- إذا ولدت الأمة من مولاها فقد صارت أم ولد له لا يجوز بيعها ولا تمليكها وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها ولا يثبت نسب ولدها إلا أن يعترف به المولى فإن جاءت بعد ذلك بولد ثبت نسبه بغيؤر إقرار وإن نفاه انتفى بقوله وإن زوجها فجاءت بولد فهو في حكم أمه وإذا مات المولي عتقت من جميع المال ولا تلزمها السعاية للغرماء إن كان على المولى دين وإذا وطئ الرجل أمة غيره بنكاح فولدت منه ثم ملكها صارت أم ولد له وإذا وطئ الأب جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه ثبت نسبه وصارت أم ولد له .
وعليه قيمتها وليس عليه عقرها ولا قيمة ولدها وإن وطئ أب الأب مع بقاء الأب لم يثبت النسب فإن كان الأب ميتا يثبت النسب من الجد كما يثبت من الأب وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه وصارت أم ولد وعليه نصف عقرها ونصف قيمتها وليس عليه شيء من قيمة ولدها وإذا ادعياه معا ثبت نسبه منهما وكانت الأم أم ولد لهما وعلى كل واحد منهما نصف العقر قصاصا بماله على الآخر ويرث الابن من كل واحد منهما ميراث ابن كامل وهما يرثان منه ميراث أب واحد .
وإذا وطئ المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه : فإن صدقه المكاتب ثبت نسب الولد منه وكان عليه عقرها وقيمة ولدها ولا تصير أم ولد له وإن كذبه في النسب لم يثبت .
_________ .
باب الاستيلاد .
هو لغة : طلب الولد وشرعا : طلب المولى الولد من أمة بالوطء . درر .
( إذا ولدت الأمة ) ولو مدبرة ( من مولاها فقد صارت أم ولد له ) وحكمها حكم المدبرة : ( لا يجوز بيعها ولا تمليكها ) ولا رهنها ( وله وطؤها واستخدامها وإجارتها وتزويجها ) جبرا لأن الملك فيها قائم كما في المدبر ( ولا يثبت نسب ولدها ) من مولاها ( إلا أن يعترف به المولى ) لأن وطء الأمة يقصد به قضاء الشهوة دون الولد فلابد من الدعوى بخلاف العقد لأن الولد يتعين مقصودا منه فلا حاجة إلى الدعوى كما في الهداية ( فإن جاءت بعد ذلك ) : أي بعد اعترافه بولدها الأول ( بوله ) آخر ( يثبت نسبه منه بغير إقرار ) لأنه بدعوى الأول تعين الولد مقصودا منها فصارت فراشه كالمعقودة ( و ) لكنه ( إن نفاه انتفى ب ) مجرد ( قوله ) : أي من غير لعان لأن فراشها ضعيف حتى يملك نقله بالتزويج بخلاف المنكوحة حتى لا ينتفي الولد بنفيه إلا باللعان لتأكيد الفراش حتى لا يملك إبطاله بالتزويج هداية . وفيها : وهذا الذي ذكرناه حكم وأما الديانة فإن كان وطئها وحصنها ولم يعزل عنها فيلزمه أن يعترف به ويدعي لأن الظاهر أن الولد منه وإن عزل عنها أو لم يحصنها جاز له أن ينفيه لأن هذا الظاهر يقابله ظاهر آخر وكذا روى عن أبي حنيفة وفيه روايتان أخريان عن أبي يوسف ومحمد ذكرناهما في كفاية المنتهى اه ( وإن زوجها ) : أي زوج المولى أم ولده ( فجاءت بولد ) من زوجها ( فهو في حكم أمه ) لأن حق الحرية يسري إلى الولد .
( وإذا مات المولى عتقت ) أم ولده ( من جميع المال ) لأن الحاجة إلى الولد أصلية فيقدم على حق الورثة والدين كالتكفين بخلاف التدبير لأنه وصية بما هو من زوائد الحوائج ( ولا تلزمها ) أي أم الولد ( السعاية للغرماء إن كان على المولى دين ) لما قلنا ولأنها ليست بمال متقوم . حتى لا يضمن بالغضب عند أبي حنيفة فلا يتعلق بها حق الغرماء .
( وإذا وطئ الرجل أمة غيره بنكاح فولدت منه ثم ) بعد ذلك ( ملكها ) بوجه من وجوه الملك ( صارت أم ولد له ) لأن السبب هو الجزئية والجزئية إنما تثبت بينهما بنسبة الولد الواحد إلى كل منهما كملا وقد ثبت النسب فتثبت الجزئية بهذه الواسطة وقد كان المانع حين الولادة ملك الغير وقد زال . قيد بالنكاح لأنه لو كان الوطء بالزنا لا تصير أو ولد له لأنه لا نسبة لولد الزنا من الزاني وإنما يعتق عليه إذا ما ملكه لأنه جزؤه حقيقة وتمامه في البحر .
( وإذا وطئ الأب جارية ابنه فجاءت بولد فادعاه ) الأب ( ثبت نسبه منه وصارت أم ولد له ) سواء صدقه الابن أو كذبه ادعى الأب شبهة أو لم يدع لأن للأب أن يتملك مال ابنه للحاجة إلى البقاء للأكل والشرب فله أن يتملك جاريته للحاجة إلى صيانة مائه وبقاء نسله لأن كفاية الأب على ابنه كما مر إلا أن الحاجة إلى صيانة مائه دون الحاجة إلى بقاء نفسه ولذا قالوا ( يتملك الطعام بلا قيمة والجارية بقيمتها ) كما صرح به بقوله .
( وعليه قيمتها ) : أي الجارية يوم العلوق لأنها انتقلت إليه حينئذ ويستوي فيه الموسر والمعسر لأنه ضمان تملك ( وليس عليه عقرها ) لثبوت الملك مسندا لما قبل العلوق ضرورة صحة الاستيلاد وإذا صح الاستيلاد في ملكه لا يلزمه عقرها ( ولا قيمة ولدها ) لعلوقه حر الأصل عبر بالجارية ليفيد أنها محل التملك حتى لو كانت أم ولد الابن أو مدبرته لا تصح دعوى الأب ولا يثبت النسب ويلزم الأب العقر كما في الجوهرة ( وإن وطئ ) الجد ( أب الأب ) جارية ابن ابنه ( مع بقاء ) ابنه ( الأب لم يثبت النسب ) لأنه لا ولاية للجد حال قيام الأب ( وإن كان الأب ميتا يثبت النسب من الجد ) وصارت أم ولد له ( كما يثبت من الأب ) لظهور ولايته عند فقد الأب وكفر الأب ورقه بمنزلة موته لأنه قاطع للولاية هداية .
( وإذا كانت الجارية بين شريكين فجاءت بولد فادعاه أحدهما ثبت نسبه منه ) لأنه لما ثبت في نصيبه لمصادفته ملكه ثبت في الباقي ضرورة أنه لا يتجزأ لما أن سببه - وهو العلوق - لا يتجزأ لأن الولد الواحد لا ينعلق من ماءين ( وصارت أم ولد له ) اتفاقا : أما عندهما فظاهر لأن الاستيلاد لا يتجزأ وأما عنده فيصير نصيبه أم ولد ثم يتملك نصيب صاحبه إذ هو قابل للملك فتكمل له ( و ) وجب ( عليه ) لشريكه ( نصف عقرها ) لأنه وطئ جارية مشتركة إذ الملك يثبت حكما للاستيلاد فيتعقبه الملك في نصيب صاحبه بخلاف الأب إذا استولد جارية ابنه لأن الملك هنالك يثبت شرطا للاستيلاد فيتقدمه فيصير واطئا ملك نفسه ( و ) كذا ( نصف قيمتها ) لأنه تملك نصيب صاحبه حين استكمل الاستيلاد وتعتبر قيمتها يوم العلوق لأن أمومية الولد تثبت من ذلك الوقت ويستوي فيه المعسر والموسر لأنه ضمان تمليك كما مر ( وليس عليه شيء من قيمة ولدها ) لأن النسب يثبت مستندا إلى وقت العلوق فلم يتعلق شيء منه على ملك الشريك هداية ( فإن ادعياه ) : أي الشريكان ( معا ) وكان الحبل في ملكهما ( ثبت نسبه منهما ) لاستوائهما في سبب الاستحقاق فيستويان فيه والنسب وإن كان لا يتجزأ ولكن يتعلق به أحكام متجزئة : فما يقبل التجزئة يثبت في حقهما على التجزئة ومالا يقبل يثبت في حق كل كملا كأنه ليس معه غيره إلا إذا كان أحد الشريكين أب الآخر أو كان مسلما والآخر ذميا لوجود المرجح في حق المسلم وهو الإسلام وفي حق الأب وهو ماله عليه من الحق هداية ( وكانت الأم أم ولد لهما ) لثبوت نسب ولدها منهما ( و ) وجب ( على كل واحد منهما نصف العقر ) لصاحبه لأن كل واحد منهما واطئ لنصيب شريكه فإذا سقط الحد لزمه العقر ويكون ذلك ( قصاصا بما ) وجب ( له على الآخر ) لأن كل واحد منهما وجب له على صاحبه مثل ما وجب عليه فلا فائدة في قبضه ورده ( ويرث الابن من كل واحد منهما ميراث ابن كامل ) لأنه أقر له بميراثه كله وهو حجة في حقه ( وهما ) : أي المدعيان بنوته ( يرثان منه ميراث أب واحد ) لاستوائهما في السبب قيدنا بكون الحبل في ملكهما لأنه لو اشترياها وهي حبلى بأن جاءت به لدون ستة أشهر أو اشترياها بعد الولادة فادعياه لا تكون أم ولد لهما لأن هذه دعوى عتق لا دعوى استيلاد فإن شرطها كون العلوق في الملك فيعتق الولد مقتصرا على وقت الدعوى كما في الفتح . وفي الجوهرة : ولو اشترياها وهي حامل فولدت فادعياه فهو ابنهما ولا عقر لأحد منهما على صاحبه لأن وطء كل منهما في غير ملك الآخر اه .
( وإذا وطئ المولى جارية مكاتبه فجاءت بولد فادعاه ) المولى ( فإن صدقه المكاتب ثبت نسب الولد منه ) لوجود سبب الملك - وهو رق المكاتب - وهذا كاف في ثبوت النسب لأنه يحتاط في إثباته ( وكان عليه ) لمكاتبه ( عقرها ) لأنه لا يتقدمه الملك لأن ماله من الحق كاف لصحة الاستيلاد ( و ) كذا ( قيمة ولدها ) لأنه في معنى الغرور حيث اعتد دليلا وهو أنه كسب كسبه فلم يرض برقه فيكون حرا بالقيمة ثابت النسب منه هداية ( و ) لكن ( لا تصير ) الجارية ( أم ولد له ) لأنه لا ملك له فيها حقيقة كما في ولد المغرور هداية ( وإن كذبه ) المكاتب ( في ) دعوى ( النسب لم يثبت ) لأن فيه إبطال ملك المكاتب فلا يثبت إلا بتصديقه وهذا ظاهر الرواية وعن أبي يوسف : لا يعتبر تصديقه اعتبارا بالأب يدعي جارية ابنه ووجه ظاهر الرواية - وهو الفرق - أن المولى لا يملك التصرف في أكساب مكاتبه حتى لا يتملكه والأب يملك تملكه فلا معتبر بتصديق الابن هداية