيئتها في السجود ( ولا يقعد ) للاستراحة ( ولا يعتمد بيديه على الأرض ) ويكره فعلهما تنزيها لمن ليس به عذر . حلية . ( ويفعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في ) الركعة ( الأولى ) لأنه تكرار الأركان ( إلا أنه لا يستفتح ولا يتعوذ ) لأنهما لا يشرعا إلا مرة ( ولا يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى ) فقط ( فإذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الثانية افترش ) الرجل ( رجله اليسرى فجلس عليها ) : أي على قدمها بأن يجعلها تحت إليته ( ونصب ) قدم ( اليمنى نصبا ووجه أصابعه نحو القبلة ) ندبا والمرأة تجلس على إليتها اليسرى وتخرج رجلها اليسرى من تحت اليمنى لأنه أستر لها ( ووضع يديه على فخذيه وبسط أصابعه ) مفرجة قليلا جاعلا أطرافها عند ركبته ( وتشهد ) : أي قرأ تشهد ابن مسعود بلا إشارة بسبابته عند الشهادة في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف في الأمالي أنه يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الوسطى والإبهام ويشير بالسبابة ونقل مثله عن محمد والإمام واعتمده المتأخرون لثبوته عن النبي A بالأحاديث الصحيحة ولصحة نقله عن أئمتنا الثلاثة ولذا قال في الفتح : إن الأول خلاف الدراية والرواية ولشيخنا C تعالى رسالة في التشهد حرر فيها صحة هذين القولين ونفى ما عداهما حيث قال : إنه ليس لنا ما سوى قولين : الأول - وهو المشهور في المذهب - بسط الأصابع بدون إشارة الثاني بسط الأصابع إلى حين الشهادة فيعقد عندها ويرفع السبابة عند النفي ويضعها عند الإثبات وهذا ما اعتمده المتأخرون وأما ما عليه الناس من الإشارة مع البسط بدون عقد فلم أر أحدا قال به . اه . ثم ذيل رسالته بأخرى حقق فيها صحة الرواية بما عليه الناس فمن رام استيفاء الكلام فليرجع إليهما يظفر بالمرام .
( والتشهد أن يقول : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ) ( أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) وهذا تشهد ابن مسعود Bه فإنه قال : أخذ رسول الله A بيدي وعلمني التشهد كما كان يعلمني سورة من القرآن وقال : قل التحيات لله . . إلخ . هداية ويقصد بألفاظ التشهد معانيها مرادة له على وجه الإنشاء كأنه يحيي الله تعالى ويسلم على نبيه وعلى نفسه وأوليائه در ( ولا يزيد على هذا في القعدة الأولى ) فإن زاد عامدا كره وإن كان ساهيا سجد للسهو إن كانت الزيادة بمقدار ( اللهم صلي على محمد ) على المذهب . تنوير ( ويقرأ في الركعتين الأخريين الفاتحة خاصة ) وهذا بيان الأفضل وهو الصحيح هداية . فلو سبح ثلاثا أو وقف ساكتا بقدرها صح ولا بأس به على المذهب تنوير ( فإن جلس في آخر الصلاة جلس ) مفترشا أيضا ( كما ) جلس ( في ) القعدة ( الأولى وتشهد ) أيضا ( وصلى على النبي A ) ولو مسبوقا كما رجحه في المبسوط لكن رجح قاضيخان أنه يترسل في التشهد قال في البحر : وينبغي الإفتاء به . اه . وسئل الإمام محمد عن كيفيتها فقال يقول : ( اللهم صلي على محمد ) إلى آخر الصلاة المشهورة ( ودعا بما شاء مما يشبه ألفاظ القرآن ) لفظا ومعنى بكونه فيه نحو ( ربنا آتنا في الدنيا حسنة ) وفي الآخرة حسنة وليس منه لأنه إنما أراد به الدعاء لا القراءة . نهر ( والأدعية ) بالنصب عطفا على ألفاظ الجر عطفا على القرآن ( المأثورة ) : أي المروية نحو ما في مسلم ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال ) ومنها ما روى أن أبا بكر الصديق Bه سأل النبي A أن يعلمه دعاء يدعو به في صلاته فقال : ( قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم ) .
( ولا يدعو بما يشبه كلام الناس ) تحرزا عن الفساد وقد اضطرب فيه كلامهم والمختار - كما قاله الحلبي - أن ما في القرآن والحديث لا يفسد مطلقا وما ليس في أحدهما إن استحال طلبه من الخلق لا يفسد وإلا أفسد لو قبل القعود قدر التشهد وإلا خرج به من الصلاة مه كراهية التحريم ( ثم يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده فيقول : السلام عليكم ورحمة الله ) ولا يقول : ( وبركاته ) لعدم توارثه وصرح الحدادي بكراهته ( و ) يسلم بعدها ( عن يساره مثل ذلك ) السلام المذكور ويسن خفضه عن الأول وينوي من عن يمينه من الرجال والنساء والحفظة وكذلك في الثانية لأن الأعمال بالنيات . هداية . وفي التصحيح : واختلفوا في تسليم المقتدى فعن أبي يوسف ومحمد يسلم بعد الإمام وعن أبي حنيفة فيه روايتان قال الفقيه أبو جعفر : المختار أن ينتظر إذا سلم الإمام عن يمينه يسلم المقتدى عن يمينه وإذا فرغ عن يساره يسلم عن يساره اه ] .
( ويجهر ) المصلي وجوبا بحسب الجماعة وإن زاد أساء ( بالقراءة في ) ركعتي ( الفجر والركعتين الأوليين من المغرب والعشاء ) أداء وقضاء وجمعة وعيدين وتراويح ووتر في رمضان ( إن كان ) المصلي ( إماما ويخفي القراءة فيما بعد الأوليين ) هذا هو المتوارث . اه .
قال في التصحيح : والمخافتة تصحيح الحروف وهذا هو مختار الكرخي وأبي بكر البلخي وعن الشيخ أبي القاسم الصفار وأبي جعفر الهندواني ومحمد ابن الفضل البخاري : أن أدنى المخافتة أن يسمع نفسه إلا لمانع وفي زاد الفقهاء : هو الصحيح وقال الحلواني : لا يجزئه إلا أن يسمع نفسه ومن بقربه وفي البدائع : ما قاله الكرخي أنيس وأصح وفي كتاب الصلاة إشارة إليه فإنه قال : إن شاء قرأ في نفسه سرا وإن شاء جهر وأسمع نفسه وقد صرح في الآثار بذلك وتمامه فيه .
( وإن كان ) المصلي ( منفردا فهو مخير : إن شاء جهر وأسمع نفسه ) لأنه إمام نفسه ( وإن شاء خافت ) لأنه ليس خلفه من يسمعه والأفضل هو الجهر ليكون الأداء على هيئة الجماعة . هداية . ( ويخفي الإمام ) وكذا المنفرد ( القراءة ) وجوبا ( في ) جميع ركعات ( الظهر والعصر ) لقوله A : ( صلاة النهار عجماء ) : أي ليس فيها قراءة مسموعة ( 2 ) . هداية .
( والوتر ) واجب عند أبي حنيفة C تعالى وهذا آخر أقواله وهو الظاهر من مذهبه وهو الأصح وعنه أنه سنة وبه أخذ أبو يوسف ومحمد وعنه أنه فريضة وبه أخذ زفر وقيل بالتوفيق : فرض أي عملا وواجب : أي اعتقادا وسنة : أي ثبوتا وأجمعوا على أنه لا يكفر جاحده وأنه لا يجوز بدون نية الوتر وأن القراءة تجب في كل ركعاته وأنه لا يجوز أداؤه قاعدا أو على الدابة بلا عذر كما في المحيط نهر وهو ( ثلاث ركعات لا يفصل بينهن بسلام ) كصلاة المغرب حتى لو نسي القعود لا يعود إليه ولو عاد ينبغي الفساد كما في الدر ( ويقنت في الثالثة قبل الركوع في جميع السنة أداء وقضاء ( ويقرأ ) وجوبا ( في كل ركعة من الوتر فاتحة الكتاب وسورة معها ) أو ثلاث آيات ( فإذا أردت أن يقنت كبر ورفع يديه ) كرفعه عند الافتتاح ( ثم قنت ) ويسن الدعاء المشهور وهو : " اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونتوب إليك ونؤمن بك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق " قال في النهر : ونحفد بدال مهملة : أي نسرع ولو أتى بها معجمة فسدت كما في الخانية قيل : ولا يقول الجد لكنه ثبت في مراسيل أبي داود وملحق بكسر الحاء وفتحها والكسر أفصح كذا في الدراية ويصلي فيه على النبي A وقيل : لا استغناء بما في آخر التشهد وبالأولى يفتي . واختلف فيمن لا يحسنه بالعربية أو لا يحفظه : هل يقول : " يا رب " . أو " اللهم اغفر لي " ثلاثا أو " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة " والخلاف في الأفضلية : والأخيرة أفضل . اه . باختصار وسكت عن صفته من الجهر والإخفاء لأنه لم يذكر في ظاهر الرواية وقد قال بن الفضل : يخفيه الإمام والمقتدي . وفي الهداية تبعا للسرخسي : أنه المختار ( ولا يقنت في صلاة غيرها ) إلا لنازلة في الجهرية وقيل : في الكل .
( وليس في شيء من الصلوات قراءة سورة بعينها ) على طريق الفرضية بحيث ( لا يجوز غيرها ) وإنما منعين الفاتحة على طريق الوجوب ( ويكره ) للمصلي ( أن يتخذ سورة ) غير الفاتحة ( لصلاة بعينها ) بحيث ( لا يقرأ غيرها ) لما فيه من هجران الباقي وإيهام التفضيل وذلك كقراءة سورة السجدة وهل أتى الفجر كل جمعة وهذا إذا رأى ذلك حتما واجبا لا يجوز غيره أما إذا علم أنه يجوز أي سورة قرأها ولكن يقرأ هاتين السورتين تبركا بقراءة النبي A فلا يكره بل يندب لكن بشرط أن يقرأ غيرهما أحيانا كي لا يظن جاهل أنه لا يجوز غيرهما .
( وأدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة ما يتناوله اسم القرآن ) ولو دون الآية ( عند أبي حنيفة ) واختاره المصنف ورجحها في البدائع وفي ظاهر الرواية آية تامة طويلة كانت أو قصيرة واختارها المحبوبي والنسفي وصدر الشريعة كذا في التصحيح ( وقال أبو يوسف ومحمد : لا يجزئ أقل من ثلاث آيات قصار أو آية طويلة ) قال في الجوهرة : وقولهما في القراءة احتياط والاحتياط في العبادات أمر حسن . اه .
( ولا يقرأ المؤتم خلف الإمام ) مطلقا وما نسب إلى محمد ضعيف كما بسطه الكمال والعلامة قاسم في الصحيح فإن قرأ كره تحريما وتصح في الأصح . در . ( 3 ) .
( ومن أراد الدخول في صلاة غيره يحتاج إلى نيتين : نية ) نفس ( الصلاة ونية المتابعة ) للإمام وكيفية نيته - كما في المحيط - أن ينوي فرض الوقت والاقتداء بالإمام فيه أو ينوي الشروع في صلاة الإمام أو ينوي الاقتداء بالإمام في صلاته ولو نوى الاقتداء به لا غير قيل . لا يجزئه والأصح أنه يجزئه لأنه جعل نفسه تبعا للإمام مطلقا والتبعية من كل وجه إنما تتحقق إذا صار مصليا ما صلاه الإمام كذا في الدراية .
( الجماعة ) للرجال ( سنة مؤكدة ) وقيل : واجبة وعليه العامة . تنوير : أي عامة مشايخنا وبه جزم في التحفة وغيرها قال في البحر : وهو الراجح عند أهل المذهب . اه در وأقلها اثنان واحد مع الإمام ولو مميزا في مسجد أو غيره ويكره تكرارها بأذان وإقامة في مسجد محلة لا في مسجد طريق أو في مسجد لا إمام له ولا مؤذن . در . وفي شرح المنية : إذا لم تكن الجماعة على الهيئة الأولى لا تكره وإلا نكره وهو الصحيح وبالعدول عن المحراب تختلف الهيئة كذا في البزازية . اه .
( وأولى الناس بالإمامة ) - إذا لم يكن صاحب منزل ولا ذو سلطان - ( أعلمهم بالسنة ) : أي الشريعة والمراد أحكام الصلاة صحة وفسادا ( فإن تساووا ) علما ( فأقرؤهم ) لكتاب الله تعالى : أي أحسنهم تلاوة ( فإن تساووا أورعهم ) أي أكثرهم اتقاء للشبهات ( فإن تساووا فأسنهم ) : أي أكبرهم سنا لأنه أكثر خشوعا ثم الأحسن خلقا ثم الأحسن وجها ثم الأشرف نسبا ثم الأنظف ثوبا فإن استووا يقرع بينهما أو الخيار إلى القوم وإن اختلفوا اعتبر الأكثر وفي الامداد : وأما إذا اجتمعوا فالسلطان مقدم ثم الأمير ثم القاضي ثم صاحب المنزل ولو مستأجرا وكذا يقدم القاضي على إمام المسجد . اه .
( ويكره ) تنزيها ( تقديم العبد ) لغلبة جهله لأنه لا يتفرغ للتعلم ( والأعرابي ) وهو من يسكن البوادي لأن الجهل فيهم غالب قال تعالى : { وأجدر أن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله } ( والفاسق ) لأنه يتهم بأمر دينه ( والأعمى ) لأنه لا يتوقى النجاسة ( وولد الزنا ) لأنه لا أب له يفقهه فيغلب عليه الجهل ولأن في تقديم هؤلاء تتغير الجماعة فيكره . هداية ( فإن تقدموا جاز ) لقوله A . ( صلوا خلف كل بر وفاجر ) .
( وينبغي للإمام أن لا يطول بهم الصلاة ) عن القدر المسنون قراءة وأذكارا قال في الفتح : وقد بحثنا أن الطويل هو الزيادة عن القراءة المسنونة فإنه A نهى عنه وقراءته هي المسنونة فلابد من كون ما نهى عنه غير ما كان دأبه إلا لضرورة . اه .
( ويكره للنساء ) تحريما . فتح ( أن يصلين وحدهن ) يعني بغير الرجال ( جماعة ) وسواء في ذلك الفرائض والنوافل إلا صلاة الجنازة ( فإن فعلن وقفت ) المرأة الإمام ( وسطهن ) فلو تقدمت صحت وأثمت إثما آخر .
( ومن صلى مع واحد ) ولو صبيا أقامه عن يمينه ) محاذيا له وعن محمد يضع أصابعه عند عقب الإمام والأول هو الظاهر وإن كان وقوفه مساويا للإمام وبسجوده يتقدم عليه لا يضر لأن العبرة بموضع القيام ولو صلى خلفه أو على يساره جاز إلا أن يكون مسيئا . جوهرة ( فإن كانا اثنين تقدم عليهما ) وعن أبي يوسف يتوسطهما هداية ويتقدم الأكثر اتفاقا فلو قاموا بجنبه أو قام واحد بجنبه وخلفه صف كره إجماعا . در .
( ولا يجوز للرجال أن يقتدوا بامرأة ) أو خنثى ( أو صبي ) مطلقا ولو في جنازة أو نفل في الأصح .
( ويصف ) الإمام ( الرجال ثم الصبيان ) إن تعددوا فلو واحد دخل في الصف ولا يقوم وحده ثم الخنائي ولو منفردة ثم ( النساء ) كذلك قال الشمني : وينبغي للإمام أن يأمرهم بأن يتراصوا ويسدوا الخلل ويسووا مناكبهم ويقف وسطا . اه .
( فإن قامت امرأة ) مشتهاة ولو ماضيا أو أمة أو زوجة أو محرما ( إلى جنب رجل ) ركنا كاملا ( وهما مشتركان في صلاة واحدة ) ذات ركوع وسجود ولا حائل بينهما ولم يشر إليها لتتأخر عنه ونوى الإمام إمامتها ( فسدت صلاته ) لا صلاتها وإن أشار إليها فلم تتأخر أو لم ينو الإمام إمامتها - فسدت صلاتها لا صلاته وأن لم تدم المحاذاة ركنا كاملا أو لم يكونا في صلاة واحدة أو في صلاة غير ذات ركوع وسجود أو بينهما حائل مثل مؤخرة الرجل في الطول والإصبع في الغلط - لم تضرهما المحاذاة والفرجة تقوم مقام الحائل وأدناها قدر ما يقوم فيه المصلي وتمامه في القهستاني .
( ويكره للنساء ) الشواب ( حضور الجماعة ) مطلقا لما فيه من خوف الفتنة ( ولا بأس بأن تخرج العجوز في الفجر والمغرب والعشاء ) وهذا عند أبي حنيفة أما عندهما فتخرج في الصلوات كلها لأنه لا فتنة لقلة الرغبة فيهن وله أن فرط الشبق حامل فتقع الفتنة غير أن الفساق انتشارهم في الظهر والعصر والجمعة أما في الفجر والعشاء فإنهم نائمون وفي المغرب بالطعام مشتغلون . هداية وفي الجوهرة : والفتوى اليوم على الكراهة في الصلوات كلها لظهور الفسق في هذا الزمان اه .
( ولا يصلي الطاهر خلف من به سلس البول ولا الطاهرات خلف المستحاضة ) لما فيه من بناء القوي على الضعيف ويصلي من به سلس البول خلف مثله وخلف من عذره أخف من عذره ( و ) كذا ( لا ) يصلي ( القارئ ) وهو من يحفظ من القرآن ما تصح به الصلاة ( خلف الأمي ) وهو عكس القارئ ( ولا المكتسي خلف العريان ) لقوة حالهما ( ويجوز أن يؤم المتيمم المتوضئين ) لأنه طهارة مطلقة ولهذا لا يتقدر بقدر الحاجة ( والماسح على الخفين الغاسلين ) لأن الخف مانع سراية الحدث إلى القدم وما حل بالخف يزيله المسح ( ويصلي القائم خلف القاعد ) وقال محمد : لا يجوز وهو القياس لقوة حال القائم ونحن تركناه بالنص وهو ما روى أنه A ( صلى آخر صلاته قاعدا والقوم خلفه قيام ) هداية .
( ولا يصلي الذي يركع ويسجد خلف المومئ ) لأن حال المقتدي أقوى ( ولا يصلي المفترض خلف المتنقل ) لأن الاقتداء بناء ووصف الفرضية معدوم في حق الإمام فلا يتحقق البناء على المعدوم ( ولا من يصلي فرضا خلف من يصلي فرضا آخر ) لأن الاقتداء شركة وموافقة فلابد من الاتحاد ومتى فسد الاقتداء لفقد شرط كظاهر بمعذور لم تنعقد أصلا وإن لاختلاف الصلاتين تنعقد نفلا غير مضمون كذا في الزيلعي وثمرته الانتقاص بالقهقهة إذا انعقدت وإلا لا ( ويصلي المنفل خلف المفترض ) لأن فيه بناء الضعيف على القوى وهو جائز .
( ومن اقتدى بإمام ثم علم ) أي المقتدي ( أنه ) أي الإمام ( على غير وضوء ) في زعمهما ( أعاد الصلاة ) اتفاقا ( لظهور بطلانها ) وكذا لو كانت صحيحة في زعم الإمام فاسدة في زعم المقتدي لبنائه على الفاسد في زعمه فلا يصح وفيه خلاف وصحح كل أما لو فسدت في زعم الإمام وهو لا يعلم به وعلمه المقتدي صحت في قول الأكثر وهو الأصح لأن المقتدي يرى جواز صلاة إمامه والمعتبر في حقه رأى نفسه فوجب القول بجوازها كذا في حاشية شيخ مشايخنا الرحمتي .
( ويكره للمصلي أن يعبث بثوبه أو بجسده ) والعبث : عمل ما لا فائدة فيه مصباح والمراد هنا فعل ما ليس من أفعال الصلاة . لأنه ينافي الصلاة ( ولا يقلب الحصى ) لأنه نوع عبث ( إلا أن يمكنه السجود ) عليه إلا بمشقة ( فيسويه مرة واحدة ) وتركه أفضل لأنه أقرب للخشوع ( ولا يفرقع أصابعه ) بغمزها أو مدها حتى تصوت ( ولا يتخصر ) وهو : أن يضع يده على خاصرته قال ابن سرين وهو أشهر تأويلاته لما فيه من تفويت سنة أخذ اليدين ولأنه من فعل الجبابرة وقيل : أن يتكئ على المخصرة ( ولا يسدل ثوبه ) تكبرا أو تهاونا وهو : أن يجعل الثوب على رأسه وكتفيه ويرسل جوانبه من غير أن يضمها قال صدر الشريعة : هذا في الطيلسان أما في القباء ونحوه فهو أن يلقيه على كتفيه من غير أن يدخل يديه في كميه . اه . ( ولا يعقص شعره ) وهو : أن يجمعه ويعقده في مؤخر رأسه والسنة أن يدعه على حاله يسجد معه ( ولا يكف ثوبه ) وهو : رفعه من بين يديه أو من خلفه إذا أراد السجود وقيل : أن يجمع ثوبه ويشده في وسطه : لما فيه من التجبر المنافي لوضع الصلاة وهو الخشوع ( ولا يلتفت ) : أي بعنقه بحيث يخرج وجهه عن القبلة فأما النظر بطرف عينه من غير أن يلوي عنقه فخلاف الأولى ( ولا يقعي ) كالكلب وهو أن : ينصب ركبتيه ولا يضع يديه على الأرض ( ولا يرد السلام بلسانه ) لأنه مفسد صلاته ( ولا بيده ) لأنه سلام معنى حتى لو صافح بنية التسليم تفسد صلاته ( ولا يتربع إلا من عذر ) لأن فيه ترك سنة القعود ( ولا يأكل ولا يشرب ) لأنه ليس من أعمال الصلاة فإن فعل شيئا من ذلك بطلت صلاته : سواء كان عامدا أو ناسيا .
( فإن سبقه الحدث ) في صلاته ( انصرف ) من ساعته من غير مهلة حتى لو وقف قدر أداء ركن بطلت صلاته ويباح له المشي والاغتراف من الإناء والانحراف عن القبلة وغسل النجاسة واستنجاء إذا أمكنه من غير كشف عورته وإن تجاوز الماء القريب إلى غيره تفسد صلاته لمشيه من غير حاجة ( فإن كان إماما استخلف ) بأن يجره بثوبه إلى المحراب وذهب المسبوق ( وتوضأ وبنى على صلاته ) ثم إن كان منفردا فهو بالخيار : إن شاء عاد إلى مصلاه وأتم صلاته وهو الأفضل ليكون مؤديا صلاته في مكان واحد وإن شاء أتم في موضع وضوئه لما فيه من تقليل المشي وإن كان مقتديا فإنه يعود إلى مكانه إلا أن يكون إمامه قد فرغ من صلاته فيخير كالمنفرد وإن كان إماما عاد أيضا إلى مصلاه وصارل مأموما إلا أن يكون الخليفة قد فرغ من صلاته فيخير أيضا ( والاستئناف ) في حق الكل ( أفضل ) خروجا من الخلاف وقيل : إن المنفرد يستقبل والإمام والمقتدي يبني صيانة لفضيلة الجماعة .
فإن نام المصلي في صلاته ( فاحتلم أو جن أو أغمي عليه أو قهقه استأنف ( الوضوء والصلاة ) جميعا لأنه يندر وجود هذه العوارض فلم يكن في معنى ما ورد به النص . هداية .
وإن تكلم المصلي ( في الصلاة ) كلا ما يعرف في تفاهم الناس ولو من غير حروف كالذي يستاق به الحمار ( عامدا أو ساهيا بطلت صلاته ) وكذا لو أن أو تأوه أو ارتفع بكاؤه من وجع أو مصيبة فإن كانت من ذكر جنة أو نار لا تبطل لدلالتها على زيادة الخشوع .
( وإن سبقه الحدث بعد التشهد توضأ وسلم ) لأن التسليم واجب فلابد من التوضؤ ليأتي به ( وإن تعمد الحدث في هذه الحالة ) يعني بعد التشهد ( أو تكلم أو عمل عملا ينافي الصلاة تمت صلاته ) لتعذر البناء بوجود القاطع ولم يبق عليه شيء من الأركان .
( وإن رأى المتيمم الماء ) الكافي ( في صلاته ) قبل القعود الأخير قدر التشهد ( بطلت صلاته ) اتفاقا ( وإن رآه ) أي الماء ( بعدما قعد قدر التشهد أو كان ماسحا ) على الخفين ( فانقضت مدة مسحه أو خلع خفيه بعمل رفيق ) : أي قليل فلو بعمل كثير تمت صلاته اتفاقا ( أو كان أميا فتعلم سورة ) بتذكر أو عمل قليل ( بأن قرئ ) عنده آية فحفظها ( أو ) كان يصلي ( عريانا ) لفقد الساتر ( فوجد ثوبا أو ) كان يصلي ( موميا ) لعجزه عن الركوع والسجود ( فقدر على الركوع والسجود أو تذكر أن عليه صلاة قبل هذه الصلاة ) وكان ذا ترتيب وفي الوقت سعة ( أو أحدث الإمام القارئ فاستخلف أميا أو طلعت الشمس في صلاة الفجر أو دخل وقت العصر في ) صلاة ( الجمعة أو كان ماسحا على الجبيرة فسقطت عن برئ أو كان صاحب عذر فانقطع عذره ) كالمستحاضة ومن هو بمعناها بأن توضأت مع السيلان وشرعت في الظهر وقعدت قدر التشهد فانقطع الدم ودام الانقطاع إلى غروب الشمس فإنها تعيد الظهر عنده كما لو انقطع في خلال الصلاة ( بطلت صلاته في قول أبي حنيفة ) وذلك لأن الخروج بصنعة فرض عنده فاعتراض هذه الأشياء في هذه الحالة كاعتراضها في خلال الصلاة ( وقال أبو يوسف ومحمد : تمت صلاته ) لأن الخروج بصنعة ليس يفرض فاعتراض هذه الأشياء كاعتراضها بعد السلام قال في التصحيح : ورجح دليله في الشروح وعامة المصنفات واعتمده النسفي وغيره . اه .
_________ .
( 1 ) اختلف المشايخ في كراهة دخول الصلاة بلفظ غير لفظ التكبير عندهما فقال السرخسي لا يكره عندهما . وقال في الذخيرة : الأصح أنه يكره لقوله E : ( وتحريمها التكبير ) .
( 2 ) ذكر الكمال في الفتح أن الحديث غريب . ونقل عن النووي أنه لا أصل له ثم روى حديث البخاري عن شجرة قال : قلنا لخباب هل كان رسول الله A يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم . قلنا : بم كنتم تعرفون قراءته قال : باضطراب لحيته قلت : وهذا دليل صحيح على وجوب الإسرار في هاتين الصلاتين . ففي الحديث صلوا كما رأيتموني أصلي والأصل في الأمر الوجوب ومثله في الدلالة ما في صحيح مسلم أنه A كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين قدر ثلاثين آية الحديث .
( 3 ) استدل الحنفية بحديث ( من صلى خلف إمام فقراءة الإمام له قراءة ) وقد أثبت الكمال صحة الحديث ونفي الطعن فيه بما لا يدع مجالا للشك وعليه عمل الصحابة . وفي حديث إنما جعل الإمام ليؤتم به ( وإذا قرأ الإمام فانصتوا ) كما في صحيح مسلم .
ونقل عن محمد أنه يقرأ في السرية وهو خلاف ظاهر الرواية عنه وهو كما قال الشارح ضعيف