- السلم جائز في المكيلات والموزونات والمعدودات التي لا تتفاوت كالجوز والبيض وفي المذروعات ولا يجوز السلم في الحيوان ولا في أطرافه ولا في الجلود عددا ولا في الحطب حزما ولا في الرطبة جرزا ولا يجوز السلم حتى يكون المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل ولا يصح السلم إلا مؤجلا ولا يجوز إلا بأجل معلوم ولا يجوز السلم بمكيال رجل بعينه ولا بذراع رجل بعينه ولا في طعام قرية بعينها ولا في ثمرة نخلة بعينها ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط تذكر في العقد : جنس معلوم ونوع معلوم وصفة معلومة ومقدار معلوم وأجل معلوم ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان مما يتعلق العقد على قدره كالمكيل والموزون والمعدود وتسمية المكان الذي يوافيه فيه إذا كان له حمل ومؤنة . وقال أبو يوسف ومحمد : لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا ولا إلى مكان التسليم ويسلمه في موضع العقد ولا يصح السلم حتى يقبض رأس المال قبل أن يفارقه .
ولا يجوز التصرف في رأس المال ولا في المسلم فيه قبل قبضه ولا تجوز الشركة ولا التولية في المسلم فيه قبل قبضه ويجوز السلم في الثياب إذا سمى طولا وعرضا ورقعة ولا يجوز السلم في الجواهر ولا في الخرز ولا بأس بالسلم في اللبن والآجر إذا سمى ملبنا معلوما وكل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره جاز السلم فيه وما لا يمكن ضبط صفته ولا يعرف مقداره لا يجوز السلم فيه ويجوز بيع الكلب والفهد والسباع ولا يجوز بيع الخمر والخنزير ولا يجوز بيع دود القز إلا أن يكون مع القز ولا النحل إلا مع الكوارات وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين إلا في الخمر والخنزير خاصة فإن عقدهم على الخمر كعقد المسلم على العصير وعقدهم على الخنزير كعقد المسلم على الشاة .
_________ .
باب السلم .
( السلم ) لغة : السلف وزنا ومعنى وشرعا : بيع آجل بعاجل وركنه ركن البيع ويسمى صاحب الثمن رب السلم والآخر المسلم إليه والمبيع المسلم فيه .
وهو ( جائز في ) الذي يمكن ضبط صفته كجودته ورداءته ومعرفة مقداره وذلك بالكيل في ( المكيلات و ) الوزن في ( الموزونات و ) العد في ( المعدودات التي لا تتفاوت ) آحادها ( كالجوز والبيض ) ونحوهما ( و ) كذا يجوز ( في المذروعات ) لإمكان ضبطها بذكر الذراع والصفة والصنعة ولابد منها لترتفع الجهالة فيتحقق شرط صحة السلم هداية ( ولا يجوز السلم في الحيوان ) للتفاوت في المالية باعتبار المعاني الباطنة ( ولا في أطرافه ) كالرءوس والأكارع ( ولا في الجلود عددا ) لأنها لا تنضبط بالصفة ولا توزن عادة ولكنها تباع عددا وهي عددي متفاوت ( ولا في الحطب حزما ولا في الرطبة جرزا ) للتفاوت إلا إذا عرف ذلك : بأن يبين طول ما يشد به الحزمة أنه شبر أو ذراع فحينئذ يجوز إذا كان على وجه لا تتفاوت هداية .
( ولا يجوز السلم حتى يكون المسلم فيه موجودا من حين العقد إلى حين المحل ) حتى لو كان منقطعا عند العقد موجودا عند المحل أو على العكس أو منقطعا فيما بين ذلك - لا يجوز هداية . ولو انقطع بعد الاستحقاق خير رب السلم بين انتظار وجوده والفسخ وأخذ رأس ماله در ( ولا يصح السلم إلا مؤجلا ) لأنه شرع رخصة دفعا لحاجة المفاليس ولو كان قادرا على التسليم لم يوجد المرخص والأجل أدناه شهر وقيل : ثلاثة أيام وقيل : أكثر من نصف يوم والأول أصح هداية ( ولا يصح إلا بأجل معلوم ) لأن الجهالة فيه مفضية إلى المنازعة كما في البيع ( ولا يصح السلم بمكيال رجل بعينه ولا بذراع رجل بعينه ) إذا لم يعرف مقداره لأنه يتأخر فيه التسليم فربما يضيع فيؤدي إلى المنازعة . ولابد من أن يكون المكيال مما لا ينقبض ولا ينبسط كالصاع مثلا فإن كان مما ينكبس بالكبس كالزنبيل والجراب لا يجوز للمنازعة إلا في قرب الماء للتعامل فيه كذا عن أبي يوسف هداية ( ولا في طعام قرية بعينها أو ثمرة نخلة بعينها ) لأنه ربما يعتريه آفة فتنتفي قدرة التسليم إلا أن تكون النسبة لبيان الصفة لا لتعيين الخارج فتنبه .
( ولا يصح السلم عند أبي حنيفة إلا بسبع شرائط تذكر في العقد ) وهي ( جنس معلوم ) كحنطة أو شعير ( ونوع معلوم ) كحوراني أو بلدي ( وصفة معلومة ) كجيد أو ردئ ( ومقدار معلوم ) ككذا كيل أو وزنا ( وأجل معلوم ) وتقدم أن أدناه شهر ( ومعرفة مقدار رأس المال إذا كان ) رأس المال ( مما يتعلق العقد على ) معرفة ( قدره ) وذلك ( كالمكيل والموزون والمعدود ) بخلاف الثوب والحيوان فإنه يصير معلوما بالإشارة اتفاقا ( و ) السابع ( تسمية المكان الذي يوافيه فيه إذا كان له ) : أي المسلم فيه ( حمل ومؤنة ) وأما ما لا حمل له ولا مؤنة فلا ويسلمه حيث لقيه .
( وقال أبو يوسف ومحمد : لا يحتاج إلى تسمية رأس المال إذا كان معينا ) بالإشارة إليه لأن المقصود يحصل بالإشارة فأشبه الثمن والأجرة وصار كالثوب ( ولا ) يحتاج أيضا ( إلى ) تعيين ( مكان التسليم ) وإن كان له حمل ومؤنة ( ويسلمه في موضع العقد ) لتعينه للإيفاء لوجود العقد الموجب للتسليم فيه ما لم يصرفاه باشتراط مكان غيره فتح . قال في التصحيح : واعتمد قول الإمام النسفي وبرهان الشريعة والمحبوبي وصدر الشريعة وأبو الفضل الموصلي اه . قال الإسبيجاني في شرحه : وههنا شروط أخر أغمض عنها صاحب الكتاب وهو : أن لا يشتمل البدلان على أحد وصفي علة الربا لأنه يتضمن ربا النساء فيكون فاسدا وأن يكون المسلم فيه مما يتعين بالتعيين حتى لا يجوز السلم في الدراهم والدنانير وأن يكون العقد باتا ليس فيه خيار شرط لهما أو لأحدهما اه . وتقدم في الربا أن القدر المحرم إنما هو القدر المتفق عليه فتنبه .
( ولا يصح السلم حتى يقبض ) المسلم إليه ( رأس المال قبل أن يفارقه ) رب السلم ببدنه وإن ناما في مجلسهما أو أغمي عليهما أو سارا زمانا لم يبطل كما يأتي في الصرف ( ولا يجوز التصرف في رأس المال ولا في المسلم فيه قبل قبضه ) أما الأول فلما فيه من تفويت القبض المستحق بالعقد وأما الثاني فلأن المسلم فيه مبيع والتصرف فيه قبل القبض لا يجوز هداية ( ولا تجوز الشركة ولا التولية ) ولا المرابحة ولا الوضيعة ( في المسلم فيه قبل قبضه ) لأنه تصرف فيه قبل قبضه .
( ويجوز السلم في الثياب ) والبسط ونحوهما ( إذا سمى طولا وعرضا ورقعة ) بالقاف كبقعة وزنا ومعنى - قال في المغرب : يقال : رقعة هذا الثوب جيدة يراد غلظه وثخانته مجاز اه لأنه أسلم في معلوم مقدور التسليم هداية ( ولا يجوز السلم في الجواهر ولا في الخرز ) لأن آحادها تتفاوت تفاوتا فاحشا حتى لو كانت اللآلئ صغرا تباع بالوزن يصح السلم فيها ( ولا بأس بالسلم في اللبن ) بكسر الباء الطوب الغير المحرق ( والآجر ) الطوب المحرق ( إذا سمى ملبنا ) بكسر ( 1 ) الباء .
( معلوما ) لأنه عددي يمكن ضبطه وإنما يصير معلوما إذا ذكر طوله وعرضه وسمكه .
( و ) الأصل في ذلك أنه ( كل ما أمكن ضبط صفته ومعرفة مقداره ) بكيل أو وزن أو عدد في متحد الآحاد ( جاز السلم فيه ) لأنه لا يفضي إلى المنازعة ( وما لا تضبط صفته ولا يعرف مقداره ) لكونه غير مكيل أو موزون وآحاده متفاوتة ( لا يجوز السلم فيه ) لأنه مجهول يفضي إلى المنازعة .
( ويجوز بيع الكلب ) ولو عقورا ( والفهد ) والقرد ( و ) سائر ( السباع ) سوى الخنزير للانتفاع بها وبجلدها والتمسخر بالقرد - وإن كان حراما - لا يمنع بيعه بل يكرهه كبيع العصير در عن شرح الوهبانية ( ولا يجوز بيع الخمر والخنزير ) لنجاستهما وعدم حل الانتفاع بهما ( ويجوز بيع دود القز أن يكون مع القز ) قال في الينابيع : المذكور إنما هو قول أبي حنيفة وأبي يوسف وقوله " إلا أن يكون مع القز " يريد أن يظهر فيه القز وقال محمد : يجوز كيف كان اه . قال في الخلاصة : وفي بيع دود القز الفتوى على قول محمد إنه يجوز وأما بيع بزر القز فجائز عندهما وعليه الفتوى وكذا قال الصدر الشهيد في واقعاته وتبعه النسفي وكذا في المحيط كذا في التصحيح ( ولا ) بيع ( النحل إلا مع الكوارات ) قال الإسبيجاني : وعن محمد أنه يجوز إذا كان مجموعا والصحيح جواب ظاهر الرواية لأنه من الهوام وقال في الينابيع : ولا يجوز بيع النحل وعن محمد أنه يجوز بشرط أن يكون محرزا وإن كان مع الكوارات أو مع العسل جاز بالإجماع وبقولهما أخذ قاضيخان والمحبوبي والنسفي تصحيح .
( وأهل الذمة في البياعات كالمسلمين ) لأنهم مكلفون محتاجون كالمسلمين ( إلا في الخمر والخنزير خاصة ) ومثله الميتة بخنق أو ذبح نحو مجوسي ( فإن عقدهم على الخمر كعقد المسلم على العصير وعقدهم على الخنزير ) والميتة ( كعقد المسلم على الشاة ) لأنها أموال في اعتقادهم ونحن أمرنا بتركهم وما يدينون هداية .
_________ .
( 1 ) الأولى أن يكون بكسر الميم وفتح الباء بوزن اسم الآلة