- إذا قتل رجل رجلا شبه عمد فعلى عاقلته دية مغلظة وعليه كفارة ودية شبه العمد عند أبي حنيفة وأبي يوسف مائة من الإبل أرباعا : خمس وعشرون بنت مخاض وخمس وعشرون بنت لبون وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون جذعة ولا يثبت التغليظ إلا في الإبل خاصة فإن قضي بالدية من غير الإبل لم تتغلظ .
وقتل الخطأ تجب به الدية على العاقلة والكفارة على القاتل والدية في الخطأ مائة من الإبل أخماسا : عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة ومن العين ألف دينار ومن الورق عشرة آلاف درهم ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد : من البقر مائتا بقرة ومن الغنم ألفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان .
ودية المسلم والذمي سواء وفي النفس الدية وفي المارن الدية وفي اللسان الدية وفي الذكر الدية وفي العقل إذا ضرب رأسه فذهب عقله الدية .
وفي اللحية إذا حلقت فلم تنبت الدية وفي شعر الرأس الدية وفي الحاجبين الدية وفي العينين الدية وفغي اليدين الدية وفي الرجلين الدية وفي الأذنين الدية وفي الشفتين الدية وفي الأنثيين الدية وفي ثديي المرأة الدية وفي كل واحد من هذه الأشياء نصف الدية وفي أشفار العينين الدية وفي أحدها ربع الدية وفي كل إصبع من أصبع اليدين والرجلين عشر الدية والأصابع كلها سواء وكل إصبع فيها ثلاثة مفاصل ففي أحدها ثلث دية الإصبع وما فيها مفصلان ففهي أحدهما نصف دية الإصبع وفي كل سن خمس من الإبل والأسنان والأضراس كلها سواء ومن ضرب عضوا فأذهب منفعته ففيه دية كاملة كما لو قطعه كاليد إذا شلت والعين إذا ذهب ضوءها .
والشجاج عشرة : الحارصة والدامعة والدامية والباضعة والمتلاحمة والسمحاق والموضحة والهاشمة والمنقلة والآمة ففي الموضحة القصاص إن كانت عمدا .
ولا قصاص في بقية الشجاج وما دون الموضحة ففيه حكومة عدل وفي الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية وفي الهاشمة عشر الدية وفي المنقلة عشر ونصف عشر الدية وفي الآمة ثلث الدية وفي الجائفة ثلث الدية فإن نفذت فهي جائفتان ففيها ثلثا الدية . وفي أصابع اليد نصف الدية .
وإن قطعها مع الكف ففيها نصف الدية وإن قطعها مع نصف الساعد ففي الكف نصف الدية وفي الزيادة حكومة عدل وفي الإصبع الزائدة حكومة عدل وفي عين الصبي وذكره ولسانه إذا لم تعلم صحته حكومة عدل ومن شج رجلا موضحة فذهب عقله أو شعر رأسه دخل أرش الموضحة في الدية وإن ذهب سمعه أو بصره أو كلامه فعليه أرش الموضحة مع الدية ومن قطع إصبع رجل فشلت أخرى إلى جنبها ففيهما الأرش ولا قصاص فيه عند أبي حنيفة ومن قلع سن رجل فنبتت مكانها أخرى سقط الأرش ومن شج رجلا فالتحمت لم يبق لها أثر ونبت الشعر سقط الأرش عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف : عليه أرش الألم وقال محمد : عليه أجرة الطبيب ومن جرح رجلا جراحة لم يقتص منه حتى يبرأ .
ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله قبل البرء فعليه الدية وسقط أرش اليد .
وكل عمد سقط فيه القصاص بشبهة فالدية في مال القاتل وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل .
وإذا قتل الأب ابنه عمدا فالدية في ماله ثلاث سنين .
وكل جناية اعترف بها الجاني فهي في ماله ولا يصدق على عاقلته .
وعمد الصبي والمجنون خطأ وفيه الدية على العاقلة .
ومن حفر بئرا في طريق المسلمين أو وضع حجرا فتلف بذلك إنسان فديته على عاقلته وإن تلف فيه بهيمة فضمانها في ماله وإن أشرع في الطريق روشنا أو ميزابا فسقط على إنسان فعطب فالدية على عاقلته ولا كفارة على حافر البئر وواضع الحجر ومن حفر بئرا في ملكه فعطب به إنسان لم يضمن والراكب ضامن لما وطئت الدابة وما أصابت بيدها أو كدمت ولا يضمن ما نفخت برجلها أو ذنبها فإن راثت أو بالت في الطريق فعطب به إنسان لم يضمن والسائق ضامن لما أصابت بيدها أو برجلها والقائد ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها ومن قاد قطارا فهو ضامن لما وطئ فإن كان معه سائق فالضمان عليهما .
وإذا جنى العبد جناية خطأ قيل لمولاه : إما أن تدفعه بها أو تفديه فإن دفعه ملكه ولي الجناية وإن فداه فداه بأرشها فإن عاد فجنى كان حكم الجناية الثانية حكم الأولى فإن جنى جنايتين قيل للمولى : إما أن تدفعه إلي ولي الجنايتين يقتسمان على قدر حقيهما وإما أن تفديه بأرش كل واحدة منهما .
وإن أعتقه المولى وهو لا يعلم بالجناية ضمن الأقل من قيمتها ومن أرشها وإن باعه المولى أو أعتقه بعد العلم بالجناية وجب عليه الأرش وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية خطأ ضمن المولى الأقل من قيمته ومن أرشها فإن جنى أخرى وقد دفع المولى القيمة إلى ولي الأولى بقضاء فلا شيء عليه ويتبع ولي الجناية الثانية ولي الجناية الأولى فيشاركه فيما أخذ وإن كان المولى دفع القيمة بغير قضاء فالولي بالخيار : إن شاء اتبع المولى وإن شاء اتبع ولي الجناية الأولى .
وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين فطولب صاحبه بنقضه وأشهد عليه فلم ينقض في مدة يقدر على نقضه حتى سقط ضمن ما تلف به من نفس أو مال .
ويستوي أن يطالبه بنقضه مسلم أو ذمي وإن مال إلى دار رجل فالمطالبة إلى مالك الدار خاصة وإذا اصطدم فارسان فماتا فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر وإذا قتل رجل عبدا خطأ فعليه قيمته لا يزاد على عشرة آلاف درهم فإن كانت قيمته عشرة آلاف أو أكثر قضى عليه بعشرة آلاف إلا عشرة وفي الأمة إذا زادت قيمتها على الدية خمسة آلاف إلى عشرة وفي يد العبد نصف القيمة لا يزاد على خمسة آلاف إلا خمسة .
وكل ما يقدر من دية الحر فهو مقدر من قيمة العبد .
و إذا ضرب بطن امرأة فألقت جنينا ميتا فعليه غرة وهي نصف عشر الدية فإن ألقته حيا ثم مات فعليه دية كاملة وإن ألقته ميتا ثم ماتت الأم فعليه دية وغرة وإن ماتت الأم ثم ألقته ميتا فعليه دية في الأم ولا شئ في الجنين وما يجب في الجنين موروث عنه وفي جنين الأمة إذا كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته إن كان أنثى ولا كفارة في الجنين .
والكفارة في شبه العمد والخطأ : عتق رقبة مؤمنة فإن لم يوجد فصيام شهرين متتابعين ولا يجزئ فيها الإطعام .
_________ .
كتاب الديات .
مناسبتها للجنايات وتأخيرها عنها ظاهر .
والديات جمع دية وهي في الشرع : اسم للمال الذي هو بدل النفس لا تسمية للمفعول بالمصدر لأنه من المنقولات الشرعة والأرش : اسم للواجب فيما دون النفس كما في الدر .
( إذا قتل رجل رجلا شبه عمد ) كما تقدم ( فعلى عاقلته دية مغلظة وعليه ) أيضا ( كفارة ) وسيأتي أنها عتق رقبة مؤمنة وإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين ( ودية شبه العمد ) المعبر عنها بالغلظة ( عند أبي حنيفة وأبي يوسف مائة من الإبل أرباعا ) وهي ( خمس وعشرون بنت مخاض ) وتقدم في الزكاة أنها التي طعنت في السنة الثانية ( وخمس وعشرون بنت لبون ) وهي التي طعنت في الثالثة ( وخمس وعشرون حقة ) وهي التي طعنت في الرابعة ( وخمس وعشرون جذعة ) وهي التي طعنت في الخامسة وقال محمد : ثلاثون جذعة وثلاثون حقة وأربعون ثنية كلها خلفات في بطونها أولادها قال الإسبيجاني : والصحيح قول الإمام واعتمده المحبوبي والنسفي وغيرهما كما في التصحيح ( ولا يثبت التغليظ إلا في الإبل خاصة ) لأن التوقيف فيه ( فإن قضى بالدية من غير الإبل لم تتغلظ ) لأنه باب المقدرات فيقف على التوقيف .
( وقتل الخطأ تجب به الدية على العاقلة والكفارة على القاتل ) لما بينا أول الجنايات .
( والدية في الخطأ ) غير مغلظة وهي ( مائة من الإبل أخماسا : عشون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة ) لأنها أليق بحالة الخطأ لأن الخاطئ معذور .
( و ) الدية ( من العين ) : أي الذهب ( ألف دينار ومن الورق ) : أي الفضة ( عشرة آلاف درهم ) وزن سبعة .
( ولا تثبت الدية إلا من هذه الأنواع الثلاثة ) المذكورة ( عند أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد ) : تثبت أيضا ( من البقر مائتا بقرة ومن الغنم ألفا شاة ومن الحلل مائتا حلة كل حلة ثوبان ) لأن عمر رضي الله هكذا جعل على أهل كل مال منها قال جمال الإسلام في شرحه : الصحيح قول أبي حنيفة واختاره البرهاني والنسفي وغيرهما تصحيح .
( ودية المسلم والذمي سواء ) لقوله A : ( دية كل ذي عهد في عهده ألف دينار ) وبه قضى أبو بكر وعمر كما في الدرر ولا دية للمستأمن هو الصحيح وأما المرأة فديتها نصف الدية كما في الجوهرة .
( وفي النفس الدية ) والمراد نفس الحر يستوي فيه الصغير والكبير والوضيع والشريف والمسلم والذمي لاستوائهم في الحرمة والعصمة وكمال الأحوال في الأحكام الدنيوية اختيار .
( وفي المارن ) وهو ملان من الألف ويسمى الأرنبة ( الدية ) لفوات منقعة الجمال والأصل : أن كل ما يفوت به جنس المنفعة تجب به دية كاملة لأن البدن يصير هالكا بالنسبة إلى تلك المنفعة ولو قطع من القصبة لا يزاد على دية واحدة لأنه عضو واحد .
( وفي اللسان ) الفصيح إذا منع النطق أو أداء الحروف ( الدية ) قيدنا بالفصيح لأن في لسان الأخرس حكومة عدل وبمنع النطق أو أداء أكثر الحروف لأنه إذا منع أقلها قسمت الدية على عدد حروف الهجاء الثمانية والعشرين أو حروف اللسان تصحيحان : فما أصاب الفائت بلزمه كما في الدر وتمامه في شرح الوهبانية ( وفي الذكر ) الصحيح ( الدية ) أما ذكر العنين والخصي والخنثى ففيه حكومة ( وفي العقل إذا ضرب رأسه فذهب ) منه ( عقله الدية ) لأنه بذهاب العقل تتلف منفعة الأعضاء فصار كتلف النفس وكذا إذا ذهب سمعه أو بصره أو شمه أو ذوقه أو كلامه كما في الجوهرة .
( وفي اللحية ) من الرجل ( إذا حلقت فلم تنبت الدية ) أما لحية المرأة فلا شيء فيها لأنها نقص وفي شرح الإسبيجاني : قال الفقيه أبو جعفر الهنداوني : هذا إذا كانت اللحية كاملة يتجمل بها فإن كانت طاقات متفرقة لا يتجمل بها فلا شيء فيها فإن كانت غير متفرقة إلا أنه لا يقع بها جمال كامل ففيها حكومة عدل اه .
وفي الهداية : وفي الشارب حكومة عدل وهو الصحيح . اه . ( وفي شعر الرأس ) من الرجل والمرأة إذا حلقه أو نتفه ولم ينبت ( الدية وفي الحاجبين ) كذلك ( الدية وفي العينين الدية وفي اليدين الدية وفي الرجلين الدية وفي الأذنين الدية وفي الشفتين الدية وفي الأنثيين ) : أي الخصيتين ( الدية وفي ثديي المرأة ) وحلمتيها ( الدية ) أي دية المرأة . قيد بالمرأة لأن في ثديي الرجل حكومة كما في الجوهرة ( وفي كل واحد من هذه الأشياء ) المزدوجة ( نصف الدية ) لأن تفويت الاثنين منها تفويت جنس المنفعة أو كمال الجمال فيجب كمال الدية وفي أحدهما تفويت النصف فيجب نصف الدية .
( وفي أشفار العينين ) الأربعة إذا لم تنبت ( الدية ) وفي الاثنين منها نصف الدية ( وفي أحدها ربع الدية ) لما بينا ( وفي كل إصبع من أصابع اليدين والرجلين عشر الدية ) لقوله A ( في كل إصبع عشر من الإبل ) ( والأصابع كلها ) أي صغيرها وكبيرها ( سواء ) لاستوائها في المنفعة ( وكل إصبع فيها ثلاث مفاصل ففي أحدها ) أي أحد المفاصل ( ثلث دية الإصبع ) لأنه ثلثها ( وما فيها مفصلان ففي أحدها نصف دية الإصبع ) لأنه نصفها توزيعا للبدل على المبدل ( وفي كل سن ) من الرجل نصف عشر الدية وهي ( خمس من الإبل ) أو خمسون دينارا أو خمسمائة درهم وحينئذ تزيد دية الأسنان كلها على دية النفس بثلاثة أخماسها لأنها في الغالب اثنان وثلاثون : عشون ضرسا وأربعة أنياب وأربعة ثنايا وأربعة ضواحك ولا بأس في ذلك لثبوته بالنص على خلاف القياس كما في الغاية وفي العناية : وليس في البدن ما يجب بتفويته أكثر من قدر الدية سوى الأسنان . اه . قيدنا بسن الرجل لأن دية سن المرأة نصف دية سن الرجل كما في الجوهرة ( والأسنان والأضراس كلها سواء ) لاستوائها في المعنى لأن الطواحن وإن كان فيها منفعة الطحن ففي الضواحك زينة تساوي ذلك كما في الجوهرة .
( ومن ضرب عضوا فأذهب منفعته ففيه دية كاملة ) أي دية ذلك العضو وإن بقي قائما ويصير ( كما لو قطعه ) وذلك ( كاليد إذا شلت والعين إذا ذهب ضوءها ) لأن المقصود من العضو منفعته فذهاب منفعته كذهاب عينه .
( الشجاج ) وهو : ما يكون في الوجه والرأس من الجراحة ( عشرة ) وهي ( الحارصة ) بمهملات - وهي : التي تحرص الجلد : أي تخدشه ( والدامعة ) بمهملات أيضا - وهي : التي تظهر الدم كالدمع ولا تسيله ( والدامية ) وهي : التي تسيل الدم ( والباضعة ) وهي : التي تبضع اللحم : أي تقطعه ( والمتلاحمة ) وهي : التي تأخذ في اللحم ولا تبلغ السمحاق ( والسمحاق ) وهي : التي : تصل السمحاق وهي جلدة رقيقة بين اللحم وعظم الرأس ( والموضحة ) وهي التي توضح العظم : أي تظهره ( والهاشمة ) وهي : التي تهشم العظم : أي تكسره ( والمنقلة ) وهي : التي تنقل العظم عن موضعه بعد كسره ( والآمة ) وهي : التي تصل إلى أم الدماغ وهي الجلدة التي فيها الدماغ وبعدها الدامغة - بغين معجمة - وهي التي تخرج الدماغ ولم يذكرها محمد للموت بعدها عادة فتكون قتلا لا شجاجا فعلم بالاستقراء بحسب الآثار أنها لا تزيد على العشرة در .
( ففي الموضحة القصاص إن كانت ) الشجة ( عمدا ) لإمكان المماثلة فيها بالقطع إلى العظم فيتساويان ثم ما فوقها لا قصاص فيه بالإجماع لتعذر المماثلة وأما ما قبلها ففيه خلاف : روى الحسن عن أبي حنيفة لا قصاص فيها وذكر محمد في الأصل - وهي ظاهر الرواية - أن فيه القصاص إلا في السمحاق فإنه لا قصاص فيه إجماعا لتعذر المماثلة إذ لا يمكن أن ينشق حتى ينتهي إلى جلدة رقيقة فوق العظم بخلاف ما قبلها لإمكانه بعمل حديدة بقدر ذلك وتنفذ في اللحم إلى آخرها فيستوفي منه كما في الجوهرة ومثله في الهداية وشرح الإسبيجاني .
( ولا قصاص في بقية الشجاج ) هذا بعمومه إنما هو رواية الحسن عن أبي حنيفة وأما على ذكره محمد في الأصل فمحمول على ما فوق الموضحة جوهرة . ثم ما لا قصاص فيه يستوي فيه العمد والخطأ ( وما دون الموضحة ) من الستة السابقة ( ففيه حكومة عدل ) وهي كما قال الطحاوي : أن يقوم مملوكا بغير هذا الأثر ثم معه فقدر التفاوت بين الثمنين يجب بحسابه من دية الحر فإن كان نصف عشر الثمنين وجب نصف عشر الدية وهكذا وبه يفتى كما في الدر تبعا للوقاية والنقاية والمتلقي والخانية وغيرها .
( و ) يجب ( في الموضحة إن كانت خطأ نصف عشر الدية ) وذلك من الدراهم خمسمائة درهم في الرجل ومائتان وخمسون في المرأة وهي على العاقلة ولا تعقل العاقلة ما دونها كما يأتي ( وفي الهاشمة عشر الدية وفي المنقلة عشر ونصف عشر الدية وفي الآمة ثلث الدية وفي الجائفة ) وهي من الجراحة لا من الشجاج وهي التي تصل إلى الجوف ( ثلث الدية ) أيضا لأنها بمنزلة الآمة وكل ذلك ثبت بالحديث ( فإن نفذت ) الجائفة ( فهي جائفتان ففيها ثلثا الدية ) في كل جائفة ثلثها كما قضى بذلك أبو بكر Bه .
( و ) يحب ( في ) قطع ( أصابع اليد ) كلها ( نصف الدية ) لأن في كل إصبع عشر الدية كما مر .
( و ) كذا الحكم ( إن قطعها مع الكف ففيها ) أي الأصابع مع الكف ( نصف الدية ) لأن الكف تبع للأصابع ( وإن قطعها ) : أي الأصابع ( مع نصف الساعد ففي الكف نصف الدية وفي الزيادة حكومة عدل ) قال جمال الإسلام : وهذا قول أبي حنيفة ومحمد وعند أبي يوسف لا يجب فيهما إلا أرش اليد والصحيح قولهما واعتمده المحبوبي والنسفي تصحيح ( و ) يجب ( في الإصبع الزائدة حكومة عدل ) تشريفا للآدي لأنها جزء من يده لكن لا منفعة فيها ولا زينة وكذا السن الزائدة جوهرة ( و ) كذا ( في عين الصبي وذكره ولسانه إذا لم تعلم صحته ) : أي صحة ذلك العضو بنظر في العين وحركة في الذكر وكلام في اللسان ( حكومة عدل ) : لأن منفعته غير معلومة ( ومن شج رجل موضحة فذهب ) بسببها ( عقله أو شعر رأسه ) كله فلم ينبت ( دخل أرش الموضحة في الدية ) لدخول الجزء في الكل كمن قطع إصبعا فشلت اليد . قيدنا بالكل لأنه إذا تناثر بعضه ينظر إلى أرش الموضحة وإلى الحكومة في الشعر فإن كانا سواء يجب أرش الموضحة وإن كان أحدهما أكثر من الآخر دخل الأقل في الأكثر كما في الجوهرة ( وإن ذهب ) بسببها ( سمعه أو بصره أو كلامه فعليه أرش الموضحة مع الدية ) ولا يدخل فيها لأنه كأعضاء مختلفة بخلاف العقل لعود نفعه للكل ( ومن قطع إصبع رجل فشلت أخرى إلى جنبها ففيهما الأرش ولا قصاص فيه عند أبي حنيفة ) وعندهما عليه القصاص في الأولى والأرش في الأخرى قال الإسبيجاني : والصحيح قول أبي حنيفة وعليه مشى البرهاني والنسفي وغيرهما تصحيح ( ومن قلع سن رجل فنبتت مكانها أخرى سقط الأرش ) لأن حقه قد أنجبر بعود المنفعة والزينة ( ومن شج رجلا فالتحمت ) الشجة ( ولم يبق لها أثر ونبت الشعر ) كعادته ( سقط الأرش عند أبي حنيفة ) لزوال الشين الموجب له ولم يبق سوى مجرد الألم وهو لا يوجب الأرش ( وقال أبو يوسف : عليه أرش الألم ) وهي حكومة عدل هداية ( وقال محمد : عليه أجرة الطبيب ) وثمن الدواء لأنه إنما لزمه ذلك من فعله وفي الدر عن شرح الطحاوي : فسر قول أبي يوسف أرش الألم بأجرة الطبيب وثمن الدواء فعليه لا حلاف بينهما اه . وفي التصحيح : وعلى قول الإمام اعتمد الأئمة المحبوبي والنسفي وغيرهما لكن قال في العيون : لا يجب عليع شيء قياسا . وقالا : يستحسن أن تجب عليه حكومة عدل مثل أجرة الطبيب وثمن الدواء وهكذا كل جراحة برئت زجرا للجناية وجبرا للضرر اه .
( ومن جرح رجلا جراحة لم يقتص منه ) حالا بل ( حتى يبرأ ) منه لأن الجرح معتبر بما يؤول إليه لاحتمال السراية إلى النفس فيظهر أنه قتل وإنما يستقر الأمر بالبرء .
( ومن قطع يد رجل خطأ ثم قتله ) خطأ أيضا ( قبل البرء ) منها ( فعليه اليدة وسقط أرش اليد ) لاتحاد جنس الجناية . وهذه ثمانية مسائل لأن القطع إما عمد أو خطأ والقتل كذلك فصارت أربعة ثم إما أن يكون بينهما برء أو لا صارت ثمانية فإن كان كل منهما عمدا وبرئ بينهما يقتص بالقطع ثم بالقتل وإن لم يبرأ فكذلك عند الإمام خلافا لهما وإن كان كل منهما خطأ فإن برئ بينهما أخذ بهما : فيجب دية النفس واليد وإن لم يبرأ بينهما كفت دية القتل وهي مسألة الكتاب وإن قطع عمدا ثم قتل خطأ أو بالعكس - سواء برئ بينهما أو لم يبرأ - أخذ بهما لاختلاف الجنايتين وتمامه في صدر الشريعة . ( وكل عمد سقط فيه القصاص بشبهة ) ككون القاتل أبا أو من له القصاص ولدا للجاني أو كان في القاتلين صغير أو عفا أحد الأولياء ( فالدية في مال القاتل ) في ثلاث سنين ( وكل أرش وجب بالصلح فهو في مال القاتل ) أيضا وتجب حالا لأنه استحق بالعقد وما يستحق بالعقد فهو حال إلا إذا اشترط فيه الأجل كأثمان المبيعات كما في الجوهرة .
( وإذا قتل الأب ابنه عمدا فالدية في ماله في ثلاث سنين ) وكذا لو شاركه في قتله أجنبي فالدية عليهما وسقط عنه القصاص وإذا اشترك عامدان في قتل رجل فعفي عن أحدهما فالمشهور أن الآخر يجب عليه القصاص وعن أبي يوسف لا قصاص عليه لأنه لما سقط عن أحدهما صار كأن جميع النفس مستوفاة بفعله كذا في الكرخي جوهرة .
( وكل جناية اعترف بها الجاني فهي في ماله ولا يصدق على عاقلته ) ويجب حالا لأنه التزمه بإقراره .
( وعمد الصبي والمجنون خطأ ) لأنه ليس لهما قصد صحيح ولذا لم يأثما ( و ) يجب ( فيه الدية على العاقلة ) ولا يحرم الميراث لأنه للعقوبة وهما ليسا من أهل العقوبة .
( ومن حفر بئرا في طريق المسلمين أو وضع حجرا ) أو خشبة أو تربا ( فتلف بذلك إنسان فديته على عاقلته ) لوجوبها بتسببه ( وإن تلف فيها بهيمة فضمانها في ماله ) لأنه ضمان مال وضمان المال لا تحمله العاقلة ( وإن أشرع ) : أي أخرج ( في الطريق روشنا ) كظلة وجزع وممر علو ( أو ميزابا ) أو نحو ذلك ( فسقط على إنسان فعطب ) : أي هلك ( فالدية على عاقلته ) لوجوبها بتسببه هذا إن أصابه الطرف الخارج أما لو أصابه الطرف الداخل الذي هو في حائطه فلا ضمان عليه لعدم تعديه لأنه موضوع في ملكه وإن أصابه الطرفان جميعا ضمن النصف وإن لم يعلم أي الطرفين أصابه فالقياس أن لا يضمن للشك وفي الاستحسان يضمن النصف كما في الجوهرة ثم هو جائز إن لم يضر بالعامة ولكل واحد من أهل الخصومة منعه ومطالبته بقضه إذا بنى لنفسه من غير إذن الإمام وإن بنى للمسلمين كمسجد ونحوه أو بإذن الإمام لا ينقض وأما إذا كان يضر بالعامة فلا يجوز مطلقا والجلوس في الطريق للبيع والشراء على هذا وهذا كله في الطريق العام أما غير النافذ فلا يجوز إحداث شيء فيه مطلقا إلا بإذنهم لأنه بمنزلة الملك الخاص بهم ( ولا كفارة على حافر البئر وواضع الحجر ) لأنها تتعلق بحقيقة القتل والمتسبب ليس بقاتل حقيقة لأنه قد يقع بعد موته ويستحيل أن يكون الميت قاتلا ولا يحرم الميراث لما بينا كما مر ( ومن حفر بئرا في ملكه فعطب بها إنسان لم يضمن ) لأنه غير متعد في فعله فلا يلزمه ضمان ما تولد منه .
( والراكب ) في طريق العامة ( ضامن لما وطئت الدابة وما أصابت بيدها ) أو رجلها أو صدمته برأسها ( أو كدمت ) : أي عضت بفمها لإمكان التحرز عنه ( ولا يضمن ما نفخت ) : أي ضربت ( برجلها أو ذنبها ) والأصل : أن المرور في طريق المسلمين مباح لكنه مقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه دون مالا يمكن لما فيه من المنع من التصرف وسد بابه والاحتراز عن الوطء وما يضاهيه ممكن فإنه ليس من ضرورات التسيير فقيد بشرط السلامة عنه والنفخة بالرجل والذنب ليس يمكنه الاحتراز عنه فلم يتقيد به كما في الهداية ( فإن راثت ) الدابة ( أو بالت في الطريق ) وهي تسير ( فعطب به إنسان لم يضمن ) لأنه من ضرورات السير فلا يمكنه الاحتراز عنه وكذا إذا أوقفها لذلك لأن من الدواب م لا يفعل ذلك إلا بالإيقاف وإن أوقفها لغير ذلك فعطب إنسان بروثها أو بولها ضمن لأنه متعد في هذا الإيقاف لأنه ليس من ضرورات السير هداية ( والسائق ) للدابة ( ضامن لما أصابت بيدها أو رجلها والقائد ) لها ( ضامن لما أصابت بيدها دون رجلها ) قال الزاهدي في شرحه وصاحب الهداية فيها وفي محموع النوازل : هكذا ذكره القدوري في مختصره وبذلك أخذ بعض المشايخ وأكثر المشايخ على أن السائق لا يضمن النفخة لأنه لا يمكنه دفعها عنها وإن كانت ترى منه وهو الأصح تصحيح . وقال في الهداية : وفي الجامع : وكل شيء ضمنه الراكب يضمنه السائق والقائد لأنهما متسببان بمباشرتهما شرط التلف وهو تقريب الدابة إلى مكان الجناية فيتقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه كالراكب إلا أن على الراكب الكفارة فيما وطئت ولا كفارة عليهما وتمامه فيها ( ومن قاد قطارا فهو ضامن لما وطئ ) لأن عليه حفظه كالسائق فيصير متعديا بالتقصير فيه والتسبب بوصف التعدي سبب الضمان إلا أن ضمان النفس على العاقلة وضمان المال في ماله كما في الهداية ( فإن كان معه ) : أي مع القائد ( سائق فالضمان عليهما ) لاشتراكهما في ذلك لأن قائد الواحد قائد للكل وكذا السائق لاتصاله الأزمة .
( وإذا جنى العبد جناية خطأ ) على حر أو عبد في النفس وما دونها قل أرشها أو كثر ( قيل لمولاه ) : أنت بالخيار ( إما أن تدفعه بها ) إلى ولي الجناية ( أو تفديه ) بأرشها حالا . قيد بالخطأ لأنه في العمد يجب عليه القصاص وإنما يفيد في النفس فقط وأما فيما دونها فلا يفيد لاستواء خطئه وعمده فيما دونها ( فإن دفعه ) مولاه بها ( ملكه ولي الجناية ) ولا شيء له غيره ( وإن فداه فداه بأرشها ) وكل ذلك يلزمه حالا أما الأول فلأن التأجيل في الأعيان باطل وأما الثاني فلأنه جعل بدلا عن العبد فقام مقامه وأخذ حكمه وأيهما اختاره وفعله لا شيء لولي الجناية سواه فإن لم يختر شيئا حتى مات العبد بطل حق المحني عليه لفوات محل حقه وإن مات بعدما اختار الفداء لم يبرأ لتحول الحق إلى ذمة المولى كما في الهداية ( فإن عاد ) العبد ( فجنى ) جناية أخرى بعدما فداه المولى ( كان حكم اتلجناية الثانية حكم الأولى ) لأنه لما خرج من الجناية الأولى صار كأنه لم يجن غير الجناية الثانية ( فإن جنى جنايتين ) متواليتين : أي من غير تخلل فدائه ( قيل للمولى ) : أنت بالخيار ( إما أن تدفعه إلى ولي الجنايتين يقتسمانه ) بينهما ( على قدر حقيهما ) من أرش جنايتهما ( وإما أن تفديه بأرش كل واحدة منهما ) : أي الجنايتين لأن تعلق الأولى برقبته لا يمنع تعلق الثانية بها كالديون المتلاحقة ألا يرى أن ملك المولى لم يمنع تعلق الجناية برقبته فحق ولي الجناية الأولى أولى أن لا يمنع كما في الهداية .
( وإن أعتقه المولى ) أو باعه أو وهبه أو دبره أو استولدها ( وهو لا يعلم بالجناية ضمن الأقل من قيمته ومن أرشها ) لأنه لما لم يعلم لم يكن مختارا للفداء إذ لا اختيار بدون علم إلا أنه استهلك رقبة تعلق بها حق ولي الجناية فلزمه الضمان وإنما لزمه الأقل لأن الأرش إن كان أقل فليس عليه سواه وإن كانت القيمة أقل لم يكن متلفا سواها ( وإن باعه المولى أو أعتقه ) أو تصرف به تصرفا يمنعه عن الدفع مما ذكرنا قبله ( بعد العلم بالجناية وجب عليه الأرش ) فقط لأنه لما تصرف به تصرفا منعه من الدفع بالجناية بعد علمه بها صار مختارا للفداء لأن المخير بين شيئين إذا فعل ما يمنع من اختيار أحدهما تعين الآخر عليه ( وإذا جنى المدبر أو أم الولد جناية ) خطأ ( ضمن المولى الأقل من قيمته ) : أي المدبر أو أم الولد وذلك في أم الولد ثلث قيمتها وفي المدبر الثلثان وتعتبر القيمة يوم الجناية لا يوم التدبير الاستيلاد ( ومن أرشها ) : أي الجناية لأنه صار مانعا بذلك للدفع من غير اختيار فصار كما لو أعتق العبد قبل العلم بالجناية ( فإن جنى ) المدبر أو أم الولد جناية ( أخرى وقد ) كان ( دفع المولى القيمة إلى ) الولي ( الأول بقضاء ) من القاضي ( فلا شيء عليه ) سواها لأنه لم يتلف إلا قيمة واحدة وقد أجبر على دفعها ( و ) لكن ( يتبع ولي الجناية الثانية ولي الجناية الأولى فيشاركه فيما أخذ ) لأنه قبض ما تعلق به حقه فصار بمنزلة الوصي إذا دفع التركة إلى الغرماء ثم ظهر غريم آخر ( وإن كان المولى دفع القيمة ) إلى ولي الجناية الأولى ( بغير قضاء فالولي ) أي ولي الجناية الثانية ( بالخيار : إن شاء اتبع المولى ) لدفعه ما تعلق به حقه إلى الغير باختياره ثم يرجع المولى على الأول ( وإن شاء اتبع ولي الجناية الأولى ) لأنه قبض حقه ظلما وهذا عند أبي حنيفة وقالا : لا شيء على المولى سواء دفع بقضاء أو بدونه لأنه دفع إلى الأول ولا حق للثاني فلم يكن متعديا بالدفع ولأبي حنيفة أن الجنايات استند ضمانها إلى التدبير الذي صار به المولى مانعا فكأنه دبر بعد الجنايات فيتعلق حق جماعتهم بالقيمة فإذا دفعها بقضاء فقد زالت يده عنها بغير اختياره فلا يلزمه ضمانها وإن دفعها بغير قضاء فقد سلم إلى الأول ما تعلق به حق الثاني باختياره فللثاني أن يضمن أيهما شاء .
( وإذا مال الحائط إلى طريق المسلمين فطولب صاحبه بنقضه وأشهد عليه ) بذلك ( فلم ينقض ) الحائط ( في مدة يقدر ) فيها ( على نقضه حتى سقط ) الحائط ( ضمن ما تلف به من نفس أو مال ) إلا أن ما تلف به من النفوس فعلى العاقلة ومن الأموال فعليه . قيد بالطلب لأنه لو لم يطالب حتى تلف إنسان أو مال لم يضمن وهذا إذا كان بناؤه ابتداء مستويا لأنه بناه في ملكه فلك يكن متعديا والميل حصل بغير فعله بخلاف ما إذا بناه مائلا من الابتداء فإنه يضمن ما تلف بسقوطه سواء طولب أو لا لتعديه بالبناء وقيد بصاحبه - أي مالكه - لأنه لو طولب غيره كالمرتهن والمستأجر والمستعير كان باطلا ولا يلزمهم شيء لأنهم لا يملكون نقضه كما في الجوهرة .
( ويستوي ) في الطلب ( أن يطالبه بنقضه ) أحد من أهل الخصومة ( مسلم أو ذمي ) أو مكاتب وكذا الصغير والرقيق المأذون لهما لاستوائهم في حق المرور ( وإن مال ) الحائط ( إلى دار رجل فالمطالبة إلى مالك الدار خاصة ) لأن الحق له خاصة وإن كان فيهم سكان فلهم أن يطالبوه سواء كانوا بإجارة أو إعارة .
( وإذا اصطدم فارسان ) حران خطأ ( فماتا ) منه ( فعلى عاقلة كل واحد منهما دية الآخر ) لأن قتل كل واحد منهما مضاف إلى فعل الآخر . قيدنا بالحرين لأنهما لو كانا عبدين فهما هدر سواء كان خطأ أو عمدا أما الأول فلأن الجنايات تعلقت برقبة كل منهما دفعا وفداء وقد فات بغير فعل المولى وأما الثاني فلأن كل واحد منهما هلك بعدما جنى فيسقط . وقيدنا بالخطأ لأنه لو كان عامدين ضمن كل واحد منهما نصف الدية لأن فعل كل واحد منهما محظور وأضيف التلف إلى فعلهما كما في الاختيار .
( وإذا قتل رجل عبدا خطأ فعليه قيمته ) لكن ( لا يزاد ) بها ( على عشرة آلاف درهم ) لأنها جناية على آدمي فلا تزاد على دية الحر لأن المعاني التي في العبد موجودة في الحر وفي الحر زيادة الحرية فإذا لم يجب فيه أكثر فلأن لا يجب في العبد مع نقصانه أولى .
( فإن كانت قيمته عشرة آلاف ) درهم ( فأكثر قضي عليه بعشرة آلاف إلا عشرة ) إظهارا لانحطاط رتبته ( وفي الأمة إذا زادت قيمتها على الدية ) أي دية المرأة الحرة ( خمسة آلاف إلى عشرة ) اعتبارا بالحرية فإن ديتها على النصف من الرجل وينقص العشرة إظهارا لانحطاط الرق كما في العبد وهذا عند أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف : تجب القيمة بالغة ما بلغت قال في التصحيح : وعلى قول أبي حنيفة ومحمد اعتمد الأئمة البرهاني والنسفي والموصلي وغيرهم وقال الزاهدي : وما وقع في بعض نسخ المختصر ( وفي الأمة خمسة آلاف إلا خمسة ) غير ظاهر الرواية وفي عامة الأصول والشروح التي ظفرت بها ( إلا عشرة ) وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه يجب خمسة آلاف إلا خمسة والصحيح ما ذكرناه وفي الينابيع : والرواية المشهورة هي الأولى وهي الصحيحة في النسخ اه .
( وفي يد العبد ) إذا قطعت ( نصف قيمته ) لكن ( لا يزاد ) فيها ( على خمسة آلاف ) درهم ( إلا خمسة ) لأن اليد من الآدمي نصفه فيعتبر بكله فينقص هذا القدر إظهارا لانحطاط رتبته هداية لكن قال في التصحيح : المذكور في الكتاب رواية عن محمد والصحيح تجب القيمة بالغة ما بلغت اه .
( وكل ما يقدر من دية الحر فهو مقجدر من قيمة العبد ) فما وجب فيه في الحر نصف الدية مثلا ففيه من العبد نصف القيمة وهكذا لأن القيمة في العبد كالدية في الحر لأنه بدل الدم ثم الجناية في العبد فيما دون النفس على الجاني في ماله لأنه أجري مجرى ضمان الأموال وفي النفس على العاقلة عند أبي حنيفة ومحمد خلافا لأبي يوسف كما في الجوهرة .
( وإذا ضرب ) رجل ( بطن امرأة فألقت جنينا ) حرا ( ميتا فعليه ) : أي الضارب وتتحمله عاقلته ( غرة ) في سنة واحدة ( وهي نصف عشر الدية ) : أي دية الرجل لو الجنين ذكرا وعشر دية المرأة لو أنثى وكل منهما خمسمائة درهم ( فإن ألقته حيا ثم مات فعليه دية كاملة ) لأنه أتلف حيا بالضرب السابق ( وإن ألقته ميتا ثم ماتت الأم فعليه دية ) للأم ( وغرة ) للجنين لما تقرر أن الفعل يتعدد بتعدد أثره وصرح في الذخيرة بتعدد الغرة لو ميتين فأكثر كما في الدر ( وإن ماتت الأم ) أولا ( ثم ألقته ميتا فعليه دية في الأم ) فقط ( ولا شيء في الجنين ) لأن موت الأم سبب لموته ظاهرا فأحيل إليه وإن ألقته حيا ومات فعليه ديتان ( وما يجب في الجنين ) من الغرة أو الدية ( موروث عنه ) لورثته لأنه بدل نفسه والبدل عن المقتول لورثته إلا أن الضارب إذا كان من الورثة لا يرث لأن القاتل لا يرث . قيد بالمرأة لأن في الجنين البهيمة ما نقصت الأم إن نقصت وإلا فلا يجب شيء وقيدنا بالحر لما ذكره بقوله ( وفي جنين الأمة ) حيث كان رقيقا ( إذا كان ذكرا نصف عشر قيمته لو كان حيا وعشر قيمته إن كان أنثى ) لما مر أن دية الرقيق قيمته وإنما قلنا ( حيث كان رقيقا ) لأنه لا يلزم من رقية الأم رقية الجنين فالعالق من السيد أو المغرور حر وفيه الغرة وإن كانت أمه رقيقة كما في الدر عن الزيلعي ( ولا كفارة في الجنين ) وجوبا بل ندبا در عن الزيلعي لأنها إنما تجب في القتل والجنين لا تعلم حياته .
( والكفارة ) الواجبة ( في شبه العمد والخطأ : عتق رقبة مؤمنة ) لقوله تعالى : { فتحرير رقبة مؤمنة } الآية ( فإن لم بجد ) ما يعتقه ( فصيام شهرين متتابعين ) بهذا ورد النص ( ولا يجزئ فيها الإطعام ) لأنه لم يرد به نص والمقادير تعرف بالتوقيف وإثبات الأبدال بالرأي لا يجوز ويجزئه عتق رضيع أحد أبويه مسلم لأنه مسلم به والظاهر سلامة أطرافه ولا يجزئه ما في البطن لأنه لم تعرف حياته ولا سلامته كما في الهداية