- إذا أقر الحر البالغ العاقل بحق لزمه إقراره مجهولا كان ما أقر به أو معلوما ويقال له : بين المجهول فإن قال " لفلان علي شيء " لزمه أن يبين ماله قيمة والقول فيه قوله مع يمينه إن ادعى المقر له أكثر من ذلك وإن قال " له علي مال " فالمرجع في بيانه إليه ويقبل قوله في القليل والكثير فإن قال " له علي مال عظيم " لم يصدق في أقل من مائتي درهم وإن قال " دراهم كثيرة " لم يصدق في أقل من عشرة دراهم وإن قال " دراهم " فهي ثلاثة إلى أن يبين أكثر منها وإن قال " له علي كذا كذا درهما " لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما وإن قال " كذا وكذا درهما " لم يصدق في أقل من أحد وعشرين درهما وإن قال " له علي أو قبلي " فقد أقر بدين وإن قال " عندي " أو " معي " فهو إقرار بأمانة في يده وإن قال له رجل لي عليك ألف فقال أنزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في التأجيل لزمه الدين حالا ويستحلف المقر له في الأجل ومن أقر واستثنى متصلا بإقراره صح الاستثناء ولزمه الباقي سواء استثنى الأقل أو الأكثر .
فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء وإن قال " له علي مائة درهم إلا دينارا " أو " إلا قفيز حنطة " لزمه مائة درهم إلا قيمة الدينار أو القفيز وإن قال " له علي مائة ودرهم " فالمائة كلها دراهم وإن قال " له علي مائة وثوب " لزمه ثوب واحد والمرجع في تفسير المائة إليه ومن أقر بحق وقال " إن شاء الله " متصلا بإقراره لم يلزمه الإقرار ومن أقر وشرط الخيار لزمه الإقرار وبطل الخيار ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء وإن قال " بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان " فهو كما قال ومن أقر بتمر في قوصرة لزمه التمر والقوصرة ومن أقر بدابة في إصطبل لزمه الدابة خاصة وإن قال " غصبت ثوبا في منديل " لزماه جميعا وإن قال " له علي ثوب في ثوب " لزماه وإن قال " له علي ثوب في عشرة أثواب " لم يلزمه عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا ثوب واحد .
وقال محمد : يلزمه أحد عشر ثوبا ومن أقر بغصب ثوب وجاء بثوب معيب فالقول قوله فيه مع يمينه وكذلك لو أقر بدراهم وقال : هي زيوف وإن قال " له علي خمسة في خمسة " يريد الضرب والحساب لزمه خمسة واحدة وإن قال : أردت خمسة مع خمسة لزمه عشرة وإن قال " له علي درهم إلى عشرة " لزمه تسعة عند أبي حنيفة فيلزمه الابتداء وما بعده وتسقط الغاية وقال أبو يوسف ومحمد : يلزمه العشرة كلها وإذا قال " له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه " فإن ذكر عبدا بعينه قيل للمقر له : إن شئت فسلم العبد وخذ الألف وإلا فلا شيء لك وإن قال " له علي ألف من ثمن عبد " ولم يعينه لزمه الألف في قول أبي حنيفة [ ولو قال " له علي ألف من ثمن هذا العبد " لم يلزمه حتى يسلم العبد فإن سلم العبد لزمه الألف وإن لم يسلمه لم تلزمه ] ولو قال " له علي ألف من ثمن خمر أو خنزير " لزمه الألف ولم يقبل تفسيره ولو قال " له علي ألف من ثمن متاع وهي زيوف " وقال المقر له " جياد " لزمه الجياد في قول أبي حنيفة ومن أقر لغيره بخاتم فله الحلقة والفص وإن أقر له بسيف فله النصل والجفن والحمائل وإن أقر بحجلة فله العيدان والكسوة وإن قال " لحمل فلانة علي ألف " فإن قال أوصى به له فلان أو مات أبوه فورثه فالإقرار صحيح وإن أبهم الإقرار لم يصح عند أبي يوسف وإذا أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح الإقرار ولزمه وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون وعليه ديون في صحته وديون لزمته في مرضه بأسباب معلومة فدين الصحة والدين المعروف بالأسباب مقدم على غيره فإذا قضيت وفضل شيء كان فيما أقر به في حال المرض وإن لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره وكان المقر له أولى من الورثة وإقرار المريض لوارثه باطل إلا أن يصدقه فيه بقية الورثة ومن أقر لأجنبي في مرضه ثم قال هو ابني ثبت نسبه وبطل إقراره له ولو أقر لأجنبية ثم تزوجها لم يبطل إقراره لها ومن طلق زوجته في مرضه ثلاثا ثم أقر لها بدين ومات فلها الأقل من الدين ومن ميراثها منه .
ومن أقر لغلام يولد مثله لمثله وليس له نسب معروف أنه ابنه وصدقه الغلام ثبت نسبه منه وإن كان مريضا ويشارك الورثة في الميراث ويجوز إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى ويقبل إقرار المرأة بالوالدين والزوج والمولى ولا يقبل بالولد إلا أن يصدقها الزوج أو تشهد بولادتها قابلة .
ومن أقر بنسب من غير الوالدين والولد والزوج والزوجة والمولى - مثل الأخ والعم - لم يقبل إقراره في النسب فإن كان له وارث معروف قريب أو بعيد فهو أولى بالميراث من المقر له وإن لم يكن له وارث استحق المقر له ميراثه ومن مات أبوه فأقر بأخ له لم يثبت نسب أخيه ويشاركه في الميراث .
_________ .
كتاب الإقرار .
هو لغة : الاعتراف وشرعا : الإخبار بحق عليه وهو حجة قاصرة على المقر .
( إذا أقر الحر ) قيد به ليصح إقراره مطلقا فإن العبد المحجور عليه يتأخر إقراره بالمال إلى ما بعد العتق وكذا المأذون فيما ليس من باب التجارة ( البالغ العاقل ) لأن إقرار الصبي والمجنون غير لازم لانعدام أهلية الالتزام إلا إذا كان الصبي مأذونا لأنه ملحق بالبالغ بحكم الإذن ( بحق لزمه إقراره ) لثبوت ولايته ( مجهولا كان ما أقر به أو معلوما ) لأن جهالة المقر به لا تمنع صحة الإقرار لأن الحق قد يلزمه مجهولا : بأن أتلف مالا لا يدري قيمته أو بجرح جراحة لا يعلم أرشها أو تبقى عليه بقية حساب لا يحيط به علمه . والإقرار إخبار عن ثبوت الحق فيصح به بخلاف الجهالة في المقر له لأن المجهول لا يصلح مستحقا ( ويقال له ) : أي للمقر ( بين ) ذلك ( المجهول ) ليتمكن من استيفائه فإن لم يبين أجبره القاضي على البيان لأنه لزمه الخروج عما لزمه بصحيح إقراره وذلك بالبيان .
( فإن قال لفلان علي شيء ) أو حق ( لزمه أن يبين ما له قيمه ) لأنه أخبر عن الوجوب في ذمته وما لا قيمة له لا يجب في الذمة فإن بين غير ذلك يكون رجوعا وليس له ذلك ( والقول فيه ) : أي في البيان ( قوله مه يمينه إن ادعى المقر له أكثر من ذلك ) الذي بينه لإنكاره الزائد ( وإذا قال له علي مال فالمرجع في بيانه إليه ) لأنه هو المجمل ( ويقبل قوله ) في البيان ( في القليل والكثير ) لأن اسم المال ينطلق عليهما فإنه اسم لما يتمول إلا أنه لا يصدق في أقل من درهم لأنه لا يعد مالا عرفا ( فإن قال ) في إقراره ( له علي مال عظيم لم يصدق في أقل من مائتي درهم ) لأنه أقر بمال موصوف فلا يجوز إلغاء الوصف والنصاب عظيم حتى اعتبر صاحبه غنيا . هداية ( وإن قال ) له علي ( دراهم كثيرة لم يصدق في أقل من عشرة دراهم ) لأنها أقصى ما ينتهي إليه اسم الجمع يقال : عشرة دراهم ثم يقال : أحد عشر درهما فيكون هو الأكثر من حيث اللفظ فيصرف إليه وهذا عند أبي حنيفة وعندهما لم يصدق في أقل من مائتين وقال في التصحيح : واعتمد قول الإمام النسفي والمحبوبي وصدر الشريعة ( وإن قال ) له علي ( دراهم فهي ثلاثة ) اعتبارا لأدنى الجمع ( إلا أن يبين أكثر منها ) لأن اللفظ يحتمله ( وإن قال ) له علي ( كذا كذا درهما لم يصدق في أقل من أحد عشر درهما ) لذكره عددين مجهولين ليس بينهما حرف العطف وأقل ذلك من المفسر أحد عشر ( وإن قال كذا وكذا درهما ) لم يصدق في أقل من أحد وعشرين درهما ) لذكره عددين مجهولين بينهما حرف العطف وأقل ذلك من المفسر أحد وعشرون فيحمل كل وجه على نظيره . ولو قال كذا درهما فهو درهم لأنه تفسير للمبهم . ولو ثلث " كذا " بغير الواو فأحد عشر لأنه لا نظير له وإن ثلث بالواو فمائة وأحد وعشرون وإن ربع يزاد عليهما ألف لأن ذلك نظيره . هداية .
( وإن قال ) المقر : ( له علي أو قبلي فقد أقر بدين ) لأن " علي " صيغة إيجاب و " قبلي " ينبئ عن الضمان ويصدق إن وصل به " هو وديعة " لأنه يحتمله مجازا وإن فصل لا يصدق لتقرره بالسكوت .
( وإن قال ) : له عندي أو معي ) أو قال " في بيتي " أو " في كيسي " أو " في صندوق " ( فهو إقرار بأمانة في يده ) لأن كل ذلك إقرار بكون الشيء في يده وذلك يتنوع إلى مضمون وأمانة فيثبت أقلهما وهو الأمانة ( وإذا قال له رجل : لي عليك ألف ) درهم مثلا ( فقال ) المخاطب : ( اتزنها أو انتقدها أو أجلني بها أو قد قضيتكها فهو إقرار ) له بها لرجوع الضمير إليها فكأنه قال : اتزن الألف التي لك علي وكذا انتقدها وأجلني بها وقضيتكها لأن التأجيل إنما يكون في حق واحب والقضاء يتلو الوجوب ولو لم يذكر الضمير لا يكون إقرارا لعدم انصرافه إلى المذكور فكان كلاما مبتدأ كما في الهداية .
( ومن أقر بدين مؤجل فصدقه المقر له في الدين وكذبه في ) دعوى ( التأجيل لزمه الدين ) الذي أقر به ( حالا ) ولم يصدق في دعوى التأجيل ( و ) لكن ( يستحلف المقر له في الأجل ) لأنه منكر حقا عليه واليمين على المنكر .
( ومن أقر ) بشيء ( واستثى ) منه بعضه ( متصلا بإقراره صح الاستثناء ولزمه الباقي ) لأن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا ولكن لابد من الاتصال لكونه مغايرا ( وسواء استثنى الأقل أو الأكثر ) قال في الينابيع : والمذكور هو قول الإمام وعندهما إن استثنى الأكثر بطل استثناؤه ولزمه جميع ما أقر به وقال في المحيط : هو رواية عن أبي يوسف ولذلك كان المعتمد ما في الكتاب عند الكل تصحيح ( فإن استثنى الجميع لزمه الإقرار وبطل الاستثناء ) لأن استثناء الجميع رجوع فلا يقبل منه بعد الإقرار ( وإن قال له علي مائة درهم إلا دينارا أو إلا قفيز حنطة لزمه مائة درهم إلا قيمة ) ما استثناه من ( الدينار أو القفيز ) قال الإسبيجاني : وهذا استحسان أخذ به أبو حنيفة وأبو يوسف والقياس أن لا يصح الاستثناء وهو قول محمد وزفر والصحيح جواب الاستحسان واعتمده المحبوبي والنسفي . كذا في التصحيح .
( وإن قال له علي مائة ودرهم فالمائة كلها دراهم ) لأن الدراهم بيان للمائة عادة لأن الناس استثقلوا تكرار الدرهم واكتفوا بذكره مرة وهذا فيما يكثر استعماله بكثرة أسبابه وذا في المقدرات كالمكيلات والموزونات لأنها تثبت دينا في الذمة سلما وقرضا وثمنا بخلاف الثياب وما لا يكال ولا يوزن ولذا قال : ( وإن قال " له علي مائة وثوب " لزمه ثوب واحد والمرجع في تفسير المائة إليه ) لعطفه مفسرا على مبهم والعطف لم يوضع للبيان فبقيت المائة مبهمة فيرجع في البيان إليه لأنه المبهم .
( ومن أقر بحق وقال إن شاء الله متصلا بإقراره لم يلزمه الإقرار ) لأن التعليق بمشيئة الله تعالى إبطال عند محمد وتعليق بشرط لا يوقف عليه عند أبي يوسف فكان إعداما من الأصل ( ومن أقر بشرط الخيار لزمه الإقرار ) لصحة إقراره ( وبطل الخيار ) لأنه للفسخ والإقرار لا يقبله ( ومن أقر بدار واستثنى بناءها لنفسه فللمقر له الدار والبناء ) جميعا لأن البناء داخل فيه معنى لا لفظا والاستثناء إنما يكون بما يتناوله الكلام نصا لأنه تصرف لفظي . والفص في الخاتم والنخلة في البستان نظير البناء في الدار لأنه يدخل تبعا لا لفظا بخلاف ما إذا قال : إلا ثلثها أو إلا بيتا منها لأنه داخل فيه لفظا . هداية . ( وإن قال بناء هذه الدار لي والعرصة لفلان فهو كما قال ) لأن العرصة عبارة عن البقعة دون البناء فكأنه قال بياض هذه الأرض دون البناء لفلان بخلاف ما إذا قال " مكان العرصة أرضا " حيث يكون البناء للمقر له لأن الإقرار بالأرض إقرار بالبناء كالإقرار بالدار لأن البناء تبع للأرض ( ومن أقر بتمر في قوصرة ) بتشديد الراء وتخفيفها - وعاء التمر يتخذ من القصب وإنما يسمى قوصرة ما دام فيها التمر وإلا فهي زنبيل ( لزمه التمر والقوصرة ) وفسره في الأصل بقوله " غصبت تمرا في قوصرة " ووجهه أن القوصرة وعاء له وظرف له وغصب الشيء وهو مظروف لا يتحقق بدون الظرف فيلزمانه . وكذا الطعام في السفينة والحنطة في الجوالق بخلاف ما إذا قال " غصبت تمرا من قوصرة " لأن كلمة " من " للانتزاع فيكون إقرارا بغصب المنزوع . هداية ( ومن أقر بدابة في إسطبل لزمه الدابة خاصة ) لأن الإصطبل غير مضمون بالغصب عند أبي حنيفة وأبي يوسف وعلى قياس قول محمد يضمنهما ومثله الطعام في البيت . هداية ( وإن قال غصبت ثوبا في منديل لزماه جميعا ) لأنه ظرف له لأن الثوب يلف به وكذا لو قال " ثوب في ثوب " ( وإن قال له علي ثوب في ثوب لزماه وإن قال له علي ثوب في عشرة أثواب لم يلزمه عند أبي حنيفة وأبي يوسف إلا ثوب واحد ) لأن العشرة لا تكون ظرفا لواحد عادة والممتنع عادة كالممتنع حقيقة .
( وقال محمد : يلزمه أحد عشر ثوبا ) لأن النفيس من الثياب قد يلف في عشرة فأمكن جعله ظرفا أو يحمل على التقديم والتأخير فكأنه قال " عشرة أثواب في ثوب " والثوب الواحد يكون وعاء للعشرة .
والصحيح قولهما وهو المعول عليه عند النسفي والمحبوبي وغيرهما كما في التصحيح ( ومن أقر بغصب ثوب وجاء بثوب معيب ) يقول : إنه الذي غصبته ( فالقول قوله فيه مع يمينه ) لأن الغصب لا يختص بالسليم ( وكذلك ) القول قوله ( لو أقر بدراهم ) أنه اغتصبها أو أودعها ( وقال ) متصلا أو منفصلا : ( هي زيوف ) لأن الإنسان يغصب ما يجد ويودع ما يملك فلا مقتصى له في الجياد ولا تعامل فيكون بيانا للنوع . وعن أبي يوسف أنه لا يصدق مفصولا اعتبارا بالثمن كما يأتي قريبا ( وإن قال : له علي خمسةو في خمسة يريد الضرب والحساب لزمه خمسة واحدة ) لأن الضرب لا بكثر المال وإنما يكثر الأجزاء ( وإن قال : أردت خمسة مع خمسة لزمه عشرة ) لأن اللفظ يحتمله لأن كلمة " في " تستعمل بمعنى " مع " ( وإن قال له علي من درهم إلى عشرة ) أو " ما بين درهم إلى عشرة " ( لزمه تسعة عند أبي حنيفة فيلزمه الابتداء وما بعده وتسقط الغاية ) وهذا أصح الأقاويل عند المحبوبي والنسفي . تصحيح ( وقالا : يلزمه العشرة كلها ) لدخول الغاية وقال زفر : تلزمه ثمانية ولا تدخل الغايتان .
( وإذا قال : له علي ألف درهم من ثمن عبد اشتريته منه ولم أقبضه ) موصولا بإقراره كما في الحاوي ( فإن ذكر عبدا بعينه ) وهو بيد المقر له ( قيل للمقر له : إن شئت فسلم العبد ) إلى المقر ( وخذ الألف ) التي أقر بها لتصادقهما على البيع والثابت بالتصادق كالثابت بالمعاينة ( وإلا فلا شيء لك ) لأنه ما أقر بالمال إلا عضا عن العبد فلا يلزمه دونه ( وإن قال من ثمن عبد ولم يعينه لزمه الألف في قول أبي حنيفة ) ولا يصدق في قوله " ما قبضت " وصل أم فصل لأنه رجوع ولا يملكه وقالا : إن وصل صدق وإن فصل لم يصدق واعتمد قوله البرهاني والنسفي وصدر الشريعة وأبو الفضل الموصلي . تصحيح ( ولو قال له على ألف من ثمن خمر أو خنزير ) أو حر أو ميتة أو مال قمار ( لزمه الألف ) المقر بها ( ولم يقبل تفسيره ) عند أبي حنيفة وصل أم فصل لأنه رجوع لأن ثمن الخمر وما عطف عليه لا يكون واجبا وأول كلامه للوجوب . وقالا : إذا وصل لا يلزمه شيء لأنه بين بآخر كلامه أنه ما أراد الإيجاب قال في التصحيح : واعتمد قوله المذكورون قبله ( ولو قال له على ألف من ثمن متاع ) أو قرض ( وهي زيوف وقال المقر له : جياد لزمه الجياد في قول أبي حنيفة ) لأن هذا رجوع لأن مطلق العقد يقتضي السلامة عن العيب والزيافة عيب ودعوى العيب رجوع عن بعض موجبه وصار كما إذا قال " بعتكه معيبا " وقال المشتري " سليما " فالقول للمشتري وقالا : إن قال موصولا صدق وإن مفصولا لا يصدق . قال في التصحيح : واعتمد قوله المذكورون قبله ( ومن أقر لغيره بخاتم فله الحلقة والفص ) بالفتح ويكسر - لأن اسم الخاتم يتناولهما ( وإن أقر له بسيف فله النصل ) أي : الحديدة ( والجفن ) القراب ( والحمائل ) جمع حمالة - بالكسر - العلاقة لأن اسم السيف ينطوي على الكل ( وإن أقر ) له ( بحجلة ) بحاء فجيم مفتوحتين - بيت يبنى للعروس يزين بالثياب والأسرة والستور ( فله ) أي : المقر له ( العيدان ) التي تبنى بها الحجلة ( والكسوة ) التي توضع على العيدان لأن اسم الحجلة يتناولهما .
( وإن قال : لحمل فلانة علي ألف ) درهم ( فإن ) بين سببا صالحا بأن ( قال : أوصي له به فلان أو مات أبوه فورثه ) منه ( فالإقرار صحيح ) اتفاقا ثم إن جاءت به في مدة يعلم أنه كان قائما وقت الإقرار لزمه فإن جاءت به ميتا فالمال للموصي والمروث لأنه إقرار في الحقيقة لهما وإنما ينتقل إلى الجنين بعد الولادة ولم ينتقل ولو جاءت بولدين حيين فالمال بينهما وإن بين سببا مستحيلا - بأن قال : باعني أو أقرضني - فالإقرار باطل اتفاقا أيضا ( وإن أبهم الإقرار ) ولم يبين سببه ( لم يصح عند أبي يوسف ) وفي نسخة " أبي حنيفة " بدل " أبي يوسف " وقال محمد : يصح لأن الإقرار من الحجج فيجب إعماله وقد أمكن بالحمل على السبب الصالح ولأبي يوسف أن الإقرار مطلقه ينصرف إلى الإقرار بسبب التجارة فيصير كأنه صرح به هداية . قال في التصحيح : وفي الهداية والأسرار وشرح الإسبيجاني والاختيار والتقريب ونظم الخلافيات ذكر الخلاف بين أبي يوسف ومحمد وذكر في النافع الخلاف بين أبي حنيفة وأبي يوسف وذكر في الينابيع قول أبي حنيفة مع أبي يوسف فقال : قال أبو حنيفة وأبو يوسف في هذه المسألة : إن بين المقر جهة صالحة كالإرث والوصية رجح إقراره ولزمه وإلا فلا وقال محمد : صح إقراره سواء بين جهة صالحة أو أبهم ويحمل إقراره على أنه أوصى به رجل أو مات مورثه وتركه ميراثا واعتمد قول أبي يوسف الإمام البرهاني والنسفي وأبو الفضل الموصلي وغيرهم وعلل الكل لمحمد بالحمل على سبب صحيح وإن لم يذكره فليحفظ هذا فإنه يقع إقرارات مطلقة عن السبب لا يتصور أن يكون لها سبب صحيح شرعا . اه .
( ولو أقر بحمل جارية أو حمل شاة لرجل صح الإقرار ولزمه ) المقر به سواء بين سببا صالحا أو أبهم لأن له وجها صحيحا - وهو الوصية من جهة غيره - فيحمل عليه وهذا إذا علم وجوده وقت الوصية . جوهرة .
( وإذا أقر الرجل في مرض موته بديون ) وحده سيأتي في الوصايا ( 1 ) .
( وعليه ديون ) لزمته ( في صحته ) سواء علم سببه أو بإقراره ( و ) عليه أيضا ( ديون لزمته في مرضه ) لكن ( بأسباب معلومة ) كبدل ما ملكه أو أهلكه أو مهر مثل امرأة نكحها ( فدين الصحة والدين المعروف بالأسباب مقدم ) على ما أقر به في مرضه لأن الإقرار لا يعتبر دليلا إذا كان فيه إبطال حق الغير وفي إقرار المريض ذلك لأن حق غرماء الصحة تعلق بهذا المال استيفاء ولهذا منه من التبرع والمحاباة إلا بقدر الثلث وإنما تقدم المعروفة الأسباب لأنه لا تهمة في ثبوتها لأن المعاين لا مرد له ولا يجوز للمريض أن يقضي دين بعض الغرماء دون البعض لأن في إيثار البعض إبطال حق الباقين إلا إذا قضى ما استقرضه في مرضه أو نقد ثمن ما اشتراه فيه ( فإذا قضيت ) : أي ديون الصحة والديون المعروفة الأسباب ( وفضل شيء ) عنها ( كان ) ذلك الفاضل مصروفا ( فيما أقر به حال المرض ) لأن الإقرار في ذاته صحيح وإنما رد في حق غرماء الصحة فإذا لم يبق لهم حق ظهرت صحته ( وإن لم يكن عليه ديون في صحته جاز إقراره ) لأنه لم يتضمن إبطال حق الغير ( وكان المقر له أولى من الورثة ) لأن قضاء الدين من الحوائج الأصلية وحق الورثة يتعلق بالتركة بشرط الفراغ ( وإقرار المريض لوارثه ) بدين أو عين ( باطل ) لتعلق حق الورثة بماله في مرضه وفي تخصيص البعض به إبطال حق الباقين ( إلا أن يصدقه فيه بقية الورثة ) لأن المانع تعلق حقهم في التركة فإذا صدقوه زال المانع ( ومن أقر لأجنبي في مرضه ثم قال : هو ابني ) وصدقه المقر له وكان بحيث يولد لمثله كما يأتي قريبا ( ثبت نسبه ) منه وبطل إقراره له لأن دعوى النسب تستند إلى وقت العلوق فتبين أنه أقر لابنه فلا يصح ( ولو أقر لأجنبية ثم تزوجها لم يبطل إقراره لها ) لأن الزوجية تقتصر على زمان التزوج فبقي إقراره لأجنبية ( ومن طلق زوجته في مرضه ثلاثا ) أو أقل بسؤالها ( ثم أقر لها بدين ومات ) وهي في العدة ( فلها الأقل من الدين ) الذي أقر به ( ومن ميراثها منه ) لأنهما متهمان في ذلك لجواز أن يكون توصلا بالطلاق إلى تصحيح الإقرار فيثبت أقل الأمرين . قيدنا بسؤالها ودوام عدتها لأنه بغير سؤالها يكون فارا فلها الميراث بالغا ما بلغ ويبطل الإقرار وإذا انقضت عدتها قبل موته ثبت إقراره ولا ميراث لها .
( ومن أقر بغلام ) يعبر عن نفسه و ( يولد مثله لمثله وليس له ) أي الغلام ( نسب معروف أنه ابنه وصدقه الغلام ) في دعواه ( ثبت نسبه وإن كان ) المقر ( مريضا ويشارك ) الغلام المقر له ( الورثة في الميراث ) لأنه بثبوت نسبه صار كالمعروف النسب فيشاركهم . وشرط كونه يولد مثله لمثله كيلا يكون مكذبا ظاهرا وأن لا يكون معروف النسب لأن معروف النسب يمتنع ثبوته من غيره وشرط تصديقه لأنه في يد نفسه إذ المسألة في غلام يعبر عن نفسه حتى لو كان صغيرا لا يعبر عن نفسه لم يعتبر تصديقه .
( ويجوز إقرار الرجل بالوالدين والولد والزوجة والمولى ) لأنه إقرار بما يلزمه وليس فيه تحميل النسب على الغير ( ويقبل إقرار المرأة بالوالدين والزوج والمولى ) لما بينا ( ولا يقبل ) إقرارها إذا كانت ذات زوج أو معتدة منه ( بالولد ) لأن فيه تحميل النسب على الغير وهو الزوج لأن النسب منه ( إلا أن يصدقها الزوج ) لأن الحق له ( أو تشهد بولادتها ) امرأة ( قابلة ) أو غيرها لأن قول المرأة الواحدة في الولادة مقبول قال الأقطع : فتثبت الولادة بشهادتها ويلتحق النسب بالفراش . اه .
قيدنا بذات الزوج أو المعتدة منه لأنها إذا لم تكن كذلك صح مطلقا وكذا إذا كانت كذلك وادعت أنه من غيره قال في الهداية : ولابد من تصديق هؤلاء يعني الوالدين والولد والزوج والزوجة والمولى لما مر أنهم في أيدي أنفسهم فيتوقف نفاذ الإقرار على تصديقهم وقدمنا أن هذا في غير الولد الذي لا يعبر عن نفسه لأنه بمنزلة المتاع فلا يعتبر تصديقه .
( ومن أقر بنسب من غير ) هؤلاء المذكورين من ( الوالدين والولد والزوج والزوجة والمولى مثل الأخ والعم ) والجد وابن الابن ( لم يقبل إقراره في النسب ) وإن صدقه المقر له لأن فيه حمل النسب على الغير ( فإن كان له ) : أي المقر ( وارث معروف ) نسبه ( قريب أو بعيد فهو أولى بالميراث من المقر له ) لأنه لما لم يثبت نسبه منه لم يزاحم الوارث المعروف النسب ( وإن لم يكن له وارث ) معروف ( استحق المقر له ميراثه ) لأن له ولاية التصرف في مال نفسه عند عدم الوارث فيستحق جميع المال وإن لم يثبت نسبه ( ومن مات أبوه فأقر بأخ لم يثبت نسب أخيه ) وإن صدقه ( و ) لكنه ( يشاركه في الميراث ) لأن إقراره تضمن شيئين : حمل النسب على الغير ولا ولاية له عليه فلا يثبت والاشتراك في المال وله فيه ولاية فيثبت .
_________ .
( 1 ) حد مرض الموت الذي تطبق عليه هذه الأحكام ونحوها مما يأتي في مباحث الطلاق ومباحث الوصايا وغيرها : أن يكون مما يمنع صاحبه من القيام بحاجاته كما يعتاده الأصحاء وأن يكون نفس المرض مما يخاف منه الهلاك غالبا وأن يتصل به الموت فعلا فهذه ثلاث صفات لابد من تحققها كلها بحيث لو لم تتحقق واحدة منهن لم يعتبر المرض مرض موت فلو كان المرض يسيرا لا يمنع صاحبه من القيام بشؤون نفسه كما يعتاده الصحيح أو كان مما تغلب النجاة منه عادة ولو مات منه فعلا أو كان مما يخاف منه الهلاك غالبا ولكنه لم يمت فعلا فإنه لا يعد مرض موت ومتى لم يعتبر مرض موت فإن تصرف المريض فيه كتصرف الصحيح في الصحة والنفاذ