- المسح على الخفين جائز بالسنة من كل حدث موجب للضوء إذا لبس الخفين على طهارة كاملة ثم أحدث .
فإن كان مقيما مسح يوما وليلة وإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيام ولياليها وابتداؤها عقيب الحدث .
والمسح على الخفين على ظاهرهما خطوطا بالأصابع يبدأ من رؤس أصابع الرجل إلى الساق .
وفرض ذلك مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد .
ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير يبين منه مقدار ثلاث أصابع من أصابع الرجل وإن كان أقل من ذلك جاز .
ولا يجوز المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل .
وينقض المسح ما ينقض الوضوء وينقضه أيضا نزع الخف ومضي المدة فإذا مضت المدة نزع خفيه وغسل رجليه وصلى وليس عليه إعادة بقية الوضوء .
ومن ابتدأ المسح وهو مقيم فسافر قبل تمام يوم وليلة مسح ثلاثة أيام ولياليها ومن ابتدأ المسح وهو مسافر ثم أقام فإن كان مسح يوما وليلة أو أكثر لزمه نزع خفيه وغسل رجليه وإن كان مسح أقل من يوم وليلة تمم مسح يوم وليلة .
ومن لبس الجرموق فوق الخف مسح عليه .
ولا يجوز المسح على الجوربين عند أبي حنيفة إلا أن يكونا مجلدين أو منعلين . وقال أبو يوسف ومحمد : يجوز المسح على الجوربين إذا كانا ثخينين لا يشفان الماء ( 1 ) ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة ( 2 ) والبرقع والقفازين .
ويجوز المسح على الجبائر وإن شدها على غير وضوء فإن سقطت عن غير برء لم يبطل المسح وإن سقطت عن برء بطل المسح .
_________ .
( 1 ) كثيرا ما تلجئ الضرورة إلى فعل الرخصة ويظهر الحاجة إلى بحثها وفحصها عند الضرورة الملجئة والمرض والبرد الشديد ضرورة قد تدعو إلى المسح على الجورب وروى الترمذي عن المغيرة أنه A توضأ ومسح على الجوربين والمنعلين والعطف للمغايرة وتخصيص الجواز بوجود النعل قصر للدليل وتخصيص بلا مخصص هذه وجهة نظر الصاحبين وقد رجع الإمام إلى قولهما فعلا وقولا فمسح على جوربيه وقال فعلت ما كنت أمنع الناس عنه فاستدل به الأحناف على رجوعه إلى قولهما .
( 2 ) يروى عن الأوزاعي وأحمد وأهل الظاهر والشافعي في أحد قوليه جواز ذلك لما صح أن رسول الله A مسح على عمامته وخفيه . وعن النبي A أنه بعث سرية فأمرهم أن يمسحوا على المشاوذ وهي العمائم والتساخين وهي الخفاف ومقتضى هذا لنقل الجوار وفيه يسر على الأمة وقول الحنفية إنه ثبت على خلاف القياس يمكن أن يعارض بأن هذا أيضا ثبت كذلك .
_________ .
باب المسح على الخفين .
عقبه للتيمم لأن كلا منهما مسح ولأن كل منهما بدل عن الغسل وقدم التيمم لأنه بدل عن الكل وهذا بدل عن البعض .
( المسح على الخفين جائز بالسنة ) والأخبار فيه مستفيضة ( 1 ) حتى قيل : إن من لم يره كان . مبتدعا . ولكن من رآه ثم لم يمسح آخذا بالعزيمة كان مأجورا هداية وفي قوله " بالسنة " إشارة إلى رد القول بأن ثبوته بالكتاب على قراءة الخفض ( من كل حدث موجب للوضوء ) احترازا عما موجبه الغسل لأن الرخصة للحرج فيما يتكرر ولا حرج في الجنابة ونحوها ( إذا لبس الخفين على طهارة كاملة ثم أحدث ) : أي بعد إكمال الطهارة وإن لم تكن كاملة عند اللبس - كأن غسل رجليه ولبس خفيه ثم أكمل الطهارة بعده بحيث لم يحدث إلا بعد إكمال الطهارة جاز له المسح .
فإن كان مقيما مسح يوما وليلة وإن كان مسافرا مسح ثلاثة أيام ولياليها ابتداؤها عقيب الحدث ) لأن الخف مانع سراية الحدث فتعتبر المدة من وقت المنع .
( والمسح على الخفين ) محله ( على ظاهرهما ) فلا يجوز على باطن الخف وعقبه وساقه لأنه معدول عن القياس فيراعى فيه جمع ما ورد به الشرع هداية والسنة أن يكون المسح ( خطوطا بالأصابع ) فلو مسح براحته جاز و ( يبدأ ) بالمسح ( من رءوس أصابع الرجل إلى ) مبدأ ( الساق ) ولو عكس جاز .
( وفرض ذلك ) المسح ( مقدار ثلاث أصابع من أصغر أصابع اليد ) طولا وعرضا وقال الكرخي : من أصابع الرجل والأول أصح اعتبارا لآلة المسح هداية .
( ولا يجوز المسح على خف فيه خرق كبير ) بموحدة أو مثلثة - وهو ( ما يبين منه مقدار ثلاث أصابع من ) أصغر ( أصابع الرجل ) وهذا لو الخرق على غير أصابعه وعقبه فلو على الأصابع اعتبر نفسها ولو كبارا ولو على العقب اعتبر بدو أكثره ولو لم ير القدر المانع عند المشي لصلابته لم يمنع وإن كثر كما لو انفتقت الظهارة دون البطانة در ( وإن كان ) الخرق ( أقل من ذلك ) القدر المذكور ( جاز ) المسح عليها لأن الأخفاف لا تخلو عن قليل الخرق عادة فيلحقهم الحرج في النزع وتخلو عن الكثير فلا حرج هداية .
( ولا يجوز المسح على الخفين لمن وجب عليه الغسل ) والمنفي لا يلزم تصويره فالاشتغال به اشتغال بما لا يلزم تحصيله ( 2 ) .
_________ .
( 1 ) قال بعضهم إن المسح على الخفين ثابت بالقرآن على قراءة الجر فقراءة النصب تحمل على الغسل حال تجرد الرجل وقراءة الجر تحمل على المسح حال استتار الرجل بالخف وهذا باطل لأن المسح على الخف لا يكون مسحا على الرجل لا حقيقة ولا حكما وإنما هو ثابت بالسنة القولية والعملية فالعملية حديث المغيرة السابق وغيره والقولية حديث مسلم يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أياما بلياليها . والأخبار في المسح على الخفين مستفيضة قال أبو حنيفة ما قلت بالمسح حتى جاءني فيه مثل ضوء النهار وعنه أخاف الكفر على من لم ير المسح على الخفين لأن الأخبار فيه من حيز التزاتر . وقال أبو يوسف خبر المسح يجوز نسخ الكتاب به لشهرته . وقال أحمد ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن أصحاب رسول الله A ما رفعوا وما وقفوا وروى ابن المنذر في آخرين عن الحسن قال : حدثني سبعون رجلا من أصحاب رسول الله A أنه عليه السلام مسح على الخفين وقد أطال صاحب الفتح وصاحب العناية في ذلك فارجع إليهما .
( 2 ) المنفي هو المسح على الخفين للجنب وما دام غير جائز فلا داعي للبحث عنه وروى الترمذي والنسائي وقال حديث حسن صحيح عن صفوان بن عسال قال : ( كان رسول الله A يأمرنا إذا كنا سفرا ألا ننزع أخفافنا ثلاثة أيام ولياليها إلا من جنابة . ولكن من غائط وبول ونوم ) .
( وينقض المسح ) على الخفين ( ما ينقض الوضوء ) لأنه بعضه ( وينقضه أيضا نزع الخف ) لسراية الحدث إلى القدم حيث زال المانع وكذا نزع أحدهما لتعذر الجمع بين الغسل والمسح في وظيفة واحدة ( و ) ينقضه أيضا ( مضي المدة ) المؤقتة له ( فإذا مضت المدة نزع خفيه وغسل رجليه ) فقط ( وصلى وليس عليه بقية الوضوء وكذا إذا نزع قبل المدة لأنه عند النزع ومضى المدة يسري الحدث السابق إلى القدمين فصار كأنه لم يغسلهما وحكم النزع يثبت بخروج القدم إلى الساق لأنه معتبر به في حق المسح وكذا بأكثر القدم هو الصحيح هداية .
( ومن ابتدأ المسح وهو مقيم فسافر قبل إتمام يوم وليلة مسح ثلاثة أيام ولياليها ) لأنه حكم متعلق بالوقت فيعتبر فيه آخره بخلاف ما إذا استكمل المدة ثم سافر لأن الحدث قد سرى إلى القدم والخلف ليس بدافع هداية ( ومن ابتدأ المسح وهو مسافر ثم أقام ) بأن دخل مصره أو نوى الإقامة في غيره ( فإن كان ) استكمل مدة الإقامة بأن كان ( مسح يوما وليلة أو أكثر لزمه نزع خفيه وغسل رجليه ) لأن رخصة السفر لا تبقى بدونه ( وإن كان ) لم يستكمل مدة الإقامة بأن كان ( مسح أقل من يوم وليلة تمم مسح يوم وليلة ) لأنها مدة الإقامة وهو مقيم .
( ومن لبس الجرموق ) وهو ما يلبس فوق الخف والجمع الجراميق مثل عصفور وعصافير مصباح ويقال له : الموق ( فرق الخف مسح عليه ) بشرط لبسه على طهارة وكونه لو انفرد جاز المسح عليه بخلاف ما إذا لبسه بعد ما أحدث أو كان من كرباس أو فيه خرق مانع فلا يصح .
( ولا يجوز المسح على الجوربين ) رقيقن كانا أو ثخينين ( عند أبي حنيفة ) Bه ( إلا أن يكونا مجلدين ) أي جعل الجلد على ما يستر القدم منهما إلى الكعب ( أو منعلين ) أي جعل الجلد على ما يلي الأرض منهما إلى الكعب ( أو منعلين ) أي جعل الجلد على ما يلي الأرض منهما خاصة كالنعل للرجل ( وقال أبو يوسف ومحمد ) رحمهما الله ( يجوز المسح على الجوربين ) سواء كانا مجلدين أو منعلين أو لا ( إذا كانا ثخينين ) بحيث يستمسكان على الرجل من غير شد و ( لا يشفان الماء ) إذا مسح عليهما : أي لا يجذبانه وينفذانه إلى القدمين وهو تأكيد للثخانة . قال في التصحيح وعنه أنه رجع إلى قولهما وعليه الفتوى هداية اه .
وحاصله - كما في شرح الجامع لقاضيخان - ونصه : ولو مسح على الجوربين فإن كانا ثخينين منعلين جاز بالاتفاق وإن لم يكونا ثخينين منعلين لا يجوز بالاتفاق وإن كانا ثخينين غير منعلين لا يجوز في قول الإمام خلافا لصاحبيه وروى أن الإمام رجع إلى قولهما في المرض الذي مات فيه اه .
( ولا يجوز المسح على العمامة والقلنسوة ) بفتح القاف وضم السين - وهي في الأصل ما يجعله الأعاجم على رءوسهم أكبر من الكوفيه ثم أطلق على ما تدار عليه العمامة ( والبرقع ) ما تجعله المرأة على وجهها ( والقفازين ) تثنية قفاز - كعكاز - ما يجعله على اليدين له أزرار تزر على الذراعين يلبسان من شدة البرد ويتخذه الصياد من جلد أو لبد يغطي به الكف والأصابع اتقاء مخالب الصقر وذلك لأن المسح على الخف ثبت بخلاف القياس فلا يلحق به غيره .
( ويجوز المسح على الجبائر ) جمع جبيرة وهي : عيدان تلف بخرق أو ورق وتربط على العضو المنكسر ( وإن شدها على غير وضوء ) أو جنبا لأن في اشتراط الطهارة في تلك الحال حرجا وهو مدفوع ولأن غسل ما تحتها قد سقط وانتقل إليها بخلاف الخف ( فإن سقطت عن غير برء لم يبطل المسح ) لأن العذر قائم والمسح عليها كالغسل لما تحتها ما دام العذر باقيا ( وإن سقطت عن برء بطل المسح ) لزوال العذر وإن كان في الصلاة استقبل لأنه قدر على الأصل قبل حصول المقصود بالبدل هداية