- الدية في شبه العمد والخطأ وكل دية وجبت بنفس القتل على العاقلة والعاقلة : أهل الديوان إن كان القاتل من أهل الديوان يؤخذ من عطاياهم في ثلاث سنين .
فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذت منها ومن لم يكن من أهل الديوان فعاقلته قبيلته تقسط عليهم في ثلاث سنين لا يزاد الواحد على أربعة دراهم في كل سنة وينقص منها فإن لم تتسع القبيلة لذلك ضم إليهم أقرب القبائل من غيرهم ويدخل القاتل مع العاقلة فيكون فيما يؤدي مثل أحدهم وعاقلة المعتق قبيلة مولاه ومولى الموالاة يعقل عنه مولاه وقبيلته .
ولا تتحمل العاقلة أقل من نصف عشر الدية وتتحمل نصف العشر فصاعدا وما نقص من ذلك فهو في مال الجاني ولا تعقل العاقلة جناية العبد ولا تعقل الجناية التي اعترف بها الجاني إلا أن يصدقوه ولا تعقل ما لزم بالصلح .
وإذا جنى الحر على العبد جناية خطأ كانت على عاقلته .
_________ .
كتاب المعاقل .
جمع معقلة - بفتح الميم وضم القاف - بمعنى العقل : أي الدية سميت به لأنها تعقل الدماء من أن تسفك ومن العقل لأنه يمنع القبائح درر .
( الدية في شبه العمد والخطأ وكل دية وجبت بنفس القتل ) واجبة ( على العاقلة ) لأن الخاطئ معذور وكذا الذي تولى شبه العمد نظرا إلى الآلة وفي إيجاب مال عظيم إجحافه واستئصاله فيضم إليه العاقلة تخفيفا عليه وإنما خصوا بالضم لأنهم أنصاره وقوته واحترز بالواجبة بنفس القتل عما وجبت بالشبهة كالواجبة بقتل الأب ابنه أو الإقرار والصلح فإن هناك الواجب القصاص لكنه سقط لحرمة الأبوة فوجبت الدية صيانة للدم عن الهدر لا بنفس القتل وفي الإقرار والصلح وجبت بهما لا بالقتل كما في المستصفى ( والعاقلة أهل الديوان وهم الجيش الذين كتبت أساميهم في الديوان وهو جريدة الحساب وهو معرب والأصل دوان فأبدل من أحد المضعفين ياء للتخفيف ولهذا يرد في الجمع إلى أصله فيقال : دواوين ويقال : إن عمر Bه أول من دون الدواوين في العرب : أي رتب الجرائد للعمال كما في المصباح ( إن كان القاتل من أهل الديوان ) لقضية عمر Bه فإنه لما دون الدواوين جعل العقل على أهل الديوان بمحضر من الصحابة Bهم من غير نكير منهم فكان إجماعا وليس ذلك بنسخ بل هو تقرير معنى لأن العقل كان على أهل النصرة وقد كانت بأنواع : بالقرابة والحلف والولاء والعقد وفي عهد عمر Bه قد صارت بالديوان فجعلها على أهله اتباعا للمعنى ولهذا قالوا : لو كان اليوم قوم تناصرهم بالحرف فعاقلتهم أهل الحرفة كما في الهداية ( يؤخذ ) ذلك ( من عطاياهم ) جمع عطاء وهو اسم لما يخرج للجندي من بيت المال في السنة مرة أو مرتين والرزق : ما يخرج لهم في كل شهر وقيل : يوما بيوم جوهرة لأن إيجابها فيما هو صلة - وهو العطاء - أولى من إيجابها في أصول أموالهم لأنها أخف وما تحملت العاقلة إلا للتخفيف وتؤخذ ( في ثلاث سنين ) من وقت القضاء بها والتقدير بذلك مروي عن النبي A ومحكي عن عمر Bه هداية ] .
( فإن خرجت العطايا في أكثر من ثلاث سنين أو أقل أخذت منها ) لحصول المقصود وهو التفريق على العطايا ( ومن لم يكن من أهل الديوان فعاقلته قبيلته ) لأن نصرته بهم ( تقسط عليهم ) أيضا ( في ثلاث سنين ) في كل سنة ثلثها ( لا يزاد الواحد ) منهم ( على أربعة دراهم في كل سنة ) إذا قلت العاقلة ( وينقص منها ) إذا كثرت قال في الهداية : وهذا إشارة إلى أنه يزاد على أربعة من جميع الدية وقد نص محمد على أنه لا يزاد على كل واحد من جميع الدية في ثلاث سنين على ثلاثة أو أربعة فلا يؤخذ من كل واحد في كل سنة إلا درهم وثلث وهو الأصح . اه . ومثله في شرح الزاهدي ( فإن لم تتسع القبيلة لذلك ) التوزيع ( ضم إليهم أقرب القبائل ) إليهم نسبا ( من غيرهم ) ويضم الأقرب فالأقرب على ترتيب العصبات ( ويدخل القاتل مع العاقلة فيكون فيما يؤدي مثل أحدهم ) لأنه هو الفاعل فلا معنى لإخراجه ومؤاخذة غيره .
( وعاقلة المعتق قبيلة مولاه ) لأن النصرة بهم ويؤيد ذلك قوله A : ( إن مولى القوم منهم ) ( ومولى الموالاة يعقل عنه مولاه ) الذي والاه ( وقبيلته ) : أي قبيلة مولاه لأنه ولاء يتناصر به فأشبه ولاء العتاقة .
( ولا تتحمل العاقلة أقل من نصف عشر الدية ) لأن تحمل العاقلة للتحرز عن الإجحاف بالجاني بتحمل المال العظيم فإذا كان خفيفا فلا إجحاف عليه بتحمله ( وتتحمل نصف العشر فصاعدا ) قال في الهداية : والأصل فيه حديث ابن عباس Bه موقوفا عليه ومرفوعا إلى رسول الله A : ( لا تعقل العواقل عمدا ولا عبدا ولا صلحا ولا اعترافا ولا مادون أرش الموضحة ) وأرش الموضحة نصف عشر مال النفس ولأن التحمل للتحرز عن الإجحاف ولا إجحاف في القليل وإنما هو في الكثير والتقدير الفاصل عرف بالسمع . اه ( وما نقص من ذلك ) : أي من نصف العشر ( فهو في مال الجاني ) دون العاقلة لما بينا ( ولا تعقل العاقلة جناية العبد ) على الحر أو غيره وإنما هي رقبته والمولى مخير بين دفعه بالجناية أو فدائه بأرشها كما مر ( ولا تعقل الجناية التي اعترف بها الجاني ) على نفسه لأن إقراره قاصر على نفسه فلا يتعدى إلى العاقلة ( إلا أن يصدقوه ) لثبوته بتصادقهم والامتناع كان لحقهم ولهم ولاية على أنفسهم ( ولا تعقل ) أيضا ( ما لزم بالصلح ) عن دم العمد لأن الواجب فيه القصاص فإذا صالح عنه كان بدله في ماله .
( وإذا جنى الحر على العبد جناية خطأ كانت ) الدية ( على عاقلته ) : أي عاقلة الجاني لأنه فداء النفس وأما ما دون النفس من العبد فلا تتحمله العاقلة لأنه يسلك به مسلك الأموال هداية .
وإذا لم يكن للقاتل عاقلة فالدية في بيت المال في ظاهر الرواية وعليه الفتوى درر وبزازية وعن أبي حنيفة رواية شاذة أن الدية في ماله ووجهه أن الأصل أن تجب الدية على القاتل لأنه بدل متلف والإتلاف منه إلا أن العاقلة تتحملها تحقيقا للتخفيف على ما مر فإذا لم تكن له عاقلة عاد الحكم إلى الأصل هداية