- الأضحية واجبة على كل حر مسلم مقيم موسر في يوم الأضحى عن نفسه وولده الصغار يذبح عن كل واحد منهم شاة أو يذبح بدنة أو بقرة عن سبعة .
وليس على الفقير والمسافر أضحية ووقت الأضحية يدخل بطلوع الفجر من يوم النحر إلا أنه لا يجوز لأهل الأمصار الذبح حتى يصلي الإمام صلاة العيد فأما أهل السواد فيذبحون بعد الفجر .
وهي جائزة في ثلاثة أيام : يوم النحر ويومان بعده .
ولا يضحى بالعمياء والعوراء والعرجاء التي لا تمشي إلى المنسك ولا العجفاء .
ولا تجزئ مقطوعة الأذن والذنب ولا التي ذهب أكثر أذنها فإن بقي الأكثر من الأذن والذنب جاز .
ويجوز أن يضحى بالجماء والخصى والجرباء والثولاء .
والأضحية من الإبل والبقر والغنم يجزئ من ذلك كله الثنى فصاعدا إلا الضأن فإن الجذع منه يجزئ .
ويأكل من لحم الأضحية ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر .
ويستحب أن لا ينقص الصدقة من الثلث ويتصدق بجلدها أو يعمل منه آلة تستعمل في البيت .
والأفضل أن يذبح أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح ويكره أن يذبحها الكتابي .
وإذا غلط رجلان فذبح كل واحد منهما أضحية الآخر أجزأ عنهما ولا ضمان عليهما .
_________ .
كتاب الأضحية .
( من ذكر الخاص بعد العام وفيها لغات ضم الهمزة في الأكثر وهي في تقدير أفعولة وكسرها إتباعا لكسرة الحاء والجمع أضاحي والثالثة ضحية والجمع ضحايا مثل عطية وعطايا والرابعة أضحاة بفتح الهمزة - والجمع أضحى مثل أرطأة وأرطى ومنه عيد الأضحى كذا في المصباح .
( الأضحية ) لغة : اسم لما يذبح وقت الضحى ثم كثر حتى صار أسما لما يذبح في أي وقت كان من أيام الأضحى من تسمية الشيء باسم وقته . وشرعا : ذبح حيوان مخصوص في وقت مخصوص بنية القربة وهي ( واجبة ) قال في التصحيح : وهذا قول أبي حنيفة ومحمد والحسن وزفر وإحدى الروايتين عن أبي يوسف وعنه أنها سنة وذكر الطحاوي أنه على قول أبي حنيفة واجبة وعلى قول أبي يوسف ومحمد سنة مؤكدة وهكذا ذكر بعض المشايخ الاختلاف وعلى قول أبي حنيفة اعتمد المصححون كالمحبوبي والنسفي وغيرهما اه ( على كل حر مسلم مقيم ) بمصر أو قرية أو بادية كما في الجوهرة ( موسر ) يسار الفطرة ( في يوم الأضحى ) أي يوم من أيامها الثلاثة الآتية لأنها مختصة بها ( عن نفسه و ) عن كل واحد من ( ولده ) بضم الواو - جمع ولد ( الصغار ) اعتبارا بالفطرة ( يذبح عن كل واحد منهم شاة أو يذبح بدنة ) من الإبل ( أو بقرة عن سبعة ) وكذا ما دونهم بالأولى فلو عن أكثر لم تجز عن أحد منهم قال في التصحيح : وهذه رواية الحسن عن أبي حنيفة قال في شرح الزاهدي : ويروى عنه أنه لا يجب عن ولده وهو ظاهر الرواية ومثله في الهداية . وقال الإسبيجاني : وهو الأظهر وإن كان للصغير مال اختلف المشايخ على قول أبي حنيفة والأصح أنه لا يجب وهكذا ذكر شمس الأئمة السرخسي وجعله صدر الشهيد ظاهر الرواية . وقال القدوري - وتبعه صاحب الهداية - : والأصح أنه يضحي من ماله ويأكل منه ما أمكنه ويبتاع بما بقي ما ينتفع بعينه اه . ( وليس على الفقير والمسافر أضحية ) واجبة دفعا للحرج أما الفقير فظاهر وأما المسافر فلان أداءها يختص بأسباب تشق على المسافر وتفوت بمضي الوقت .
( ووقت الأضحية ) لأهل الأمصار والقرى ( يدخل بطلوع الفجر من يوم النحر إلا أنه لا يجوز لأهل الأمصار الذبح ) في اليوم الأول ( حتى يصلي الإمام صلاة العيد ) أو يخرج وقتها بالزوال لأنه يشترط في حقهم تقديم صلاة العيد على الأضحية أو خروج وقتها فإذا لم يوجد أحدهما لا تجوز الأضحية لفقد الشرط ( فأما أهل السواد ) أي القرى ( فيذبحون بعد الفجر ) لوجود الوقت وعدم اشتراط الصلاة لأنه لا صلاة عليهم وما عبر به بعضهم - من أن أول وقتها بعد صلاة العيد إن ذبح في مصر وبعد طلوع الفجر إن ذبح في غيره - قال القهستاني : فيه تسامح إذ التضحية عبادة لا يختص وقتها بالمصر وغيره بل شرطها فأول وقتها في حق المصري والقروي طلوع الفجر إلا أنه شرط لأهل المصر تقديم الصلاة عليها فعدم الجواز لفقد الشرط لا لعدم الوقت كما في المبسوط وإليه أشير في الهداية وغيرها اه . ثم المعتبر في ذلك مكان الأضحية حتى لو كانت في السواد والمضحي في المصر تجوز كما انشق الفجر وفي العكس لا يجوز إلا بعد الصلاة هداية . قيدنا باليوم الأول لأنه في غير اليوم الأول لا يشترط تقديم الصلاة وإن صليت فيه قال في البدائع : وإن أخر الإمام صلاة العيد فلا ذبح حتى ينتصف النهار فإن اشتغل الإمام فلم يصل أو ترك عمدا حتى زالت الشمس فقد حل الذبح بغير صلاة في الأيام كلها لأنه لما زالت الشمس فقد فات وقت الصلاة وإنما يخرج الإمام في اليوم الثاني والثالث على وجه القضاء والترتيب شرط في الأداء لا في القضاء كذا ذكره القدوري اه . وذكر نحوه الزيلعي عن المحيط .
( وهي جائزة في ثلاثة أيام ) وهي ( يوم النحر ويومان بعده ) لما روى عن عمر وعلي وابن عباس رضي اللهعنهم قالوا : أيام النحر ثلاثة أفضلها أولها وقد قالوه سماعا لأن الرأي لا يهتدي إلى المقادير وفي الأخبار تعارض فأخذنا بالمتيقن وهو الأقل وأفضلها أولها كما قالوا ولأن فيه مسارعة إلى أداء القربة وهو الأصل إلا لمعارض ويجوز الذبح في لياليها إلا أنه يكره لاحتمال الغلط في ظلمة الليل وأيام النحر ثلاثة وأيام التشريق ثلاثة والكل يمضي بأربعة أولها نحر لا غير وآخرها تشريق لا غير والمتوسطان نحر وتشريق هداية .
( ولا يضحى بالعمياء ) الذاهبة العينين ( والعوراء ) الذاهبة إحداهما ( والعرجاء العاطلة إحدى القوائم إذا كانت بينة العرج وهي ( التي لا تمشي إلى المنسك ) بفتح العين وكسرها - الموضع الذي تذبح فيه النسائك ( ولا العجفاء ) أي المهزولة التي لا مخ في عظامها ( ولا تجزئ مقطوعة الأذن و ) لا مقطوعة ( الذنب ولا التي ذب أكثر أذنها ) أو ذنبها ( فإن بقي الأكثر من الأذن والذنب جاز ) لأن للأكثر حكم الكل بقاء وذهابا ولأن العيب اليسير لا يمكن التحرز عنه فجعل عفوا .
( ويجوز أن يضحى بالجماء ) وهي التي لا قرن لها لأن القرن لا يتعلق به مقصود وكذا مكسورة القرن لما قلنا هداية ( والخصئ ) لأن لحمه أطيب ( والجرباء ) السمينة لأن الجرب يكون في جلدها ولا نقصان في لحمها بخلاف المهزولة لأن الهزال يكون في لحمها ( والثولاء ) وهي المجنونة وقيل : هذا إذا كانت تعتلف لأنه لا يخل بالمقصود أما إذا كانت لا تعتلف لا تجزئه هداية . ثم قال : وهذا الذي ذكرناه إذا كانت هذه العيوب قائمة وقت الشراء ولو اشتراها سليمة ثم تعيبت بعيب مانع : إن كان غنيا غيرها وإن كان فقيرا تجزئه وتمامه فيها .
( والأضحية ) إنما تكون ( من الإبل والبقر والغنم ) فقط لأنها عرفت شرعا ولم تنقل التضحية بغيرها من النبي A ولا من الصحابة رضي اللهعنهم هداية ( يجزئ من ذلك كله الثنى ) وهو ابن خمس من الإبل وحولين من البقر والجاموس وحول من الضأن والمعز ( فصاعدا إلا الضأن فإن الجذع ) وهو ابن ستة أشهر ( منه يجزئ ) قالوا : وهذا إذا كانت عظيمة بحيث لو خلط بالثنايا يشتبه على الناظر من بعيد هداية .
( ويأكل ) المضحي ( من لحم الأضحية ويطعم الأغنياء والفقراء ويدخر ) لقوله A : ( كنت نهيتكم عن أكل لحوم الأضاحي فكلوا وادخروا ) ولا يعطى أجر الجزار منها للنهي عنه كما في الهداية .
( ويستحب ) له ( أن لا ينقص الصدقة من الثلث ) لأن الجهات ثلاثة : الأكل والادخار لما روينا والإطعام لقوله تعالى : { وأطعموا القانع والمعتر } فانقسم عليها أثلاثا هداية .
( ويتصدق بجلدها ) لأنه جزء منها ( أو يعمل منه آلة ) كنطع وجراب وغربال ونحوها ( تستعمل في البيت ) قال في الهداية : ولا بأس بأن يشتري به ما ينتفع في البيت مع بقائه استحسانا لأن للبدل حكم المبدل اه .
( والأفضل أن يذبح أضحيته بيده إن كان يحسن الذبح ) لأنه عبادة وفعلها بنفسه أفضل وإن كان لا يحسن الذبح استعان بغيره وشهدها بنفسه لقوله A لفاطمة رضي اللهعنها ( قومي فاشهدي أضحيتك فإنه يغفر لك بأول قطرة من دمها كل ذنب ) كما في الهداية .
( ويكره أن يذبحها الكتابي ) لأنها عمل هو قربة وهو ليس من أهلها ولو أمره فذبح جاز لأنه من أهل الذكاة والقربة أقيمت بإنابته ونيته بخلاف ما إذا أمر المجوسي لأنه ليس من أهل الذكاة فكان إفسادا هداية .
( وإذا غلط رجلان فذبح كل واحد منهما أضحية الآخر أجزأ عنهما ) استحسانا لأنها تعينت للذبح فصار المالك مستعينا بكل من كان أهلا للذبح إذنا له دلالة فيأخذ كل واحد منهما مسلوخه من صاحبه ( ولا ضمان عليهما ) لأن كل واحد منهما وكيل عن صاحبه فيما فعل دلالة فإن كانا قد أكلا ثم علما فليحلل كل واحد منهما صاحبه ويجزئهما لأنه لو أطعمه في الابتداء يجوز وإن كان غنيا فكذا له أن يحللهفي الانتهاء وإن تشاحا فلكل واحد منهما أن يضمن صاحبه قيمة لحمه ثم يتصدق بتلك القيمة لأنها بدل من اللحم فصار كما لو باع أضحيته وهذا لأن التضحية لما وقعت من صاحبه كان اللحم له ومن أتلف أضحية غيره كان الحكم ما ذكرناه هداية