- ومن شرب الخمر فأخذ وريحها موجود فشهد الشهود بذلك عليه أو أقر فعليه الحد وإن أقر بعد ذهاب رائحتها لم يحد ومن سكر من النبيذ حد ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها ولا يحد السكران حتى يعلم أنه سكر من النبيذ وشربه طوعا ولا يحد حتى يزول عنه السكر .
وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطا يفرق على بدنه كما ذكرنا في الزنا وإن كان عبدا فحده أربعون سوطا .
ومن أقر بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد .
ويثبت الشرب بشهادة شاهدين وبإقراره مرة واحدة ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال .
_________ .
باب حد الشرب المحرم .
( ومن شرب الخمر ) طوعا ولو قطرة ( فأخذ وريحها موجود ) أو جاءوا به سكران ( فشهد الشهود بذلك عليه أو أقر ) به ( فعليه الحد ) سواء سكر أم لا لأن جناية الشرب قد ظهرت ولم يتقادم العهد ( وإن أقر ) بذلك ( بعد ذهاب ريحها لم يحد ) عند أبي حنيفة وأبي يوسف وقال محمد : يحد وكذلك إذا شهدوا عليه بعدما ذهب ريحها إلا أن يتقادم الزمان كما في الزنا فالتقادم يمنع قبول الشهادة بالاتفاق غير أنه مقدر بالزمان عنده اعتبارا بحد الزنا وعندهما بزوال الرائحة . وأما الإقرار فالتقادم لا يبطله عنده كما في حد الزنا وعندهما لا يقام إلا عند قيام الرائحة قال الإسبيجاني والصحيح قولهما واعتمده المحبوبي والنسفي تصحيح . وإن أخذه الشهود وريحها يوجد منه أو سكران فذهبوا به من مصر إلى مصر فيه الإمام فانقطع ذلك قبل أن ينتهوا به حد في قولهم جميعا لأن هذا عذر كبعد المسافة في حد الزنا هداية .
( ومن سكر من النبيذ ) أي نبيذ كان ( حد ) قيد بالسكر من النبيذ لأنه لا يحد بشربه إذا لم يسكر اتفاقا وإن اختلف في الحل والحرمة في شرب دون المسكر إذا كان كثيره يسكر للشبهة . والسكران عند أبي حنيفة : من لا يعرف الرجل من المرأة والأرض من السماء وقالا : هو الذي يخلط كلامه ويهذي لأنه هو المتعارف بين الناس وهو اختيار أكثر المشايخ كما في الاختيار وقال قاضيخان : والفتوى على قولهما اه .
( ولا حد على من وجد منه رائحة الخمر أو تقيأها ) لأن الرائحة محتملة وكذا الشرب قد يقع عن إكراه واضطرار ( ولا يحد السكران ) بمجرد وجدانه سكران بل ( حتى يعلم أنه سكر من النبيذ ) أو الخمر ( وشربه طوعا ) لاحتمال سكره بما لا يوجب الحد كالبنج ولبن الرماك ( الرماك : جمع رمكة - بوزن قصبة - وهي الفرس أو البرذرنة تتخذ للنسل ) والشرب مكرها أو مضطرا .
( ولا يحد ) السكران حال سكره بل ( حتى يزول عنه السكر ) تحصيلا للمقصود - وهو الانزجار - بوجدان الألم والسكران زائل العقل كالمجنون لا يعقل الألم ] .
( وحد الخمر والسكر في الحر ثمانون سوطا ) : لإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم ( يفرق ) ذلك ( على بدنه كما ذكرنا في ) حد ( الزنا وإن كان ) الشارب ( عبدا فحده أربعون سوطا ) لأن الرق منصف على ما عرف .
( ومن أقر ) على نفسه ( بشرب الخمر أو السكر ثم رجع لم يحد ) لأنه خالص حق الله تعالى فيقبل فيه الرجوع كما مر في حد الزنا .
( ويثبت الشرب بشهادة شاهدين ) كسائر الحدود سوى الزنا لثبوته بالنص ( وبإقراره مرة واحدة ) قال الإسبيجاني : هو قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف وزفر : يشترط الإقرار مرتين والصحيح قول الإمام واعتمده المحبوبي والنسفي وغيرهما تصحيح ( ولا تقبل فيه شهادة النساء مع الرجال ) لأنه حد ولا مدخل لشهادة النساء في الحدود جوهرة